مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-09-2005, 09:32 AM
noureddinekh noureddinekh غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
الإقامة: europe
المشاركات: 855
إفتراضي

امرأتان مؤمنتان في رحلة التحرر النسوي الجاد

شهرزاد العربي

في السنوات الأخيرة من القرن الماضي , وبداية القرن - الذي يوشك على الانتهاء - ظهرت إرهاصات أولية في دول مختلفة من العالم الإسلامي , على مستوى النخبة أولاً - كما هو بالنسبة للجزائر ومصر وتونس - ثم على مستوى الأجهزة الرسمية للدولة ثانياً - كما هو بالنسبة لإيران - ترى أن تطوير العالم الإسلامي وتحديثه يمر عبر "المرأة" , فالنهضة والتقدم ومحاربة الاستعمار , والقضاء على التخلف , كل هذه الظواهر جميعها , تبدأ بالمرأة وتنتهي عندها , ولا شك أن ذلك ارتبط مدنياً وسياسياً - بل وحضارياً - بحالة العجز , وبالتأثر بالآخر ؛ ولذلك لا غرو حين تكون قضية المرأة مسألة "رجالية" بالدرجة الأولى , على الرغم من أنها تطورت بعد ذلك لتشمل المرأة .

وعلى طول قرن - ها هو يمضي دون رجعة - شغل موضوع المرأة - مكانتها وأدوارها وحرياتها وحقوقها - كثيراً من الكُّتاب العرب والمسلمين , وتتخذ النقاشات بشأنها طابعاً حاداً يضعها ضمن الموضوعات الأكثر إثارة للجدل والخلاف في العالمين العربي والإسلامي"(1) , لكن ذلك الانشغال البحثي - وأحياناً الاستهلاكي - وتلك النقاشات الحادة بين تيارات مختلفة أكثرها وضوحاً دعاة الفكر اليساري , وأصحاب المشروع الحضاري الإسلامي , لم تؤتِ أُكُلها , وبقيت قاصرة على ما يمكن أن نطلق عليه "حديث الرفاهية" ؛ باعتبارها مجالاً للتنافس والصدام , وليس من الضروري أن يكون هذا العمل واعياً , هذا بالنسبة للطرف الأولي , أما فيما يتعلق بالفريق الإسلامي - وإن اختلفت جماعاته وفرقه وتنظيماته - فقد تمكن من إيقاف الزحف نحو معاني القداسة والقيم , وبذلك منع - في حدود ما أتيحت له من قوة وظروف - الذوبان الكلي في ثقافة الآخر .

يلاحظ أن الهجمة - في بدايتها - على التخلف من خلال دفع المرأة إلى التمرد على التقاليد ؛ كانت براقة وجذابة , كأي دعوة جديدة للتغيير , هذا إلى جانب أسباب أخرى ارتبطت بالأفكار الجديدة نفسها , منها أنها دعوة لحقوق المرأة في ضوء الشريعة الإسلامية كما هو في كتاب "الاكتراث في حقوق الإناث" للكاتب والشاعر الجزائري (محمد بن مصطفى بن الخوجة)(2) , وإن كانت قراءته تُبرِز حقوق الرجل أكثر من حقوق المرأة , ومنها أيضاً أن الدعوات المختلفة للتحرر لم تبتعد كثيراً عن روح الإسلام - كما في الكتاب الأول (لقاسم أمين)(3) , ومنها محاولة ربط تطوير المرأة بضرورة تقتضيها الشريعة , كما هو في كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" للكاتب التونسي "الطاهر حداد"(4) .

ومن غير الواضح إن كانت الأفكار المطروحة قد بدأت انطلاقتها من أرضية الإسلام بهدف التطوير الحقيقي للمجتمعات الإسلامية أم أنها لخوف من الرفض والإبعاد , وربما التكفير -أحياناً - قد لجأت إلى ذلك الأسلوب , أم لسبب ثالث يتمثل في طبيعة التفكير السائدة آنذاك , وعلى العموم فإنه من الصعب الحكم على أفكار ظهرت منذ قرن , إلا إذا كان هدفنا التأكيد على أن الدعوات القائمة من تيارات محددة لا صلة لها بالإرث الحضاري , حتى لو كان ذاك "الإرث" دعوة جديدة لتحرير المرأة .

