مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-10-2001, 03:19 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post هل تفهم في الموسيقى الكلاسيكية؟

هل "تفهم في " الموسيقى الكلاسيكية؟


أعرف رساما شابا كان دوما يضع سمفونيات لبتهوفن و يميل رأسه طربا ليرى كل الحاضرين أنه "يفهم في" الموسيقى الكلاسيكية، وقد اقتضاني الأمر أن اقضي في أوروبا عدة سنين لكي أعيد فهم هذا "الحدث" على وجهه الصحيح (وهذا هو المعتاد: كم من حدث يمر بك فلا تفهمه على وجهه الصحيح إلا بعد سنوات وتجارب حين تتذكره من جديد فتعرف أنك الآن فقط فهمته !)و على ضوء هذا الحدث يفهم المرء خيارات رسامنا الموغلة في "التجريد".
لقد رأيت أنهم في أوروبا لا يميلون رؤوسهم عند سماع الموسيقى الكلاسيكية و لا يعبرون عن "طربهم" على طريقتنا والأحسن أن نقول :إنهم لايطربون على الإطلاق إذا وضعنا في ذهننا ما نقصده نحن بكلمة "طرب"! إن ارتكاسهم على موسيقاهم متناسب مع نفسيتهم و ثقافتهم وموسيقاهم كما يتناسب "الطرب" بطريقتنا مع نفسيتنا و ثقافتنا وموسيقانا أيضا وهذه الأشياء تتناسب مع بعضها و هي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .
صاحبنا كان "يطرب" لموسيقى لا يطرب لها أهلها بمعنى الطرب عند العرب فمثله عندي كمثل الذي أكل البوظة مع الخبز! وسوف يرى القارئ حالا إن شاء الله أنه شر من هذا الأخير مثلا.
أما آكل البوظة مع الخبز فلم يقصد بفعله هذا التقليد الأعمى للأجانب (والحصول، عبر هذا، على مكانة اجتماعية أرفع) ولم تدفعه دوافع مدانة للتعالي على قومه وبلده وثقافته العريقة. كل ما فعله أنه أخطأ في معرفة طبيعة هذا الجديد عليه والذي هو البوظة فحسبه طعاما يؤكل كالعادة مع الخبز.
وإليكم هذه النقطة التي أراها حاسمة: ليس من حقنا أن نعد الجهل بكافة الأشياء الجديدة عيبا ! ليس كل جديد تفترض معرفته، بل ليس كل جديد تستحب معرفته ! تسعون بالمائة من المطربين الجدد تستحسن عدم معرفتهم وكل مستجدات صناعة السجائر مثل الأشياء القديمة فيها يستحسن جهلها! وليست البوظة بالشيء الذي تبنى عليه الحضارة والثقافة بحيث يصبح من العار عدم معرفته ! كم من الأشياء السخيفة لا تحب أن تضيع وقتك في سماعها يفرضها عليك جار ثرثار ! إن الظن بأن كل معلومة ، مهما كانت، مفيدة (أو كل تجربة عملية أيضا !) هو اعتقاد يمكن اعتباره وهما شائعا.
ولو عدنا الى صاحبنا وموسيقاه الكلاسيكية لرأينا انه في الحقيقة "لا يفهم" في الموسيقى الكلاسيكية و هذه هي النقطة الأولى و أما النقطة الثانية فهي أنه ليس من الضروري ولا المفيد أن يفهم العربي الموسيقا الكلاسيكية و ان العربي الذي يشعر بالأسف لكونه "لا يفهم"في الموسيقى الكلاسيكية إنما يلزم نفسه بما لا يلزم و يصادق على صحة ميزان منحاز سوف يحكم عليه إن قبل به بدور دوني مؤبد في الحضارة البشرية .
ولإيضاح كل من النقطتين يحتاج المرء إلى شرح طويل و لكن وفقا لمبدأ يقول :"ما لا يدرك كله لا يترك كله " نقول :
أما أن صاحبنا "لايفهم في الموسيقى الكلاسيكية " فلأن هذه الموسيقى تسير (كما يقول المختصون ) على قواعد خاصة صعبة بعيدة كل البعد عن الموسيقى العربية ، ولأجل تذوق هذه الموسيقى ("التذوق"في الموسيقى يقابل"الفهم" في النصوص اللغوية :الأدب و غيره ) يجب على المرء أن يكون تربى على هذه الموسيقى (و على بيئتها الموسيقية الأبسط : الموسيقى الشعبية و الأنواع الأخرى من الموسيقى التي كانت سائدة في مجتمع بتهوفن .إن علاقة هذه "البيئة" بهذا النوع الموسيقي الصعب هي في فرضيتي مثل علاقة اللغة المستخدمة يوميا بنوع أدبي خاص ما لقواعد بنائية صعبة ) ،و وجود عربي يتذوق هذه الموسيقى أمر صعب التصور صعوبة تصور عربي يفهم لغة أجنبية بكل ما يقتضيه معنى الفهم من إستيعاب روح هذه اللغة و تذوق جمالياتها ( وهذا هو الوجه السلبي من هذه الكفاءة اللغوية أما الوجه الإيجابي: الفصاحة فوجوده أصعب تصورا ) . بعد تجربة كاتب هذه السطور الطويلة في الغربة صار من البديهي عنده أن من يتعلم لغة أجنبية كبيرا لن يحوز على هذه المقدرة أبدا :"الفهم"و هو عن "الفصاحة" أبعد ،و قد قابلت عددا من نبهاء المستعربين الأوروبيين الذين تكلموا معي بالعربية فتعزز هذا الأعتقاد عندي إذ وجدتهم ينطقون بعربية صناعية بعيدة عن روح العربية التي لا يفهمها إلا من كانت العربية لغته الأم أو من تربى طفلا من غير العرب في المجتمع العربي و برأيي فإن هذا القانون ينطبق على جميع اللغات .
