يا من تدينون لله بالوحدانية .. كيف الخلاص من هذه الحيل الشيطانية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرالأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..
إخوتي في الله ..
في هذا الزمان الذي طغت فيه المادة .. وفسدت فيه الفطرة إلا من رحم ربي وعصم .. واتجه الناس نحو الدنيا وزخرفها .. يغترفون منها ومن ملذاتها وشهواتها ما شاء الله لهم أن يغترفوا . .
عمت البلوى وطمت .. بتراجع الإسلام عن قيادة البشرية .. فكانت المصيبة الكبرى .. والرزية العظمى ..
إذ ارتفعت راية الجاهلية .. فقادت البشرية .. إلى مناهج ردية .. وأفكار عمية .. فارتكست الفطر .. وضاع البشر .. وسيطر الأشر .. وساد اللكع .. وعلت راية الكفر البواح .. في كل ناد وساح .. وغاب منهج الفلاح .. وغُيّب نهج الصلاح .. وأُردي كل من أراد الإصلاح .. وشوهت صورة الربانيين في كل مساء وصباح ..
وقد كان لطواغيت البشر حيل شيطانية .. وأساليب إبليسية .. وخطط جهنمية .. لصرف الناس عن منهج رب البرية .. ولأطرهم على مناهج الكفر الردية .. ولإبعادهم .. عن منهج ربهم .. وسنة نبيهم ..
وهم في سبيل ذلك لا يتورعون عن ارتكاب المنكرات .. والإتيان بأفظع الكفريات .. وكل ما يغضب رب البريات ..
فما هذه الحيل ؟
وما وسائلهم لتنفيذها ؟
وهل نجحوا أم فشلوا في اجتيال الناس عن دينهم ؟
وكيف تمكنوا من بناء جدار سميك بين عوام الناس وبين صفوة أهل العلم والجهاد ؟ فكانت الغربة التي يكتوي بنارها كل موحد .. ويتلظى بلهيبها كل مجاهد اختار ساحات العزة ليرفع عنا ذل وعار استحكام قوى الكفر الصهيوصليبية والطاغوتية ..
وما السبيل للخلاص من مكرهم وكيدهم ؟
أقول وبالله التوفيق :
بداية : معنى الحيل:
ح ي ل : الحِيلةُ اسم من الاحتيال وهو من الواوي وكذا الحَيْلُ و الحوْلُ ويقال لا حيل ولا ( حيل ) قوة لغة في حول وهو أحْيَلُ منه أي أكثر حيلة وما أحْيَلَهُ لغة في ما أحْوَلَهُ ويقال ما له حيلة ولا مَحَالَةٌ ولا احْتِيَالٌ ولا مَحَالٌ بمعنى واحد
مختار الصحاح / الجزء الأول ص 167
وجاءت الحيلة بمعنى الخداع :
والخِداعُ الحِيلة وخدَع الضَّبُّ يخْدَع خَدْعاً وانْخَدع اسْتَرْوَح رِيحَ الإِنسانِ فدَخل في جُحْره لئلاّ يُحْتَرَشَ وقال أَبو العَمَيْثل خدَع الضبُّ إِذا دخل في وِجاره مُلتوياً
لسان العرب / الجزء الثامن ص 63
وقيل بمعنى الصرف أي تزيين الحديث والزيادة فيه
وقال يونس الصرف الحِيلة ومنه قيل فلان يَتَصَرَّفُ أَي يَحْتالُ قال اللّه تعالى لا يَسْتَطِيعُونَ صَرفاً ولا نصْراً وصَرفُ الحديث تَزْيِينُه والزيادةُ فيه
لسان العرب / الجزء التاسع ص 189
ولقد تفنن الطواغيت في الحيل لصرف الناس عن دينهم
ولتوجيه بؤر اهتمامهم نحو توافه وسفاسف الأمور .. ليذهلوهم عن عظائمها .. وليشغلوهم عن معاليها ..
فأصبحت كرة القدم .. بديلا عن الغزو في سبيل الله ..
قطعة من الجلد تتقاذفها السيقان والأفخاذ العارية من الملابس والأخلاق
لتحاول وضعها بين ثلاث خشبات .. شغلوا بها الناس عن ذكر رب البريات .. وأذهلوهم بها عن الخطوب المدلهمات .. وصرفوا بها وجوههم عن السجود في أوقات الصلوات .. ولا حول ولاقوة إلا بمن له تخشع جوارحي في الملأ والخلوات ..
