وجهاً لوجهٍ

[الـغـــافقي]

من قصص الشهداء ( عن موقع أخبار الشيشان)
قصة الشهيد,,,
سالم بن كَرّوُز العجمي (أبو العباس الكويتي )

إن شهيدنا (أبا العباس) كان ذا صفات حميدة ، وخصالٍ عديدة ، إنه شاب قلَّ أن يكون من الشباب مثله ، عرفته منذ سنواتي أخاً صالحاً فاضلاً ، طالباً للعلم ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، محباً لإخوانه المؤمنين .

نفر أبو العباس مع مجموعةٍ من إخوانه إلى الشيشان وعمره ثلاثة وعشرون عاماً ، فما لبث على أرضها سوى شهرين ونصف حتى اختاره الله _عز وجل _ في قوافل الشهداء ، فنسأل الله عز وجل أن يتقبله عنده ويرفعه في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

كان (أبو العباس) مثالاً عظيماً من أمثلة الصبر على مشقة الجهاد ، فقد كان يبقى في خندقه مقابلاً للعدو وجهاً لوجهٍ ساعاتٍ طويلةً تحت تساقط الثلوج وشدة زمهريره وبرده ، فيرجع من خندقه وثيابه ممتلئة بالطين حتى كأنه خارج من وحل ، وكان مع ذلك صبوراً محتسباً للأجر والمثوبة من الله عز وجل وكان في آخر أيامه لا يغادر خط النار الأول هو وصاحبه الشهيد (خلاد المدني) _ رحمه الله _ والذي قتل بعده بيومين ، وكأنه قد اشتاق إليه شوقاً لم يطق البقاء بعده في هذه الدنيا ، فألحقه الله به .

· موعد مع الشهادة :-

بعد أن صمد (أبو العباس) مع إخوانه المجاهدين في قرية (سرصيورت) هذه القرية التي أظهر الله فيها غيرة المجاهدين ، وضعف الكافرين وهوانهم ، حيث صمدت هذه المنطقة أكثر من شهرين بما لا يزيد عن (100) مائة مجاهد أمام جيشٍ يزيد على خمسة آلاف جندي بآلياتهم وأسلحتهم الثقيلة الفتاكة ، وهذا من أعجب ما يكون بالنسبة للمقاييس العسكرية والعقلية ، وأعجب منه أن الجبهة (الخط) في هذه القرية لا يحرسها سوى (12) اثنا عشر مجاهداً ومع هذا هاب العدو الروسي أن يتقدم عليها لمدة شهرين حتى انسحب منها المجاهدون باختيارهم حينما أراد الروس تطويرهم وحصارهم .

تم الانسحاب وقرر قائد المجموعة (أبو جعفر اليمني) أن تكون الجبهة في منطقة (خَتَّني) وبعد أن أقيمت الجبهة هناك بأيام قليلة حصل تقدم من العدو على هذه المنطقة فوقع فيها قتال شديد ، سمع المجاهدون بدوي الرصاص من مقرهم بالقرب من الجبهة وكان فيهم (أبو العباس) وإخوانه يركضون ركضاً إلى ساح الوغى يطلبون الموت في سبيل الله ، ولسان حالهم يقول :

ركضاً إلى الله بغير زاد *** إلا التقى وعمل المعاد

والصبر في الله على الجهاد *** وكل زاد عرضة للنفاد

*** إلا التقى والصبر والرشاد

وصل المجاهدون إلى خنادقهم سريعاً ، وكلهم أمل في نيل الشهادة ، ووصل (أبو العباس) أولهم فأراد أن يأخذ سلاحه (البيكا) فلما استلم سلاحه أراد أن يضع شريط الطلقات فيه ، وفي هذا الوقت كانت المدرعة تلقي بسهامها المتفجرة المرعبة نحوهم ، وهو مع ذلك الهول لم ينزل رأسه بل ظل رافعاً رأسه شامخاً أبياً حتى جاءه قدر الله _عز وجل _ ونال ما يرجوه في أرض الكرامة والعزة ، جاءه القدر بطلقة (MB. B) دخلت في جبينه وخرجت من خلف رأسه فسقط في خندقه عزيزاً شهماً ، ثم فارق الحياة بعد أن أشار باصبعه إلى السماء حينما لقّن شهادة أن (لا إله إلا الله).

فوداعاً (أبا العباس) لقد كان فراقك محزناً حيث أننا لن نراك في هذه الدنيا ثانية، ولقد كان فراقك مفرحاً أن وهبك الله أشرفَ قِتلةٍ وأعظمها ، وهي قتلة الشهيد كما نحسبك وكما نحسن الظن بالله _عز وجل _ .

ومن البشرى أن والدته قد رأته في المنام وهو في الجنة وفوقه عرش الرحمن _ عز وجل _. فرحمك الله يا (أبا العباس) وألحقنا بك في جنات الخلود .


إن كان قد عز في الدنيا اللقاء

ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا
click here to visit the site