الجهاد في سبيل الله (48) أبت البحوث..
الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته الحلقة (48)
أبت البحوث
وكان كبار الصحابة رضي الله عنهم يغزون وقد شاخوا، فيشفق عليهم الناس، وينصحونهم بالقعود عن الغزو، لأنهم معذورون، فيجيبونهم أن سورة التوبة تأبى عليهم القعود، ويخافون على أنفسهم من النفاق إذا ما تخلَّفوا عن الغزو.
عن جُبَير بن نُفَير قال:
"جلسنا إلى المقداد بن الأسود بدمشق وهو يحدِّثنا وهو على تابوت ما به عنه فضل، فقال له رجل: لو قعدتم العام عن الغزو؟ قال: أبت البحوث – يعني سورة التوبة –
قال الله تبارك وتعالى: (( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) [ التوبة: 41 ].
قال أبو عثمان:
"بحثت المنافقين". [الجهاد (1/88)].
قال ابن قدامة:
"قال الأشرم: قال أحمد: لا نعلم شيئاً من أبواب البر أفضل من السبيل.
وقال الفضيل بن زياد:
سمعت أبا عبد الله – وذُكر له أمر العدو – فجعل يبكي ويقول: ما من أعمال البر أفضل منه.
وقال عنه غيره:
ليس بعد لقاء العدو شيء. ومباشرة العدو بنفسه أفضل الأعمال والذين يقاتلون العدو هم الذين يدفعون عن الإسلام وعن حريمهم فأي عمل أفضل منه؟ الناس آمنون وهم خائفون، قد بذلوا مهج أنفسهم". [المغني (9/199)].
وقال السرخسي:
"وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة يخرج وتارة يبعث غيره، حتى قال: ( وددت ألا تخرج سرية أو جيش إلا وأنا معهم، ولكن لا أجد ما أحملهم ولا تطيب أنفسهم بالتخلُّف عني ). [ راجع صحيح مسلم (3/1497) ].
( ولوددت أن أقاتل في سبيل الله تعالى حتى أقتل ثم أُحيا ثم أقتل ) [راجع صحيح مسلم أيضاً (3/1497)].
ففي هذا دليل على أن الجهاد وصفة الشهادة في الفضيلة بأعلى النهاية، حتى تمنى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع درجة الرسالة.
والآثار في فضيلة الجهاد كثيرة وقد سمّاها الرسول صلى الله عليه وسلم سنام الدين". [المبسوط (10/3) وراجع جامع العلوم والحكم لابن رجب ص 336، الطبعة الثانية – الحلبي].
وفي حواشي تحفة المحتاج:
"والأصل فيه الآيات الكثيرة والأحاديث الصحيحة والشهيرة، وأخذ منها ابن أبي عصرون أنه أفضل الأعمال بعد الإيمان، واختاره الأذرعي، وذكر أحاديث صحيحة مصرِّحة بذلك، أوَّلها الأكثرون بحملها على خصوص السائل أو المخاطب أو الزمن". [حواشي تحفة المحتاج على شرح المنهاج للنووي (9/211)].
__________________
الأهدل
|