و أنا أرى أننا يمكن أن نبرهن على وجود تواز من نوع محدد بين الكفاءتين اللغويتين (السلبيةو الإيجابية )من جهة و بين تذوق الموسيقى ( الكفاءة السلبية) و الإبداع الموسيقي (الكفاءة الإيجابية) من جهة أخرى .خذوا مثالا على هاتين الكفاءتين الأخيرتين الملحنين و المطربين الكبار مثل "محمد عبد الكريم" و" عمر البطش "و "صباح فخري"و"زكريا أحمد" و "الشيخ إمام" تلمحوا أن "فصاحة"هؤلاء (قدرتهم على ارتجال عدد لا نهائي من النصوص الموسيقية السلسة ) تدلنا على مقدار فهمهم للغة الموسيقى العربية .و بهذا المعنى يمكن لنا الحديث عن "فصاحة" هؤلاء في موسيقاهم كما يمكن لنا الحديث عن "ركاكة"عدد كبير من هؤلاء الملحنين والمطربين الذين سيطروا على الشاشات و الإذاعات هذه الأيام :موسيقى صعبة البلع عديمة السلاسة عسيرة الانتقالات تشبه كتابة أمي يدعي أنه كثير المطالعة !
أنا لا أشك أن "عمر البطش" و" زكريا أحمد "ما كانوا قادرين على تأليف سمفونيات فهل يعني هذا أن هذين الموسيقيين العربيين الكبيرين يقلان في القيمة عن مؤلفي السمفونيات؟ إن من يرى هذا لا يختلف عمن يرى أن المتنبي يقل في القيمة عن أي شاعر إنكليزي لأنه لا يستطيع أن يقول شعرا إنكليزيا ! وإن رأينا أن عمر البطش ما كان "يفهم في "الموسيقى الكلاسيكية فأولى بغيره من العرب أمثال صاحبنا ألا يفهموا !
ولأنتقل الآن إلى النقطة الثانية :ليس من الضروري و لا حتى المفيد أن يفهم العربي الموسيقى الكلاسيكية الغربية أو اي نوع أجنبي اخر من الموسيقى.
و لأعد في البداية إلى المقارنة مع اللغات :في الأرض الاف اللغات المختلفة 1- هل من الممكن 2- هل من المفيد أن يحاول شخص ما معرفة هذه اللغات كلها ؟
الجواب على السؤال الأول بديهي :لا يمكن لأحد أن يتعلم أكثر من لغتين أو ثلاث علما عميقا (و هذا ممكن فقط كما قلت في حالة الأطفال لا الكبار ) ،والجواب على السؤال الثاني هو عندي النفي أيضا . إن من اللغات ما يندثر فلا يعلم به أحد و منها ما يندثر و يظل العلم به محصورا بإختصاصيين وفي جميع الأحوال فإن المعرفة باللغات الأجنبية تفيد في حالات خاصة و في أغراض محددة .
فإن جئت إلى المنتجات الثقافية للشعوب الأخرى (كالموسيقى) وجدت أنك قد تتسلى أحيانا بالاطلاع (أو الفرجة) على هذه المنتجات .هذا الاطلاع يزيد أو ينقص في سطحيته ولكنه يبقى سطحيا و النظرة لا تختلف عن نظرة سائح يقيم مرة يوما و مرة أسبوعا في البلد الغريب فلا تكون النتيجة إلا اختلافا كميا لا كيفيا في عمق معرفته بهذا البلد .
و لو كانت هناك فائدة من هذا الاطلاع فإنها فائدة تتساوى بين المنتج الثقافي الفرنسي و المنتج الثقافي الهندي فلماذا نضع قيمة خاصة للفرنسي هل سمع أحد من هؤلاء موسيقى صينيية ! (هذه الموسيقى تختلف بالمناسبة كل الاختلاف عن ما نعرفه من موسيقى).
و لو أجابني أحدهم فقال : إن الحضارة المتقدمة في عصرنا هي الحضارة الغربية و لذلك فإن الاهتمام بالموسيقى الغربية هو الاهتمام بالأكثر تقدما ! فسأقو ل :أولا :إن الحضارة الغربية تميزت تميزا إيجابيا بأشياء محددة وليس بكل شئ و هذا ما يقوله عقلاء الغرب بالذات الذين لا يخطر على بالهم الدفاع عن كل شئ يميز الحضارة الغربية .ثانيا: إن عليك أن تبرهن لكي يكون قولك صحيحا أن كل جوانب الحضارة الإنسانية "تتقدم"بنفس الوتيرة فلا يتقدم جانب و يقف ثان و يتأخر ثالث .هل يعتبر الغناء الأمريكي الآن متقدما على الغناء الأمريكي في مطلع هذا القرن كما أن سيارة فورد طراز عام 1997متقدمة على سيارة فورد طراز 1900؟ ثالثا: إن مقولة "التقدم"هي مقولة مشكوك في صحتها جاء بها "كونت "و أمثاله مفترضة فرضية بطلانها عندي مؤكد و هي أن كافة الأمم تتقدم في خط حتمي معروف أوله و آخره و كل نقاطه حتمية يجب أن يمر بها كل شعب وفقا لتسلسلها . إن الفرضية الأكثر انطباقا على الواقع والمشاهدة تقول إن الشعوب مثل الأفراد تتغير أحوالها تغيرا غير خطي و تسير في مسارها بخطوط منحنية مختلفة وكل مسار تحدده عوامل عديدة منها المصادفة والإرادة البشرية و هذه التجارب المختلفةيفيد تنوعها البشرية و ليس ثمة ما هو أضر على الإنسانية من محاولة فرض تجربة واحدة على كل الشعوب .
