قصيدة إيهٍ عراق المجد ( بكائيّة على بلدٍ إسلامي يُستباح )
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
إِيْهٍ عِرَاقَ الـمَجْدِ *
** القصيدة التي ألقيت في مهرجان المربد الشعري الحادي عشر في بغداد، في قاعة ابن النديم يوم 29 / 11 / 1995 م .
شعر : المهندس أيمن العتوم
هَلْ بَعْدَ لَيْلِكَ أَنْ يَـجِـيْـئَ ضِــــــيَاءُ
أَمْ عــــــادَةُ اللَّيْلِ الطَّويلِ ثَوَاءُ ؟!
أَمْ غَابَتِ الأَقْمَارُ وَاسْـــــــتَرْخَتْ عَلَى
أُفُقِ السَّــــــمَاءِ غِلالَةٌ سَوْدَاءُ ؟!
أَمْ غَــــــارَ نَهْرُ الصُّبْحِ في وَادِي الدُّجَى
فَإِذَا الرُّبُوعُ تَلُفُّهَا الظَّـــــلْمَاءُ ؟!
أَمْ لَـمْ يَعُدْ في الفَجْرِ فَضْـــــــلَةُ قُوَّةٍ
حَتَّى تُطِلَّ الشَّمْسُ حِينَ تَشَــــاءُ ؟!
مَاذَا أُغَـنِّـي وَ الـجِـرَاحُ قَصَـــائِدِي
وَلَقَدْ يَبُوحُ بِنَزْفِهِنَّ غِــــــنَاءُ ؟!
لي أَلْفُ بَائِسَـــــــةٍ إِذَا شَكَتِ الضَّنَا
سَكِرَتْ بِلَحْنِ نَشِيْدِهَا الأَحْشَــاءُ
إِنِّي أَتَيْتُكَ يَا عِـــــــرَاقُ وَفي دَمِي
نَارٌ وَ بَـيْـنَ جَـوَانِحِي الـبُرَحَاءُ
فَلَعَلَّني أُطْفِي لَـهِـيـبَ مَــــوَاجِعِي
وَ تُرِيـحُـنِـي مِنْ رَوْضِكَ الأَشْـذَاءُ
وَلَعَلَّ " بَغْدَادَاً " سَــــــتَفْتَحُ قَلْبَهَا
بَعْدَ الرَّدَى كَيْ يَـخْـرُجَ العُظَــمَاءُ
وَلَعَلَّني أَفِدُ " الرُّصَافَةَ " مُسْـــــعَدَاً
وَتُذِيعُ عَذْبَ الشَّــــدْوِ "سَامُرَّاءُ "
وَلَعَلَّني أَلْقَى "الخَلِيلَ" فَأَنْتَشِــــــي
بِعَرُوضِـــــــهِ أَوْ يَظْهَرُ "الفَرَّاءُ "
وَلَعَلَّني " لأَبِــي حَـنِـيْـفَـةَ " ذَاكِـرٌ
أَنَّ الـحَـيَـاةَ مَـــوَاقِـفٌ غَـرَّاءُ
وَلَعَلَّ " هَارُونَ الرَّشِـــــيدِ " أَتَى هُنَا
فَأَرَاحَ نَفْسَــــــــاً مَا بِهَا إِعْيَاءُ
وَلَعَلَّ " مَأْمُونَاً " يُعَلِّمُ أُمَّــــــــةً
في اللهِ كَيْفَ تَوَاضَـــــــعَ العُلَمَاءُ
وَلَعَلَّ " مُعْتَصِمَاً " يُعِيدُ لِـخَاطِـــــري
زَهْوَ الـخِلافَــــةِ يَعْتَلِيْهِ إِبـَـــاءُ
أَوْ تَلْتَقِي " بِابْنِ الـحُسَــيْـنِ " خُيُولُهُ
وَاللَّيْلُ وَالقِرْطَــــــــاسُ وَالبَيْدَاءُ
وَ"الكَرْخُ" هَـــلْ "بِأَبِي العَلاءِ" تَزَيَّنَتْ
لَــمَّـا أَتَـــــــى أَمْ أَنَّهَا نَكْرَاءُ ؟!
فَاسْـــــــــتَقْبَلَتْهُ بِنَشْوَةٍ وَحَفَاوَةٍ
أَمْ كَانَ فِيهَا حِينَ جَاءَ جَـــــــفَاءُ ؟!
"وَأَبُو نُوَاسٍ" هَـــــــلْ يَزَالُ مَعَ الهَوَى
يَلْهُو تُـحَرِّكُ شِـــــــعْرَهُ الأَهْوَاءُ ؟!
