لقد أدرك السيد سعيد ما يمكن أن يحدثه توغل حملة إبراهيم باشا في نجد من أثر على الدولة السعودية وعلى نفوذها في عمان ونواحي الخليج الأخرى، حيث سيوجه السعوديون جميع جهودهم وقواتهم ضد القوات الغازية لهم في عقر دارهم، مما سيتيح له العمل من جديد على تحقيق طموحاته المتعثرة في المنطقة. وليس من المستبعد أن تكون هناك اتصالات بين محمد علي باشا أو ابنه إبراهيم وحاكم مسقط خلال هذه الفترة التي قرر فيها الباشا القضاء على الدولة السعودية في نجد وشرق جزيرة العرب كما حدث خلال الحملة الأولى في الحجاز. والواقع أن التعاون بين والي مصر وحاكم مسقط في هذه المرحلة أصبح أشد ضرورة من المرحلة السابقة، لصعوبة هذه المرحلة واقتراب ميادين معاركها إلى عمان والخليج. لم يكن الإمام عبدالله في هذه المرحلة في حاجة إلى كل مقاتل من أهل الأقاليم التابعة له في نجد والأحساء فحسب، بل كان أيضاً في حاجة حلفائه وأتباعه في جنوب الخليج وخاصة القواسم. لقد اضطر الحاكم السعودي إلى سحب جميع من تبقى من جنوده في عمان وجنوب الخليج، كما طلب مساعدة الموالين والمخلصين له من أهل تلك البلاد، فتقاطر إلى نجد أعداد من المنتمين إلى القبائل العدنانية من أهل الظاهرة للاشتراك في المعارك ضد القوات العثمانية المصرية(96). وقد أخبر الإمام عبدالله المقيم البريطاني وليم بروس الذي كتب إليه بخصوص تعويضات يطالب بها القواسم، في ربيع الأول 1232هـ/ فبراير 1817م، بأن أتباعه (القواسم) كانوا غائبين عن البحر بسبب انشغالهم في حرب الأتراك(97). وفي أواخر عام 1233هـ/1818م وصلت قوات كبيرة من ساحل عمان إلى ساحل الأحساء محمولة على سبعة عشر مركباً لإنجاد السعوديين ضد القوات الغازية المحاصرة للدرعية، لكن وصولها كان متأخراً فعادت إلى بلادها عن طريق البحرين(98). وحين وصلت قوات إبراهيم باشا إلى القطيف في نهاية تلك السنة وجدت في تلك البلدة حامية من القواسم سمح لها الأتراك بمغادرة الميناء إلى البحرين التي كان فيها سبع مراكب أخرى للقواسم(99). بادر السيد سعيد إلى انتهاز توغل قوات إبراهيم باشا في نجد وانشغال السعوديين في مواجهتها وتوجه بعض أتباعهم العمانيين إلى نجد لمساعدتهم إلى ضرب قواسم رأس الخيمة وإخضاعهم لسلطته ومد نفوذه إلى مناطق أخرى في الخليج على حساب انحسار النفوذ السعودي. ففي بداية عام 1231هـ/1816م طلب حاكم مسقط مساعدة حكومة بومبي للعمل معه ضد القواسم. وبالرغم من أنه لم يحصل على تلك المساعدة، فقد قرر فرض حصار على رأس الخيمة استمر حوالي أربعة أشهر، لكن ذلك الحصار انتهى دون نتيجة(100).
|