ذهبت مرة إلى التسوق في مدينتي وأنا فرحة لأشتري ما طاب لي من لباس أو أكل أو حلويات وأنا بصدد المشي في الطرقات في ذلك البرد القارس فإذا بي أرى فتى صغير حوالي 8 سنوات ملتف بغطاء رقيق نائم فوق أرض باردة صلبة على جانب حائط ، بقيت أحدق به ووجهه الملائكي ونفسه المحرمة.
وتسائلت:مالذي أوصله إلى هذه الحالة؟
لان قلبي له وأكملت طريقي وأنا شاردة .
نسيت ما كنت سأشتري . وعند طريق العودة مر أمامي رجل بعكازين رجلاه عائبان، وأنا أمشي الكيلومترات بسلامة أسرع وأبطىء كما أشاء ...
والله بقيت في حيرة من أمري ، نظرت إلى نفسي وأحسست بنعم الله علي. إنني ألبس لباسا يدفئني ،آكل جيدا والحمد لله ، لدي منزل يأويني .
ثم قلت : لماذا لا يحس الأغنياء بالفقراء ؟
لماذا الذي شبع بطنه والتف جسمه بأحسن الألبسة لا يشعر بالمحروم منها ؟!
لم يطب لي الأكل ذلك اليوم ، وأحسست بما لدي بأنها نعم كبيرة ليست لكل إنسان .بعدما غفلت عن قيمتها و كنت أطلب إلا المزيد والمزيد ...
مقارنة نفسي بالذين هم أحسن مني مالا .
* فإخواني بعدما أفقتُ أريد أن أفيقكم :
ـ قبل أن تأكلوا تذكروا إخوانكم الجائعين .
ـ قبل أن تشربوا تذكروا إخوانكم العطشى .
ـ إذا لبستم احمدوا الله على ما كساكم فكثير من لديهم لباسا واحدا أو اثنين .
ـ إذا أويتم إلى فراشكم فاحمدوا الله الذي أواكم ، فنومة مريحة على فراش مريح نعمة يتمناها كثير من الفقراء .
ـ إذا كنتم بين أهليكم استشعروا نعمة الأهل و الدفء العائلي وخاصة والديكم وتذكروا إخوانكم اليتامى في كل مكان وذلك الفراغ الذي يحسونه .
ـ تحسسوا جسمكم :لدى يدين سليمتان ، أمشي والحمد لله ، أرى والحمد لله ...جسمي كله نعم .
* إخواننا بحاجة إلينا ونحن مقبلين على الدنيا نتهافت عليها ونبذر أموالنا على أشياء غير ضرورية ، ولا نهتم إلا بأنفسنا . وغيرنا في أمس الحاجة لنا ، تقاسموا مع إخوانكم . والله انظروا إلى فرحة اليتيم أو الفقير وهو يأكل طعاما أعطيته إياه ، أو فرحته لكسوتك إياه .
* " من كسى في الدنيا كساه الله ديباجا من فضة يوم القيامة". و ياله من فخر أن يسترك الله أحسن اللباس بعد العرى!
يقول تعالى:"مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من نفّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " .
في ظهر أحد الأيام ورد بلاغ إلى غرفة العمليات بالدوريات الأمنية يفيد بوجود حادثة قتل لأمرأة وطفلتين في أحد أحياء الرياض انتقل المحقق إلى مكان الحادث ووصل إلى مكان الجريمة يدخل الشقة فإذا بجثة امرأة ملقاة على ممر الشقة الداخلي بها آثار لطعنة في مؤخرة الرقبة وطعنة أخرى في الأذن ثم ينتقل المحقق إلى الغرفة المجاورة ليشاهد مشهداً مؤلماً لطفلتين تم قتلهم بنفس الطريقة التي قتلت بها الأم ، الأولى عمرها أربع سنوات والثانية عمرها سنتان ...
بدأ المحقق بمعاينة المنزل لم يلاحظ أن المنزل قد سرق منه شي على الرغم من وجود بعض النقود والذهب في الغرفة الرئيسية لاحظ المحقق أنه لايوجد أي منفذ إلى الشقة إلا الباب الخارجي ولم يوجد على باب الشقة أي أثار تكسير...