وحيلهم تبدأ منذ أن يولد الإنسان ..
يولد في بيت غاب عنه الإسلام .. وغُيّب منه الالتزام ..
الأب مسلم .. الأم مسلمة .. لكنهما لا يعرفان من الإسلام إلا اسمه .. ولا من القرآن إلا رسمه ..
فكيف سينشّئان المسكين ؟
إذ فاقد الشيء لا يعطيه ..
كثيرا ما يتربى الطفل في كنف خادمة كافرة .. فتتشرب نفسه مما تشربت نفسها .. ويكتسب منها خصال الكفر ..
ثم ينتقل إلى الروضة فيكون أول ما يتعلمه السلم الموسيقي .. بدلا من تعلم القرآن والسنة ..
ثم ينشأ في أحضان وسائل اللهو والإعلام ..
وهي أهم وسائل الطواغيت لسلب عقول الناس وتسييرها حسب ما يحتالون .. وماإليه يهوون ..
سينشأ الطفل على الأفلام الفاجرة .. والتمثيليات الداعرة ..
ستتشرب نفسه منذ الصغر حب المجون والخلاعة التي تميز تلك الوسائل الخبيثة .. فيعتقد أن هذا هو التمدن والتحضر .. وغير ذلك هو التخلف والرجعية ..
فهكذا أفهموه .. وهذا الذي في نفسه غرسوه .. وفي وجدانه زرعوه .. وفي يقينه ثبتوه ..
فكيف ينخلع من ربقة هذه الحيلة الشيطانية إذا شب عليها ؟
وكيف سيخدم دينا لا يعرف عنه شيئا ؟
دينا يُكاد له من كل قوى الكفر والطغيان
وتنتهك حرمات أمته في كل مكان
هل هذا هو المؤمل فيه أن يخلصنا ؟
وهل هذا هو الذي يُرجى منه أن يناصرنا ؟
إنه مسخ ممسوخ ..
**************
ثم ماذا ؟
ثم يذهب إلى المدرسة .. وما أدراك ما المدرسة
إنها مؤسسة .. عظيمة البناء والهندسة ..
لكنها وسيلة الطواغيت وحيلتهم لتنشئة جيل منبت الصلة بينه وبين دينه .. مقطوع العلاقة بينه وبين ربه ..
فأزالوا منها دراسة الدين .. وهمشوا القرآن الكريم .. وأهملوا حديث النبي الأمين ..
واهتموا بكلام شذاذ الآفاق .. وبترهات كل كذاب أفاك .. فقدموه على كلام الرب الخلاق .. ورفعوه فوق كل عالم ذي أخلاق ..
فجعلوا عمداء الكفر ..عمداء للأدب والفكر ..
وجعلوا أئمة الخنا والرذيلة .. أئمة للطهر والفضيلة ..
وجعلوا الفساق والفجار .. هداة يهدون بالليل والنهار . .
فأصبح الحق باطلا .. والباطل حقا ..
والملتزم بدينه .. يستحق قطع وتينه ..
والسائر على درب نبي الهدى .. يستحق الردى ..
ثم ماذا ؟
**************
ثم يتخرج .. يريد أن يتزوج ..
لكن هيهات .. فقد ضيق الطواغيت السبل والطرقات ..
وأحكموا الحيل الخبيثات .. ليؤججوا نار الشهوات ..
ولن يكون ذلك إلا بوضع كافة العراقيل أمام زواج الشباب والشابات .. فضيقوا على الناس في الأرزاق ..
فلا أمل إذا في الزواج !!
لكن باب الحرام مفتوح .. والوالج فيه غير ملام ولا مجروح ..
وسبله ميسرة .. وطرقه كثيرة متوفرة
وكل ما في المجتمع يخاطب سعار اللحم المجنون ..
فثارت الشهوات .. وتأجج نارها .. وتلظى الناس بلهيبها ..
فانتشرت الفحشاء .. وعمت الفتنة الدهماء .. وحق على أهل الأرض غضب رب الأرض والسماء ..
__________________
ضجت نجوم الليل من حسراتي
وشكى الفرات إلي من عبراتي
يا إخوة الإسلام يا أهل النهى
في الأرض يا من تسمعون شكاتي
يا إخوة الإسلام دونكم اللظى
مازال يحرق دجلتي وفراتي
ما ذنب أرملة تكفكف دمعها
ودموع أبناء لها وبناتي
أواه من جور الحصار ومن يد
تغتالني وتنام فوق رفاتي
انفخ ياوزغ فلن تعلو قدرك
|