مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 15-02-2006, 10:22 AM
noor35 noor35 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 30
إفتراضي من هو عبد الحميد كشك؟

يقول الشيخ رحمه الله في كتابه ( قصة أيامي ) :

" ولدت ُ في العاشر من مارس 1933 في بلدة (شبراخيت) إحدى مراكز محافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية من أبوين ليسا من ذوي البسطة من المال ... وكان ترتيبي الثالث بين ستة من الأخوة ، ولدت سليما معافى ، من الأمراض وما إن بلغت السادسة من عمري حتى أصيبت عيناي برمد صديدي اختلفت بسببه إلى حلاق القرية ، وما زلت أذكر وأمي تحملني إلى محل الحلاق حيث كان يعبث بمروده في عيني مما أدى إلى ضياع العين اليسرى ، وبقيت اليمنى وبها ضعف كأنها تشكو ضياع أختها ، فضللت بها أصارع شدائد الحياة حيث ذهبت إلى جمعية تحفيظ القرآن الكريم لأعوض عن نور البصر بنور من كتاب الله الكريم ، وكان والي يعمل تاجرا في محل صغير ، وأشهد أنه لم يكن من الذين يجدون ما ينفقون ، بل كان ممن يلهث وراء الحصول على لقمة العيش بشق الأنفس حيث أعباء الحياة ثقل بها كاهله .

وقد كان جدي لأبي من الذين يحفظون القرآن لأبناء البلدة وتربى على يديه أناس تبوءوا مكانة كبيرة في علوم الإسلام ويوم مات جدي لم يترك درهما ولا دينارا وغنما ترك لنا تقوى الله ، فكانت الأسرة المكونة من الوالدين وستة من الأولاد وجدة لأبي تعيش قانعة راضية سعيدة ، إذ ليست السعادة في الانتشاء بالكؤوس المترعة أو الاستمتاع بالغيد الأماليد ، إنما السعادة في الرضى حيث يقول الصادق المعصوم - صلى الله عليه وسلم - " ارض َ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس " .
صعود المنابر

يقول الشيخ كشك - رحمه الله - في ( قصة أيامي ) :

" كان عبد الملك بن مروان يقول : " إنما شيبنا صعود المنابر" ذلك لأن المنبر مسؤولية فخشبة المنبر لا تحتمل التمثيل لأن الواقف على درجة إنما يتأسى بسيد الخلق وحبيب الحق .

كان عمي الشيخ عبد الفتاح كشك مأذون البلد يقوم بإلقاء خطبة الجمعة في الجامع ( الوسطاني) وذات يوم وبعد ما بلغه أنني أقوم بإلقاء الدروس في المساجد كلفني إلقاء خطبة الجمعة في مسجده ، وكان هذا المسجد أكبر مساجد البلدة ويضم نوعيات مختلفة من البشر : ما بين تاجر وموظف ، وصانع ، واستعنت بالله وصعدت المنبر لأول مرة ودار موضوعها حول محاربة الفساد الإداري في البلدة ، وبدأت في الكلام عن تحريم الرشوة في نطاق قوله - صلى الله عليه وسلم - " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش " وتناولت فيها ما يدور في المستشفى من إهمال للمرضى وسوء معاملتهم مما دفع مديرها إلى أن يتقدم بشكوى ضدي إلى مأمور المركز.

وبدأت المتاعب عندما هاجمت عقارب الحقد في قلوب الشانئين ، لولا انتهاء العطلة الصيفية وبدء العام الدراسي ، مما أسدل ستارا مؤقتا على تلك المآسي ، ودخلت العام الدراسي السنة الرابعة الابتدائية وهي شهادة وأعلنت جمعية الشبان المسلمين عن مسابقة في القرآن الكريم حفظا وتجويدا .

وعكفت على قراءة القرآن العظيم ودراسة أحكامه ودخلت المسابقة . ثم أقبلت إجازة نصف العام وكنت قد شعرت بعيني اليمنى تأخذ في الضعف وداخلني شعور رهيب بألم دفين وكأنني انظر من وراء الحجب لاستشف ماذا ينتظرني كمن يساق إلى الموت وهو ينظر ، فحياتي حياة علم ومدراسة وحاسة البصر بعد حاسة السمع في تحصيل العلم ...... وبينما علامات الاستفهام تتعاظم أمامي وتيدة كأنها الجبال الشوامخ إذ بوالدي يقطع عليّ هذا الصمت الرهيب ببشرى طيبة . قال لي : إن جمعية الشبان المسلمين أرسلت بطريق التلفون أنك قد حصلت على جائزة قدرها خمسة جنيهات !! .

وكان لهذا النبأ وقع طيب على نفسي التي هامت عليها الهموم كأنها وكأنهن حمامة وصقور...... وصحبني والدي إلى الإسكندرية ليصرف الجائزة مستعينا بها على بعض شدائد الأيام بعد ما عضه الدهر بنابه وأناخ عليه بكلكله .
وفاة الوالد

وفي صبيحة يوم السبت السادس من سبتمبر 1952 ولأمر ما انتقل الوالد من حجرة داخلية تطل على الطريق ، وكانت الأم مشغولة في هذا اليوم بصناعة الخبز في فرن البيت ، ويوم " الخبيز" كما يسمونه ثقيل على نفسي ، وكنت في هذا اليوم - أيام الطفولة- أغادر البيت فلا أعود إلا ليلا ، وعاودتني أيام الطفولة في يوم لم أستطع فيه حراكا حيث كنت رهين المحبسين .