لأنتقل بهذه المناسبة إلى موضوع الترجمة العربية في القرن العشرين :لقد ترجمنا أكثر من اللازم بكثير وهذه قناعتي العميقة .أكل هراء أو هذيان قيل في باريس يجب علينا أن ننفق الوقت و الجهد والمال في ترجمته و قراءته و ترداده
( ثم محاولة تقليده !) ؟ أليس من الأحسن أن نمحور اهتمامنا على الكتابة المحلية وننفق الوقت والجهد في نقدها و الحوار حولها ؟
حين نضع الأعمال الفنية الأجنبية في موقع المثل الأعلى و نحاول تقليده فإننا في هذا ننحط إلى مستوى قرود أو ببغاوات تقلد دون فهم لأن هذه الأعمال أنتجها سياق اجتماعي- فكري مختلف فإن حاولنا تقليدها حكمنا على عملنا بمستوى أدنى و هذا مستوى كل تقليد ، و حكمنا على عملنا أيضا أن يكون مسيرا بقواعد وضعها غيرنا و حكمنا على مجتمعنا ثالثا با لصمت التعبيري لأن هذا العمل لا يعبر عنه و حكمنا على أنفسنا رابعا بالهزيمة الحضارية شأن من يقبل الدخول في لعبة وضع قواعدها خصمه فهل يربح ؟
و برأيي فإن وضع الثقافة العربية الحديثة بمجمله يؤكد هذا الرأي : ما النوع الأدبي أو الفني الذي استوردناه بحذافيره ثم توطد عندنا و توطن ؟ أي قيمة لرسمنا الحديث أو شعرنا "السوبر حديث "؟ و قد نفهم عجزنا عن مجاراة الغرب في العلوم الطبيعية أو في التقنية : و لكن ألا يثير العجب عجزنا عن انتاج جديد في الفلسفة أو علم النفس؟ هل انتجت كليات الفلسفة أو علم النفس في الجامعات العربية الكثيرة شيئا غير الترجمات والتلخيصات للمنتجات الغربية في هذين الميدانين؟
و حين يضع صاحبنا في جهاز التسجيل شريطا لبتهوفن ويهز رأسه (و صاحبنا هذا يجب النظر إليه في هذا المقال على أنه"س"-مجرد مثال) فقد يخطر لي أن أسأله: لماذا لم تترك هذه الموسيقى التى لن تفهمها و ليس من الضروري أن تفهمها و تحاول أن تفهم "الموسيقى الكلاسيكية العربية "و هي موجودة و إن عدا عليها زمان ساد فيه التقليد والسطحية فأصبحت مهددة بالاندثار؟
الأنواع الموسيقية العربية الصعبة (ويشاركنا في مثلها الجيران مثل ايران وتركيا) كالسماعي والموشحات والأدوار، لماذا قضينا عليها؟ ولماذا أجهدنا أنفسنا في استيراد الموسيقا الغربية وتطعيمها قسرا مع ما عندنا من موسيقا مما أعطى تجارب هجينة قبيحة ككل هجين وإذا استمر هذا القبح كان هناك خطر أن يتحول إلى مسطرة ينسج على منوالها! مما يخمد الاستنكار الفطري الذي لم يزل موجودا ولم هذا التعب وعندنا الموسيقا الصعبة ذات الإيقاعات المركبة المتنوعة التي يستمتع بها المتذوق إذ هي ذروة التعقيد الجميل للغتنا الموسيقية البسيطة كما هي الحال مع موسيقاهم الكلاسيكية.
ويقال: إن الشباب يرغبون في هذه الموسيقا الهجينة وأقول: ليس كل شيء يرغب فيه الشباب يجب أن نقره ! وعلى أنه ليس صحيحا أن كل الشباب يفضل هذا القبح المموسق!
لقد كانت هناك دوما موسيقى سهلة وموسيقى صعبة كما كان هناك دوما أكل دسم وأكل خفيف . الأولى للعمل والأعراس والثانية للاستعمال المركز المتذوق. و"الخفيف" و"الثقيل" يجد المرء لهما ذكرا في كتاب "الأغاني" ومن غير الطبيعي ألا يبقى في المجتمع غير "الخفيف" ومن غير الطبيعي أن لا يبقى في المجتمع من الفن غير ما يفضله "الشباب"!
وفي الختام أحب أن أنبه القارئ إلى ما آمل أنه عرفه من غير تنبيه وهو أن الموضوع الذي ركزت عليه الاهتمام في مقالي هذا وهو الموسيقى لم يكن إلا مثالا على حالة أعم هي حالة الثقافة العربية المعاصرة كلها. وإن الخلاف حول الموسيقى بين "تأصيليين" و "مستغربين" هو جزء من الخلاف الأعم بين "التيار التأصيلي" و "التيار التغريبي" في الثقافة العربية، وإن ترسيخ "التأصيلية" الذي نتمناه لا يكون بغير أبحاث جادة مجهدة في مجالات عديدة أذكر منها بمناسبة الموسيقى المجال التالي (ولا أستطيع في هذا الحيز إلا أن أكتفي بذكره): إن من الواجب بناء نظرية دقيقة تتناول دراسة منظومات ما أسميه: "اللغات الموازية" وعلاقاتها مع بعضها وقوانين تعقدها وتغيرها وأعني بمصطلح "اللغات الموازية المنظومات الموازية للغة في مجتمع ما فالموسيقى العربية هي "لغة موازية" للغة العربية مثلا وبالمثل قد نجد لغة فن -تشكيلية موازية الخ. ومن واجب هذه النظرية أن تستنتج "قواعد" لهذه اللغات الموازية، وهذه القواعد ستخدم "التأصيلية" كأرضية منطقية دقيقة تبنى عليها الأحكام و"النقد الثقافي التأصيلي".
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 13-10-2001, 09:49 AM
سلاف سلاف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 2,181
Post

