( 34 )
صراع من أجل التسليم للإيمان
Struggling to Surrender Dedication
بقلم جفرى لانج
الفصل الرابع
الأمة
إلى المركز الإسلامى :::
(( بعد أسابيع قليلة من اعتناقى للإسلام ، قررت الذهاب للمركز الإسلامى للمرة الأولى وذلك للإحتفال بإيمانى الجديد الذى عثرت عليه ، مع أناس أعرف أنهم سيفهموننى . لقد بذلت جهدا كبيرا فى ارتداء اللباس المناسب ، كما أخذت أتدرب على قراءة سورة الفاتحة بينما كنت أتنقل عبر المدينة . وبسرعة وجدت مكانا لصف سيارتى فى موقف السيارات . ووجدت أن الباب الرئيسى يفتح على قاعة متسعة للصلاة . الأرضية مغطاة بما يقرب على الأقل بمائة سجادة شرقية . الحوائط طليت حديثا باللون الأبيض ويعلوها قبة بيضاء فى السقف حوالى أربعون قدما . وبالحائط الأمامى محراب مزين بكتابة بخط اليد . وذلك ما كنت أتوقع أن أراه .
الوجوه التى استدارت لتنظر إلى ، كانت مندهشة ، كانوا بالطبع غير مرتاحون ، مما جعلنى لا أتقدم أكثر من ذلك ، وجلست حوالى عشرون قدما خلفهم تاركا لهم فرصة التحرك الأول . لم يتقدم أحد نحوى للتعرف على ؛ ولا حتى كلم "السلام عليكم" أو ابتسامة ما ، مما جعلنى أفكر ، هل هناك شئ خطأ ؟؟؟
وكان المحفل الذى يتكون من رجال فقط يصل ويعانق بعضهم بعضا بينما أنا أجلس منبوذا لا يلتفت إلى أحد كأن بى برص !!!
ثم رفع الأذان للصلاة ، وقمنا للصلاة - ولكنى صليت منفردا فى المكان الذى جلست فيه . وبعد الإنتهاء من الصلاة تحركت نحو الباب الجانبى للخروج . حاولت أن ألقى بنظرة لبعض "الإخوة" لأجد استجابة ، ولكن رؤوسهم تحاشتنى .
لم أصدق ما أرى !!! اعتقدت أنه لابد من بعض الوقت ليذوب الجليد ؛ وعلى كل حال ، فأنا من الواضح مختلف عنهم وأجنبى .
زرت المركز فى مناسبتين أخريين ، وفى كل مرة لم يتغير الوضع !!! فقررت عدم العودة مرة ثانية )) .
بالطبع لم تكن هذه التجربة معى فقط ، بل شاركنى فيها شخص أمريكى آخر فى عمر الخامسة والأربعون ، مطلق وله طفلين مراهقين نصرانيين . لقد سمعت مثل هذه القصص من عدة نساء أمريكيات مرات كثيرة ، ولكن هناك عدة وجهات نظر تبريرية غريبة لـ "نيكى Nicky" .
معظم الذين يتحولون للإسلام يبحثون عن شئ ما لأنهم غير سعداء فى حياتهم ، وأن عملية التحول هى نقلة عاطفية كبيرة . قالت لى "نيكى" بأنها لم تكن غير سعيدة بالمرة ، فقد كان لها وظيفة ومنزل بسانت بربارا ، وعلاقة حميمة مع ابنتيها ؛ وكانت تتمتع بكونها عازبة ولا ترغب فى رجل فى هذه الفترة من حياتها . وقد كونت صداقة وثيقة مع إمرأة سعودية بسانت بربارا وقد أضحت تؤمن بعقيدتها . وقد أسلمت بمنتهى الفرح والسعادة متوقعة الكثير . الصورة القاتمة التى واجهتها فى المركز الإسلامى لم تضعف روحها ولا سعادتها بإسلامها ، فقد قابلت بعض المسلمين الأمريكان ومجموعة أقل تحفظا من مسلمى الشرق الأوسط وكونوا مجموعة صغيرة تتقابل وتصوم وتصلى معا بانتظام .
التجمع الذى صادفته "نيكى" لم يقصد به أنه بديل . هم فقط تصرفوا بالطريقة ودائما ما كانوا يتعلموها للتصرف فى مثل هذه المواقف : حينما تأتى امرأة محجبة للمسجد ، لا يجب أن ينظر إليها أحد أو يقترب منها . وبمعنى آخر ، يجب أن يتحاشاها . ليست كل المجتمعات فى شمال أمريكا تنهج هذا النهج ، فذلك يعتمد على مدى عمق تجذر الثقافة الأمريكية فى النفوس . ولكن فى أكثر الأحيان ، فالإنطباع الذى نقل لى من نساء أمريكيات مسلمات ، ومن غيرهن ، بأن المرأة غير مرغوب بها فى المسجد .
ابنتى وعمرها الآن أربع سنوات ، أخذت هذا الإنطباع .