كنت أجلس بجانب والدي ومرت جنازة في طريقها إلى المقابر وخلفها صبية صغار يبكون أباهم، كان ذلك في تمام العاشرة صباحا وإذ بوالدي يهمس في أذني قائلا : " إنني عما قليل سألحق بهذا الميت !! " قالها وقد ملك الإعياء عليه كله وكأنه يشعر بشبح الموت يرفرف من فوقه وقام لينام على السرير ، وفي الساعة الثانية نادى أخي الأصغر وكان يلعب حيث كان طفلا ، واستغاث به أن يذهب مسرعا إلى الطبيب ليدركه ، ولكن كان ملك الموت أسرع من الطبيب إليه ، ومازالت هذه الكلمة ترن في أذني وهو يقول لي : " اسأل الله أن يغفر لي " وسرعان ما غُسِّل وكُفِّن ووُضِع في سرير المنايا وودعته من البيت حيث سيق إلى مثواه الخير وبانفضاض ليلة المأتم انفض الأهل والأصحاب !!! .

الواقع المر

لم يكن هناك بد من مواجهة الواقع فقد انهدم ذلك الجدار الذي كان يمثل في حياتي حاجزا منيعا ضد عوامل التعرية ، وشعرت بالعواصف الهوج تثور من حولي ، وزمجرت الرياح القواصف تزعج حياتي ، فقد حضر إلينا أحد الأقرباء ، بل هو في مقام الوالد، إنه خالي وشقيق أمي الذي سلبها حقها في ميراث أبيها وقام بتوزيع الدوار علينا : أشار علي أخي الأكبر وكان يومها طالبا في السنة الثالثة من كلية الحقوق ، أشار عليه أن يترك التعليم ويعمل كاتبا في إحدى المحاكم . كما أشار عليّ وكنت يومها أحمل الشهادة الابتدائية الأزهرية ، أشار عليّ أن أعمل مؤذنا في أحد المساجد مقابل ثلاثة جنيهات ، كما أشار على أخي الذي كان يصغرني ، وكان يومها تلميذا في المدرسة الثانوية أن يعمل في محل البقالة الذي تركه والدي وكان ذلك المحل يومها خاويا على عروشه فلم يبق فيه ما يسد الرمق .
الالتحاق بالمعهد الديني

كان العام الدراسي الجديد قد أوشك أن يبدأ ، وفي خلوة بيني وبين شقيقي الأكبر أشار عليّ أن التحق بمعهد القاهرة الديني لأواصل مسيرة التعليم بالأزهر على أن يقوم بتحويل أوراقي من معهد الإسكندرية إلى هناك . وقد كان المعهد - قد احتسب العامين اللذين انقطعت فيهما عن التعليم للعلاج - قد احتسبهما رسوبا بحيث لم يبق َ لي سوى سنة استثنائية إذا رسبت فيها كان المصير فصلا من التعليم لا يقبل شفاعة الشافعين وتصورت نفسي كأني أضع قدمي على شفا جرف هار لو زلت لكانت الهاوية . وما أدراك ما هي !!!

وفي يوم من أيام أكتوبر 1952 وقبل أن تبرز الغزالة من خدرها وتطل علينا بقرنها والناس مازالوا في بيوتهم اصطحبني شقيقي إلى القطار ، وخرجت من بلدي أتسلل تسلل القطا مستخفيا أتجنب أسئلة الفضوليين ، وما أكثرها !! ، وما أسوأ وقعها على النفس التي تناوشتها السهام من كل جانب ، ومزقتها رياح الشدائد من كل اتجاه ، ووصلنا إلى مدينة دمنهور وتنفست الصعداء فقد جاوزت حدود البلد . وركبنا القطار إلى القاهرة حيث كان شقيقي قد استأجر غرفة يقيم بها وهو طالب ، وأخذ يسعى جديا في تحويل أوراقي قبل أن ينفرط عقد الأيام فتضيع السنة الاستثنائية .

ولن أنسى موقف هذا الشيخ الجليل الشيخ سيد الجراحي الذي كان يعمل أستاذا في كلية الشريعة والذي كانت تربطه بوالدي صداقة ، حيث كانا رفيقين في كُتّاب البلدة ، فإن الناس لما تنكروا لنا ، بل وتنكر لنا الأهل والأقرباء ، ظل هذا الشيخ وفيا فقد سعى سعيا حثيثا ، حتى قدم الأوراق إلى معهد القاهرة وإن كان ذلك قد تم بعد أن انصرم نصف العام الدراسي . ولكن كان لا بد مما ليس منه بد ، فكان لزاما عليّ أن أحرص على الحضور خاصة وان في السنة الأولى الثانوية علوما لم نكن قد درسناها في القسم الابتدائي مثل : الحديث الشريف والبلاغة والمنطق والعروض. فكيف أقرؤها من غير أن أفهمها ؟!
بين المسكن والمعهد