أخي الكريم

أرجو أن تقبل تحيتي وتقديري لمجهودك فيما تفضلت به.

إن هذا النهج الجاد العميق هو ما يثري المنتديات ويفيد القارئ.
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 13-10-2001, 06:17 PM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post

ألف شكر أخي سلاف لكلماتك الطيبة

وأنا دوماً من قراء شعرك ومنتظري جديدك
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 16-10-2001, 03:05 AM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
Post

الأستاذ محمد،

نقرت وصلة هذا الموضوع وأنا أفكر في نفسي -وبما أني لا أفقه شيئا في الموسيقى- أنني لن أستفيد منه شيئا، والحق أنني أعجبت به أيما إعجاب، فهو دراسة تحليلية مفصلة لمن أراد أن يستنير في موضوع الخلاف بين التيارين اللذين يحاولان رسم مستقبل الثقافة العربية.

وبما أن اهتمامي هو الشعر العربي فإنني كنت أقيس نظرياتك علىا لشعر خصوصا، مع علمي أنها تنطبق على دائرة أكبر من الشعر، وقد استنتجت نقاطا علك تصححني فيها إن رأيتني حدت عن الصواب:

1. لكل قوم حضارة معينة (شعر معين) يختلف عن باقي حضارات العالم، قد يقترب من بعضها ويبتعد عن الأخرى ولكنه متميز بكونه رمز هذه الحضارة لا غيرها.

2. جهل حضارتنا ببعض صور الحضارات الأخرى ليس عيبا، ونحن إن استطعنا أن نتذوق هذه الصور من الحضارات الأخرى، فإننا لن نستطيع أن نكون مبدعين فيها -إلا في ظروف معينة- وليس ذلك مما يعيبنا.

3. محاولة التنسيق بين حضارتنا وبين الحضارات الأخرى قد ينتج عنه محاولات تهجين هي أقرب للقبح منها للجمال.

4. محاولة التقليد للحضارات الأخرى تولــّـد تقصيرا منا بحق حضارتنا، وقد تؤدي إلى اضمحلال هذه الحضارة بقلة استعمال رموزها، فنكون بهذا قد فاتنا القطاران.

5. رموز الحضارة منها البسيط ومنها الصعب، وميل العامة إلى البسيط لا يتطلب إهمال الصعب، وليس كل ما يميل إليه الشباب هو الحري بالاهتمام.

6. محاولة تعريب الحضارات الأخرى (الترجمة) قد تصل إلى حد تطغى فيه على الحضارة المحلية فتضمحل وتصبح الحضارة هجينا قبيحا لحضارة أخرى بالطابع العربي.

وإن أول ما يتبادر إلى ذهني بعد قراءة نصك التحليلي هو الشعر الحر كما يسمونه، فما هو إلا هجين مما أشرت إليه في قراءتك، فلا هو يحمل الطابع الغربي للشعر، ولا هو يملك أصالة الشعر العربي.

وليت شعري لو أننا نرتقي بذوقنا لنفهم الشعر (الصعب) أوالكلاسيكي كما يقولون، بدل أن نبحث عن بديل يضمن لنا فهمه دون عناء الرقي بالأذواق.

شكرا لك سيدي على هذه الدراسة القيمة، ولنا لقاء في أطروحات أخرى في نفس الدائرة بإذن الله.
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 16-10-2001, 05:38 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post

الأستاذ العزيز عمر
سروري بردك ورد الأستاذ سلاف لا يعدله سرور
لأن الشباب في زماننا هذا معرضون عن التحليل ويحبون السطحيات وحتى الملتزمون منهم تراهم يفضلون لغة الشعارات على لغة التحليلات المركزة
وأتمنى أن تقرأ لي موضوعاً صغيراً آخر في الخيمة هو"التذوق والفهم" وها أنا ذا أرى أنك ممن يقرؤون بتركيز فلنا بعون الله تعاون ثقافي في هذه الخيمة
مع التحية
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 17-01-2002, 07:00 AM
مخلص النوايا مخلص النوايا غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2001
المشاركات: 48
إفتراضي

الى من تكال له المدائح الى هذه الهمم العالية والى هذه الروح السامية الى الرائع / محمد ب ......اسعدك الله وانزلك منزلة الصالحين والحقك بهم من الاولين والآخرين ...

أقرأ هذا الموضوع بسعادة عميقة بكلماتها الزاهية وحروفها الانيقة فلا نملك لك إلا الشكر والدعاء في ظهر الغيب..

اتمنى ان لا يكون حديثي بعيدا عن صلب الموضوع وإنما هو تقرير الشواهد في هذا الموضوع......

في بدايا الموضوع اردد في نفسي لماذ لم تذكر تعريفا ولو مؤجزا عن (الموسيقى الكلاسيكية والكم في سياق الموضوع وجدتُ ردك الحاسم والقاطع (( ان العربي الذي يشعر بالأسف لكونه "لا يفهم"في الموسيقى الكلاسيكية إنما يلزم نفسه بما لا يلزم )) وهنا تذكرت قول عمر الفاروق رضي الله عنه يردد ( مال عمر ومال أبّ) بعدما اكثر السؤال عن معرفة الآية الكريمة ( وفاكهة وأبّ) ..في قصة مشهورة..

لقد ذكرتَ الرسام الذي كان يستمع الموسيقى وتعلله بأنه يطرب لها , أثر الموسيقى في الرسم عملية نفسية ابداعية ومن اشهرها الرسام التركي التي جلبته الدولة العثمانية من تركيا من اجل ان يخط على جدار المسجد النبوي الشريف جاء معه فرقة موسيقية ويخط على الجدار والفرقة تعزف فكان من روائع الخط واحسنها وهذا الاثر الموسيقى هو نتاج عملية نفسية ابداعية...

وذكرتَ (( و على بيئتها الموسيقية الأبسط : الموسيقى الشعبية و الأنواع الأخرى من الموسيقى التي كانت سائدة في مجتمع بتهوفن .إن علاقة هذه "البيئة" بهذا النوع الموسيقي الصعب هي في فرضيتي مثل علاقة اللغة المستخدمة يوميا بنوع أدبي خاص ما لقواعد بنائية صعبة )) علاقة الموسيقى بالبيئة اتاحت كثير من الدراسات الادبية والاساس ان الانسان يرتبط دائما بالبيئة والبيئة اصبحت دائرة ترتبط بها العلوم ويقوم الان استاذي بطباعة كتابه العلاقة بين البحور والمعاني مستندا على لأثر الموسيقي في البيئة ..