باجتماع هذه القرائن رجح المحقق أن الجاني شخص قريب أو معروف لدى أهل المنزل في البداية تم توجيه الإتهام إلى ثلاثة أشخاص الزوج واثنان من إخوان الزوج كانا يترددان على المنزل باستمرار تم التحقيق معهم وثبتت براءة الزوج بعد التأكد من مكان وجوده أثناء وقوع الحادث وأيضاً تم إطلاق سراح الأخ الأول بعد أن أثبتت التحريات أنه كان على رأس العمل أثناء وقوع الحادث وبقي الأخ الثاني الذي تركزت حوله الشكوك ....
تبين أن هذا الشاب فاسد له سلوك منحرف يتعاطى الخمور عاطل عن العمل ولم يستطع الشاب إثبات مكان وجوده أثناء الحادث من خلال التحريات اتضح وجود خلاف قديم بين الشاب والقتيلة وكان سبب الخلاف عندما أصيبت القتيلة بالمرض قبل سنوات واحتاجت إلى نقل دم تقدم الشاب إلى التبرع لها لكنها رفضت وأخبرت زوجها أنها لا تريد من دم أخيه شيئ قالت لأن دمه فاسد بسبب إدمانه وشربه للخمور فتولد بسبب الموقف نوع من الحقد في قلب هذا الشاب على زوجة أخيه وبعد أيام من التحقيق اعترف الشاب بالجريمة البشعة يقول الشاب كنت أتردد باستمرار على منزل أخي وإذا دخلت المنزل في الفترة الصباحية وكان الأخ بالعمل كانت زوجته تحضر لي طعام الإفطار وقد تجلس معي ..
في يوم الحادث دخلت المنزل على زوجة أخى فزين لي الشيطان الفعل القبيح راودتها عن نفسها فامتنعت بدأت ألا حقها داخل الشقة وهي ترفض بشدة اشتد الموقف وفي لحظات دخلت المطبخ وأخذت السكين وطعنتها بها حتى ماتت وبسبب الصياح والصراخ إستيقظت إحدى الطفلتين على هذا المشهد ورأتني وأنا أقتل أمها خفت من انكشاف أمري فقتلت الطفلة بسكين استيقظت الطفلة الأخرى فألحقتها بإختها ثم هربت من المنزل .
.........
فانظر إلى عاقبة الذنوب ... وإدمان الخمور ... والغفلة عن الآخرة ... فإلى الله المشتكى ..
(القصة من فم الراوي)
سأحكي لكم قصتي المحزنة، إنها قصة مأساة، قصة رددها اللسان طويلا وكتبها القلم مرارا، لذالك فأنتم تعرفونها، ولكني انقلبت إلى الوراء لأذكركم بقصتي المؤلمة :
في يوم كنت
غافلا عن كتاب الله، عاصيا لأوامره، كنت ألهو وألعب وأغتر بالحياة الدنيا، كنت أتمشى مع رفقاء السوء معتقدا أنهم يسلونني أو يستمتعون بصحبتي، ولكن لا لقد فات الأوان للندم والإعتذار فقد أفسدوني ليسرقوا مني أغلى ما أملك وهو حلاوة الإيمان،، أفسدوا هيئتي الخارجية والداخلية أيضا، فقد كتبوا في نفسي معتقدات لا أصل لها قالوا أن الصلاة لا تفيد وأنها فقط تأدية حركات ..
قالوا أن الصوم لا معنى له وأنك مخلوق كي تملئ معدتك بالطعام الهني ..
قالوا أن الزكاة ليست فرض .. قالوا وقالوا الكثير............
وعندما كنت أسمع صوت الأذان، يخشع قلبي له ولكن ... ولكن ماذا ؟!؟!! .... لقد كان رفقاء السوء يلاحقوني في كل أقوالي وأفعالي وحتى حركاتي البسيطة، كانوا ينهوني عن كل شيئ يرضي الله، كانوا أصدقاء سيئين ..! ولكني للأسف اعترفت بعد فوات الأوان ..
في يوم كنت أتمشى على رصيف أحد الشوارع وحيدا وكان بجانب هذا الشارع مســـجد ضخم كبير، تلتف حوله عددا كبيرا من السيرات الواقفة، أما أصحابها فقد كانوا يستعدون بلهفة وشوق وسعادة غامرة على وجوههم، يستعدون ويتهيؤون لشئ ما !! ترى ما هو ؟؟ ..... حاولت أن أتذكر ما قاله لنا أستاذ التربية الإسلامية أمس ولكن دون جدوى فقد كنت أتحدث مع زملائي عن موضوع سخيف ..! ليتني انتبهت إلى ماقاله المدرس ..!
