لبنان القيادات .. ولبنان الشعب
لبنان القيادات .. ولبنان الشعب
يبدو أننا أصبحنا أمة فريدة من بين الأمم في كثير من المسائل ، ومن بين تلك المسائل ، عدم المبالاة بما يحدث لأشقائنا ، أو حتى التشفي لما يحدث لهم من نكبات ..
قد يتخذ أحدنا موقفا كاملا من شعب ، بناء على ما لمسه من قيادة أو قيادات هذا الشعب ، فيكرههم إذا كره قياداتهم ، ويحبهم إذا أحب قياداتهم ، فهذا مصري و هذا عراقي و هذا خليجي و هذا شامي وهذا مغربي ، وكل هذا من هؤلاء ، يستقر حكم خفي في نفس الفرد تجاهه نتيجة ما تكون من مواقف تجاه قياداته .. أو ليست تلك البقع هي أجزاء وطننا الكبير ؟
قد يذهب البعض الى أكثر من ذلك ، فيتشفى للأذى الذي يطال ذلك الشعب ، ويبادر لسرد فلسفته في تدعيم نظرية التشفي لديه . فما أن دخل الأمريكان للعراق ، حتى رأينا هيئات و أفراد و مؤسسات إعلامية ، تخرج ما في جوفها ، لتردد ما يردده أعداء الأمة ، ولم تخفى نبرة التشفي من خلال كلام المتكلمين ، بل وحاولت وهي تضخم بعض النقاط التي يسهل تحريفها لتبرر تشفيها ، أن تسفه أي إنجاز عظيم وتجعله ، إنجازا قزما ، أو وراءه غاية أراد الحكم أن يتنفع بها ..
واليوم لو قدر للمقاومة اللبنانية أن تحرر فلسطين و تعيد الأندلس ، لوجدنا هناك من يسفه ويقلل من شأن هذا الإنجاز العظيم الذي نتمنى(في أسوأ الأحوال) أن يحدث الجزء الأضعف منه وهو الصمود وعدم إلحاق الهزيمة بالمقاومة ، وعدم إلحاق مزيد من الأذى للشعب اللبناني الشقيق ..
أما من يخالفني الرأي ، فإن لسان حاله لا يخفي رغبته بإلحاق الأذى بالمقاومة . وبغض النظر عمن سيلحق الضرر بها ، إن كانت أمريكا أو الكيان الصهيوني ، حتى وإن كان المتمني يكره تلك الجهتين ( العدوتين ) فإنه يتسلح بثقافة : إذا مت ظمآن فلا نزل القطر .
وإن سألت لماذا ؟ سيجيبك :كيف أنهم تمنوا له الأذى أو تشفوا بأذاه ، أو حتى أسهموا بأذاه .. وتدور الدورة الأزلية .. ليبقى كل طرف يتمنى ، بل ويسهم و يعطي غطاء من حيث لا يدري لإبقاء دائرة العداء على الأمة متغلبة عليها في كل الظروف ..
لماذا لا تسخر كل الأطراف إمكاناتها الذهنية لتتناول تلك الظاهرة بجدية ، وتتوقف منذ هذه اللحظة عن تدريب نفسها على تلك الثقافة ، وتطلق إمكاناتها في التأسيس لتعايش متحضر بين كل الأعراق و الطوائف في تلك المنطقة ، لتوقف عبث الأعداء الخارجيين !
إن الشعب اللبناني ، كما هو الشعب الفلسطيني ، كما هو الشعب العراقي ، أكثر من يتألم في تلك المرحلة ، فهو من يسيل دمه وهو من تهدم مساكنه ، وهو من يتعرض لامتهان كرامته في البحث عن لقمة و عن مأوى ، في حين تكون إمكانيات قياداته أكثر قدرة على اتقاء الأذى ..
ألا يكون هذا سببا وجيها أمام المثقفين ، لكي يكفوا عن تأجيج ثقافة التشفي والبدء في تأسيس ثقافة بديلة أكثر نفعا ؟؟
وإن التدريب على ذلك يتم في البدء بإنشاء هيئات لتقديم يد العون للأهل في لبنان وتنسيق المواقف لرفع صوت الرفض لما يجري ، وإن سلوكا كهذا سيمهد لتقريب وجهات النظر في المستقبل للعمل على كل الأصعدة .. فالمساهم بسهم واحد بشركة يهتم في أن تبقى تلك الشركة رابحة ..
__________________
ابن حوران
آخر تعديل بواسطة ابن حوران ، 25-07-2006 الساعة 04:06 AM.
|