(( أبعد ،و قد قابلت عددا من نبهاء المستعربين الأوروبيين الذين تكلموا معي بالعربية فتعزز هذا الأعتقاد عندي إذ وجدتهم ينطقون بعربية صناعية بعيدة عن روح العربية التي لا يفهمها إلا من كانت العربية لغته الأم أو من تربى طفلا من غير العرب في المجتمع العربي و برأيي فإن هذا القانون ينطبق على جميع اللغات )) نعم صدقت وأخبرك عن ما قاله لي شيخي عندما كان في بلاده ( مالي) في افريقا ينشد الشعر بنشوة الفصحاح ورونق البلغاء فسمعه زائر مصري لهذه الدولة من اهل العلم فقال له انت عربي لان الشعر خاصية لا ينطق بها إلا العرب على ان شيخي يتكلم العربية واللغة الطارقة واجداده من مالي فقال له شيخي نعم انا عربي من الادارسة انتقل جدنا الاكبر الى المغرب في عهد هارون الرشيد وبعد ذلك استوطنا في مالي اكثر من ألف سنة وقصة الادارسة وهارون الرشيد ثابته في مقدمة ابن خلدون ...من هنا مقياس فطري لمعرفت العرب مهما تلوّنوا في الشعوب وتقلب في الامم وهو خاصية الشعر لا ينظمه بالغة العربية في العالم إلا العربي..

(( أنا لا أشك أن "عمر البطش" و" زكريا أحمد "ما كانوا قادرين على تأليف سمفونيات فهل يعني هذا أن هذين الموسيقيين العربيين الكبيرين يقلان في القيمة عن مؤلفي السمفونيات؟ إن من يرى هذا لا يختلف عمن يرى أن المتنبي يقل في القيمة عن أي شاعر إنكليزي لأنه لا يستطيع أن يقول شعرا إنكليزيا ! وإن رأينا أن عمر البطش ما كان "يفهم في "الموسيقى الكلاسيكية )) انا لا اختلف معك ان هناك علاقة بين الشعر والموسيقى ولكني تمنيت ان تشير بدلا من المتنبي الى عباقرة المغنين العرب امثال معْبد وابن سُريج ومالك و ابن محرز الذين لهم سابقة الابتكار في الاغناء وكتشاف روائع الالحان تماشيا مع مقتضى ظاهر الحال ...ربما الاشارة الى الغناء العربي يزيد نور هذا الموضوع نور..

(( إن الحضارة الغربية تميزت تميزا إيجابيا بأشياء محددة وليس بكل شئ و هذا ما يقوله عقلاء الغرب بالذات الذين لا يخطر على بالهم الدفاع عن كل شئ يميز الحضارة الغربية )) نعم هو تميز محدود ولكن هو الان في مسيره الى الانهيار وهذا تنبؤ القاص العالمي لآرمست همنقواي في قصة العجوز والبحر التي اخذ عليها جائزة نوبل وهي عباره عن عجوز داخل زورق في البحر وصاد حوت كبير ولا يستطيع ان يضعه على هذا الزورق الصغير واصبح يجر هذا الحوت بواسطة الزورق وعندما وصل الشاطي وجد ان الحوت هيكل من العظام لان الاسماك الصغيره تأكل في هذا الحوت مسافة رجوعه الى الشاطئ في هذه القصه البسيطه التي اخذت اكثر الجوائز نجد الكاتب يصور لنا الحضاره الامريكيه في هذا الحوت الذي تراه في البحر وعند الشاطي تجده هيكل عظمي اي ان الحضارة الغربية زائفه يشبه الحوت بالاحضارة الغربية ولقد انتحر الكاتب عندما علم هذه الحضاره الزائفه.

(( العجب عجزنا عن انتاج جديد في الفلسفة أو علم النفس؟ هل انتجت كليات الفلسفة أو علم النفس في الجامعات العربية الكثيرة شيئا غير الترجمات والتلخيصات للمنتجات الغربية في هذين الميدانين؟)) انتاج الفلسفات قامت عليه الكلاسيكية الغربية وقامت الكلاسيكية العربية على ترسبات هذه الفلسفات ..إذا لم يكن للعربي انتاج فلسفي جديد يرجع الى التراث العربي في تجديد الفسفات القديمة واستبدال مصطلحاتها القديمة بمصطلحات جديدة في تحقيق للمفهوم الفلسفي عند العرب الذي يقوم على اساسيات جمالية ونجد ابن تيمية في كتابه المنطق وهو يحارب المنطق وضع منهجا باهرا ونقي للمنطق او الرجوع الى السلم المنورق للاخضري او الدمهوري او الصبان او احمد الملوي اسماء لامعة وزاهية ومع التّثبت والدّقة في فلسفات ابن رشد وابن سبنا ..الله الله انه تراث اشبه بالسموات والارض في جمالها وحسن نورقها..

(( لقد كانت هناك دوما موسيقى سهلة وموسيقى صعبة كما كان هناك دوما أكل دسم وأكل خفيف . الأولى للعمل والأعراس والثانية للاستعمال المركز المتذوق. و"الخفيف" و"الثقيل" يجد المرء لهما ذكرا في كتاب "الأغاني" )) نعم يوجد هذا الذكر في كتاب الاغاني في سياقات وتأصيل الاصوات مثل ( خفيف ثقيل)( ثقيل أول السّبّابة) ولكن الاصوات عند ابو فرج اليوم تعتبر طلاسما وذكر مثل هذا الشئ محمد مندور في كتابه الادب ومذاهبه ..استاذي القدير هل يوجد اليوم من يفقه او يعرف رموز الاصوات وماذا تدل عليه في كتاب الاغاني بحثتُ وسألت كثير عن ماهية هذه الاصوات والجواب كان بأنها طلاسم..

