الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فقد سبق في الحلقة الأولى من هذا الموضوع بيان سبب كتابة هذه المقالات ، وكانت الحلقة الأولى كمقدمة وتمهيد للموضوع ، وهذه هي الحلقة الثانية ؛ وهي ذكر المواضع التي ورد فيها ذكر الحمار في القرآن الكريم .
وقد ذكرت في هذه الحلقة الموضع الأول وذكرت فيه بعض الفوائد والنفائس .
أسأل الله أن ينفع بها كاتبه وقارئه.
ورد ذكر الحمار في القرآن الكريم في خمسة مواطن باسمه المعروف به مفرداً في أربعة مواطن ومجموعاً في موطن واحد.
الموطن الأول: قال تعالى في سورة البقرة: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير}.
فذُكر الحمار في هذا آية في سياق إثبات أمر عظيم ألا وهو إحياء الله للموتى .
وإحياء الله للموتى ذكره الله عز وجل في مواطن كثيرة من كتابه العزيز لإثبات البعث والرد على منكريه من الكفرة والمشركين .
ومن الحكمة من تخصيص الحمار في هذه الآية –والله أعلم- هو بيان ما كان عليه الأنبياء والصالحون من التواضع وخفض الجناح .
فقد ذكر كثير من أهل العلم أن الذي مر على تلك القرية هو عزير النبي –صلى الله عليه وسلم- وقيل غيره .
ولاشك أنه من الصالحين لما اختصه الله بهذه الآية العظيمة وهي موت مائة سنة ثم إحيائه ، وطعامه وشرابه لم يفسد ولم يتغير ، وحماره أمامه يتكون ويعاد بعثه وخلقه.
ولقد كان الحمار من مركوبات النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد ورد في ذلك عدة أحاديث .
## منها : عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه- قال: كنت رِدْفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حمار يقال له : "عفير" فقال: ((يا معاذ! تدرى ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله؟)) قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله –عز وجل- أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)).
قال: قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: ((لا تبشرهم فيتكلوا)).
رواه البخاري في مواضع من صحيحه منها(3/1049رقم2701) ومسلم(1/58رقم30).
وهذا فيه بيان تواضعه –صلى الله عليه وسلم- وبيان أنه يشرع تسمية الدواب ، وأن اسم حماره –صلى الله عليه وسلم- عفير ويقال له : يعفور ، وقيل هو غيره والله أعلم.
ومنها: عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لو أتيت عبد الله بن أبي.
قال: فانطلق إليه ، وركب حماراً ، وانطلق المسلمون -وهي أرض سبخة- فلما أتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إليك عني ، فوالله لقد آذاني نتن حمارك !
قال: فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحا منك .
قال: فغضب لعبد الله رجل من قومه ، قال: فغضب لكل واحد منهما أصحابه. قال: فكان بينهم ضرب بالجريد وبالأيدي وبالنعال . قال: فبلغنا أنها نزلت فيهم : {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} .
رواه البخاري(2/958رقم2545) ومسلم(3/1424رقم1799) في صحيحيهما.
هدية الى تالا وعراقية حرة والموسوية
http://members.tripod.com/~almuslim/bk3ch7.htm