مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-09-2006, 05:53 AM
ليلى محمود البدوى ليلى محمود البدوى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 10
إفتراضي الأدب العربى ـ خمس قصص قصيرة ل محمود البدوى



(1)
قصة من اليابان
الحقيـبــــة

قصة محمود البدوى


دخلنا فى عاصفة عاتية قبل أن نبلغ طوكيو .. وأخذت الطائرة الضخمة تتأرجح وتلعب بها الأنوار ..

وكان بجوارى راكب من سنغافورة .. لم يستطع أن يصمد فى كرسيه فأخذه القىء .. وخشيت أن تصيبنى عدواه .. بعد أن أصبحت المضيفات الثلاث عاجزات عن إسعاف الركاب لكثرة من أصيب منهم بالدوار فى ساعة واحدة ..

فتحركت من مكانى إلى أربعة صفوف أمامية فى الدرجة السياحية .. كانت خالية تماما من الركاب ..

واسترخيت على الكرسى الطويل .. معلقا عينى بعد أن أغلقت أزرار المصابيح المضاءة فوق رأسى .. وزر مكيف الهواء أيضا .. فقد كنت أود أن أنام .. وأغيب عن وعيى حتى تنجلى العاصفة .. ولقد أفلحت فى هذه المحاولة فعلا وانقضت فترة طويلة وأنا لا أحس بشىء مما يجرى حولى .. ثم فتحت عينى فوجدت المكان قد شغل براكب آخر .. ولعله آثر أن يفعل كما فعلت .. ولكنه لم يكن فى مثل حالى ..كان متيقظا تماما وليس على وجهه أى أثر للإعياء ..

ولما رآنى أفتح عينى وأحدق فيه برهة قال بإنجليزية فيها لكنة .. لقد مرت العاصفة ..

وأشار إلى اللافتة المضيئة التى تحمل فى مضمونها هذا النبأ .. والتى تعلن فك الحزام الذى يربطنا بالكرسى ..

وقدرت من جلسة الرجل وملامح وجهه أنه صينى من هونج كونج أو تاجر من أهل سيام .. ذاهب فى مهمة إلى طوكيو .. ثم ظهر لى من حديثه أنه يابانى من سكان طوكيو نفسها وأنه كان فى مهمة فى الخارج وعاد إلى وطنه .

ولما علم أننى مصرى فى رحلة سياحية إلى طوكيو .. تهلل وجهه .. وقال :

ـ لقد تخلصتم من الاحتلال الإنجليزى بضربة قوية .. وسنفعل مثلها لنتخلص من الأمريكان ..
ـ إن شعبكم قوى ولا يمكن أن يرضى بأى احتلال ..
ـ لقد فرضته علينا الحرب .. وهذا أشد شر فيها ..

وانطلقنا فى فنون الأحاديث .. وكلما مرت دقيقة ازداد الرجـل مودة لى والفة .. وطلب من المضيفة كأسين من النبيذ ..

ثم أخذ يقص علىّ سيرة حياته ويفتح لى من طوايا نفسه .. حتى علمت منه أنه عضو فى جمعية لمقاومة الاحتلال الأمريكى لليابان ، وأنه كان فى مهمة خطيرة ويحمل معه فى هذه اللحظة حقيبة صغيرة .. وفيها أشياء لو ضبطت معه سيعدم ..

وسألته :
ـ أين هى ؟
ـ هناك على الرف ..

وأردف ببساطة :
ـ هل يمكن أن تحملها عنى .. إنى أنمر فيك مذ ركبنا الطائرة .. ولن يفتشوك فى الجمرك ولن يفتحوا حقائبك اطلاقا ..
ـ وإذا فتحوها..
ـ لن يمسوا منك شعرة .. لنا وسائلنا ..
ـ ما دامت الحقيبة تساعد على انهاء الاحتلال فى اليابان .. فإنى احملها كجندى متطوع ..

فتهلل وجهه أكثر .. وقال بابتهاج :
ـ هذا ما قدرته .. إنك باسل ..

