الخالصي وهويدي: فلنخرق جدار الصمت ضد المجرمين والطائفيين!
علاء اللامي
وجه الامام الشيخ محمد مهدي الخالصي والذي يعد احد رموز مناهضة الاحتلال الامريكي في العراق رسالة الي (السادة العلماء الاعلام والزعماء الكرام من قادة الشعب الاردني المؤمن الصابر المجاهد) تطرق فيها الي ما تناقلته وكالات الانباء من ان اهالي مدينة السلط الاردنية اقاموا مجلسا تأبينياً وتكريميا لشخص يدعي رائد منصور البنا قيل انه هو الذي قام بالتفجير الاجرامي في مدينة الحلة فجرح واودي بحياة العشرات من العراقيين الابرياء. وفي رسالته يضع الشيخ الخالصي جريمة التفجير في الحلة وتلك التي تلتها في الموصل ضمن سياق اثارة الفتنة الطائفية والتمهيد للحرب الاهلية ثم التقسيم.
وباسي ولوعة يكتب الشيخ الخالصي ان (الشعب العراقي لا يصدق ان مسلماً يمكن ان يقدم علي مثل هذه الجرائم المروعة، التي لا تصب الا مباشرة في مصلحة المحتل ولتبرير اهدافه، فهو لهذا يحمل الاحتلال وحلفاءه جريرة هذه المآسي. مقابل هذا تقوم الدوائر المرتبطة بالاحتلال ووسائل اعلامه بمساع تضليلية بغية ترسيخ الفتنة، ولتأكيد المزاعم بان وراء هذه الجرائم جهات عربية او اسلامية) ثم يعرج فضيلته علي ما تناقلته (اخيراً احدي الفضائيات التابعة، تزعم فيه ان مرتكب جريمة الحلة شخص اردني من مدينة السلط، وان مجلساً تابينياً سيقام له هناك لتكريمه باعتباره شهيداً) ثم وبحسم ومبدئية يطالب الشيخ الخالصي مخاطبيه الاردنيين بالتصدي قائلا: (ان كان هذا النبأ ملفقاً، وهو المرجح، فالمطلوب من العلماء الاعلام والقادة المجاهدين الكرام في الاردن الشقيق، لافساد هذا المكر المعادي، والتصدي لهذه الكذبة بالنفي وللجريمة بالاستنكار، اما اذا كان النبأ صادقاً والعياذ بالله، فان مسؤولية اكبر تواجهنا بوجوب شرح الامور للامة لتجنيبها موارد الخطأ والخطر، بترشيدها من ان تسفك دماؤها وتبذر جهودها فيما يضرها وينفع عدوها..).
ولم يصدر حتي الآن رد فعل علي هذه الرسالة من العلماء والزعماء الاردنيين، غير ان وزير الخارجية الاردنية هاني الملقي ندد بما اسماه الاعتداء الذي وقع في مدينة الحلة قبل اسبوعين واسفر عن مقتل 118 شخصا وقال الوزير الاردني. (ان الاردن يدين ايضا ما فعلته عائلة الانتحاري رائد البنا حيث اقامت له جنازة في الاردن الاسبوع الماضي تم تكريمه خلالها علي اساس انه شهيد) ولكنه شدد علي ان ما قامت به عائلة الارهابي البنا لا يشكل انتهاكا للقانون الاردني..
لقد جاءت رسالة الشيخ الخالصي في وقتها تماما مع ان البعض قد يعتبرها متأخرة قليلا او كثيرا، وحسنا فعل الشيخ حين وضع النقاط علي الحروف وسمي الاشياء باسمائها فما حدث في الحلة والموصل واماكن اخري استهدفت فيه عامة العراقيين المدنيين العزل هو جريمة. كما انها جريمة تأتي في سياق سياسي وامني يرعاه الاحتلال الامريكي ويريد من خلاله زج البلد في حرب اهليه تؤدي الي التقسيم.
