[ .... الصـــــديق .....] ........... !!!!
بسم الله .... وبه نستعين
أما بعد :-
الصديق له من اسمه نصيب ، فالصديق يصدق صديقه في القول والعمل ، يصدقه في الإخلاص له ، ويعتبره كأنه هو ، يحب له ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكرهه لها ، يحفظه في حضوره وغيابه ، ويتحرى ما ينفعه ، ويحذر ما يضره ، والصديق الحق نادر الوجود ، لأن هذه الصفات نادرة ، وإذا اجتمعت لإنسان فعلى صديقه أن يحافظ عليه ، وأن يعض على هذه الصداقة بالنواجذ حتى لا تفلت ، أو يطرأ عليها ما يفصم عراها ، أو يوهي حبالها .
والإخوان كثير ، والأعداء أكثر ، أما الأصدقاء فقليل ، وهم مثل الصقر الحر ، يصعب اقتناصهم إلا بشبكات مودة نادرة ، وبجهود مثلها نادرة .
والصديق في فائدته أنه عماد يتكئ عليه الإنسان في هذه الحياة القلقة ، وسند لما قد يطرأ من مصائب وكوارث ، والحياة فيها مفاجآت هذه الأمور كثير ، وهو المدخر عند النوائب ، يخفف من غلوائها ، ويتحمل جزأ من ثقلها ، ويطرد بمشاركته الهموم التي تتلبد في سماء الروح ومجرد شعور المرء بأن صديقاً معه في ما هو فيه ينفتح فيه باب للترويح عن النفس واسع .
والحديث عن الصديق في الأدب العربي كثير ، ويأخذ فيه مناحي عدة ، وقيلت فيه حكم ، وقيلت فيه أشعار ، وألفت فيه قصص ، ورويت فيه حوادث ، تبين الأوجه المختلفة للصداقة ، صادقها وكاذبها ، الوافي منها والغادر ، القوي والضعيف .
ومن النصوص الوارد عنها في الثرات النص التالي :-
قال علقمة بن لبيد العطاردي لإبنه :- ( يا بني إن نزعتك إلى صحبة الرجال حاجة ، فاصحب من إن صحبته زانك ، وإن خدمته صانك ، وإن عركت به مانك ، من إن قلت صدَّق قولك ، وإن صلت سدد صولك ، يزاول عنك من رام ونالك .
من إن مددت يدك يصل مدَّها ، وإن بدرت منك ثلمة سدَّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، من إن سألته أعطاك ، وإن سكت عنه إبتداك .
من إن نزلت بك إحدى ملمات الزمان آساك .
من لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك منه الطرائق ، ولا يخذلك عن الحقائق ، من حاولت حويلاً أمَرَك ، وإن تنازعتما منافساً آثرك )
[ الجليس الصالح 2/283 ]
هذا رجل جرب الحياة ، وهصر عودها ، وعرف العلامات التي تؤكد صداقة الصديق ، وتأتي بفوائد من الصحبة والمواخاة ، وهذه الأمور التي عددها هي مجسات اختبار للصداقة ، جعلها منار نصب عيني ابنه ، ولن نحتاج إلى مزيد في هذا المجال بعد هذا القول الوافي المنتقى .
( د . عبد العزيز الخويطر )
ودمتـــم ،،،،،
__________________
عين الرضى عن كل عيب كليــلة
لكن عين السخط تبدي المساويا
|