فريد جعفر
الأمر ليس بالإطلاق الذي تتصوره و جئت تتحدى به
فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:
{ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }
لاحظ ان الله عز و جل وصف الطائفتين بالمؤمنين ، ثم يقول ( فقاتلوا ) ، اي تواجهوا بالسيوف و كلكم مسلمين مؤمنين ، فهل يمكن ان يدعونا الله ان نلقي بأنفسنا في النار وفقاً للإطلاق الذي فهمته انت من الحديث الشريف؟!!
كما نقرأ في صحيح البخاري ايضاً :
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة )
فهذا حديث يبين الإستثناءات على الحديث الذي أوردته ، و الآية الكريمة تبين حكماً آخر يبيح القتال بين طائفتين مؤمنين بغت إحداهما على الاخرى....
اخي الكريم فريد ، إن هذا الحديث الذي أوردته إن صح يبين مبدأ اساسي يفترض ان يراعى ، فلا يًلجأ للسيف بين المسلمين الا في حالات إستثنائية لازمة ، و إقتباس حديث مفرد و تقرير حكم على اساسه دون النظر الى المناسبة التي قيل فيها و ما يكمله من الكتاب و باقي الاحاديث الشريفة يؤدي الى حكم منقوص او خاطيء.
كما ان الحديث الذي تفضلت بذكره ، لم يرد إلا عاماً ، و قد أفتى به ابو بكرة على حالة معينة من إجتهاده الشخصي ، و لا احد يستطيع ان يؤكد بأن مراد الرسول صلى الله عليه و سلم ينطبق على تلك الحالة ، ناهيك عن ان في صحته قول ، لاحظ معي:
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا حماد عن رجل لم يسمه عن الحسن قال :
خرجت بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة فقال أين تريد قلت أريد نصرة بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار قيل فهذا القاتل فما بال المقتول قال إنه أراد قتل صاحبه
قال حماد بن زيد فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس بن عبيد وأنا أريد أن يحدثاني به فقالا إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة حدثنا سليمان حدثنا حماد بهذا وقال مؤمل حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس وهشام ومعلى بن زياد عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه معمر عن أيوب ورواه بكار بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي بكرة وقال غندر حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرفعه سفيان عن منصور).
من كل هذا يتضح إن شاء الله ، ان تحديك لا يجوز بمجرد إقتطاع نص و إعتباره يحمل حكماً مطلقاً دون إنزاله على حالة او حادثة معينة يمكن من خلالها إستقراء كافة الاحكام الشرعية التي تؤطر تلك الحادثة ، فالحديث يقرر مبدأ اساسي عام قد يتغير وفقاً لكل حالة و ظروفها و دوافعها والأحكام الشرعية التي تستدعي تطبيقها تلك الحال ، و هذا من ابسط علوم فقه النازلة.
إقتباس:
هل هذا يعني ان كل الذين شاركوا في حروب وقعت بين المسلمين هو في النار بداية من الصحابة الاجلاء و صولا الى بن لادن _ حفظه الله _ و مجموعاته؟
|
و الواقع ان سؤالك هذا يشمل حالات كثيرة لكل منها تكييفه الشرعي ، فيفترض ان تكون اكثر تحديداً ، كما سبق التبيان.
ارجو ان يكون في هذا الكفاية ، حيث ان بعض الاخوان على اي حال قد سبقوني بتوضيح الامر لك.
تقبل تحياتي