جيراننا وهم من النصارى لهم طفلة فى عمر ابنتى وكذلك جميلة وهن أصدقاء حميمين . أصدقاء ابنتى يقولون لها كيف أن العائلة تحضر للكنيسة معا ، وكيف يغنون ، وكيف تجلس هى وأمها وأبوها . وقد ذهبت صديقتها إلى بعيد ، فدعتها لتحضر معها قداس يوم الأحد بالكنيسة . وحينما ناقشت الموضوع مع جميلة ، استفسرت ، "لماذا نحن النساء لسنا مرحب بنا فى مسجدنا يا والدى ؟؟؟" . قلت لها ، نعم ابنتى هذا يحدث ، ولكنى وجدت صعوبة فى أن أشرح لها لماذا يحدث هذا ؟؟؟
لست متأكدا كيف ومتى اكتسب المسجد من فترة قصيرة جوا متسامحا مع المرأة ؛ من الواضح أن ذلك حدث فى وقت آخر وفى سياق ثقافة مختلفة . الثقافات الأخرى قد توفر سبلا أخرى لتدعيم إيمان المرأة المسلمة . على كل حال ، ففى هذه الثقافة ، لكى نعطى المرأة بديلا لحضور الصلوات فى المسجد ، مثل تجمع نسائى أسبوعى ، هو أن نوفر لهن موقعا ثانويا . إذا لم نشجع المرأة على المجئ والمشاركة فى لقاءاتنا الإجتماعية على قدم المساواة مع الرجل ، فاجو فى مساجدنا محتمل أن يتغير ببطء شديد ، وتقريبا نكون متأكدين بأننا سنفقد كثيرا من أطفالنا .
أنا لا أدافع عن التغيير فى صورة شعائرنا ، أنا أدافع عن التشجيع ، والتيسير ، والترحيب بمشاركة العائلة فى كل نشاطاتنا الإجتماعية . (( مداخلة : كانت امرأة لعمر ، تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد ، فقيل لها : لم تخرجين ، وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ؟ قالت : وما يمنعه أن ينهاني ؟ قال : يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله .
الراوي: عبدالله بن عمر - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح )) .
المرأة فى القرآن الكريم :::
(1) - "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {195}" سورة آل عمران
(2) - وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {71} سورة التوبة
(3) - مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {97} سورة النحل
(4) - إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {35} سورة الأحزاب
نبرة الكتب المقدسة فيما يختص بالمرأة ، تضع من البداية التصور عن الرجل والمرأة الأولين . فحواء هى التى فتنت آدم ، وهى المسئولة أكثر منه عن الخروج من الجنة ، ولذلك فعليها أن تتحمل ولادة الأطفال . إنها هى التى خضعت أولا لغواية الشيطان ، ثم عاونته لإغواء آدم . آدم حفظ هذا الدرس الأليم بأنه يجب على الرجل أن يقهر المرأة ويحتاط لمكرها به .
هذا الرمز القديم للعلاقة بين الجنسين تعكس انحياز واضح للذكور وسيطرة المؤسسات الدينية ؛ ولا شك أنها تمثل بدقة الأوضاع النسبية للرجال والنساء في معظم مجتمعات العالم على مدى عدة آلاف من السنين . هذا التحيز وسيطرة الذكور واضح أيضا في التعليقات السابقة من بعض علماء المسلمين على حساب ما ورد في القرآن وهى تعليقات توحي بقوة التأثيرات اليهودية والمسيحيه .
نحن الآن فى القرن العشرين ، في موقف جيد جدا للتمييز بين ما يقول القرآن عن الجنسين والمفسرين وافتراضاتهم فى الماضي . فوق ذلك ، فالمستشرقون فى الماضى القريب ، غالبا ما كانوا حائرين بين الإثنين ، وحينما يميزون بين رائهم ، يخلصون إلى أن للإسلام نظرة مذلة للأنوثة .
لحسن الحظ ، هذا الموقف يتغير ببطء . وكمثال على ذلك ، ففى مقدمة "مارجريت سميث عن رابعة العدوية الصوفية" ، تكتب "آن مارى شميل" : القارئ الغربى الذى يميل لقبول ملاحظة "مارجرت سميث" ، بلا تمييز ، فى صفحة 127 ، بأن الإسلام مسئول عن "إمتهان" المرأة المسلمة ، يجب عليه أن يفهم بأن هذا نتيجة قوى اجتماعية ولييست من تعاليم الإسلام نفسها ، فالقرآن الكريم يكرر دائما كلمة "المسلمين والمسلمات" و " المؤمنين والمؤمنات" ، ويجعل المسئولية عليهما متساوية ، حينما تشمل الصلاة والصوم والحج ، الخ ..... الدعوى التى تتكرر ، بأن المرأة بلا روح ، لا يمكن استنتاجها من القرآن الكريم أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وآيات القرآن الكريم التى وردت عن الرجل الأول والمرأة الأولى ، تميز بين الذى ذكر فيها مع ما لم يذكر :::
(1) - وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {38} وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {39} سورة البقرة
(2) - وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ {19} فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ {20} وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ {21} فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ {22} قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ {23} قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {24} قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ {25} سورة الأعراف