مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #10  
قديم 02-05-2006, 01:28 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 10 )

لم يكن هناك حاجة للعلم في تلك القرية ، فما الحاجة الى معلومات لا توظف في مجال ؟ .. هذه كانت فلسفة أهل العتيقة ، والتي كانوا يفصحوا عنها أحيانا ، كانت بعض المهارات التي تنتقل بالمشافهة ، من خلال التجارب أو الأوامر المخلوطة بالضرب ، كفيلة بتعليم الصغار ، ما سيقومون به .. فالعلم ، عادة يأتي محاذيا لعلاقات الإنتاج ، وطالما أن نوعية الإنتاج ، كانت محصورة بنمط معروف جدا وهو الزراعة البعلية ( الديمية ) التي تعتمد على الأمطار .. فلا علوم مطلوبة ، ولا حاجة للتدرب ، طالما أن المدربين والملقنين يقفون على رأس عملهم ..

مع ذلك ، وتحسبا للأخطاء في عد الأشياء التي تحتاج عدا ، كعبوات التبن أو الحبوب ، أو الخراف أو غيرها ، فقد رأى أهل القرية أنه لا بأس من التعلم قليلا ، إذا كانت كلفة التعليم غير عالية ، ووقت التعليم ، لا يؤثر على أوقات الاستفادة من الأطفال .. في حين لو أراد أحدهم أن يكتب سندا أو ( حجة) فكان بالعتيقة عدة أشخاص يحسنون التعامل مع الكتابة من هذا النوع ..

كان أهالي القرية ، يبعثون أطفالهم لكتاتيب يقومون بتعليم أطفالهم القراءة والكتابة وبعض علوم الحساب ، مقابل أن يأخذ الطفل معه رغيفا من الخبز كل صباح ، وبعض البصل يوم الخميس ، وعندما يختم ( جزء عما ) فإن للشيخ المدرس مكافأة تساوي علبة من القمح ( 60 كغم ) .. وإذا أنهى (ربع يس) فإن له ضعفها ، وإن ختم القرآن فله هدية يعرفها الجميع ، وهي تكون جديا ، أو (تنكة) سمن أو شيئا من هذا القبيل ..

كان في العتيقة ثلاثة من الكتاتيب ، أحدهم له شهرة ، ويثق بقدراته أهل البلدة أكثر من الآخرين ، وكان هو مؤذن البلدة ، كان قد تلقى تلك المهارة من والده الذي تلقاها هو الآخر من والده القادم من مصر ..

كان عصبيا جدا ، ولكنه يحفظ من قصص طريفة ، يتندر بها أمام زواره ، وقد كانت تلك القصص مقتطفة من ( كتاب المستطرف للمحلي ) .. والذي كان من بين عدة مئات من كتب ، طبعت في مطبعة بولاق منذ أكثر من قرن ..

كان يحتفظ بمحاليل معينة يستخدمها كحبر للكتابة ، وينشغل أحيانا بمعالجة بعض عيدان القصب ، لصنع أقلام للكتابة بها ، فكان يشطف رأس القصبة بطرف السكين ، ليخط على ألواح من صفيح يحضرها الأطفال معهم .. وكان يضع بجانبه مجموعة من مطارق من الرمان لضرب بها المقصرين ..

كان يتجمع ب (المكتب ) وكان هذا اسم المكان الذي يجري فيه التدريس ، حوالي ستين من الأطفال ، خمسهم أو سدسهم من الإناث ، اللواتي كن يجلسن بالقرب من الشيخ في مكان يفصلهن قليلا عن معشر الأطفال الذكور ، وحتى لو لم يكن على بعد ، فلم يكن هناك مجالا لشيء غير مرغوب فيه ، لقوة حضور الشيخ ورهبته ..

كان يقوم بتدريس كل طفل على حدا ، ويحفظ علة كل طفل و أين وصل ، وأين يخطئ ، وكان يستعين باللوح المعدني الذي في يده ، فيقرأ الطفل الذي يجلس على يمين الشيخ قرب كتفه الأيمن ، مرعوبا خائفا ، من أن يخطئ في تسميع الدرس .. فكان الشيخ يمسك باللوح و يسأل الطفل عن الحروف الخمسة الذي أخذها كدرس أول .. هذه : فيجيب أ وهذه فيجيب ب وهذه فيجيب ت حتى ينتهي ثم يعيد السؤال بترتيب مختلف فيشير الى الجيم ، ومن بعدها التاء ، وإن أخطأ الطفل في تسميع الشيخ قراءة الحروف ، يلكزه في طرف قلم القصب برأسه ، ويعيد عليه ( هذه .. يا ابن الكلب ) .. فإن وثق الشيخ بقدرة الطفل ، أضاف له خمسة حروف أخرى حتى ينتهي ، ويتعود الطفل على قراءة الحروف الأبجدية .

ثم يرتقي التدريس الى ( أبجد هوز .. حطي كلمن الخ ) .. ثم يدخل الى التشكيل مباشرة ، ألف فتحة ألف كسرة ألف ضمة ألف سكون ، وحتى الياء ، ومن بعدها ألف فتحتين ألف كسرتين ، ألف ضمتين الى الياء ..

أما درس الحساب ، فكان يتناول الحساب على الطريقة العثمانية ، فبعد الأعداد وتعلمها ، تلي ذلك الجمع والطرح والضرب والقسمة ، وكانت عمليات الضرب تخضع لميزان خاص ، لمعرفة عملية الضرب إن كانت صحيحة أم خاطئة ..

أما الحالة الجماعية للتدريس ، فكانت تتم بقراءة القرآن من سورة الناس الى سورة الفجر .. يتم قراءتها جماعيا ، حيث يقرأ الشيخ آية أو قسما منها ، والأطفال يردون عليه بصوت بهيج ( الهكم : الهكم ) .. ( التكاثر : التكاثر ) .. كان هذا اللون يتم يوميا قبل انصراف التلاميذ ..

أما المتقدمين ، فإنه يفرد لهم وقت خاص على مسمع البقية ، لكن دون تدخل غيرهم في الدرس .. فإن أنهى أحدهم ( ربع يس ) .. يجري له زفة الى مقام ولي ، وهو يلبس ثوبا أبيضا و عباءة مقصبة ، ويحمله ولد أكبر سنا على أكتافه ، ثم يمر به على بيت والده ، فيأخذ بشارة .. وعند الختمة الكبرى ، حيث يتخرج الطفل .. يكون الاحتفال أكبر ، وطبعا سيكون عمر الولد وقتها ، حوالي الخمس عشرة عاما ..

بالمقابل ، كان هناك مدرسة حكومية بها للصف الرابع ، ينظر لها المواطنون نظرة رهبة ، ولا يبعثون أبناءهم لها .. لأنهم إن فعلوا ذلك ، فعليهم أن يكملوا المشوار باستئجار غرفة لهم في مدينة قريبة تحتاج على ظهر الحمار للوصول لها حوالي أربع ساعات ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م