شهداء من العراق ,
لنعطــــــــــــــي الشهداء حقهم
الشهيدة ميسون الأسدي .. طائر الشمس
* الذاكرة .. والزمرد الأحمر
* أريج الفردوس
* السيرة والمواقف .. لكُل طاغ كربلاء
* مَن هو د . حسام حميد ؟
* وهل الدين إلّا الحب
* أرض عطشى وطاعون !
* الاختراق .. قصة سوء لا تنسى !
* حورية في طوامير البعث
* حمامة بيضاء في سجن الرشاد
* تنهُّدات عاشق
* أبكيك فخراً لا حداداً
* منهج .. وبطلة
* زواج في مدينة الموت !
* عروس على كُرسي الكهرباء !
* القاتل يبكي قتيله !
* القمر يُدفن ليلاً !
* ميسون .. لاوداع
ميسون ، هل أنتِ خائفة من الموت ؟ إبتسمت وقالت : «الموت يعني الشهادة .. صدّقيني ياأُختاه أني لم أكن أحلم أن أفوز بالشهادة على أيدي هؤلاء الأمويين بهذا الجهد الضئيل» .
السجينة فاطمة العراقي / سجن الرشاد
من وصايا الشهيدة ميسون لنا في لحظات التوديع : «أخوات ، أرجوكم كونوا يداً واحدة وروحاً واحدة ، ولاتتفرّقن لطول المحنة» .
السجينة أم إيمان البصري العبّاسي
نحن نفتدي الوطن بأرواحنا ولانطيع سوى الله .
الشهيدة ميسون مع الجلّاد
حكمت محكمة (الثورة) العسكرية على الخائنة «ميسون غازي» بالاعدام شنقاً حتى الموت .
المجرم اللّواء عوّاد محمد أمين البندر
قاضي محكمة (الثورة) العسكرية
.
الهوية الشخصية والسياسية
الاسم : ميسون غازي الأسدي .
الولادة : بغداد ، مدينة الكاظمية (علي الصالح) .. مواليد 1966 م .
المستوى الدراسي : جامعة بغداد / كلية الآداب - قسم اللغة العربية - المرحلة الثانية .
تاريخ الاعتقال : السبت 1984/5/26 م .
الاتهام : الانتماء الى منظمة العمل الإسلامي - الجناح العسكري .
- يقول الأمين العام لمنظمة العمل الإسلامي الأُستاذ إبراهيم المطيري :
«تأسست المنظمة عام 1966م ، توسَّع نفوذها في العراق في الثمانينات .. اضطلعَ بمهمة التأسيس للمنظمة سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرِّسي وكذلك الرعاية في بداية التأسيس لها لان مرجعيته تدعم كل الحركات الإسلامية الناهضة والأصيلة في الأُمة» .
جهة الاعتقال : مديرية (أمن) الكاظمية .
المحكمة : محكمة أمن (الثورة) العسكرية .
الحاكم : عوّاد محمد أمين البندر .
مادة الحكم : (156 - أ) الاعدام شنقاً حتى الموت .
تاريخ الحكم : الاثين 1984/10/30 م .
تاريخ الأعدام : الأربعاء 1985/1/23 م .
محل الاعدام : سجن (أبو غريب) المركزي - الكرسي الكهربائي .
محل الدفن : النجف الأشرف - وادي السلام .
الصفات والمواصفات .. أريج الفردوس
ميسون غادة حسناء في العقد الثاني من ربيعها ، هيفاء ممشوقة القوام ، غرّاء فرعاء كنخلةٍ ميساء ، ذات وجه مُقمر وهّاج ، وعُنق كعمود عاج ، عيناها ناعستان تظللهما رموش كأماسي الشتاء ، نظراتها الوديعة وابتسامتها الساحرة توحي للناظرين أنها من أميرات البلاط الفارسي .. إشراقة وجهها أكثر جمالاً من بزوغ الشمس ، كأنها حورية هبطت من الجنة تشعُّ جمالاً وجلالاً .. فهي الربيع وهي السلوى .. هي ميسون ..
وفوق كل هذا ، هي فتاة محتشمة مُكلّلة بالغار مُجلّلة بأبراد الفضيلة ، تُضيء عيناها عفّةً وحياءً ، وتشعُّ روحها براءةً ونقاءً .. كثيرة الصمت ، خفيضة الصوت ، واسعة الفكر دمثة الاخلاق .. السكينة والثقة بالنفس تغمران محيّاها الملائكي الوضّاء ..
