تحليل إخباري للتكتيكات غير المسبوقة التي انتهجها المجاهدون في معركة الرس
لماذا فضّل المجاهدون المواجهة على الانسحاب ؟
سبقت الإشارة إلى تكتيك جديد اتبعه المجاهدون في معركة حي الجوازات حيث اتسمت باستدراج القوات والقضاء على أكبر قدر ممكن دون اللجوء للانسحاب كما جرت العادة .. عندما انتهت المعركة ليلة البارحة بدأ الدخان الإعلامي بالانقشاع مع إعلان حركة الإصلاح وجود مقعد بين المجاهدين والتي أشارت معلومات تسربت من الموقع إلى وجوده في المبنى الأول الذي تم الانسحاب منه باكراً يوم الأحد .. وهذا يغلّب فرضية محاولة المجاهدين التعمية على مكان وجود هذا المقعد المجاهد وذلك بإطلاق النيران من أماكن أخرى وعدم الانسحاب ونصب كمين للجنود في مدخل المبنى الأول ، لكن الارتباك الأمني الواضح خرّب خطة المجاهدين إذ استمر القصف على المبنى الذي يحوي هذا المقعد مبتور الساق - والذي يرجّح أنه القائد صالح العوفي - ممّا أدى إلى احتراقه ..
كما يرجّح أن عدم انسحابهم المبكّر كان بسبب عدم القدرة على نقل هذا المجاهد الذي يبدو أنه بالغ الأهمية ويعدّ مصدر معلومات كبير في حالة القبض عليه خاصة وهو متواجد مع قيادات كبيرة كالشيخ حمد الحميدي وسعود العتيبي وعبدالكريم المجاطي ..
كما سيستغلها الإعلام في إظهار وحشية المجاهدين بالتخلي عن رجل مقعد ، أما وقد قلبها المجاهدون فالتكتم الإعلامي أصبح هو السياسة المتبعة ، وربما تم الإعلان بعد هدوء العاصفة وإضافة بعض الفبركة المعتادة باختراع قصة لمقتله على يد أصحابه أو احتراقه بسبب الإرهابيين ومحاولة رجال الأمن ( البواسل ) إنقاذه !!
كل ما مضى جعل المجاهدين يتخذون قرارهم بالبقاء إلى أن يقضي الله أمراً إمّا باستشهادهم - وهذا ما رجحوه وبنوا عليه خططهم بتلقين المشاركين في الحصار درساً لن ينسوه ما بقوا على قيد الحياة - أو بثغرة تمكنهم من نقل المقعد بأمان - وهو أمرٌ مستبعد من وجهة نظر عسكرية .
المهم أنهم لم يذهبوا سدى ، بل أبلوا بلاء حسناً أبهر القاصي والداني ، وأحدثوا في تاريخ مواجهات الجزيرة بصمة تشبه تلك التي أحدثها التسعة عشر في تاريخ الجهاد .. وما الفرق أليس هؤلاء تسعة عشر - إذا استبعنا المقعد على أنه لا يستطيع القتال - ..
كانت هناك أسباب كثيرة تحتّم عدم استمرار المواجهة لوقت طويل منها :
1. مفاجأة القوات لهم .
2. عدم وجود فسحة من الوقت لترتيب الصفوف إذ لم تتعدى مهلة التسليم ربع ساعة .
3. عدم جاهزية المكان إذ كان الحي مأهولاً عند اندلاع المعركة .
4. قلة الزاد وانعدام خطوط الدعم اللوجستية .
5. وجود المقعد وعدم القدرة على الابتعاد عنه كثيراً .
6. شدة القصف وعدم مبالاة العسكر بالممتلكات الخاصة ولا بأرواح المواطنين .
ومع ذلك فقد تمثلت قوتهم وشجاعتهم في عدة أمور .. نذكر منها :
1. القدرة على امتصاص الضربات دون إحداث ردة فعل .
2. المرونة في التنقل بين المباني رغم أن ذلك يحتاج إلى نزول من الأعلى ثم عبور منطقة مكشوفة ( الحوش ) الذي يتخلله حاجز بطول 3 أمتار على الأقل ثم الصعود مرة أخرى وكل ذلك دون أن تلاحظه القوات المحاصِرة لهم ، وإلا لما نجح الكمين !!
3. التخطيط والتنظيم وتقاسم الأدوار دون حدوث أخطاء تُذكر مقارنة بتلك التي حدثت في القوات التي يفترض أن تكون نظامية .
4. إطالة أمد المواجهة - على ما فيه من مشقة عليهم من غياب المؤونة العسكرية والغذائية - مما أحدث الارتباك الواضح في الأداء العسكري لقوات الأمن خاصة في اللحظات الأخيرة التي استدعت تواجد الشرطة العسكرية .
5. تجنب إصابة المدنيين رغم تواجدهم الكثيف في ساعات الحصار الأولى ، وقد تطلب الأمر ضبطاً للنفس في ظروف أمنية حرجة .
ختاماً
ندعو الله أن يتقبّل إخواننا ويرفع درجاتهم وأن يغفر خطاياهم ويشفي جرحاهم ويفك أسراهم ويحفظهم غصة في حلوق الأعداء .