(( ركزت عليه الاهتمام في مقالي هذا وهو الموسيقى لم يكن إلا مثالا على حالة أعم هي حالة الثقافة العربية المعاصرة كلها. ))

هذه نفس شيخ العربية محمود شاكر التي ارأها فيك ..فكلاكما له منهج وكلاكما في هدف واحد السمو بالثقافة العربية ...محمود شاكر في رسالته الى ثقافتنا العربية وضع منهج التذوق بالنهوض بالثقافة العربية وكان تطبيقه العملي باهرا في كتابه المتنبي رحمه الله ..ولو مرة في حياتي رأيته قبل مماته لغسلتُ قدميه بالماء والبرد..

اعتذر سيدي عن الاطالة وسوء قريحتي ...فليس لي شفيع هنا إلا كرمك ومحبٌ لك في الله..

آخر تعديل بواسطة مخلص النوايا ، 17-01-2002 الساعة 07:06 AM.
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 17-01-2002, 01:48 PM
سلاف سلاف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 2,181
إفتراضي

أهلا بأخي مخلص

أعجبني المقال التالي ورأيته ذا علاقة بالموضوع فأحببت إطلاعكم عليه



لن يكون غريبا بعد سنوات أن نشاهد على شاشات التليفزيون وجوها بشرية مستنسخة مثل النعجة ( دللي ) …. وفى إنجلترا الآن يجرى العلماء تجارب على استنساخ البشر ….. وهناك اعتقاد سائد إن إسرائيل ستكون أول دولة في العالم تستنسخ إنسانا حيث وصلت الأبحاث لديها إلى درجات متقدمة في هذا المجال .

وإذا كان العالم الآن يتابع الاستنساخ الشكلي الذي يشمل الوجه ولون الشعر والعيون والملامح… فان هناك استنساخ عقليا وفكريا ووجدانيا سبق استنساخ الشكل بسنوات طويلة.

كانت هذه الأفكار تدور في رأسي وأنا اجلس مع عالمنا الكبير الصديق د. احمد مستجير وهو يهديني كتابين صدرا له في وقت واحد حول الهندسة الوراثية , أو كما أطلق عليها القرصنة الوراثية .. وبينما كان د. مستجير يتحدث نعن استنساخ اللون والشكل والملامح دارت أمامي فكرة الاستنساخ الثقافي واكتشفت أننا منذ سنوات بعيدة في العالم الثالث أو العالم النامي أو كما اسميه العالم النائم نتعرض لعمليات استنساخ فكرى وثقافي تجرى في غاية الإحكام .

قد يكون الاستنساخ الشكلي هو أخر مراحل تغيير هوية الحضارات في العالم وزرع حضارة وحيدة استطاعت بسلطان المال والقوة والتكنولوجيا أن تفرض أنماط سلوكياتها وتفكيرها وملامحها على معظم حضارات العالم .. إن الاستنساخ الثقافي يسعى إلى طمس ذاكرة الشعوب ..إن قضية العولمة هي اكبر عملية استنساخ ثقافي شهدها العالم في السنوات الأخيرة .. والشئى الغريب أن دول العالم الثالث ابتلعت الطعم وبدا مفكروها ومثقفوها يرددون كلمات العولمة مثل الببغاوات .. وبدأت المؤتمرات والندوات واللقاءات .. وما كانت هذه العولمة برياحها العاتية إلا عملية استنساخ ثقافي لنموذج حضاري وسلوكي وبشرى واحد يحاول أن يفرض هيمنته على العالم …بعد أن فرضت العولمة وجودها الاقتصادي متمثلا في القوة الاقتصادية الضخمة وفى الشركات متعددة الجنسيات ,وفى هيمنة القوى السياسية في العالم على مصادر الثروة في الدول النامية ,خاصة البترول .. كان الاقتصاد هو القوة الأولى التي اندفعت جحافلها في تنسيق وترابط نحو تحقيق أهدافها .. واستطاعت القوة الاقتصادية أن تفرض هيمنتها وأساليب تفكيرها ابتداء بالغذاء والملبس وانتهاء بالغناء والسينما …

ولم يكن غريبا أن يصبح الجينز رداءا عالميا وان تصير كنتاكى غذاء أجيال الشباب الجديدة , وان يكون ما يكل جاكسون مطرب الكرة الأرضية , وان تكون مادونا نجمة السينما العالمية .. وان تختفي وسط هذا الغزو الرهيب سلوكيات شعوب وحضارات فقدت هويتها وانتماءاتها أمام نماذج سلوكية وحضارية كانت غريبة عليها تماما .

كانت القوة الاقتصادية هي أول الكتائب التي مهدت لجيوش العولمة , بعد أن انسحبت

الجيوش التقليدية .. وكان الهدف الأساسي بداية الاستنساخ الثقافي والفكر وأمام هذا بدا مسلسل الاستنساخ الثقافي الذي مهدت له بقوة جيوش المال والاقتصاد والتكنولوجيا ..

وكان من الممكن أن يكون هناك تعاون اقتصادي مشروع يقوم على تبادل المصالح والأهداف .. ولكن الفرق كان شاسعا بين لغة المصالح المشتركة ولغة الهيمنة المفروضة .. أن التعاون أمر مشروع ولكن الهيمنة تختلف تماما من حيث الأهداف والأغراض والوسائل .. كان من الممكن أن يكون التعاون في استخدام التكنولوجيا حقا مشروعا للجميع , وان يقتصر دورها على مجال المال والأعمال , لكنها شقت طريقها بعنف إلى عقول الناس وثقافاتهم وثوابتهم العقائدية والتاريخية أحدثت فيها شروخا كثيرة.