ومن الصفات الأخرى التي تفرّدت بها شهيدتنا البطلة (ميسون) ؛ الفطنة والشجاعة ، فهي أسديّة العزم حسينية الأهداف ، ذات وجهٍ شامخٍ أبيٍّ عبوس في وجوه الأعداء ، ودود متواضع في وجوه الأصدقاء ..
إنها ميسون بنت الكاظمية ، كندى الصباح نقيّة ، كبطلة كربلاء زينبيّة ، كسمير غلام منظمة العمل الإسلامية .
السيرة والمواقف .. لكُلِّ طاغٍ كربلاء
أُختاه .. ماذا أُسطّر عن خصالك الكثار ، ياميسون الخير والإيثار .. ماذا أقول ؟ فأفعالكِ نواطق وقيودكِ شواهد و .. دماؤك قصائد .
فنحنُ أُخيتاه كلما يتراءى لنا رسمك تهيج في صدورنا روحكِ النهضوية الراسخة ، ونحِنُّ الى نقائكِ ووداعتكِ حنين الحبيبة الوالهة ، ونستذكر إباءَكِ وشموخكِ ذكر العارفة المتيَّمة ، رُغم أن طيفكِ كان قد مرَّ علينا سريعاً وغادرنا مودّعاً ..
وها نحن لم نأتِ إلّا على شذراتٍ متناثرةٍ قد جُمِعَت من زوايا الذاكرة ومن ربذات الدنيا ، حيث بذلنا جهداً جهيداً للملمة هذه الأشتات علّنا نُعيد بعض ملامح - يغتنم المركز الوثائقي لشهيدات الحركة الإسلامية في العراق الفرصة لتقديم الشكر والتقدير للأخ الأُستاذ (جواد العطّار) الناطق الرسمي لمنظمة العمل الإسلامي لما بذله من جهود للوصول الى أقارب وصديقات الشهيدة المقيمين في سوريا ولندن والتي تكللت بالحصول على معلوماتٍ مفيدة وعلى صورةٍ للمظلومةِ الشهيدة ..
هذه الصورة ، ونوفَّق لأضاءة شمعة يتيمة في طريق هذه الملحمة المنسيّة ..
ميسون من عائلة طيّبة معروفة بولائها للإسلام ولمذهب أهل البيت: ، لها أخوة وأخوات جامعيون وأُم معلمة وأب ثري يمتلك معرضاً لبيع الحلي الذهبية والمجوهرات في (شارع النهر) أشهر مناطق بغداد العاصمة ..
بدأت شبابها زينبية على خط الإمام الحسين7 رُغم الجو العائلي البعيد كُل البُعد عن معاني الجهاد والاستشهاد .. بحكم العيش الرغيد والوضع المُرفّه رغم الولاء لأهل البيت: .
ولدت في (الكاظمية) ، تلك المدينة المتألقة ذات القباب الذهبية التي ضَمّت ضريحي الإمامين (موسى بن جعفر الكاظم ومحمد بن علي الجواد): لذا نجدها وكأنها قد ورثت نقاء السريرة من صاحب السجدة الطويلة ، وروحيّة العشق من تلك الدموع الساكبة ، وشموخ الجراح من ذاك السجين المثقل بالسلاسل والقيود .
تفتّحت لها الأيام تفتُّح أزهار القدّاح للربيع ، لذا فهي لم تسلك درب التضحية والجهاد تحت وطأة القهر أو الحرمان ، فأيامها كانت هادئة وعيشتها مُنعّمة ، بَيْد أنها لم تلتفت الى ما هي عليه من رفاه وثراء ، ولم تغرِها الدنيا وزخرفها الذي عزل الكثير من المترفين عن هموم المستضعفين وجراح المجاهدين .
مرّت السنون وميسون تكبر في ظل تلك الأجواء العائلية الهادئة ، وتحت نير محنة تلك الحقبة العاصفة التي لفّت العراق وطوته طي السجلِّ للكُتب .. لذا فهي قد نمت وتجذّرت على مياه المطر ، ترعاها يد الغيب بعيداً عن جهود البشر .
في ذلك الزمن العصيب كان شبابها ، وفي تلك السنين العجاف بدأت مشوارها .. فكانت (ميسون الأسدي) .
ورغم جراح قلبها المُتعب بآهات المظلومين من أبناء شعبها ، تجاوزت ميسون امتحانات (البكالوريا) ودخلت كلية الآداب عام 1983 م .. فهي منذ صباها تميل الى الأدب العربي ..
