الأحكام السلطانية نوع من أنواع الفكر السياسي العربي الاسلامي، وهي كتابات سياسية تزامن ظهورها الجنيني مع ما يدعوه الجميع بـ "انقلاب الخلافة إلى ملك"، وتقوم في أساسها على مبدأ "نصيحة" أولي الأمر في تدبير شؤون سلطتهم، ومذوبة لكل تعارض محتمل بين الشرع والسلطان الذي هو بمثابة "ظل الله في الأرض".
لقد عمرت هذه الآداب السلطانية ما يفوق عشرة قرون وشكلت الجزء الأكبر من الثرات السياسي العربي الاسلامي مقارنة بمثيلاتها "الفقهية" و"الفلسفية". ويتميز هذا النوع من الكتب بخاصية وحدة المفاهيم تكاد تجعل كاتبها أشبه بناسخ يسرق الكلمات إن لم نقل بامحائة تماما أمام "نوع" كتابته المحددة القواعد سلفا. هكذا يبدو السلطان متفردا في شخصه وأوّلَ في مجلسه ومستبدا بأمره واستثنائيا في ظهوره وترتسم لنا صورة عن حاشيته بنفس الملامح المزدوجة بين بطانة صالحة أو فاسدة (أما السلطان فهو دائما صالح).
وأخيرا أتساءل : ألا يكون البحث في ثرات مضى، ونحن نعيش حاضرا لا حديث فيه الا عن المستقبل والديمقراطية وحقوق الانسان، هدرا للجهود ؟؟؟
كل الوقائع اليوم تشي بضرورة تجاوز هذا النوع من التراث السياسي، وبمسايرة حركة التاريخ، وتحديدا بالانتقال من دولة السلطان إلى سلطان الدولة، ومن جمع "الرعايا" إلى مفرد "المواطن".
هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه.. ويجمد المتخلفون عند حدوده.
تحياتي لي وحدي