كان من الممكن أن يتحول العالم إلى سماء مفتوحة تحلق فيها كل النجوم الثقافية بألوانها الزاهية والمتباينة .. ولكن إرادة الله النجم الواحد أن يظل وحده في السماء مضيئا .. وان تختفي حوله كل النجوم . من هنا كانت عمليات الاستنساخ الثقافي التي وضعت ضمن أهدافها الرئيسية زعزعة الهوية الثقافية للحضارات التقليدية في العالم .. كنا نسمع عن الموسيقى الهندية.. والفيلم الهندي.. والرسوم الصينية .. والزخارف الإيرانية.. والأفلام الهندية والموسيقى العربية .. والفن التركي.. والنقوش الكردية .. والسينما المصرية .. وكان لهذه

الفنون عشاقها ومريدوها حتى في دول العالم المتقدم .. وفى يوم من الأيام كانت السينما الهندية تنافس السينما الغربية في عقر دارها .. وكانت للسينما المصرية الواسعة ليس في الدول العربية , ولكن في الدول الإسلامية ودول العالم الثالث ..أين هذه الفنون الآن ؟

لقد اختفت في ظروف غامضة .. ووقف فيلم رومانسي واحد مثل "تايتنك" يحصد مليار دولار في معظم دور العرض في العالم كله .. وكان هذا واحدا من أهم النماذج الواضحة في أساليب العولمة في أساليب في عملية الاستنساخ الثقافي .

وقبل ذلك كانت أفلام مادونا .. وأغاني ما يكل جاكسون .. وبعد أن أوشكت قلاع الفنون أن

تتهاوى تسللت عمليات الاستنساخ إلى مناهج التعليم في الدول النامية بطرق مشروعة .. ووجدنا مواكب المهرجانات التي تقتلع الجذور وتشكك في الهوية .. ووجدنا نفسنا أمام ثقافة مهجنة .. لا هي حملت ملامح جذورها الأصلية , ولا هي حملت ملامح الوافد الجديد.. ولم يكن غريبا أن يختفي الغناء الجميل وتظهر الأشباح الراقصة .. وان يغيب المسرح الجاد ويظهر مسرح الجسد .. وان تتواري الكتابات الجادة أمام الإسفاف والترخص .. وساعد

على ذلك كله سماوات مفتوحة أصبحنا جزءا منها وللأسف الشديد أننا نمثل الجسد الضعيف الذي يحتاج دائما إلى عمليات نقل دم سريعة ومتواصلة حتى ولو كان الدم ملوثا .. واما عمليات الاستنساخ الثقافي والفكري اختلت موازين السلوكيات ابتداء من الطعام والملبس وانتهاء باستخدام التكنولوجيا الحديثة حتى ولو كان خارج السياق .. وجدنا شعبا يدفع ستة بلايين جنيه سنويا من اجل عيون جهاز صغير اسمه التليفون المحمول .. ومع هذا الجهاز الصغير كانت هناك تحولات اجتماعية وثقافية حادة .. بجانب عبء اقتصادي رهيب على الأسرة ...وجدنا تغيرات حادة في نظام الطعام والملبس ... اصبح يمثل عبئا ثقيلا على الأسرة .. ولم يكن التغير نحو الأفضل أمام أمراض كثيرة تعانى منها أجيال الشباب بسبب فساد الأغذية واستخدام الهرمونات في إنتاج الحيوانات والأطعمة ..وجدنا لغة جديدة علينا اقتلعت اللغة الام من جذورها .. وربما نحتفل بعد سنوات برحيل آخر شخص كان يجيد اللغة العربية الفصحى أمام زحف الإسفاف اللغوي الرهيب .. وجدنا نماذج سلوكية غريبة علينا أخطرها المخدرات وتوابعها ابتداء بالهيروين وانتهاء بالبانجو .. وما تبع ذلك من انتشار أعمال الاغتصاب والجريمة .

وجدنا محاولات دائمة للهجرة والسعى للحصول على جنسيات أخرى , لدول أخرى وما تبع ذلك من هروب جماعي لرؤس الأموال إلى الخارج ومحاولات الحصول على شهادة ميلاد في عاصمة أخري لابنائنا الصغار .

وجدنا محاولة تشكيك دائم في جذورنا وتاريخنا ورموزنا وقدراتنا بحيث لا يبقى نموذج واحد تجد فيه الأجيال الجديدة نموذجا أو قدوة .. كانت هذه الخطوات كلها تتم أمام أعيننا وتترسب في أعماق أبنائنا ونحن مدركون لحجم الكارثة .

والمشكلة الآن إن الرياح لا تأتى من الخارج فقط , ولكنها تهب علينا في أحيان كثيرة من أجهزة مسئولة , وحملة أقلام ومباخر ..

ولهذا فان الاستنساخ الثقافي الذي يتعرض له العالم النامي الآن يمثل جريمة في حق التاريخ والبشرية .. لانه لا يعقل أبدا أن نجد الحضارة الإنسانية كلها وهى تتهاوى أمام نموذج حضاري ضار يحاول فرض سيطرته على الجميع مستخدما كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة .. وقد يتساءل البعض وما هو الحل ؟ ..

الحل عندي أن يتمسك كل شعب بجذوره وإلا يفرط في تاريخه ومقوماته بسهولة .. وهذا يحتاج إلى خطوات حاسمة ..

إن تغيير مناهج التعليم يجب أن يخضع لرقابة " وطنية " دقيقة .. تغربل كل ما يمس جذورنا أو يسئ لتاريخنا بشكل مباشر أو غير مباشر ..

إن صيانة جذورنا الثقافية يمثل ضرورة ملحة في هذه الظروف ابتداء بالإبداع وانتهاء بألوان الفنون المختلفة من السينما والغناء والمسرح والفنون الشعبية .. إن المنافسة شفىالسماوات

المفتوحة تفرض علينا زيادة قدراتنا على المنافسة من خلال إنتاج متميز يحرص على مقومات الانتشار والقيمة في وقت واحد .. ويؤكد في كل الحالات قيمة الانتماء ..إن

محافظتنا على ما بقى لدينا من رموز من البشر والأماكن والسلوكيات يمثل حصنا من حصوننا المنيعة ..إن تاريخ الأشخاص ثروة .. لانهم قدوة لأجيال قادمة .