وما أن باشرت الدراسة حتى أعلنت عن أول معركة تحدٍّ ضد عُصابة (البعث) ..لقد رفضت الانتماء الى ما يسمّى بالاتحاد (الوطني) لطلبة العراق - ذلك القطيع المُساق أكثرهُ بالإكراه - أحد مؤسسات النظام المرتبطة بمديرية (الامن) العامة والتي من أولويات مهامّها رصد أنشطة وانتماءات طلبة الجامعات .
بل ان ميسون وبالرغم من الارهاب الذي انتشر في جميع جامعات ومعاهد العراق كالوباء الفتّاك ، لم تتهاون في حجابها ، ذلك المألوف في المدن المقدّسة (المانتو والعباءة) ، الذي استحال في تلك السنين المرعبة الى شَبح واتهام يخشاه الناس ويترددون في التقرّب مِمّن يرتديه رُغم اجلالهم له !
* * *
وكانت البداية .. فرُغم تشنّج الأجواء في الكلية وانتشار العيون البعثية ، صارت الطالبات يتجمّعن حولها تجمّع الفراشات حول أزهار الربيع ، يتعطّرن من نقاء كلماتها ويغترفن من عبير روحها ..
ولأن الطيور على أشكالها تقع ، امتزجت القلوب الطاهرة ببعضها ، فكانت (أنعام حميد) و (إيمان) من الأخوات الأقرب الى قلب (ميسون غازي) .
انها فتاة عراقية عاشت جراح وطنها وآلام شعبها ، فانتمت الى منظمة العمل ، تلك المدرسة الفكرية الاستشهادية في عراق سيد الشهداء التي أرّق فكرها النهضوي أزلام النظام وأوجع جناحها العسكري بعملياته الاستشهادية - كعمليات (الجامعة المستنصرية والوزيرية ودار الحرية للطباعة ومقر الجيش الشعبي والأمن العامة والسفارة البريطانية) في بغداد ، وعملية السفارة العراقية في روما ..... الخ .
- من أبرز مفكري منظمة العمل الإسلامي ؛ الشهيد السيد حسن الشيرازي - الذي اغتالته المخابرات العراقية في بيروت يوم / /1980م - إبراهيم المطيري
وضرباته النوعية دوائر أمن النظام .
لذا حاولت (هي ومَن معها) بعطرها الفوّاح بثَّ الهمم في النفوس الهامدة وبعث الهموم في الأجساد الخامدة ل (أولئك النفر الجامدين القاعدين بالرغم من كل المصائب المريرة التي حلّت بالأُمة) .
- في حديث للإمام الخميني1 .
كانت لقاءاتها بالطالبات مُبرمجة ، وكلماتها نابضة موحية بالمعاني العميقة ، سيّما وقد امتاز سلوكها بالمؤانسة والوداعة ، فيما صاحب ذلك توزيع الكتاب الإسلامي الهادي والشريط التسجيلي الهادف ..
فحركتها ولسانها الذي ينثر آيات الحق والحريّة في أزقّة الكاظمية وفي أروقة الكلية كانا يُدلّان على منهجية هذه الفتاة الواعية في عدائِها لهذهِ العُصابة التي ابتلى بها عراق المستضعفين ، سيّما وان المسافة الفاصلة بين كُلّية الطب وكلية الآداب أصبحت تذوب شيئاً فشيئاً ..
لذا امتلكت (ميسون) وفي فترة زمنيّة متواضعة ، وعياً سياسيّاً هادياً مُرتكزاً على فهمٍ عقائديٍّ عُصامي .. بل وتأصَّلَ في عقلها منهجاً جهاديّاً راسياً كرسوخ جبل النور وتجذّر في روحها نقاءاً كصفاء الأولياء ، حتى صارت بعيدةً عن الدنيا قد طلّقتها ثلاثاً ، موغلةً في الهجرة صوب كربلاء .. تُرى ماذا حصل ؟! وما الذي فعله حُسام ؟! هل ذابت في مسالك العاشقين رُغم حداثة سنّها ، فنحن الى اللحظة لمّا نَزَل نجهل جذور حبّها الكبير ! تُرى من أين جاءت هذه الفتاة الصغيرة بهذهِ الروح الكبيرة ؟!
فهي والهة في ذاك الحبيب القائم والعشيق الدائم .. نزهتها المسائية شُبه اليومية (المألوفة) زيارة أبواب الحوائج: ، لذا فحينما يفتقد البعض من المقرّبات (ميسون) لايتردَّدن في الذهاب الى حضرة الكاظمين ليجدنها هناك تنساب كضوء الفجر ، هادئةً مُطرقةً تمشي على استحياء ، أو جالسةً مُنكبَّةً تقرأ في صمت الأنبياء ..
