السجين والسجان
من خلف القضبان نظر السجين إلى السجّان فرآه يقبع مثله خلف القضبان ، يداه من شظفٍ هزيلتان ، وعيناه من قلقٍ تدوران ...... رأى أنه مثله سجين وإن اختلف المكان ، وأدرك أنَّ رُبَّ بلاءٍ أخف من بلاء ... ودار بينهما هذا الحوار:
بحبسٍ نلتقي هو نفسُ حبسي
************* وزِيَّــاً ترتـــدي مثــــلي وكرسـي
تراني خلف قضـبانٍ أســيراً
************* وأنتَ وراء قضبـــــــانٍ وتـــرسِ
وأُطعَمُ ها هنـــا موزاً ولحماً
************* وتأكلُ من أســـىً فـــولاً بعــــدسِ
وأجلسُ ها هنـا في خيرِ أمنٍ
************* وتجلـــــسُ خائفــــــاً منْ كلِّ إنسِ
وأغفـو هانئاً إنْ شئتُ أغفـــو
************* وتخشى أنْ تغضَّ الطرف عكسي
وأطمــعُ أنْ أُحـرَّر ذات يومٍ
************* ولا ترجـــــو فكاكاً قبـــــل رمسِ
سـجنتُ معاقباً من أجل طينٍ
************* وأنتَ معاقـــبٌ من أجــــل فلــسِ
أيا ســـجّانُ مَنْ منَّـا ســجينٌ
************* ومَنْ منَّــــا أُصـــيبَ بشــرِّ بؤسِ
فرُبَّ مسـخَّرٍ قد صار عبـداً
************* ورُبَّ مكبَّــــلٍ حُـــــــــرَّاً برأسِ
هي الدنيــا إذا هانتْ علينـــا
************* شــــربنا عزَّنــــــا في كلِّ كأسِ
رمس = قبر
|