صراع من أجل التسليم للإيمان..جفرى لانج ( 9 ) .. يتبع
( 9 )
صراع من أجل التسليم للإيمان
Struggling to Surrender Dedication
بقلم جفرى لانج
الفصل الثانى
القرآن الكريم
بداية يجب الإقرار بأن القرآن الكريم ذكر قصص توراتية ولكن بعد حذف بعض التفاصيل ، وفى كل مرة يأتى بتفاصيل أخرى خافية لم تذكر بالكتب السابقة . وهناك أمثلة كثيرة على ذلك . فقصة سيدنا سليمان التى ذكرت بالقرآن الكريم ، تنفى عن هذا النبى المجتبى من الله سبحانه وتعالى أن يكون من عبدة الأصنام ، كما جاء بسفر الملوك (11 : 4) ، وذلك كما ورد بالآية 102 من سورة البقرة "وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ ..........." .
وكذلك ما ورد عن قصة سيدنا إبراهيم بخصوص ذبح ابنه سيدنا إسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، فقد ورد بسفر التكوين ( 22 : 1 - 19) ، أن الله تكلم مباشرة لسيدنا إبراهيم طالبا منه ذبح ابنه ، فى حين أن القرآن يرجع هذا الطلب إلى رؤية منامية رآها سيدنا إبراهيم ، كما ورد بسورة الصافات من الآية 101 - 111 .
والقرآن الكريم ينفى بشدة مسألة صلب المسيح عليه السلام لم تحدث على الإطلاق ، بل شبه لهم صلبه .
بل إن القرآن كثيرا ما يوضح مشاكل وقع فيها الإنجيل والتوراة ، وظهرت فى الغرب فيما بعد البعثة المحمدية بقرون . ومن الأمثلة على ذلك ، ماورد فى قصة يوسف عليه السلام ، وأن أبناء سيدنا يعقوب سافروا على الحمير فى صحراء سيناء (سفر التكوين ، 42 : 26) . ومن المعروف أن الحمير لا تصلح للسفر الطويل بالصحراء ، كما أنه ليس من عادة البدو الإعتماد عليها ، وقد كان أحفاد سيدنا إبراهيم بدوا إلى أن استقروا فى مصر . بل الجمال هى التى تصلح لذلك ، وقد أكد القرآن فى سورة يوسف على أن إخوة يوسف استخدموا العير فى تنقلاتهم ، وذلك فى الآيات (65 - 70 - 72 - 82) " ..... وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ {65}" .. "..... أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ {70}" .. "..... وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ {72}" .. "وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ {82}" .
وفى نفس القصة فى سفر التكوين (43 : 32) ، يذكر السفر بأنه كان هناك نفور شديد من المصريين واليهود إلى وقت طويل ، حتى أن سيدنا يوسف لم يكن ليأكل مع إخوته . ولا يذكر القرآن شيئا من هذا النفور من المصريين تجاه عائلة سيدنا يعقوب الآيات أرقام (59 - 93 - 99) من سورة يوسف ".......... أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ {59}" .. "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ {93}" .. "فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ {99}" .
أما عن طوفان سيدنا نوح عليه السلام ، فيذكر سفر التكوين ( 7 : 32 ) ، أن كل شئ حى على وجه الأرض قد غرق ، البشر والأنعام وكل الزواحف وطيور السماء ؛ وأنها امحت من على وجه الأرض ، وسيدنا نوح ومن كانوا فقط على السفينة هم من بقوا عليها !!! وبالرجوع إلى المعلومات التاريخية التى وردت بالتوراة ، فإن هذه الكارثة حدثت فى القرن الثانى والعشرون قبل الميلاد ، والبراهين العلمية الحديثة ، تثبت أنه منذ ذلك التاريخ وحتى الآن ، توجد حضارات فى أنحاء متعددة من العالم ، وهذا ما يناقض ما جاء بالتوراة . أما ما جاء بالقرآن الكريم ، لا يتعارض مع ما توصل إليه العلم ، فالطوفان قضى فقط على قوم نوح المعاندين ، وذلك كما جاء بسورة الفرقان ، "وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً {37}" .