سألت أحد المارة : إذا سمحت، كم التاريخ اليوم الهجري ؟
فأجابني مستغربا : تريد التاريخ الهجري فهو
1 / رمضان / 1422
عصف كلام هذا الرجل بقلبي، حين تذكرت أخيرا ما قاله المدرس .... اليوم هو اليوم الأول من شهر رمضان، اليوم تغير كل شئ في نفسي، انقلب كل شئ في قلبي .. وفي هذه الأثناء علا صوت الأذان الذي لم أسمع كلمات جميلة قبل هذا اليوم قط !! ياله من صوت رائع !!!! ...... يا لها من كلمات عذبة !!!! ... وبشعور لا إرادي غيرت طريقي واتجهت إلى هذا المسجد.........
حمدت الله لأنني لم أكن مع هؤلاء الرفاق السيئين .. فتحت باب المسجد وهممت بالدخول،، كان معلق على الباب دعاء دخول المسجد .. دخلت إليه ونسمات عليلة باردة حركت خصلات شعري المنسدلة على جبيني بل إنها حركت قلبي الصغير الذي كان ينتظر هذه التحية القلبية حين دخولي للمسجد.......
توجهت إلى الشيخ المؤذن أو الإمام هناك، كان يستند على كرسيه في أول الصف كان شيخا وقورا، يمسك في يده مسباحة جميلة ويسبح الله ! .....
سلمت عليه ورد علي التحية بأحسن منها .. سألته :
-- ياعم هنا تصلون التراويح ؟ تصلون صلاة الجمعة ؟ تصلون الصلوات الخمس ؟؟؟
-- نعم يا بني ..! ولكن لماذا تسأل ؟؟
-- أنا يا سيدي جئت إلى هنا عندك فقط لأقابلك وأحكي لك قصتي .
-- خيرا إن شاء الله ... !!! قل يا بني .
-- أنا يا عمي شاب عصى الله سنين طويلة، فهل من توبة تكفر عني هذه الآثام العظيمة التي ارتكبتها طيلة عمري،، فقد ضلني أصدقائي الطيبين الذين كنت احسبهم، ولكنهم سيئين، أشرار لقد ضلوني عن الذكر بعد إذ جائني، وكان أولهم الشيطان، كنت أتبعه وينصحني ولكن نصيحة الغير واثق من نفسه .. كان يسهل لي كل الطرق كي أعمل السيئات وأتلذ لذ بها وأعصي الله في كل مرة ..
فأنا الآن عزمت على التوبة والرجوع إلى الخالق الغفور، فهل من مكان إلى جوارك يسع قلبي الصغير بالجلوس فيه ؟؟!
-- بالتأكيد يا عزيزي،،، سمعت قصتك المؤلمة والإقرار على الرجوع والتوبة .. فاذهب فاتوضأ ثم ائتني إلى هنا ..
ففعلت ما أمر به الشيخ الفاضل، ثم توجهت إليه مرة أخرى وتذكرت تلك النسمة الرقيقة التي حركت شعري وقلبي معا وحركت في نفسي الشعور بالندم ..
علمني الشيخ كل شيئ عن الإسلام الصحيح، وتلاوة القرآن، ونصحني بدخول المعاهد الإسلامية في أي مدينة كي أتعلم العلوم الإسلامية وتجويد القرآن وحفظه.....
والتزمت بما أوصاني به الشيخ.. وبدأت في حفظ القرآن،،،،، ومرت سنين طويلة حتى رأيت اسمي منشورا في مجلة مع صورتي .. وقرأت تحتها، فلان بن فلان ... الذي ختم القرآن حفظا وتجويدا حصل على جائزة قدرها (---------) بالإضافة إلى مثوبة من الله ومغفرة منه وجنة عالية...
وأخيرا .......... وبعد أن سمعتم قصتي أحكموا عليها أنتم بأنفسكم ......
وأخيرا وليس آخرا ما عساي أن أقول :: ( الحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله )
لا تختلف عن سائر موضوعاتك المميزة داخل هذه الخيمة تحديدا ..
بارك الله فيك ..
__________________
لو كانت الأيــامُ فى قبضتــى ** أّذريتُها للريح مثل الرمــــال
وقلتُ يا ريحُ بها فاذهبـى** وبدديها فى سحيـق الجبــال
بل فى فجاج الموت فى عالمٍ ** لا يرقصُ النـور به والظــلال