وما بقى من القصور ثروة .. لانه آخر ما بقى من الزمن الجميل ... وما بقى بين أيدينا من سلوكيات إنسانية رفيعة .. يمكن أن يكون حصنا لأجيال قادمة أمام غزو سلوكي مخيف ..

وما بقى من مشاعر الانتماء والولاء والحب للأرض والوطن شئ يجب إن نغرسه في نفوس آبائنا قبل إن يبحثوا عن جواز سفر أو جنسية أخري .. وإذا كان الاستنساخ الثقافي هو الخطوة الأولى نحو الاستنساخ البشرى .. فإنني اعتقد أن قضية الفكر والعقل والثقافة اخطر بكثير من قضية اللون والشكل والملامح .. من اجل هذا يجب أن نكون على حذر أمام طوفان الاستنساخ الثقافي الذي يسعى لتحويل العالم كله إلى قطيع تحت شعار جديد نردده بوعي.. وبدون وعى.. اسمه العولمة ..

فليتحسس كل منا رأسه .

http://www.tut62.net/mostagir.htm
الرد مع إقتباس
  #8  
قديم 17-01-2002, 03:39 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
إفتراضي

مقالة قيمة، وتصب في نفس الإتجاه الذي يتعاطاه أستاذنا محمد.

ولا أخفيكم أني شعرت بانقباض عندما زرت الموقع المشار إليه، ووجدت الجملة التالية في الصفحة الأولى...

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
مـــرحـبا بـك دائـما اذا كـنـت مـصـري عــربي اصــيل وارحـل الان اذا كــنت دخــيل.

www.tut62.net

بوابتك الي مصر العربية
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++

وشعرت ولو لوهلة أن النداء إلى العودة إلى الحضارة الأصلية قد ينتابه بعض الغلو كما نرى في الإعلان أعلاه، وتكون الدعوة للعودة إلى الحضارة الأصلية مصدرا للتفريق بين الأخ وأخيه، وبين شمال البلد وجنوبه.

ما كان الاعتدال في شيء إلا زانه.

وأختم بسؤال: ماذا لو أراد دعاة الاستنساخ البشري استنساخ فرعون؟
الرد مع إقتباس
  #9  
قديم 17-01-2002, 08:50 PM
سلاف سلاف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 2,181
إفتراضي

أخي عمر ،
ساءني ما ساءك وفكرت في عدم الإشارة للمصدر ولكنها أمانة رد الشيء لمصدره.
إن أرض الكنانة وهي عماد الأمة لا زالت مستهدفة في هويتها، ولكن صمود المؤمنين من أبنائها يفوت الفرصة على الأعداء بإذن الله.
الرد مع إقتباس
  #10  
قديم 18-01-2002, 01:38 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

أخي الكريم مخلص النوايا
أنا ممتن جداً لرؤية مقالات لي نشرت قديماً في الخيمة تستعيد شبابها على يديك.
يا أخي أنا بدون تواضع ولا أي شيء وبكل موضوعية وحياد وتجرد لا أرى أنني أستحق هذا المديح الذي ورد في تعليقك .
وأما الدعاء فنعم أنا بحاجة لدعائك ودعاء كل أخوتي ووفقك الله وسدد خطاك.
وأما تعريف الموسيقى الكلاسيكية فهو يعيدني إلى النقطة:هل هناك حاجة لهذا العلم!ّ على أنهم فيما أعلم يسمون بهذا الاسم موسيقى ظهرت في عصر معين-بعد باخ على ما أظن ولها قواعد بنائية محددة وقوالب كالسمفونية والقصيدة السمفونية والكونشرتو..
وقد شوقتنا لرؤية شيء من مؤلفات شيخك فهل تحدثنا عنها؟مأجوراً..

أخوي سلاف وعمر
حواركما الشيق أعادني إلى تذكر زمان الصفاء في هذه الخيمة الذي عكره قرار شيخ الأدباء الحمداني وولي أمرهم المعتمد بالاستقالة.
وأقول له: هذا والله يشير يا ابن حمدان إلى وجود جدة لك غير عربية وأظنها من جواري الروم جلبها جدك لأن الاستقالة ليست من خواص المسؤولين العرب العاربة الذين لا تجري في عروقهم دماء غير عربية!
ومنذ متى كان العربان يستقيلون!
الموقع المصري الذي ذكرتماه فتحته وقرات فيه قليلاً فوجدته ليس سيئاً وإن كان طابعه الفرعوني الظاهري مما يثير الاسترابة عند من لدغته النزعات الإقليمية الشعوبية من فرعونية وفينيقية وسومرية وما شابه..
وفي اعتقادي أنه لا مانع من أن نذكر بالفخر أجدادنا وإنجازاتهم الحضارية أكانوا مصريين قدماء أم كنعانيين أم أنباط أم بابليين أم سبئيين إلى آخره على شرط أن لا يتحول هذا الفخر إلى تمرير لمخطط استعماري حاقد كان يريد استعمال هذا التاريخ لمحاربة الهوية الحضارية الإسلامية وهي الهوية الراهنة التي ورثت كل تلك الحضارات واستفادت من منجزاتها وأزالت سلبياتها..وعلى أن نحس بالخجل لعدم مقدرتنا على السمو بجهودنا إلى مستواهم
وفتحت الصفحة الإنجليزية فوجدت فيها روابط قيمة أيضاً وكما في المقال القيم الذي اجتلبه من هناك سلاف انظرا هذا المقال بالإنجليزية وقد فكرت في ترجمته ةلكن ما رأيك يا ابن مطر؟فقد طرحت علي فكرة كهذه..أنك تفكر في ترجمة مقالات
http://www.beconvinced.com/women/FEMIN.htm
مع التحية والود الخالص
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م