البابا شنودا
يقول صديقي الشحوي: "ما لشعرك يغرق في نـثريّته إذا تطرقت إلى السياسة" . وهو صادق فيما يقول، ولعل السر في ذلك أن الأولوية في هذا النوع من الشعر تصبح للمضمون وتأديته بدقة وعلى خير وجه، وهي أولوية تستحوذ جل تركيزي، ولست بدعا من الناس في ذلك، ولا يكاد يستطيع المحافظة على دقة المضمون في هذا الأمر ورقي الأداء الشعري إلا المتمكن من الشعراء، كأحمد شوقي والعشماوي وأخي مجاهد وأخي جمال وأين أنا من هؤلاء.
حتى سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه رغم تألق شعره في الإسلام فكرا، إلا أنه كان دون شعره الجاهلي من حيث البيان.
قفوا حيوا معي البابا شُنودا
..................تحياتٍ يُـيَمِّمْنَ الصعيدا
ويلثمْنَ الأشاوسَ من بنيه
...................فقد برّوا لأمتهم عهودا
أرى وقفاتِهم عِزّاً مصفّى
...................وقفطانا غدا عنه بعيدا
فباسم الشرع يُفتى كلّ إفكٍ
.................كأَنَ مشايخاً علقوا يهودا
تعالى نهجُ طه عن ضلالٍ
.................وأفئدةٍ به صارت صلودا
ونعم الرافضيّةُ رفضَ ذلٍّ
.............وبئس الدينُ إن كان القيودا
بفتوى بعضهم عن جلْدِ ظهرٍ
.................ملايينٌ لنا صارت عبيدا
ولابنِ أبي قُحافةَ قولُ حقٍّ
...............أطيعوني إذا طعت الحميدا
وإن أعصِ الإله فلا تطيعوا
..................فإنّ الحقّ أولى أن يسودا
أرى البابا يحرّمُ كل ذلٍّ
............وعن درب الخنا يُلْفى صَدودا
وينبذ كلّ سلمْ مع يهودٍ
...............وما ألفيه عن ذاكم حَيودا
ويدعو عقْرَ دارهمُ جليلاً
...............وسبعاً والمثلّثَ معْ سُدودا
أخو اللفّاتِ صارت صِنْوَ عارٍ
..............تلبّس من مشايخنا الوريدا
لعمرى دون ضلّتهم غوانٍ
.................برقصٍ في تمايلهنّ غيدا
أليس الله قد سمّى كلاباً
..........من انسلخوا عن الآياتِ حِيدا
بحرف السّنّة الغرّاءِ أرسَوْا
........على دربِ الصّوابِ لنا السدودا
ولست بمنكر أشياخَ خيرٍ
............لنصر الحقّ قد بذلوا الجهودا
يحاربُ نهجَهم علماءُ سوءٍ
...........وقد لبسوا بسجنهم الحديدا
فيا بابا شنودا ألف مرحى
.........وقد خسئَ الألى صاروا قرودا
فتاواهم عن البِكُمُنْ توالى
..........فهل مُلِئَت رؤوسهمُ صديدا
أليس بملء سمعهم أزيزٌ
...........من الطيرانِ يخترق الحدودا
وتحت اسم الجلالة كم ضلالٌ
............به ملئت قواعدُهم جنودا
ويفتون الجهادَ على أسيرٍ
.........وأعفوا منه حُكماً والحشودا
هم اتخذوا كتاب الله سترا
............وتبريرا لمن هتكوا الحدودا
وتحليلَ العمولةِ بل ونهباً
..........بإسم الله قد أضحى سديدا
همُ صدّوا عن الإسلام قوما
..............رأوه بدونهم أمرا رشيدا
نواطيرُ اليهودِ لهم (شيوخٌ)
.........على الأفكارِ (يفرضْنَ) القيودا
دعوتُ الله يا بابا شُنودا
..........من الإسلام تضحي مستفيدا
فتؤمن بالمسيحِ ونهج طه
................وبالتوحيدِ إيمانا وطيدا
لنعم الشيخ حينئذٍ أبانا
............جمعت بطارفِ المجد التليدا
كأنك سيِّدٌ قطبٌ حبيبي
...........قضى في طاعة المولى شهيدا
ولم يُشغَلْ بحيضٍ أو نفاسٍ
...............معالِمُهُ أضأنَ لنا الوجودا
هواتِفَ ليس للإسلامِ معنى
...........إذا ما كان في الدنيا مَسُودا
فشرع الله يعلو ما سواهُ
................به نمحو المفرِّقَةَ الحدودا
به نجتثّ ظلما مستبدّاً
..............ونرجع بعد ذلّتنا أسودا
خلافته تعيد الدين غضّاً
...............كسابق عهدِهِ فينا وليدا
|