والواقع أن الأمر كله أكبر من النظر إليه من خلال تعدد النقاشات وتنوُّعها , وإنما يجب علينا متابعته من خلال مشاركة المرأة - إيجابياً - في توظيف الأفكار الجديدة لصالحها , ما دامت هي المعنية بالموضوع , وبالطبع فإننا سنجد صعوبة في فصل هذا كله عن نوعية السلطة القائمة , والمناخ الاجتماعي العام , وقوة الطبقات , وهو ما نجده جلياً في التجربة المصرية ممثَّلة في السيدة (هدى شعراوي)(5) , التي تذكر بعض المراجع أنها تقدمت المظاهرات أثناء ثورة 1919 ضد الإنكليز سافرة , فكانت - حسب تلك المراجع - أول مسلمة رفعت الحجاب , وبعدها أنشأت جمعية "الاتحاد النسائي - بمصر" , وعقدت عدة مؤتمرات .

ولم يبقَ الأمر مقصوراً على حالات فردية , كما في مصر أولاً , ثم تونس بعد ذلك , وإنما ظهر باعتباره "سياسة دولة" , كما هو في إيران , فقد أصدر الشاه "رضا بهلوي" عام 1936 أمراً بمنع الحجاب , بل إنه حرم النساء (غير السافرات) من وظائفهن في أجهزة الدولة , ومنع المنتقبات من استعمال وسائل النقل العام , كما دأب على تنظيم حفلات ساهرة ومناسبات كان يدعو إليها كبار الموظفين وعلماء الدين , وكان على هؤلاء أن يظهروا مع نسائهم السافرات , مما اضطر المواطنين إلى أنواع من التحايل على هذا القانون الجائر .

ولم يكن ما يحدث في بلاد إسلامية بعيداً عما حدث في إيران , وما كادت عدة دول تنال استقلالها حتى اهتمت بمسألة تحرير المرأة , وبأسلوب هو أقرب إلى الغرب منه إلى الإسلام , لا لأن الدين ضد التطور , وكيف يكون كذلك , وهو ما جاء إلا بهدف تحرير الإنسان ؟! , ولكن لأن الاهتمام قد تركز على "الثورة" - إن جاز التعبير - على عالم القيم وجمالياتها , ومعانيها السامية .. وهكذا وجدنا أنفسنا - بعد عقود - في حال من الصراع الرجالي / النسائي - على الرغم من مشاركة المرأة في مختلف مجالات الحياة - أدى إلى تفتت شبكة العلاقات الاجتماعية أولاً , وإلى تضليل لوعي المرأة , وإلى استعبادها , وهذه الحالة تبين الجراحات المتتالية والعميقة في الذات الاجتماعية للأمة إلى درجة جعلت من العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة سيد وجارية(6) , ومع ذلك كله فهناك من رفضت أن تكون على النحو السابق , وتمسكت بالدين الإسلامي , ومنه انطلقت , وبه حققت ذاتها , وأصبحت نموذجاً يُقتدى به , ولا شك أن هناك العديد من النساء - في عدة دولة إسلامية - لم تتوفر لدينا المعلومات الكافية عنهن , وهناك نموذجان شاع ذكرهما , واقتضى الحال سرد تجربتيهما بشكل مقتضب في هذا البحث القصير .