وأعطانى بطاقة فيها العنوان الذى أحمل اليه الحقيبة .. إذا حدث شىء يمنعنا من المقابلة فى بوفيه المطار .. بعد أن تتم جميع الإجراءات .. وطلب كأسين من النبيذ ..

وناولنى الحقيبة ولم تكن عليها أية بطاقة فوضعتها بجانبى ببساطة ..

والواقع أننى كنت أتصور أن المسألة سهلة .. ولكن لما هبطت الطائرة على الأرض وأمسكت الحقيبة فى يدى شعرت برجفة هزت كيانى كله .. ولم تكن ثقيلة ولكننى أحسست بها تخلع كتفى ..

وكان معى حقيبة أكبر منها على الرف ومعطف .. فاضطررت أن أرتدى المعطف مع أنه لم يكن هناك برودة .. لأستطيع أن أحمل الحقيبتين ..

ونزل مسيو كوجا أمامى على سلم الطائرة .. ونزلت وراءه .. ولكنه اختفى عن نظرى ..ثم ظهر مرة أخرى فى صالة المطار الكبرى عندما اجتمع جميع الركاب .. وأخذ موظف فى المطار .. ينادى الركاب بأسمائهم وشعرت بالاضطراب الشديد وأنا واقف وحدى .. وقلت لنفسى من يدرى .. لعل الرجل خدعنى بالحديث الوطنى وأشعل فىّ النخوة .. وهو فى الواقع ليس أكثر من مهرب وليس فى الحقيبة سوى مهربات جمركية .. عملة مهربة أو جواهر ..وإذا ضبطت ستكون فضيحة لى .. لقد البسنى الرجل التهمة بكل بساطة وهرب .

وظللت فى دوامة عاصفة من الخواطر أكثر من ثلث ساعة .. وأنا جـالس فى صالة المطار ..

ورأيت أن حركة انجاز أوراق الركاب تتم ببطء ودقة .. مع أننا لم ندخل منطقة الجمرك بعد .. فكيف إذا دخلناها .. وندمت على تسرعى .. وبحثت عن الرجل لأرد له الحقيبة ولكننى لم أجده فقررت أن أتركها .. بجانب الكرسى ..

ولكن عندما دخلت من باب الجوازات كانت فى يدى وتركت الأمر للمقادير تفعل بى ما تشاء ..

ولما دخلت المنطقة الجمركية بعد إجراءات طويلة معقدة .. وجدت حقائبى كلها قد أخرجت من الطائرة ووضعت داخل الحاجز الجمركى مع حقائب الركاب ..

وكان موظفو الجمارك فى الناحية المقابلة لى يفتشون حقائب أخرى .. ولاحظت أنهم يفتشون كل حقيبة تفتيشا دقيقا ..

وجاء دورنا .. رفعوا حقائبنا عن الأرض ووضعوها على الطاولة المستديرة .. ولكننى بقيت فى مكانى لم أتحرك .. ظللت بعيدا وعقلى يشتغل بسرعة ..

وعندما جاء فوج من الأجانب وقدرت أن فيهم بعض الأمريكان وقفت فى زحمتهم وحقائبى كلها وسط حقائبهم ولاحظت أنهم يفتحون جميع الحقائب ويفتشونها بدقة ويسألون دائما عن السجائر والويسكى ..

وهنا أخرجت المفاتيح من جيبى وفتحت جميع الحقائب بما فيها حقيبتى الصغيرة التى كانت فى يدى .. وأبقيت حقيبة الرجـل تحت الحاجز الخشبى بين رجلى ..

وجاء الموظف وفتش حقيبة من حقائبى فقط ثم شغل بمشادة بين زميل له وأحد الركاب وكان قد وجد فى حقيبته سجائر لم يخطر عنها .. وعلا صياح الراكب وتجمع حوله الركاب .. ولما عاد الموظف إلى مكانه .. نظر إلى حقائبى المفتوحة ..

وقال :
- يمكنك أن تغلقها ..

