قمرية
صاد رجل قمرية، فقالت له: ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أفكك وآكلك، فقالت: والله ما أشبعك من جوع، وخير لك من أكلي أن أعلمك ثلاث خصال، واحدة وأنا في يدك والثانية وأنا على الشجرة والثالثة وأنا على الجبل، قال: هات، قالت: لا تلهفن على شيء فات، فخلى سبيلها، فلما صارت على الشجرة قالت: لا تصدقن بما لا يكون أنه يكون، فلما صارت على الجبل قالت: يا شقي، لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درتين في كل واحدة عشرون مثقالاً، فعض الرجل على يده ندماً وتلهفاً. ثم قال: هات الثالثة، قالت: أنت قد نسيت الأولى والثانية، فكيف أخبرك الثالثة؟ ألم أقل لك: لا تلهفن على ما فات، ولا تصدقن بما لا يكون أنه يكون. أنا ولحمي ودمي وريشي لا يكون فيّ عشرون مثقالاً ثم طارت.
(حدائق الأزهار لابن عاصم الغرناطي)
|