تمثل كل من الداعية (زينب الغزالي) , والمفكرة والباحثة الراحلة (عائشة عبد الرحمن) نموذجين في مشاركة المرأة المسلمة في الحقل العالمي للثقافة على المستوى الميداني العملي بالنسبة للأولى , وعلى المستوى البحت النظري بالنسبة للثانية , ونحن لا نسعى للمقارنة بينهما , ولكن نذكرهما باعتبارهما "رداً مفحماً" على كل التيارات الأخرى التي حاولت ربط تخلف المرأة بالإسلام , ناهيك عن أنهما نتاج المرحلة التي اعتقد البعض أن الدور الرسالي للمرأة المسلمة قد تراجع , إضافة إلى هذا كله فقد أثرتا - بشكل ملحوظ - في الأجيال , ومع ذلك فقد ظل لكل واحدة منهما حضورها المميز في نشاطها , وقد تفرغتا للعمل الإسلامي على حساب الحياة الخاصة .

وبحكم المعايشة عن قرب , والجلسات واللقاءات , فإنني أقرب إلى معرفة الداعية "زينب الغزالي" على المستوى الإنساني الشخصي , غير أن هذا لا يعني أنني بعيدة كل البعد عن كتابات الدكتورة عائشة عبد الرحمن .

وباختصار فإن علاقتي - كباحثة - بالأولى "زينب" علاقة مباشرة , طبقاً لعملها- الذي تراجع لكبر سنها , وابتعادها عن النشاط - بشكل مباشر - بعد خروجها من السجن , في عهد الرئيس السادات , أما الثانية "عائشة" فعلاقتي بها - أيضاً - مباشرة , لكن على مستوى النصوص , خصوصاً كتابها "التفسير البياني للقرآن الكريم"(7).

تفاعلت (زينب الغزالي) مع القرآن , مثلما كانت (عائشة عبد الرحمن) , وإن اختلفت الطرق بينهما من ناحية العمل , وليست من ناحية النتيجة , فالأولى طبَّقته في العمل الدعوي - بشكل مباشر - مع العامة من النساء والرجال , والثانية اهتمت به دراسة ؛ فجاءت نتائجه إلى "النخبة" أقرب منه إلى العامة , وكأنهما تتمان بعضهما , حسب المستويات الثلاثة التي يخاطبها القرآن , كما جاء في كتابة بعض المفسرين وهم : العامة , والخاصة , وخاصة الخاصة , لكنهما التقتا حول "حب القرآن" , حتى أن "زينب الغزالي" تقول - بعد صدور كتابها "نظرات في كتاب الله" -(8) : "أنا أحببت القرآن حتى عشته , فلما عشته أحببت أن أدندن به لمَن أحب , فدندنت بعض دندنة المفسرين , ولا أقول إني مفسرة , ولكني أقول : إنني محبة للقرآن , عاشقة له , والعاشق يدندن لمن يحب , والعاشق يحكي لمن يحب , ويجالس من يحب , ويعانق من يحب , فعانقت القرآن , وتحدثت به وله في جميع الملايين من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات , وعشت أدندن به في المساجد لأكثر من ستين عاماً , أي عمر الدعوة التي أسستها في المساجد منذ 1937"(9) .

هكذا إذن .. تختصر عملها الدعوي في تلك العلاقة القائمة بينها وبين القرآن , وكأنها تؤكد أن كل ما قامت به , وسُجنت من أجله , ووهبته حياتها .. هو القرآن , أسمع بها , ثم تبصّر , وهي تقول : "ما عشقت غير الدعوة - بعد القرآن طبعاً - وما قبلت بغيرها , حتى "رباط الزوجية" كان تابعاً لها , وكان توثيقي له ؛ ببقائي في الدعوة وهو المهر الذي طلبته"(10) .

لقد مثلت "زينب الغزالي" إجابة مبكرة لدعوات تحرير المرأة , حين اختارت طريقاً غير الذي رسمت - أو بالأحرى - تمنت لها السيدة "هدى شعراوي" , ولطالما وقفت وجادلت "علماء الأزهر" من أجلها , لكنها بعد أن تعرضت لحادثة الحرق دعت الله لكي يشفيها , وعاهدته على ارتداء الحجاب ؛ فلما استجاب الله - تعالى - لدعائها , تخلت عن الاتحاد النسائي بقيادة "هدى شعراوي" , لكن هذه "الأخيرة" لم تتركها , وإنما طلبت منها مقابلتها ؛ ففعلت , وحين قابلتها أخذتها بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها , وقبَّلتها , ثم بكت , وقالت لها :

"يا زينب كنت أريدك أن تكوني خليفتي من بعدي للاتحاد النسائي" ؛ فردت زينب الغزالي : "لقد اخترت , واختار الله , فأنا مع اختيار الله , وإن شاء الله سأظل ابنتك الوفية , وسأتحدث عنك بالخير ما حييت , وأتكلم عن فضلك وأخلاقك ومكارمك العالية , وهذا عهد بيني وبينك"(11) .

