وقفات إيمانية .. حوار مع صديقى !
وقفات إيمانية ... حوار مع صديقى
قال لى صديقى : أريد أن أقص عليك بعض المواقف التى مرت بى ، ولكنى أخشى من شيئين ، الأول يخصنى والثانى يخصك أنت .
قلت : وما هما ؟
قال : بالنسبة لى الرياء ، وبالنسبة لك ألا تصدقنى .
قلت : أستطيع أن أجيبك عما يخصنى ، فأنا لم أعهد عليك كذبا ، كما أن الكذب يفضح صاحبه ... أما بخصوص الرياء فهذا سؤال تسأل به نفسك ، وتزن قولك ، هل ما ستذكره يقربك إلى الله أم يبعدك عنه ؟ إذا كان يقربك إليه سبحانه وتعالى ، فاطرح وساوس الشيطان بعيدا عنك ، فدائما ما يقف الشيطان بدهائه عائقا أمام كل خير ! فهل تجد فيما ستقول خيرا لى ؟ إذا لا تتردد .
قال صاحبى : طبعا فيه خير بإذن الله ، ويدخل تحت الآية الكريمة ... "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {11}" سورة الضحى ... وما سأذكره آية بينة من آياته سبحانه وتعالى تريك عظمته وصدق ما أوحى الله به لنبيه عليه الصلاة والسلام .
قلت : إذا هات ما عندك .
قال : سأقص عليك قصتى الأولى ... فقد كنت فى سفر بعيد عن موطنى ، ومكثت وقتا طويلا بمفردى ، والمغريات تحيط بى من كل مكان ، وكان من الصعوبة بمكان أن تلحق بى زوجتى ، فقد كان النظام ببلدى قاسى جدا ، ولا يسمح بمصاحبة الزوج إلا بمعجزة أو واسطة كما هو متبع فى النظم الإستبدادية ، ولكنى توجهت إلى العلى القدير بأن يعفنى ، وفى نفس اليوم الذى طلبت منه ذلك ، وصلتنى برقية تفيد بأن زوجتى ستحضر فى اليوم التالى ، صعقت من هول المفاجأة ، سبحان الله كيف يكون ذلك ، وأنا أعرف تماما أن هذا من المستحيلات فلا واسطة عندى ، وقد فشلت كل المحاولات التى قمنا بها ، ولكن تنبهت مع من كنت أتخاطب ؟ أليس مع الذى يقول للشئ كن فيكون ؟ فهل يعجزه أن يجيب سؤال من يريد رضاه ؟
فلت له مستدركا : لقد أخطأت فى كلامك ، وهذا الخطأ يحتاج لاستغفار ، وذلك حينما قلت أنه لا واسطة عندك ، وقد فشلت كل المحاولات التى قمتم بها ، فالتوكل على الله يحتاج إلى يقين ، ولا قنوط من رحمته أبدا للمؤمنين .
قال لى : صدقت أخى الحبيب ، ولكن رحمة الله قريب ، ولم يتركنا هملا لوساوس الشيطان الرجيم ، بل قال فى محكم كتابه "وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {200} إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ {201}" ... إن الرحمن الرحيم يعلم ضعفنا ، فوضع لنا الأسس التى تنهضنا من كبوتنا ، وسبحانه يفرح بعودتنا له أشد الفرح ... ألا يكفى هذا لنكون له عابدين مسبحين شاكرين لاهجين بالثناء فى معظم أوقاتنا بل ... نتمنى ... أن يكون ذلك فى كل أوقاتنا .
وهاهى قصتى الثانية ، التى حدثت لى فى نفس هذه السفرية ... فعندما حانت العودة للوطن ، تحسست ميزانيتى تحسبا للسفر بالبحر ، فوجدت عجزا لابد من تدبيره بأى طريق ، فلجأت إلى الأصدقاء لأقترض منهم مبلغا معينا ، فقابلونى كل بعذره ، والله أعلم إن كان صادقا أم أنه يتهرب منى ... فقلت لزوجتى فلنعد إلى الفندق ، ووالله لن أسأل أحدا إلا الله ... وحينما وصلت للفندق أبلغتنى القيمة عليه بأن أحد الأصدقاء اتصل بى ، وما هى إلا فترة قصيرة وعاد للإتصال ثانية وأنا بالفندق ، قائلا سأحضر لك الآن فى أمر هام ... قلت وهذه محنة إضافية ، قطعا سيحملنى أشياء إلى موطنى ، وأنا لا أملك ما يمكن دفعه نتيجة زيادة فى الوزن ، وفى نفس الوقت يصعب على رفض طلبه ... وما هى إلا سويعات وحضر الصديق ، لتكون المفاجأة ، وليعطينى نفس المبلغ الذى طلبته من الله سبحانه وتعالى ، لا أكثر ولا أقل ، لأوصله لأهله هناك ، وهكذا صرت اليد العليا ، حينما طلبت من الله ، وقد كنت سأصبح اليد السفلى حين اقتراضى من أصدقائى ، فتذكرت هذه الآية الكريمة ، لأعاين بنفسى صدق ما أوحى الله به لرسوله عليه الصلاة والسلام "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ {62}" سورة النمل
قلت لصاحبى : والله إن فى ذلك لعبرة لمن يعتبر ، ومثل هذه الأمور تحدث للكثير ، فمنهم من يتعظ منها ويقبل على الله شاكرا حامدا ، ومنهم ما لا يعير مثل هذه الأمور التفاتا ، فتنطبق عليه الآية الكريمة "وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ {105}" سورة يوسف ... ياترى هل عندك من مزيد ، فوالله إن الأوقات التى يقضيها الإنسان فى ذكر ربه وآياته ، لهى أحب إلى النفس من قضائها فى شئ آخر لا يكون فى ذكر الله .
يتبع
آخر تعديل بواسطة أبو إيهاب ، 09-10-2005 الساعة 08:42 PM.
|