يقول التاريخ:
قبل طي صفحة [شهادة التاريخ] هذه ... فقد التاريخ يشهد الهزيمة النفسية والتاريخية ... حيث تطفو شهادة الهزيمة تلك على ألسنة المثقفين والخطباء والكتاّب ممن يعرفون الحقيقة ... حين انسحب الجميع من الإدلاء بشهادة حق من ذكر حسنة واحدة أنشأها صدام .. من ذكر باب شر واحد أغلقه صدام ... فالذي يعلم والذي لا يعلم سبّ، وشتم ... وشجب ... ولعن .... حتى ذاك الفلسطيني الذي أخرج من بيته في منطقة 'بلديات' في العراق ... قال: نحن منطقة كلها فلسطينيون ... فيها ثلاثون ألف فلسطيني كان الرئيس قد أسكننا فيها وهو يدفع الآجار عنا طوال الفترة السابقة ... واليوم طردونا ثم استدرك وقال: كان الرئيس يتاجر بالقضية ... !!
هذا ومالم نذكر من الحسنات هنا الكثير ... الكثير ... كما لم يكن من منهج صدام أن يجاهر في الإعلام بحسناته الشرعية .... فلم تجد الحملة الإيمانية أثرا يذكر في الإعلام الخارجي ... بدليل أن أغلبية القراء لا يعرفون عنها شيئًا ... كما لم تحض لقاءاته الشعبية شبه اليومية بالمواطنين والتي تبدأ عادة في الساعة الثالث فجرًا وحتى الثامنة إلا خمس دقائق صباحًا ...
وهكذا ... مراكز القرآن الصيفية ... ونحو ذلك الكثير ... الكثير ...
ولا أدري .. فلعل السر في عدم إظهارها ربما يكون خشية صدام من وأدها في مهدها .. وخنقها حتى الموت قبل فطامها ... وقد كان ما كان ... وطوت أمته صفحة حسناته، وشموخه، وإبائه، بطي النسيان أو الكتمان ... ولعنته بلعنة اليهود وأهل الصلبان ... وعبدة النيران ...
وأخيرًا قال التاريخ: اشهد يا ربنا على ما قالته مفكرة الإسلام
وأخيرًا فإنا:
نُشْهِد الله عز وجل بأن صدام حسين كان بعثيًا طاغية أسرف على البلاد والعباد قبل عقد من الزمن، وفي نفس الوقت كان حوله كثير ممن نادى بالديمقراطية والتي هي أشد شرًا من البعث وفكره، لأن البعث وإن كان شرًا عظيمًا فإنه يبقى فيه بعض الشيم العربية التي تخفف شيئًا من عظيم شره أما الديمقراطية فهي الحياة الغربية بكل معانيها.
ونشهد الله أن بعضًا ممن كانوا أسودًا في تكفير حزب البعث وأتباعه قد التحفوا بريش النعام في تناول الديمقراطية وساستها والتي هي في حقيقتها أعظم ضررًا من حزب البعث القومي .
ونشهد الله أن الناس قتلهم الخوف من صدام حتى آخر يوم من حياته، وذلك راجع لحكمه الحديدي الذي كان شديد البأس فأذل به الناس .
ونشهد الله عز وجل أن صدام قد تغير في آخر عقد من حياته وكلما مضت سنة كان أكثر قربًا إلى الخير، ولو ترك على ما هو عليه لزاد خيره ولقَرُب معروفه .
ونشهد الله عز وجل أن من أهم الأسباب في حرب العراق وذهاب ملك صدام هو توجهه الديني الأخير الذي لن يكون منه مضرة إلا على الكيان العبري، ويا ليت قومي يعلمون .
ونشهد الله عز وجل أنا قابلنا عددًا من الصالحين ممن يعملون في بعض الأنشطة الإغاثية في العراق وهم من دول أخرى فقالوا لنا إن كثيرًا مما ذكرتم شاهدناه بأعيننا هناك، وبعضها لا نعرفه غير أنا لا نملك الشجاعة في طرح هذا الموضوع .
ونشهد الله أن هذا الرجل لو لم يكن من خيره إلا إيقاف الجيش الخميني لكفاه شرفًا وهاهو بعد ذهابه تتسابق الدول لاسترضاء الرافضة خوفًا من مطامعهم التي لم تظهر إلا بعد سقوط صدام حتى قال بعضهم في برقية لأحد الحكام: لا تضطرونا أن نركب الدبابة الأمريكية ونقدم على هذا البلد .
ونشهد الله عز وجل على أن بعض الدعاة الفضلاء وزعوا اكثر من ثلاثين ألف كتاب و كتيب ومعا خمسة عشر ألف شريط إسلامي وكلها عن التوحيد والشرك والرقائق وذلك على قافلة الحجيج العراقية في منى من آخر حج [1423 هـ] ولم يجدوا من البعثة إلا كل معاملة حسنة وسألنا بعض الحجيج لما وصلوا إلى العراق: هل صودرت منكم الأشرطة والكتيبات ؟ فأخبرونا أن المسئولين استقبلوهم بكل ترحاب ولم ينزعوا منا أي شيء .
ونشهد الله عز وجل أنا مررنا على اكثر من سبعين داعية في مساجد العراق المختلفة من الذين يقيمون حِلَق القرآن وبعض هؤلاء يوجد في حلقاته أكثر من ثلاثمائة طالب وهم يقيمون حلق القرآن أمام الناس في المساجد ولايمنعهم أحد من الأمن .
ونشهد الله عز وجل أنا نركب سيارة الأجرة ونجد سائقها السني يرفع صوت شريط المحاضرة أو القرآن من غير أن يخاف من شيء، وغن كان بعضهم يعيش في هاجس الخوف أو قد يقع في يد أمن رافضي فيضره والشواهد قليلة .
ونشهد الله أنا صلينا في المساجد فلانجد في أغلبها موضع قدم من غير أن يمنعهم أحد من ذلك ومن غير أن نجد رجال شرطة أو أمن يراقبونها .
ونشهد الله أنا صلينا في المساجد وكانت أخبار المجاهدين معلقة على جدران المساجد وأكثر هذه الأخبار من صحف أبناء صدام حسين .
ونشهد الله أنا مررنا على مدارس الفتيات فوجدنا الشرطة تحميهن من كل فاجر وفاسد، وتخرج البنت بزي نحمد الله عليه قد اكتست بالحياء والعفاف .
ونشهد الله أنا رأينا أهل السنة في العراق بعد صدام أذلة صغارًا بعد أن كانوا أعزة كبارًا لايدرى أهم يدركون صباحهم أم إن مساءهم هو القريب .
ونشهد الله بأنه إن ذهب صدام وأتى من هو خير منه فإن ذلك أحب إلى قلوبنا، وهو أملنا بعد الله، لأنا نبحث عن الخير للأمة الإسلامية ...
...
__________________
السيد عبد الرازق
|