أما إذا أقبل شهر رمضان ، فإنك تجد هذه الفتاة الحورية كالعارف المستغرق في مسلكه وانقطاعه .. فهي بعد الافطار قد استقرّت في زاويةِ أحد الأروقة المجاورة للضريح المبارك ، حيث يهرع المظلوم والمفجوع والعاشق الى تلك القباب ليعبد الله ويتوب إليه .. يهرعون ليُهزموا ما في نفوسهم من دموعٍ وأحزان ، يُخضِّبون أرواحهم بحنّاء المناجاة ..
وبعد السَحَر تنساب معاودة حتى مطلع الفجر ، تغرق في سفينة النجوى والدعوات .. إنها ميسون ؛ صفاء الأولياء ومنهج كربلاء .
من هنا كانت البداية .. التفكير في القربى الى الله عزَّ وجل ، ليلة بعد ليلة ، صلاة بعد صلاة ، دمعة بعد دمعة .. أبصرت ميسون ، مشت ثم مشت حتى آخر الطريق .. وفي آخر الطريق وصلت الى مَن تريد .. الى الله الحبيب الفريد ..
تمر الشهور وميسون ترتقي سُلَّم المجد بخطى ثابتة ويقين راسخ ، حتى أضحت شمساً في سماء الكاظمية .. فاهتدت فتيات محلتها بها وهي أهل للأقتداء ، لان حبها لله وعشقها له ليس حباً صوفياً ذاتياً بل كان حباً ايجابياً معطاءً (قُل إن كُنتم تُحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله) .
- سورة آل عمران : آية 31 .
وإن كان هناك ما هو جدير بالأسف والعتب ، فهو ضياع تلك السنين القانية ما بين (1982 م - 1984 م) من سجلِّها الجهادي الدامي ! وإن كان سجلُّ الملكوت لايغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلّا أحصاها ..
لان هذا الصمت الطويل الذي غيّب جهاد وتضحيات زينبيات العراق لايقل بشاعة عن ذاك الحبل القاسي الذي غيّب آمال وطموحات نساء العراق ..
فنحن لم نعثر لها على صفحاتٍ لتلك المرحلة العصيبة من تاريخها الجهادي المتواصل .. نعم ، هذه ضريبة الحذر والكتمان ، سيّما وان أبطال خلَّيتها جميعهم قد استشهدوا أو تقاعدوا !!
__________________
البارجة هي استاذة فلسفة علوم اسلامية ,
إلى الكتاب و الباحثين
1- نرجو من الكاتب الإسلامي أن يحاسب نفسه قبل أن يخط أي كلمة، و أن يتصور أمامه حالة المسلمين و ما هم عليه من تفرق أدى بهم إلى حضيض البؤس و الشقاء، و ما نتج عن تسمم الأفكار من آثار تساعد على انتشار اللادينية و الإلحاد.
2- و نرجو من الباحث المحقق- إن شاء الكتابة عن أية طائفة من الطوائف الإسلامية – أن يتحري الحقيقة في الكلام عن عقائدها – و ألا يعتمد إلا على المراجع المعتبرة عندها، و أن يتجنب الأخذ بالشائعات و تحميل وزرها لمن تبرأ منها، و ألا يأخذ معتقداتها من مخالفيها.
3- و نرجو من الذين يحبون أن يجادلوا عن آرائهم أو مذاهبهم أن يكون جدالهم بالتي هى أحسن، و ألا يجرحوا شعور غيرهم، حتى يمهدوا لهم سبيل الاطلاع على ما يكتبون، فإن ذلك أولى بهم، و أجدى عليهم، و أحفظ للمودة بينهم و بين إخوانهم.
4-من المعروف أن (سياسة الحكم و الحكام) كثيرا ما تدخلت قديما في الشئون الدينية، فأفسدت الدين و أثارت الخلافات لا لشىء إلا لصالح الحاكمين و تثبيتا لأقدامهم، و أنهم سخروا – مع الأسف – بعض الأقلام في هذه الأغراض، و قد ذهب الحكام و انقرضوا، بيد أن آثار الأقلام لا تزال باقية، تؤثر في العقول أثرها، و تعمل عملها، فعلينا أن نقدر ذلك، و أن نأخذ الأمر فيه بمنتهى الحذر و الحيطة.
و على الجملة نرجو ألا يأخذ أحد القلم، إلا و هو يحسب حساب العقول المستنيرة، و يقدم مصلحة الإسلام و المسلمين على كل اعتبار.
6- العمل على جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية (الطوائف الإسلامية) الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان
|