06-11-2006, 07:47 PM
|
عضو مميّز
|
|
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: السعودية - الرياض
المشاركات: 2,185
|
|
ساعدوا الأمريكان
هل يمكن المجازفة بالقول أن حال (الأمة) الأمريكية كما تعرضه بعض مواقع الانترنت التابعة لجماعات أمريكية "دينية وعرقية" لا يسر. صحيح أن بعض هذه المواقع تستفيد من حق الأمريكيين في التعبير الذي قد يشجع على المبالغة والتهويل، ولكن الوضع في الإجمال غير مطمئن. فمن قاع أمريكا نرصد عبر الانترنت أصواتا هائجة تضج بالكراهية والتعصب ضد كل من هو غير (أبيض العرق مسيحي الديانة) من الأمريكيين، كاشفة بذلك عن وجود مجاميع عرقية موتورة لم تذب بعد في كيان الأمة الأمريكية ناهيك عن تطرف مواقفها حول أديان وثقافات بقية شعوب العالم.
لا يمكن أن نقول هذا لا يعنينا فأمريكا الدولة والحضارة والصناعة - شئنا أم أبينا- لم تعد شأنا أمريكيا خاصا، بل هي شأن العالم كله بعد أن بسطت نفسها وثقافتها وعسكرها في كل جحر وزاوية. في الماضي كنّا نسمع عن أمريكا الجميلة والشعب المتسامح، ولكن الانترنت حين ظهرت صدمتنا حين منحتنا الفرصة لنتصل بالأمريكيين -دون وسطاء- لنكتشف مدى اتساع التناقض الأمريكي؟
رأينا على الانترنت بعض المستور المخيف من العاب السياسيين والأحزاب، وقرأنا مع الأمريكيين بعض أسرار الملفات القديمة والجديدة لممارسات الحكومة والوكالات الفيدرالية المختلفة على مواقع مثل موقع "fbi-files.com". وفيما بعد حقبة 11سبتمبر ومع استفحال نتائج حرب "بوش الابن" على "الإرهاب" ظهرت مواقع الكترونية جديدة لم تكتف بالسياسة وشجونها بل نشرت عن بوش وظاهرة البوشيزم (Bushism) شيئا أشبه بنوادر جحا" مثل موقع "buckfush.com " وموقع bushspeaks.com وعشرات غيرها.
والأخطر من هذا كله وجود عشرات المواقع العنصرية والدينية المتطرفة التي ترى أن أمريكا "البيضاء" باتت مهددة من قبل السود واليهود والملونين، وأن على "الأمة" البيضاء أن تقاوم، ويبرز في هذا الاتجاه مواقع تتبع لمجموعات neo-Nazis وما يسمى "الأمة الآرية" التي ترفع شعارات عن تفوق الجنس الأبيض White Supremacy مثل resist.com وموقع aryan-nations.org. ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار نجد مواقع متطرفة على الضفة الأخرى يشرف عليها - فيما يبدو- بقايا اليسار الأمريكي تخصصت في الأطروحات التي تنقد السياسة والثقافة الرأسمالية الأمريكية.
والإشكال الحضاري التاريخي مع أمريكا انه لم يحدث في التاريخ الإنساني منذ الاسكندر المقدوني أن تمكنت إمبراطورية واحدة -سوى أمريكا- من التحكم بمفاصل الاقتصاد والسياسة والأمن والبيئة والتقنية وكل شيء تقريبا. وأمام هذا الوضع ربما ينبغي على عقلاء العالم أن يهبوا لمساعدة الأمة الأمريكية واستنقاذها حتى لا يصل العنصريون والمتطرفون تحت لعبة الديمقراطية واستكبار القوة وجنون الهيمنة إلى المزيد من مفاصل القرار فتحل الكارثة بأمريكا والعالم. إذ أن مشكلة أمريكا الحديثة أنها تأسست قوية، ولم تعرف معاناة نشوء وسقوط الإمبراطوريات فقد وجدت نفسها في وضع عالمي مريح دون عقد ودون خصوم حقيقيين.
كيف لا نساعد أمريكا وهي اليوم وحدها تبتلع 40% من مجموع الموارد الاستهلاكية في العالم، وتتحكم بحوالي 73% من تجارة المعلوماتية، وحوالي 90% من تقنيات ومحتوى الإنترنت. أما الفرد الأمريكي فيكفي أن نعلم أن معدّل استهلاكه من الموارد يعادل 18ضعفاً أي شخص في العالم النامي، كما انه يلّوث البيئة بما يوازي 10أضعاف نظيره في العالم الثالث.
إن صحة عقل أمريكا ورشاد قرارها مسؤولية عقلاء العالم خاصة وأنها تتحكم في حوالي 56% من ثروات العالم، وتمتلك 15ألف رأس نووي وتدير جيشا تتوزع عناصره على حوالي 90مركزا حول العالم، والأهم من هذا كله أن الأمريكيين شاركوا بضراوة في 6حروب كبرى وألقوا قنبلتين نوويتين، وكانوا ضمن حطب الفتنة في حوالي 60بلدا أفلا يستحقون المساعدة منا؟
-مسارات-
قال ومضى: (يكتب) الأقوياء العادلون تاريخ الأمم، في حين يدخله الجبابرة من باب من (لا يقرؤون) التاريخ.
د. فايز بن عبد الله الشهري
صحيفة الرياض
|