مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #16  
قديم 10-04-2006, 07:18 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

عايد السائق :

لقد كانت مهنة قيادة السيارات ، مهنة كما هي في كثير من المهن المستحدثة على هامش التطور الحضاري ، فمهن تزول و مهن تظهر ، لم يعد الجلالاتي (صانع جلال الدواب ) أو الدليل ( الذي كان يدل المسافرين بالصحراء ) موجودين بنفس القدر الذي كانوا فيه سابقا .. كما أن مهنا مثل قيادة السيارات ، وان ظهرت في القرن الماضي كمهنة لها أهميتها ، أصبحت اليوم من المهارات الضرورية ، أو العادات ، كعادة التدخين .. فلم تعد بنفس القوة التي ظهرت بها وقت بدايات ظهورها ..

وكان من يتقدم بطلب للعمل سواء في القطاع العام أو القطاعات الأخرى ، يلقى قبولا لطلبه .. أما في هذه الأيام ، فإن تلك المهنة لم تعد مصنفة كمهنة بل كوصف لمن يكلف بها من قبل غيره أو حتى هو يكلف نفسه بها ، كضرورة عملية ، فاقتناء ( سيارة أجرة ) يحتم أن يكون على قيادتها شخص يستطيع القيادة ، و أحيانا يكون هذا الشخص مهندسا أو معلما أو عسكريا متقاعدا ، أو أي صفة مهنية أخرى ، لكنه أضاف تلك الصفة المهنية الجديدة على نفسه ، لضرورات المعيشة أو لاستثمار بعض المال في قطاع النقل ..

كان بعض ممتهني تلك المهنة ، لا ينظرون لها على أنها مصدر رزق فقط ، بل كان ينظرون لها كعادة ، أو صفة محببة لهم ، كما هي صفة أو خاصية الطيران عند الطيور ، فكما يتضايق الطير عندما يوضع في قفص ، أو يعيقه ما يعيقه عن الطيران ، فإن سواق السيارات يصبحون بهذا العشق لمهنتهم ، وخصوصا من يقودوا سيارات الأجرة ( التاكسي ) .. وخصوصا من يتقدم بهم العمر قليلا ، فعليهم أن يتصرفوا في حياتهم بكياسة و رزانة تتناسب مع أعمارهم ، لكنهم في مهنتهم ، يشرعنوا الصبابة و دغدغة بعض مشاعرهم التي عليهم أن يدربوها لتكون عاقلة !
كانوا يستمتعون بحديث يستمعون اليه بين عشيقين يركبان مع أحدهم ، أو يسرقون نظرة من المرآة التي يعدلون وضعها ، ليقنصوا نظرة ممن يجلسن في المقعد الخلفي .. وكان يطربهم صوت ضحكة عفوية من فتاة بسن بناتهم ، لكن لا أحد يراجعهم بما يقترفون من ذنوب هم لا يصنفونها كذلك !

كانت مهنتهم تمدهم بثقافة من نوع خاص ، آتية بالمشافهة ، من خلال ما يشاهدون وما يسمعون ، فأحيانا تسرهم مصطلحات بعض المثقفين الذي نقلوهم من مكان لمكان ، فيحاولوا استعمالها في أحاديثهم مع زملائهم أو أسرهم ، وأحيانا يسربون ما رأوا من مشاهد رأوها في مهنتهم .. كل ذلك كان يعطيهم شعورا بالتفوق في شيء ما !

كان عايد من ذلك النوع من السواق ، لم يكن بحاجة ماسة لما يحصل عليه من أجرة ، فكان ينتقي ركابه أو من يطلبوا الركوب معه ، ليشبع فضوله المستتر ، فلم يختلف على قيمة الأجرة مع من يرغب في نقلهم ..

عندما ركب الرجل بجانبه وكان ملثما ، عندما فاوضه بسرعة على الركوب ، فك لثمته ، في حين جلست المرأة التي كانت مع الملثم في المقعد الخلفي ، طرق عايد بأصبعه طرقة خفيفة على المرآة التي ثبتت في وسط السيارة الأمامي العلوي ، عله يفك لغز زبونه .. وقد انتبه الرجل الذي يجلس بجانبه ، ولكنه لم يكن في حالة تبرر اعتراضه ..فشاغله بالطريق الذي احتاج الى ساعة من الزمن حتى يصلوا الى وجهتهم ، حتى لا يجد عايد فرصة كافية في التمعن بمن تجلس بالخلف ..

كان الرجل يتحدث بمواضيع متعددة وغير مترابطة ، وعايد يستمع ويهمهم ، ولم يظهر ثنية الذهب على سنه طيلة حديث الرجل ..

كان عايد يتساءل ، بينه وبين نفسه ، هل تلك المرأة المكحلة ، والتي تضع عصبة زاهية على رأسها ، هل تكون ابنة هذا الرجل ؟ .. ثم يجيب نفسه : لا ، فلو كانت ابنته لما صعدا في سيارة أجرة ، بل لركبا في الحافلات ، حتى لو طال زمن الوصول الى أربعة أضعاف وصول سيارته !

ربما تكون زوجة له ، وكانت (زعلانة) عند أهلها منذ مدة ، وهاهي تعود معه ، فأراد أن يكرمها بالركوب بسيارة ، أو لسرعة الوصول !

كان الطريق الذي سلكه عايد ، لم يشاهد به بالذهاب أو الإياب أي سيارة أخرى ومن أي نوع .. فقد أشار الرجل الى اتباع طريق مختصر ، علمه البدوي بخبراته السابقة .. كان طريقا ضيقا ليس به من الطرقات الا الاسم ، لم يكن ترابيا ، ولم يكن معبدا بشكل جيد ، لكنه كان خاليا من الحفر ، ولم يكن طريقا موحشا وسيئا على أي حال ..

كان يمر من جنب بيوت ، هي كالبيوت ، لكنها لم تكن بتلك الفخامة ، ويتراكض أمامه أطفال ، هم كالأطفال بالشكل ، ولكن ملابسهم و ألوان بشرتهم وملامح العافية ، لا توحي أنهم أطفال كالذين يراهم في المدن ..

لمح عايد بين تلك البيوت المتواضعة ، قصرا فخما ، يصلح أن يكون أحد قصور الأحياء الفخمة ، في العاصمة ، أقطب جبينه ، وتساءل : هل يكون هذا لشخص ، رفض أحدهم أن يعطيه ابنته عندما كان مغمورا ، فأراد أن يقهر من رفضه ليبقى هذا القصر الذي بناه بعد أن اغتنى فجأة ، شاهدا على خطأ قراره!

برز كلب ضئيل الحجم ، ليلحق بسيارة عايد ، لكن دون جدية ، بل كان يحاول أن يعلن عن نفسه بطريقة مجانية أنه سيد تلك البقعة اللا محددة !

نزل الرجل والمرأة قرب القصر .. ولم يحل عايد لغزهما !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م