السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصيدة ":: ليس الغريب::"
أولا لنأخذ نبذة بسيطة جدا لمن كتب هذه القصيدة..
زين العابدين وهو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب..رضوان الله عليم
لقب بزين العابدين /سيد الساجدين..
يكنى بأبي محمد..ولد في المدينة المنورة .. عمره 57 سنة
مدة إمامته 34 سنة..
استشهد يوم السبت 12 أو الأحد 25 في شهر محرم سنة 95 هـ
هذه الكلمات تتزلزل بها القلوب ..وتقشعر لها الأبدان.. وتذرف الدموع ..
بل إنها لتبكي الصخر..
<******>drawGradient()******>
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ = إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَــــــفَنِ
إِنَّ الغَـــريِبَ لَهُ حَــقٌّ لِغُرْبَتــــِهِ = على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ
لاتنْهَرَنَّ غريبــاً حـال غُربَتِــــهِ = الدَّهْرُ يَنْـهَرهُ في الـــذُّلِّ والمِـــحَنِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَنـي = وَقُوَّتي ضَــعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـــي
وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها = الله يَعْلَمُهــا في السِّــــرِ والعَـــلَنِ
مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني = وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِـــي
تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا نَـــدَمٍ = ولا بُكــــــاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـــــَزَنِ
أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً = عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَــبَتْ = يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها = وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَــــزَنِ
دعْ عَنْكَ عنيَ يا مَنْ كان يعدِلُني = لو كُنْتَ تعَْــلم ما بي كُنْتَ تعذرني
دعني أسِّحُ دُمُوعًا لا انْقِطَاعَ لها = فهل عَسَى عَبْـــرة مِنها تُخَلِّـصني
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحــَاً = عَلى الـــفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُنـــــي
وقَدْ تَجَمَّع حَوْلِي مَنْ يَنُوحُ وَمَنْ = وَيَبْكِي عَلَيَّ وَيَلْــعَانِي وَ يِنْدِبُنِي
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي = وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُنــي
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها = مِن كُـــلِّ عِرْقٍ بِلا رِفـقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها = وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَنــي
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا = بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَـفَنِ
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ = نَحْوَ المُـــغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنــي
وَقــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً = حُـــراً أَرِيبــاً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْـــــهُمْ فَجَرَّدَني = مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَانــــي وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً = وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني = غُسْـــلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالـكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ لهـــــا = وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوا أَسَفاً = عَلــى رَحِيــــلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّــــغُنـي
وَحَمَّلوني علــى الأْكتـافِ أَربَـعَةٌ = مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُنــي
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا = خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّــــى ثـمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكــوعَ لهــــا = ولا سُجــــودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُنــي
وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ = وَقَدَّمُوا واحِداً مِنــهـم يُلَـــحِّدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني = وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالـــــعَزمِ مُشْتَـمِلاً = وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا = حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا = أَبٌ شَفــــيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُنـــــي
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يــا أَسَفـــــاً = عَلى الفِــراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُنــــي
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ = مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لـــــهم = قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَنـي
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ = مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُــنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلـي = فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالــذَّنْبِ مُرْتَهــــــَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا = وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي = وَحَكَّمَـــتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَــــنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْــــداً لِيَخْدُمَهــا = وَصَارَ مَـالي لهم حــــِلاً بِلا ثَــمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيـــــا وَزِينَتُهــــا = وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها = هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَــفَنِ
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها = لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَــــــدَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَـــمَراً = يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي = فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُنــــــي
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً = عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنــــا = مَا وَصَّـا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْـــــبِحِنَا = بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ
<******>doPoem(0)******>
إنشاد هذه القصيدة بصوت الشيخ مشاري بن راشد العفاسي..
<******>drawGradient()******>
اللهم أرحمنا
<******>drawGradient()******>