أَمْ تَابَ بَعْدَ رَحِيلِ عُمْرٍ ضَــــــــائِعٍ
وَ أَتَى يُـحَرِّقُ وَجْـنَـتَـيْـهِ بُــــكَاءُ ؟!
**********
إِيْهٍ عِرَاقَ الـمَجْدِ لَيْسَ عَـلَى الـمَدَى
إِلاَّ قَوَافِلُ عِزَّةٍ وَ مَضَـــــــــــاءُ
أَسْــــــــتَنْطِقُ التَّارِيخَ رُوحَ خُلُودِهِ
وَ تَـمُورُ في وُجْـــــــدَانِيَ الـخُيَلاءُ
وَ الشِّــعْرُ يَذْبَـحُـنِـي وَيُدْمِي خَاطِرِي
وَتَهُزُّنِي كَلِمَاتِي الـجَوْفَـــــــــاءُ
عَــــــيَّتْ حُرُوفي أَنْ تُـحِيطَ جَلالَهُ
مَاذَا تُفِيدُ حُروفيَ الـخَرْسَــــــــاءُ ؟!
مَاجَـــــــتْ عَلَى الآَفَاقِ رَايَاتُ العُلا
وَاسْــــــــتَـقْبَلَتْهَا الأَنْـجُمُ الزَّهْرَاءُ
أَنَا لَسْــــــتُ أُوفي بَعْضَ مَـجْدِكَ حَقَّهُ
مَهْمَا تَرَنَّحَ في دَمِي الإِطْـــــــــرَاءُ
حِقَبٌ مِنَ التَّارِيخِ أَكْبَرُ مِــــــــنْ يَدٍ
تُـمْلِي ، وَأَنْ يَرْقَى بِهَا اسْــــــتِجْدَاءُ
أَنَا مَــــــا أَتَيْتُ لِكَيْ أُبِـيْـنَ مَآَثِرَاً
لا يَسْتَطِيعُ سُــــــــمُوَّهَا الشُّعَرَاءُ
لا مِيْزَةُ التَّمْدَاحِ في شِــــــعْرِي وَلا
تَـخْـتَـالُ بَـيْـنَ قَصَائِدِي الأَسْـــمَاءُ
لي في رُبَاكَ هَــــــوَىً لَعَلِّي لَـمْ أَزَلْ
أَشْــــــــــقَى بِهِ ، وَبِهِ يَزِيدُ عَنَاءُ
فَلَقَدْ شَـــــــقِيْتُ بِـحُلْمِ وَحْدَةِ أُمَّتي
هَلْ في تَـمَـنِّـي الـحَالِـمـيـنَ شَــقَاءُ ؟!
مَـــجْدُ العُرُوبَةِ في الـعُـرُوقِ حَـمَـلْـتُـهُ
وَ لَــــهُ بِـقَـلْـبِـي وَاحَــــةٌ غَنَّاءُ
غَنَّيْتُ لِلأَمْـجَـــــــــادِ حَالِيَةَ الرُّؤَى
وَعَلَى لِسَانِي زَهْــــــــــوَةٌ وَحُدَاءُ
وَلَقَدْ رَوِيْتُ الحُبَّ مِنْ شُـــــــــطْآَنِهَا
وَاليَوْمَ أَيْـــــــــنَ الـحُبُّ وَالإِرْوَاءُ ؟!
اليَوْمَ جِئْتُكَ مِنْ بِلادِي ظَـــــــــامِئَاً
وَيَدَيَّ صِـــــــــــفْرٌ لَيْسَ فِيهَا مَاءُ
اليَوْمَ جِـئْـتـُكَ وَالفُؤَادُ مُـــــــعَذَّبٌ
وَدَمِـــــي اللَّهِيبُ وَمُـقْـلَـتِـي العَمْيَاءُ
**********
"يَابْنَ الوَليدِ" فَدَيْتُ بَأْسَــكَ مَا الذي
شُــــــغِفَتْ بِهِ مِنْ نَفْسِكَ الـهَـيْجَاءُ ؟!
أَسْرَجْتَ أَشْــــرِعَةَ الضُّحَى وَسَلَبْتَهَا
وَمَضَيْتَ ، مَـــــــا نَاءَتْ بِكَ الأَعْبَاءُ
وَوَرَدْتَ وَجْـــــهَ الشَّمْسِ تُثْبِتُ رَايَةً
فَهَوَتْ عَــــــــلَى أَكْتَافِكَ الـجَوْزَاءُ
فِيْمَنْ خَرَجْتَ مِـــــنَ الـجَزِيْرَةِ ثَائِرَاً
وَبِـمَـنْ تُبَارِكُ حَرْبَكَ الأَشْـــــــلاءُ ؟!
