مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #17  
قديم 14-06-2006, 05:39 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 3 )

لو جلس أحد المثقفين من العصر الحاضر بين جماعة من البدو ، وتكلم معهم بلغته التي يتكلم بها باقي المثقفين ، لرأى عيون البدو تدور شمالا ويمينا مستنكرة ما تسمع ، و متباهية في استنكارها أيضا ، فالعربي بنظر هؤلاء هو من يلتزم بموسيقى اللغة و انسيابيتها ، وفحول الشعر القدماء كانوا يكتسبوا صفة الفحولة ، من التزامهم بتلك الصفتين الموسيقى و الانسيابية في اللغة ..

وعليه عاشت اللغة العربية بقرونها الطويلة ، طالما كان يرمي أبناؤها الحريصون على نقائها ، كل ما يدخل على لغتهم من غريب .. فالجديد بنظرهم (يشم و يرمى في المزابل ) والقديم كلما زاد في قدمه وتعتق كلما زاد أصالة ..

إذا كانت صفة العفوية و الاعتماد على السماع عند البدو ، هي ما جعلتهم يحتفظون بنقاء اللغة العربية . فإن تلك الصفة هي ما أسرت علماء اللغة و النحو الذين وضعوا سياجا حول بدوية اللغة ، بحيث و ضعوا قوالب قوية أشبه بشبك الحماية على السجون أو المتاحف .. فلم يكن من السهل خروج محتويات المتحف ، أو إدخال ممنوعات لمن يسجن داخل السجن ..

إن تلك الأنفة والاعتزاز باللغة ، هي ما دفعت علماء الكلام من المعتزلة النظر باستهجان للمنطق الغربي الذي دخل مع الترجمات ، و أصبح له شيوخ ومنظرين ومبشرين ، والمناظرة المشهورة التي دارت بين كل من ( أبو البشر متي بن يونس ) وكان مشهورا بقدرته على الحديث لساعات ، مبشرا بفلسفة ومنطق أرسطو .. وكان يغمز بجانب فضل الفلسفة والمنطق الغربي على الحضارة العربية الإسلامية .. وبين ( أبو سعيد السيرافي ) .. أحد علماء الكلام المشهورين ، وذلك في مجلس الوزير ( الفضل بن جعفر بن الفرات ) وزير الخليفة العباسي (المقتدر ) .

قد نعود الى تلك المناظرة بشيء من التفصيل ، ولكنها كانت تنم عن رفض ومعاندة أنصار التمسك بالعربية و علومها ، وتبيان تقدمها على المنطق الغربي ، فعندما يسأل ( أبو سعيد السيرافي ) مناظره ( أبو البشر) : هل يجوز أن نقول زيد خير أخوته ؟ .. فيجيب (أبو البشر) : نعم يجوز .. ثم يعود أبو سعيد فيسأله : هل يجوز أن نقول : زيد خير الأخوة ؟ فيجيب (أبو البشر) على الفور : نعم يجوز !

فيبتسم أبو سعيد زاهيا بانتصاره وقائلا : أجبت في الأولى و أخطأت الإجابة ولم تكن مدركا أنك أخطأت .. و أجبت في الثانية و أصبت و لم تكن مدركا بأنك أصبت ..

فيستهجن ( أبو البشر ) كلامه ، ويتساءل : أليس الإجابتان مثل بعض ؟

فيرد أبو سعيد : عندما نسأل هل يجوز أن نقول أن زيدا خير أخوته ، فإن كان أخوة زيد (أحمد و محمد ومحمود) .. فإن زيدا لم يكن بين أخوته .. ولكن عندما نقول زيد خير الأخوة فيكون ( أحمد و محمد ومحمود وزيد ) مشمولين بالمفاضلة .. وهي الأصوب ..

وهنا يشرح ( أبو سعيد السيرافي ) : استصغار فكرة حصر المنطق بالغرب ، فيقول للصينيين منطق و للأفارقة منطق ، وللفرس منطق ، وللعرب منطقهم ، وكل ذلك يتبع اللغة !

في كل عصر يظهر من يكرس اعتزاز أبناء الأمة بخصائص أمتهم ، فبعد المعتزلة ..أفرد أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ، كتابا أسماه (الرد على المنطقيين ) .. بين فيه ثغرات هائلة في طريقتهم بالتفكير .. و إن كان يعتمد الجانب الديني في المحاكمة ، لكن الكتاب مليء بما يعزز فكرة صعوبة تقبل النمط (العقلي ) المولد خارج رحم الأمة .*

كما أن في العصر الحديث ، يظهر صراع بين الحركات الفكرية و الثقافية ، يطال حتى الشأن السياسي ، يكون منبع هذا الصراع ، هو الاتفاق على خط ابتداء حركة التأسيس لشكل الدولة ، وخلفية ذلك التأسيس المعرفية و ( الفقهية) .. وهذا ما يفسر اختلاف من يعتمدون الدين كأساس للإنطلاقة مع القوميين ، مع اليساريين .. *


وان كان من يؤمن في هذا الطرح و يفلسف له في العصر الحديث ، كالمفكر (الجابري ) والمفكر ( عبد السلام بن عبد العالي ) وكلاهما مغربيان ، فإن هناك من يستهجن مثل هذا الطرح ، محتكما لمعالجة المفكر المجري ( جورج لوكاش) عندما يناقش فلسفة الغرب الحديث ، و يرفض ربطها بالفلسفة اليونانية القديمة ، بل جعلها تنبع من خصوصية البنية الأساسية للوعي الاجتماعي السائد في الرأسمالية الأوروبية * .. وهو كلام يحمل وجاهته .. إذا ما حيدنا أثر اللغة تحييدا كاملا ..

ـــــــــ
المراجع :
الرد على المنطقيين / احمد بن تيمية / دار المعرفة / بيروت
هجرة النص الفلسفي / مقالة ل ( عبد السلام بن عبد العالي )
هل هناك عقل عربي ؟/ د هشام غصيب ص 92
تكوين العقل العربي/ د محمد عابد الجابري / مركز دراسات الوحدة العربية
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م