صورة الرجل في شعر المرأة العربية
كانت المرأة ولاتزال الموضوع الرئيس الذي وقف عنده الرجل العالم ,
و الفيلسوف المفكر , و الأديب المتخيل , و الشاعر المصور . محلللا نفسيتها , و شارحا طبيعتها , و سابحا في عالمها , كاشفا عن عواطفها
و أحاسيسها . و لو أجرينا عملية صبر آراء لهؤلاء الرجال , و عصرنا آرائهم لاستخلصنا موقفين متناقضين ؛ فالموقف الأول موقف لاغي لوجود المرأة ككائن إنساني . فقد اعتبرها - سقراط " أكبر منشأ للأزمة و الإنهيار في العالم , إن المرأة تشبه شجرة مسمومة ظاهرهاجميل و لكن عندما تأكل العصافير تموت حالا ". كما عدها اإغريقيون " رجس من عمل الشيطان . أما الفيلسوف - نيتشا- فقد كان يوصي الرجل"إذا كنت تمضي إلى المرأة فلا تنسى أن تأخذ سوطك معك " . و لشبنهاور رأي فيها حيث قال : " إن النساء مخلوقات تافهات عابثات مبتذلات سطحيات قليلات الشأن " .
أما الموقف الثاني فهو مقر بوجودها مقدس لمكانتها , فهي عند الشاعر المصري - صالح الشرنوبي - ملك إلهي :
ملك لو أن الله لم يخلقه ما آمنت بالإعجاز في إغرابه
و لا يرى حرجا أو خدشا في عقيدته إن سجد بين يديها لأنه ورث الحب عن أبيه آدم :
حواء ..يا سر جمال الوجود يا كل ما نهواه في العالم
يطيب لي بين يديك السجود فقد ورثت الحب عــــن آدم
إن هذا الموقف هو الذي جعل المرأة تشعر بسلطانها و بقوتها و عظمتها, فقد أصبحت كما يقول المثل الفرنسي :< إذا أرادت المرأة أراد الله > . و إحساسها هذا نابع من وعيها بمكانتها في المجتمع , فقد أدركت أنها تمثل نصفه , و أن لها دورا نبيلا و عظيما في الحياة المجتمع فهي :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فعلى يديها تتخرج الأجيال , بل لها تأثير قوي حتى على الرجل :
و إذا النساء نشأن في أمية رضع الرجال جهالة و خمولا
إذا تمعنا في الموقفين فإننا نجدهما صادرين من قبل الرجل , أما رأي المرأة فقد غيب - و حسب مطاعتي - لم تعط المرأة حرية التعبير عن رأيها
و موقفها سواء عن نفسها , أو عن الرجل . و هذا ما أحاول تسليط الضوء عليه من خلال هذه الوقفة السريعة .و أول سؤال أطرحه على المرأة ماموقفها من الرجل؟ و ما الصفات المحببة لها في الرجل ؟
تجيبنا إحدى الشاعرات العربيات قائلة :
أخدت ترابا من مواطئ رجله غداة غدا كيما يثوب مسلما
و تجيبنا أخرى :
قالت له و أقبضت من أثره يارب أنت جاره في سفره
إن هذين البيتين يشيران إلى مدى طاعة المرأة العربية للرجل ( الزوج) حيث كانت تأخذ ترابا من موطئ رجله لما يغادر البيت تبركا و تمني بعودته سالما معافى .و المرأة لم تفعل ذلك إلا لأن الرجل كان بالنسبة لها الحصن الذي تحتي به كما تقول لنا الشاعرة - فاطمة بنت الأعجم الخزاعية - :
قد كنت لي جبلا ألوذ بظله فتركتني أضحى بأجرد ضاح
قد كنت ذات حمية ماعشت لي أمشي البراز و كنت أنت جناحي
أما عن الصفات المحببة إليها فتقول الشاعرة - ليلى التغليبية -:
بتل نباتا رسم قبر كأنه على جبل فوق الجبل منيف
تضمن جودا حاتميا و نائلا و سورة مقدام و رأي حصيف
ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت فتى كان للمعروف غير عيوف
فتى لا يلوم السيف حين يهزه على ما اختلى من معصم و صليف
فتى لم يحب الزاد إلا من التقى و لا المال إلا من قنا و سيوف
إن المرأة تحب في الرجل كرمه و جوده , و إقدامه في غير جبن , و عقله الحكيم بغير تهور , و شجاعته بعيداعن الخوف .
<< يتبع>>
|