لا " القَادِسِــيَّةُ " أَنْكَرَتْ لَكَ نَصْرَهَا
أَبَدَاً ، وَلا غَــــــــدَرَتْ بِكَ الصَّحْرَاءُ
هَــــــــذِي الوُجُوهُ تَغَيَّرَتْ وَتَبَدَّلَتْ
مَـــــــــــنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُنَّ طِلاءُ ؟!
**********
خَمْسُونَ عَامَاً يَا فِلَسْــــــطِينُ انْقَضَتْ
وَاللَّيْلُ أَلْيَلُ ، وَالـحَـيَـاةُ هُــــــــرَاءُ
وَالـبَـائِـعُونَ تُـرَابَنَا لَـمْ يَـنْــتَــهُـوا
وَتَكَاثَرَ الشُّـــــــــــرَكَاءُ وَالأُجَرَاءُ
وَالعَارِضُـــــــونَ عَلَى الـمَـزَادِ دِمَاءَنَا
وَالـخَـائِـنُـونَ الـعَـهْـدَ وَالـعُـــمَلاءُ
خَـمْـسُــــــــونَ عَامَاً كُلَّمَا رَاجَعْتُهَا
شَـــــــــــرِقَتْ بِدَمْعِي أَكْبُدٌ قَرْحَاءُ
خَـمْسُــــــــــونَ عَامَاً لَيْسَ في أَيَّامِهَا
إِلاَّ الـهَـوَى وَالبُغْضُ وَالشَّــــــــحْنَاءُ
بِالأَمْسِ نَاصَــــــــــبْنَا اليَهُودَ عَدَاءَنَا
وَاليَوْمَ قَدْ جَـمَـعَ القُلُوبَ إِخَــــــــاءُ
فَـلِـمَـنْ دَفَنَّا في الثَّرَى أَشْــــــــلاءَنَا
حَـــتَّى ارْتَــــوَتْ بِـدِمَائِنَا الـغَـبْـرَاءُ ؟!
وَلِــمَـنْ دُمـُـــــوعُ الأُمَّهَاتِ تَقَطَّرَتْ
وَتَــفَـرَّقَ الأَهْـــــــــلُونَ وَالنُّدَمَاءُ ؟!
هَـــلْ بِاللِّقَاءَاتِ الـحَـمِـيْمَـةِ يُرْتـَجَى
حَقٌّ لِـيَـرْجِـــــــــعَ أَوْ يَكُونُ وَفَاءُ ؟!
لا تَأْمَنُوا غَـــــــــدْرَ اليَهُودِ وَمَكْرَهُمْ
لَنْ يُرْجِعَ الـحَقَّ السَّـــــــــلِيْبَ لِقَاءُ
آَمَنْتُ يَبْنِي الـمَـجْـدَ كُلُّ مُنَاضِــــــلٍ
وَيَشِيْدُ صَــــــــرْحَ شُـمُوخِهِ الشُّهَدَاءُ
آَمَنْتُ بِاللَّهَبِ الـمُقَدَّسِ ثَـــــــــوْرَةً
تَرِثُ الـمُنَى ، وَ وَقُودُهَا الشُّـــــــرَفَاءُ
آَمَــــنْــتُ أَنَّ العَدْلَ يَبْنِي دَوْلَـــــةً
الأَمْنُ مِـنْ ثَـمَرَاتِــهِ وَرَخَــــــــاءُ
وَالظُّلْمُ يَهْدِمُ كُلَّ صَــــــــــرْحٍ سَامِقٍ
مَهْمَا تَعَالَى ، فَالأَسَــــــــــاسُ خَوَاءُ
**********
يَا "قُدْسُ" حُبٌّ مِنْ قَدِيْمٍ لَـمْ يَـــــزَلْ
رَيَّانَ تَسْــــقِـيْـهِ الضُّـــــلُوعَ دِمَاءُ
يَا " قُدْسُ" يَا أَحْلامَنَا وَرَجـَــــــاءَنَا
مُذْ كَانَ فِيْنَا لا يَـخِـيْـبُ رَجَـــــــاءُ
فِيكِ الـمَلايِـيْـنُ الذينَ تَسَـــــاقَطُوا
وَإِلَيْكِ كَانَ الـحَـجُّ وَالإِسْــــــــرَاءُ
ذَرَّاتُكِ السَّــــــمْرَاءُ ضَــمَّتْهُمْ فَهَلْ
سَـــــتَـضُـمُّـنِـي ذَرَّاتُكِ السَّــمْرَاءُ ؟!
