المسيري واحد من أحسن مفكري العرب في عصرنا وأكثرهم أصالة في اعتقادي.
يتشاطر هذا الموقع مع جلال أمين وآخرين لم يأخذوا حظاً من الشهرة وإن بدؤوا مجدداً يظهرون تحت الأضواء.
هذه مقابلة معه مفي جريدة التجديد المغربية:الدكتورعبد الوهاب المسيري في حوار مع التجديد
http://www.attajdid.press.ma/tajdid/...Articleid=3870
خلص الدكتور عبد الوهاب المسيري بعد سلسلة من البحث الطويل في اليهودية والصهيونية إلى نموذج تفسيري جديد يرفض فكرة الشعب اليهودي والخصوصية اليهودية عبر خطاب محايد لكنه معادي للصهيونية. الظاهرة الاستعمارية الغربية كما عرفها الدكتور المسيري ضمن موسوعته "اليهود واليهودية والصهيونية". وأجلى الدكتور المسيري اللبس الحاصل في الاعتقاد السائد بسيطرة اللوبي الصهيوني على مراكز القرار في أمريكا ومراكز القوة في العالم معتبرا ذاك مجرد تضخيم يقف حاجزا دون تطوير آليات المواجهة مع الولايات المتحدة والعالم الغربي. ويرى الدكتور المسيري أن واقع الصراع العربي الإسرائيلي بحاجة إلى تعميق الخطاب التحليلي العربي، وتعميق مقدرته التفسيرية الذي تفرضه العملية الجهادية اليومية. ويقول المسيري بالحوار المسلح في مخاطبة الغرب بديلا عن الحوار الديمقراطي الذي يفترض الندية والمساواة متحدثا عن مستقبل الانتفاضة ومتطلبات المرحلة.
خلصتم بعد بحثكم الذي دام ثلاثين سنة من خلال موسوعتكم " اليهود واليهودية والصهيونية" إلى تفسير جديد يرفض فكرة الشعب اليهودي والوحدة اليهودية العالمية. كيف تقاربون هذا الطرح؟
لا يوجد يهود بشكل مطلق وإنما توجد جماعات يهودية، كل جماعة تستمد خطابها الحضاري من المجتمع الذي تعيش فيه، فيهود الولايات المتحدة مثلا بيض يتحدثون الانجليزية ويؤمنون باليهودية الخاخامية التي تستند إلى التلمود، بعضهم يصلي بالانجليزية وبعضهم يصلي بالايديشية، والبعض الآخر بالعبرية. عندهم خاخامات ولا يعرفون الرهبان ولا الراهبات، أما يهود الفلاشة إفريقيون يتحدثون ......لا يعوفون التلمود، يصلون بالجائزية وهي لغة الكنيسة الإثيوبية المقدسة، عندهم قساوسة ويوجد لديهم الرهبان والراهبات.
والكتب المقدسة ليهود الولايات المتحدة أساسا التوارة والتلمود وبعض أجزاء القبالة وهي التراث الصوفي الحلولي اليهودي، أما الكتب المقدسة ليهود الفلاشة فهي أسفار موسى الخمسة وبعض أجزاء العهد الجديد، وهكذا يمكن أن نستمر في سرد الاختلافات بينهما في اللون أو الوظيفة أو العلاقة بالمجتمع، ولا يمكن فهم كل من الجماعتين إلا بالعودة إلى حركيات كل مجتمع، لا بالعودة إلى التراث اليهودي وإلى الهوية اليهودية، ومن تم لتفسير سلوك يهود الولايات المتحدة، ولتفسير سلوك يهود الفلاشة علينا أن نحاول استلهام كل مجتمع، وعليه فالقيمة التفسيرية لكونهم يهودا ضعيفة جدا، أما لكونهم أمريكيين وإثيوبيين فهي قوية.
فأنا أسميهم "جماعات يهودية" وليسوا "يهودا"، بمعنى أني أرفض فكرة وحدة اليهودية العالمية. أرفض فكرة الشعب اليهودي، ورفضي هذا ليس إيديولوجيا وإنما من واقع دراستي، وأرفض فكرة الخصوصية اليهودية، ومن تم فكرة التاريخ اليهودي أو الثقافة اليهودية. توجد تواريخ الجماعات اليهودية، وتوجد ثقافات الجماعات اليهودية.
وحيث يتبث اليهود تفوقهم ونبوغهم في شتى الميادين تفندون من جهتكم هذا الواقع وتعتبرونه ادعاءا لا علاقة له بالانتماء. بم تمثلون لذلك؟
لا يوجد شيء اسمه عبقرية يهودية. يوجد عباقرة من اليهود، فإنشطاين مثلا لا يمكن فهمه إلا في إطار التشكيل الحضاوي الغربي لأنه لو كانت اليهودية هي سر عبقريته لظهر بين يهود اليمن أو ظهر بين يهود الهند، ولكنه ظهر بين يهود الولايات المتحدة، فكل ما يسمون بالعباقرة اليهود ظهروا في الغرب ولم يظهروا في الشرق.
وأنتم تصنفون الصهيونية كجزء من الحضارة الغربية. هل تفندون بذلك صلتها باليهودية؟