انني افهم واتفهم حرص الشيخ الخالصي علي عدم اعطاء اية مصداقية لما تطنطن به اجهزة اعلام الاحتلال والمطبلين معها محاولة نفض ايديها الملطخة من دماء العراقيين واقتصار توجيه الاتهام الي الشبكات المسلحة للانتحاريين. غير ان اكتفاء الوطنيين العراقيين المناهضين للاحتلال بتوجيه اللوم وإلقاء المسؤولية المباشرة وغير المباشرة وبشكل عام وعائم وضبابي علي الاحتلال وحده والاحتلال فقط لم يعد كافيا او مقنعا.إن رسالة الشيخ الخالصي تأتي اليوم لتطرح تساؤلات خطيرة ومهمة لم يعد تأجيلها ممكنا خصوصا وان البعض ممن يزعمون العداء للاحتلال والهيمنة الغربية وقع لشديد الاسف في حبائل المخطط الامريكي الاحتلالي وراح يخوض في دماء العراقيين واحذية طائفية تكفيرية لا علاقة لها بجوهر الاسلام الحنيف.
انفجار واحد يؤدي الي مقتل وجرح المئات من الابرياء هو جريمة شنيعة بل وجريمة بشعة ترقي الي مستوي جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبها النازيون والصهاينة والفاشيون هناك نوعان من المسؤولية في كل ما يحدث من تدمير ممنهج ومجازر مروعة:
ـ مسؤولية مباشرة يرتكبها الطرف المنفذ المباشر للجريمة.
ـ مسؤولية غير مباشرة وعامة وهي اثقل واكبر يتحملها الاحتلال الامريكي فهو المسؤول بموجب القانون الدولي وبحكم الامر الواقع عن كل ما حدث ويحدث في العراق وللعراقيين.
الطرف المنفذ المباشر قد يكون عميلا مباشرا للاستخبارات الامريكية او العراقية فيفخخ سيارة او عبوة ناسفة ويزرعها هناك او هناك ثم يفجرها عن بُعد وهذا النوع من الجرائم هو الشائع..
او قد يكون ـ المنفذ ـ من الانتحاريين الطائفيين، تم اختراقه من قبل اجهزة الاحتلال مباشرة او غير مباشرة وتوظيف تعصبه الديني وحقده علي الغرب والديانات الاخري ودُفِع بعد ان سُهلت له الظروف للقيام بعملية تفجير انتحارية بين المدنيين العزل. وحتي في هذه الحال فهذا المجرم يتحمل مسؤولية مباشرة عما قام به دون ان يعني ذلك رفع المسؤولية الاكبر والاثقل عن المحتل الامريكي ولا حتي عن المخابرات السعودية التي من مصلحتها هجرة الانتحاريين من السعودية الي العراق وهناك احصائيات مخيفة عن نسبة السعوديين بين صفوف الانتحاريين وكان الدولة السعودية تنفذ مخططا معدا سلفا لتدمير العراق بواسطة شبكات الانتحاريين، ونوضح هنا درئا لسوء الفهم باننا لا نعتبر جميع العرب والمسلمين المساهمين في مقاومة الاحتلال في العراق من هذا النوع الانتحاري الارهابي بل هناك منهم مَن قاتل المحتل قتالا شجاعا وباسلا واستشهد في المعركة ويستاهل التكريم والتمجيد.
اما عن تصريح وزير الخارجية الاردني فما الذي يمكن ان يقوله المرء والسيد الوزير يعتبر جريمة بحجم مجزرة الحلة مجرد اعتداء..
اما انتهاك كرامة وحرمة مسلمين قتلوا ظلما وعدوانا من خلال تكريم المجرم الذي قتلهم في مدينة السلط فلا يشكل انتهاكا للقانون الاردني..
ورغم هذا وذاك يتقاطر المسؤولون العراقيون في الحكومة التي شكلها الاحتلال علي عمان وتوقع العقود بمليارات الدولارات..
بالعودة الي رسالة الشيخ الخالصي، نختم بالقول: ان الخالصي ومعه الملايين من العراقيين المناهضين للاحتلال الاجنبي ينتظرون جوابا قاطعا وواضحا علي التساؤلات التي اثيرت في هذه الرسالة حول تكريم المجرمين الملطخين بدماء العراقيين الابرياء اما اذا لم يكلف احد من المخاطَبين نفسه عناء الرد والاجابة علي هذه التساؤلات فسيكون كل شيء قد اتضح وسيخرج العراقيون والوطنيون منهم خاصة بالدروس والاستنتاجات المناسبة.
|