ومن التناقضات المذهلة بين القرآن والتوراة ، أن التوراة تذكر مراحل خلق الكون بالأيام التى نعرفها ، أى 24 ساعة ليلا ونهارا ، وذلك كما ورد بسفر التكوين ( 1 : 5، 8 ، 13 ، 19 ، 23 ، 31 ) ... وقد كان هذا هو الإعتقاد لقرون كثيرة ، إلى أن تقدم العلم وأثبت أن خلق الأرض أخذ أوقاتا أكثر من ذلك بكثير . وفى القرآن الكريم ، فإن الأيام عند الله سبحانه وتعالى كثيرة ، وذلك كما ورد فى الآية من سورة الحج "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ {47}" . وسورة المعارج "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ {4}" . وهذه الآيات تدل على شيئن ، أ ) أن هذه "الأيام" ، لا تفهم حرفيا بمقاييس الأرض ، ولكنها تشير إلى فترات أطول بكثير مما نعد . ب ) حينما يشير القرآن إلى كلمة "يوم" بالنسبة لله سبحانه وتعالى ، لا يعنى هذا وقتا محددا كما فى الآيات .
وأحيانا حينما يذكر القرآن قصة نبى من النبياء ، أو شخصية معينة ، أو حدث ، فإنه يذكر تفاصيل ليست موجودة فى التوراة أو الإنجيل ، ويشير إليها لتكون آية نثبت فيما بعد . وهذا كما حدث بالنسبة للطوفان كما ورد سابقا . وكذلك فى قصة غرق فرعون حينما طارد موسى وانطيق عليه البحر :
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ {90} آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {91} فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ {92} سورة يونس ... وما ورد فى الآية رقم 92 ، لهو لفتة دقيقة لم ترد إلا فى القرآن الكريم ، عن نجاة بدن فرعون ليكون آية على صدق القرآن وعبرة لمن بعده إلى يومنا هذا . شخصية فرعون الخروج كانت مثار جدل . وقد أجرى موريس بوكاى العالم الفرنسى عدة دراسات معملية على مومياء "منبتاح" الذى خلف "رمسيس الثانى" ، وأثبت فى عام 1975 أنه هو فرعون الخروج ، حيث وجد داخله أملاحا تدل على أنه غرق فى البحر ، وهذه المومياء أكتشفت بوادى الملوك فى طيبة عام 1898 ، أى بعد ثلاثة عشر قرنا من نزول القرآن الكريم على النبى محمد عليه الصلاة والسلام . وقد كان هذا الإكتشاف سببا فى إسلام بوكاى ، وتأليفه لكتاب "التوراة والقرآن والعلم" . وبذلك يكون القرآن قد ألمح إلى نقطتين ، الأولى والمباشرة ، هى نجاة جسد فرعون ليكون آية لمن بعده . والثانية ، أن المصريين القدماء كانوا حريصين على تحنيط الجثث لتبقى سليمة .
القرآن والعلم :
سأختصر هذا الباب ، حيث أن الكلام فيه معاد ، وقد تكرر كثيرا ، وأعتقد أن الرجوع لدراسات "الدكتور زغلول النجار" ، توفر الكثير من الجهد ، كما أنها أشمل وأدق مما ورد فى الكتاب .
فقد تكلم الكتاب عن اختلاف وجهات النظر بين المؤيدين والمعارضين لبحث موضوع الإعجاز العلمى فى القرآن ، ثم تطرق إلى دراسات موريس بوكاى وكتابه عن "التوراة والقرآن والعلم" . ثم تكلم عن كروية الأرض وتكوير الليل والنهار :
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَر كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ {5} سورة الزمر
وأن عسل النحل ينتج من أنثى النحل كما ورد بالقرآن :
وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بييُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {69} سورة النحلوتكلم عن تطورات الجنين وموقف الدكتور كيث موور :
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14} سورة المؤمنون
وتكلم عن الرتق والفتق بالنسبة للسموات والأرض :
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ {30} سورة الأنبياء
وطى السموات والأرض كطى السجل للكتب :
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ {104} سورة الأنبياء
يتبع
آخر تعديل بواسطة أبو إيهاب ، 27-08-2007 الساعة 08:46 PM.
|