ورأيته قد استدار ليختم مشط سجائر وجده فى بعض الحقائب .. وأخذت أغلق حقائبى .. وأنا أرقبه .. رفعت حقيبة الرجل ووضعتها وسط الحقائب المفتشة دون أن يلحظ ذلك أحد .. وقفز قلبى وأنا أفعل ذلك .. وتصبب العرق ..

ولكن لما وجدت أن أحدا لم يشاهد هذه الحركة طرت من الفرحة ..

وسألنى الرجل عندما واجهنى مرة أخرى ..
ـ كم حقيبة معك .. ؟
ـ سبعة ..
ـ وفتشت كلها .. ؟
ـ أجل ..
ـ وليــس مـعك سجائر .. ولا ويسكى .. ولا أى شىء ممنوع ..؟
ـ إطلاقا ..

وكان فى أثناء كلامه يضع العلامة على كل حقيبة بالطباشير ثم توقف .. وكأنه ارتاب فى حقيبة الرجل .. فنظر اليها قليلا بامعان ..

ثم سألنى :
ـ وهذه هل فتشت ..؟
ـ أجل .. هل أفتحها مرة أخرى ..؟
ـ أظن أنه لا داعى ..

ووضع العلامة على الحقيبة بالطباشير ..

حدث هذا فى سرعة رهيبة .. وكأنما فك حبل المشنقة عن عنقى ..

وتركت الموظف يشير بيده للعمال الذين وضعوا الحقائب كلها على السلم الكهربى .. ليذهب بها سريعا إلى خارج حاجز الجمرك ..

***

واتجهت إلى السلم الذى سيقودنى إلى الخارج وأنا شاعر بفرحـة كبرى .. وقبل أن أبلغ آخر درجة .. رأيت كوجا يسير أمامى .. ولكنه لم يكن وحده كان بجانبه اثنان من البوليس الحربى الأمريكى وجنديان يابانيان وكانوا جميعا يحملون المدافع الرشاشة .. وأدركت أنه وقع فى أيديهم ..

وأسرعت خلفهم .. حتى رأيتهم يدخلونه سيارة مغلقة .. ومضوا به سريعا ..

وشعرت بشىء ثقيل يضغط على قلبى ويكتم أنفاسى .. وعدت إلى الداخل وأنا أخرج من قاعة وأدخل أخرى .. كأنى أدور فى بيت جحا .. حتى وجدت نفسى فى القاعة الكبرى المعدة لراحة المسافرين ..

وجلست على كرسى جلدى وأغلقت عينى .. نصف دقيقة ولما فتحتها كنت أنظر بقوة إلى اللوحة المضيئة لمدينة طوكيو والسهام النارية التى تنطلق منها إلى جميع أنحاء العالم ..

وأخذت أفكر فيما أفعل بالحقيبة بعد أن قبض على صـاحبها بسرعة فائقة .. ورأيت أن ألحق سيارة شركة الطيران قبل أن تتحرك من المطار .. بدلا من ركوب تاكسى إلى الفندق ..

وأخرج عمال الشركة حقائبى ووضعوها فى السيارة .. وحملت حقيبة الرجل فى يدى ودخلنا فى المدينة الحالمة ذات الأنوار على الجانبين والسيارات تنطلق كالسهام ..

وأنسانى جمال المدينة .. وجمال النساء فى الكومينو .. ونظافة الشوارع .. وبهجتها كل ما يتعلق بالحقيبة .. واخترت غرفة فى الدور السابع فى الفندق لأكون بعيدا عن زحمة النـزلاء الذين يتركزون عادة فى الأدوار السفلى .. ولأبعد أيضا عن ضجيج المدينة التى تظل ساهرة إلى الصباح ..

وتعشيت فى الفندق وخرجت إلى المدينة أمشى كما أتفق مستعرضا واجهة الحوانيت ..

ولم يكن الجو شديد البرودة .. وكنت أرتدى المعطف .. وقد ساعدنى هذا على أن أتجول أكثر وأكثر .. وكان عقلى فى الواقع يشتغل وأنا لا أدرى ويحاول أن يبعدنى عن مكان الحقيبة ..


آخر تعديل بواسطة ليلى محمود البدوى ، 29-09-2006 الساعة 06:41 AM.
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م