كانت الغرفة التي اقطنها أنا وشقيقي في حي شبين بدير الملاك ، وكان المعهد الذي أختلف إليه بحي الدراسة بالقرب من الأزهر ، وكان ذلك يمثل عبئا ثقيلا على نفسي ويكلف أخي الكثير من وقته وجهده . فكنا نركب من دير الملاك وننزل بالعتبة ثم نقطع شارع الزهر والسير فيه صعب لازدحامه وطوله . كنا نقطعه مشيا على الأقدام ، فأصل إلى قاعة الدرس وقد بلغ الإعياء مني مبلغه عندما اجمع أنفاسي المبعثرة ، ثم يأخذ أخي طريقه إلى كلية الحقوق بجامعة عين شمس على أن يعود إليّ بالمعهد ليصحبني إلى المسكن . وكثيرا ما كنت أنتظره طويلا حيث كان مرتبطا بمواعيد الدراسة . وكم كان يحز في نفسي أن ينصرف الطلاب فرحين بانقضاء يوم مليء بالعلوم ، فرحين لأنهم ذاهبون إلى مساكنهم ليأخذوا نصيبهم من الراحة ، وأقف أنا وحدي تمر عليّ اللحظات كأنها سلسلة من الجبال ، وتساورني الظنون وتشد الأوهام اذنيّ : لماذا تأخر أخي ؟ ... وهكذا إلى أن يقطع هذا السكون الرهيب صوت أخي يلقي عليّ السلام فينزل سلامه على قلبي كما تنزل قطرات الندى على الزهرة الظمأى فنزرع الطريق إيابا .

ورأيت بمشاعري أن أوفر بعض الراحة لأخي حتى يتمكن من مذاكرة دروسه ، فأشرت عليه أن يأخذ بيدي إلى الحافلة ويتركني وحدي على أن انزل محطة العتبة مستعينا بأحد الناس الذاهبين في طريق المعهد . واستعنت بالله فقد كنت املك عزيمة صلبة أواجه بها شدائد الأيام إذا عصفت ، وخطوبها إذا ادلهمت. فقد رأيته محفوفا بالأحراش والأشواك التي آوت إليها العقارب والحيات .إذا سلم السالك فيه من لدغة العقرب فقد لا يسلم من نهشة الثعبان! .
على أبواب الامتحان

ذكرت فيما سبق أن هذا العام الدراسي كان عاما استثنائيا الرسوب فيه يؤدي إلى فصلي من المعهد . وكان عاما مليئا بالمشاكل مفعما بالأحداث الأليمة ، وقد فاتني شطره ، ولكن بيقيني في الله وثقتي به قد عزمت على أن أخوض غمار هذه الشدائد حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا . وجرت عادة الطلاب أن ينصرفوا قبل الامتحان بشهرين يتفرغون فيهما استعدادا لدخول الامتحان ، وهنا لاحت أمامي أسئلة وعلامات استفهام كان لها وقع السهام على نفسي : من الذي سيذاكر لي هذه العلوم التي فاتتني ؟ وإذا لم أجد من يذاكر لي فبأي شيء أدخل الامتحان ؟! . وكنت احمل ذاكرتي أكثر مما تحتمل ، كنت أحرص على أن أظل ذاكرا لما يلقيه عليّ الأساتذة في قاعات الدرس حتى لا أنساه فاحتاج إلى من يقرؤه لي. ورأيت من الحكمة أن أتفق مع أحد الطلبة لنذاكر سويا ، والاتفاق مع أحد الطلبة يمثل مشكلة يعانيها المكفوفون فليس ذلك بالأمر السهل ..... مهما يكن من شيء فقد اتفقت مع أحد الطلبة على المذاكرة معا واتفقنا على ذلك وظننت انني قد اجتزت هذه العقبة وما أدراك ما العقبة؟ لقد ظل على عهده معي خمسة أيام بعدها افتقدته فلم أجده .

مفاجأة !

فوجت بعد خمسة أيام من مذاكرتي مع هذا الصديق بانقطاعه وقلت : لعله أمر عارض يعود بعده فنواصل ما بدأناه فإن الأمر جد وما هو بالهزل ، ولكن مرت الأيام واقتربت ساعة الامتحان دون أن يذاكر لي أحد ، ولم يعد ذلك المرافق إلا أنني فوجئت منه برسالة يقول فيها :" لقد سافرت إلى أهلي لأذاكر هناك " . وجاءت الرسالة متأخرة مما يدل على أن هناك ناسا لا يحترمون شعور الآخرين ولا يحسون بإحساساتهم ولا يقيمون للمسؤولية وزنا هؤلاء ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسبون صنعا . وأخذت حلقات السلسلة تضيق وكأنني بقول احد الحكماء :

رماني الدهر بالأرزاء حتى فـــؤادي في غشاء من نبال ِ

فكنــت إذا أصـابتني ســهام تكسرت النصال على النصال
يتبع
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg kishk.jpg (8.5 كيلو بايت, عدد مرات التحميل : 40)
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م