ولم تنقطع الصلة - على المستوى الإنساني - بين "هدى شعراوي" و"زينب الغزالي" بعد خروج "هذه الأخيرة" من الاتحاد النسائي , وتأسيسها لجماعة أخرى منافسة هي (السيدات المسلمات) , ذلك التنظيم النسوي الإسلامي الذي حُلّ بعد دخولها السجن , وقد كان يقدم خدمات جليلة لآلاف العائلات المسلمة في مصر(12) , وقد كان الخلاف بينهما حول "علمانية" الحركة , ومسألة "السفور" , وهذه الأخيرة كما نلاحظ - كانت وما تزال وأعتقد أنها ستبقى - المجال الأوسع للنقاش حول "طُهر" المرأة من عدمه , وعلاقتها بالمجتمع , وبالرجل خاصة , ومع مرور الوقت تحول إلى عمل سياسي للأنظمة , كما هو في تركيا الآن(13) , وكذلك تونس وبلاد إسلامية أخرى , مع أن الجانب السياسي - في حقيقته - لا يمثل إلا بُعداً واحداً من عدة أبعاد أخرى , خاصة بالمرأة في الأساس(14) .

والواقع أن مسألة الحجاب - التي هي خاصة بالمرأة - قد تناولها بالنقاش الرجال أيضاً , وأصبحت ملمحاً لجماعات وفرق داخل المجتمع الإسلامي , بل تطورت بعد ذلك لتجعل الغربيين - الأوربيين خاصة - يولون هذا الموضوع اهتماماً خاصاً , وينتقلون من الممارسة والمظهر إلى القيمة الدينية للموضوع , من ذلك ما ذهب إليه الباحث الألماني المسلم (مراد هوفمان) بقوله : "لنقُل إن الإسلام في تمسُّكه بالفضيلة عتيق , ولنا أن نعتز بذلك , فنؤكد أن الإسلام فخور بهذا .." , وفي هذا المجال يحرص الإسلام على التنبيه إلى دور "الملابس" أو "الزي" في الحياة , سواء بالنسبة للذكر أو الأنثى , خاصة مسألة الحجاب أو النقاب , فالإسلام يرى أن من المنطقي عدم إثارة الأشياء إذا كانت غير مرغوبة"(15) .

وهكذا إذن .. ظهرت في المجتمعات الإسلامية حالة من الدفاع الذاتي نابعة من قوة الدين , ولم تكن العلاقات الإنسانية لتنتهي عند تغيُّر المواقف , وإنما لكلٍّ عمله ؛ ولهذا لم تشكك "زينب الغزالي" في إيمان "هدى شعراوي" - على الرغم من مواقفها التحررية - وذكرت أنها كانت تبرّ الفقراء , وتساهم في أعمال الخير , وتحج لبيت الله , وإنما الخلاف حول الأفكار المطروحة , التي توجه المجتمع سلباً أو إيجاباً , وربما لا يعلم الكثيرون أن "هدى شعراوي" حين اشتد عليها المرض طلبت رؤية "زينب الغزالي" , فذهبت إليها , ووافتها المنية , وهي بجانبها ؛ فحضرت بذلك آخر سكناتها من الدنيا , وشاركت في جنازتها ؛ لأنها كانت امرأة فاضلة متدينة , وإن اختلف مظهر "جمعيتها النسوية" عن ذلك , على حد ما ذكرت زينب الغزالي(16) .
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م