"إثبات الصفات مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات" ردعلى الفاروق والأشعري(1)
الرد بسم الله الرحمن الرحيم
من حمد السلفي إلى الأخوين: الفاروق و الأشعري وغيرهما وفقنا الله جميعاً للحق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
أولاً : أذكر جميع الاخوة أن السنة في الرسائل البداءة بالتسمية ، ثم السلام ، كما في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم ، فالسنة السنة يا عباد الله .
ثانياً : أعود وأقول : إن الفاروق والأشعري ومن نحى نحوهما –هداهم الله - ، كلما ذُكرت لهم صفة من الصفات قالوا يلزم من إثباتها التشبيه والتجسيم والتحيز وغيرها من ألفاظ التهويل ، ثم يسارعون إلى الاستدلال بقوله تعالى : "ليس كمثله شيء " ، متوهمين أنها دالة على نفي الصفات ، وهي دليل عليهم كما سيأتي ويتضح بحول الله وقوته .
بيان ذلك : ما ظهر من التناقض في كلام كل واحد منهما ، ومَن قبْلهما، ومن ذلك:ما قاله الفاروق آنفاً، حيث قال : نحن في مكان والملائكة في مكان والله ليس كمثله شئ فلو كان في مكان لكان مثلنا. اهـ .
وقوله :
1 – الملائكة أجسام ونحن أجسام.
2- الملائكة مخلوقون ونحن مخلوقون.
3- الملائكة موجودون في مكان ونحن موجودون في مكان.
4- الملائكة ينتقلون من مكان إلى مكان فهم محدودون ونحن ننتقل من مكـان إلى مكان فنحن محدودون أيضا والبهائـم محدودة والأحـجـار محـدودة وكل المخلوقات محدودة وربنا عز وجل ليس كمثله شيء . اهـ .
وقبل الرد على ذلك أقدم بقواعد مهمة ، من وعاها فتح الله قلبه لإثبات الصفات، مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات .
لكن لي طلب قبل أن تقرأها : وهو أن تسأل الله سبحانه إن كانت حقاً أن يشرح صدرك لها ، وتوسل في ذلك إلى الله بصدقك في طلب الحق ورضى رب الخلق . أسأل الله أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه رضاه . إنه لا يُخيب من دعاه . فاللهم عوناً وتوفيقاً ياحي ياقيوم .
القاعدة الأولى : ( أن الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم تماثل المسميات والموصوفات كما دل على ذلك الشرع والعقل والحس ) .
أما الشرع فقد قال الله : "إن الله كان سميعاً بصيراً "(النساء:58)، وقال عن الإنسان :" إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً " (الإنسان:2) ، ونفى سبحانه أن يكون السميع كالسميع والبصير كالبصير فقال : "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (الشورى:11) .
وأثبت لنفسه علماً فقال : "علم الله أنكم ستذكرونهن"(البقرة:235) ، وقال عن الإنسان :"فإن علمتموهن مؤمنات"(الممتحنة:10) ، وليس علم الله كعلم الإنسان
فقد قال الله عن علمه : "وسع كل شيْ علماً "(طه:98) ، وقال :" إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولافي السماء "(آل عمران:5) ، وقال عن الإنسان :"وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً "(الإسراء:85).
وأما العقل _ يا أهل العقل _: فمن المعلوم بالعقل أن المعاني والأوصاف تتقيد وتختلف تماماً بحسب ما تضاف إليه ، فكما أن الأشياء مختلفة في ذواتها فإنها كذلك مختلفة في صفاتها والمعاني المضافة إليها ، ولهذا نصف الإنسان باللين والحديد باللين ، ونعلم أن اللين متفاوت المعنى بحسب ما أضيف إليه .
وأما الحس : فأننا نشاهد للإنسان قدرة ، وللفيل قدرة ، وللنملة قدرة ، ونعلم بالحس الفرق بين الإنسان والفيل والنملة .
فإذا عُلم أن الاشتراك في الاسم والصفة في المخلوقات لا يستلزم التماثل في الحقيقة مع كون كل منها مخلوقاً ممكناً ، فانتفاء التلازم في ذلك بين الخالق والمخلوق أولى وأجلى ، بل التماثل في ذلك بين الخالق والمخلوق ممتنع غاية الامتناع .
ولذلك يوصف الله بالحياة ، كما في قوله :" الله لاإله إلا هو الحي القيوم"(البقرة:255)،ويوصف الإنسان وغيره بالحياة ، ولا يقول مؤمن : إن ذلك يقتضي التشبيه ، فحياة الخالق تختلف تماماً عن حياة المخلوق ، ومن قال : إن إثبات كل صفة مشتركة بين الخالق والمخلوق يلزم منه التشبيه، لزمه – والعياذ بالله – نفي صفة الحياة عن الله بل ونفي سائر الصفات - حتى يكون الله كالمعدوم الذي لاوجود له إلا في الخيال - وهذا هو الذي فعلته المعتزلة .
وللحديث بقية-إن شاء الله ، والسلام عليكم .
|