أَرْضَ الــنَّـبِـيِّـيْـنَ الذينَ تَـــوَافَدُوا
وَعَلَى ثَـــــــــرَاكِ تَـمَنَّتِ "العَذْرَاءُ "
غَافٍ عَـلَى الـحُلْمِ الـهَـنِـيِّ وَلَيْسَ لي
إِلاَّ رُؤَى الأَحْــــــــــلامِ وَهْيَ غُثَاءُ
فَمَتَى يَعُودُ إِلَيْكِ نُـــــــورُ "مُـحَمَّدٍ"
وَمَتَى تُصَــــــــــفِّقُ لِلْهُدَى الأَرْجَاءُ ؟!
**********
إِيْهٍ عِرَاقَ الـمَجْدِ كَمْ مِــــــنْ حِقْبَةٍ
مَــــــــــرَّتْ عَلَيْكَ وَلِلْحُروبِ لِوَاءُ ؟!
أَفَكَانَ دَيْنَاً أَنْ تُسَــــــــاقَ إِلى الرَّدَى
وَتُقِيْمُ فَوْقَ رُبُوعِــــــــــكَ الأَرْزَاءُ ؟!
جَاؤُوكَ مِنْ شَــــــتَّى البِقَاعِ يَسُوقُهُمْ
حِقْدٌ عَلَيْكَ وَهَجْمَةٌ هَـــــــــــوْجَاءُ
وَأَخُوكَ يُشْهِرُ سَـــــــــيْفَهُ مُتَنَكِّرَاً
وَعَـــــلَى الـمَصَـالِـحِ تَلْتَقِي الـحُـلَفَاءُ
وَدِمَاءُ هَاتِيكَ الضَّــــــحَايَا لَـمْ تَزَلْ
تَدْعُو فَـتَـرْجُفُ لِلدُّعَاءِ سَـــــــــمَاءُ
مَا ذَنْبُ أَطْـــــــفَالِ العِرَاقِ لِيُحْرَمُوا
آَبَاءَهُمْ ، وَيُشَـــــــــــــرَّدَ الأَبْنَاءُ ؟!
مَــــــــــا ذَنْبُهُمْ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ
فَوْقَ الـخُدُودِ سَـــــــــخِيْنَةٌ حَـمْرَاءُ ؟!
مَـــــــــا ذَنْبُهُمْ حَتَّى يَـمُوتُوا خِلْفَةً
لا خُـــبْــزَ يـُطْـعِـمُـهُـمْ وَلَـيْسَ دَوَاءُ ؟!
مَــــــــــا ذَنْبُهُمْ حَتَّى يُكَدِّرَ عَيْشَهُمْ
فَقْرٌ ، وَجُوعٌ صَــــــــــارِخٌ ، وَغَلاءُ ؟!
أَمْشِي وَفي عَـيْـنَـيَّ أَمْوَاجُ الأَسَــــــى
أَنَّى الْتَفَتُّ يَرُوعُـنِـي البُؤَسَـــــــــاءُ
يَا رَبِّ مِـــــــنْ أَجْلِ الطُّفُولَةِ فَاحْبُهُمْ
أَمْنَاً ، وَلا تَفْتِكْ بِهِمْ أَوْبـَــــــــــاءُ
وَاغْمُرْ فُؤَادَ الأَبْرِيَاءِ سَـــــــــعَادَةً
لِيُظِلَّهُمْ ــ رَغْمَ الـحِصَــــــارِ ــ هَنَاءُ
**********
إِيْهٍ عِرَاقَ الـمَجْدِ لي قَلْبٌ عَــــــــلَى
جَـمْرِ الغَضَــــــــــــا مُتَقَلِّبٌ بَكَّاءُ
فَإِذَا كَتَبْتُ فَمِنْ دِمَائِي حُـــــــــــرْقَةً
وَإِذَا رَثَيْتُ فَمَا يُفِيْدُ رِثَــــــــــــاءُ ؟!
أَهْـــــــــــلُوكَ أَهْلُونَا ، وَدَاؤُكَ دَاؤُنَا
وَالكُلُّ أَنْتَ ، وَ إِنَّنَا الأَجْــــــــــزَاءُ
فَاصْــبِـرْ سَــــــيَنْدَحِرُ الظَّلامُ وَيَنْتَهِي
غَسَقُ الدُّرُوبِ ، وَتُشْرِقُ الأَرْجَــــــــاءُ
وَاحْلُلْ سَـمَاءَ الـمَجْدِ حُرَّاً شَـــامِـخَاً
وَاهْنَأْ ، فَقَدْ فَخَرَتْ بِـــــــــكَ العَلْيَاءُ
بغداد / العراق
28 / 11 / 1995 م .
[/poet]
__________________
نحب بلادنا ونموت فيها
ولا نرضى لها صُلحاً مُشينا
ونحفر لليهود بها قبوراً
ونحمل ضدّهم حقداً دفينا
|