إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة muslima04
بارك الله فيكم..نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه آمين..
شيخنا الكريم..حفظكم الله..لعله من اغلب المشاكل التي تؤرق الفتاة المسلمة الآن..مشكلة زوج المستقبل أو الزواج بصفة عامة..أومشكلة حياتها المستقبلية..فكما لا يخفى على احد ـ والله اعلم ـ أن نسبة الفتيات أو النساء الغير المتزوجات بصفة عامة قد ارتفعت وفي ارتفاع مستمر..مما يسبب للفتاة نوعا من الخوف والإضطراب.. فمهما قالوا عنها فإنه يبقى حلم كل فتاة عادية الذي تسعى إليه دوما هو زواجها من رجل صالح يأمنها في دينها ونفسها ودنياها..لكن بالمقابل وخصيصا في هذه القرون المتأخرة وبسبب ما يسمى بحركة تحرير المرأة..بدأت تجد عوائق كثيرة دون الوصول إلى هذا الحلم..ففي بعض المجتمعات مثلا..أن تبقى الفتاة في بيت والديها تنتظر فارس أحلامها.. يأخذ على انه تخلف..مما أجبرها وللأسف على الإحتكاك بالناس وفرض نفسها في هذا المجتمع..طوعا أو كرها..فإن لم يكن من اجل تحقيق ذلك الحلم فلأجل تامين مستقبلها بإذن الله..إذ أن العثور على رجل صالح في هذا الزمن أصبح شبيها بالبحث عن إبرة في وسط الصحراء..مما يجعل الفتاة المسلمة في اضطراب مستمر مع نفسها..فهل من كلمات ونصائح يا شيخنا الكريم لتكون بردا على نفسها بإذن الله؟؟؟
|
آمين ..
وفيك بورك
الجواب :
وحفِظك الله ورعاك .
صحيح أن عدد النساء آخِذ بالازدياد ..
ومما أخْبَر بِه النبي صلى الله عليه وسلم كَثْرَة النساء في مُقابِل الرِّجال في آخر الزّمان ..
ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أنه قال : ألا أحدثكـم حـديثا سمعته مـن رسـول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّثُكم أحَدٌ بعدي سَمِعَه منه ؟ : إنّ مِن أشراط الساعـة أن يُرْفَع العِلم ، ويَظهر الجهل ، ويَفشو الزنا ، ويُشرب الخمـر ، ويَذهب الرجال ، وتَبقى النسـاء ، حتى يكون لخمسين امـرأة قَـيِّمٌ واحـد . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يَتْبَعُه أربعون امرأة يَلُذْنَ به مِن قِلّةِ الرجال وكَثرة النساء . رواه البخاري ومسلم .
إذاً هـذه نتيجـة حتمية للحروب وكثرة القتل التي أخبر عنهـا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، والتي عبّر عنهـا بالْهَـرْج ، حتى لا يَدرِي القـاتل فيما قَتَل ، ولا المقتول فيما قُتِل !
جاء ذلك في صحيح مسلـم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيـم قُتِل ، فقيل : كيـف يكـون ذلك ؟ قـال : الهـرج . القـاتل والمقتول في النار
وقد حَدَث ما يُشْبِه هذا قبل أكثر من ثلاثمـائة سنة !
فقد نقص عـدد رجـال الألمـان بعد حرب الثلاثين سَنة كثيراً ، فقـرّر مجلس حكومـة (فرانكونيـا) إجـازةَ أن يتزوّج الرجل بامرأتين !!
إلا أن هذه الزيادة في أعداد النساء لا تَدْعو إلى القلق ، وإنما تَدْعو كل غيور أن يُحاوِل جادًّا في دراسة هذه المسألة ، وإيجاد الحلول المناسِبة ..
وليس من الْمُسْتَسَاغ أن يُطلَب ما عِند الله مِن الفَرَج والرِّزق بِمعصِيَتِه .. ولا التوصّل إلى ما عِنده بِسَخَطِه ..
لأن المعاصي عِبارة عن أقْفَال لأبواب الرِّزق والتوفيق ..
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .
وقال عَزّ وجَلّ : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) .
فما عِند الله مِن رِزق وفَتْح وتوفيق وفَرَج إنما يُطلَب بِتَقْواه وطاعتِه ..
فالاحتكاك بالناس والاختلاط والتبرّج ليست هذه مِن الوسائل المشروعة بل مِن الوسائل الممنوعة شرعا .
وأحيانا تَضَع بعض الأُسَر العوائق ضد تحقيق الأمن النفسي لِفتياتها .. إما عن طريق الشروط المتعذِّر تحقيقها ! أو عن طريق المغالاة في المهور .. أو الاعتذار بأعذار واهية ، كإكمال الدراسة ونحوها ..
وقد يُرَدّ خِلال ذلك مَن يُرضى دِينه وخُلُقه .. بل قد يُردّ أكْفَاء كُـثُـر .. فيَكون تأخّر زواج الفتاة مِن باب العقوبة ..
ولا يُنكَر وُجود هذا .. كما لا يُنكَر تعسّف بعض الأُسَر ..
وسبق أن كتبت مقالا بعنوان :
أيها الآباء .. لا تبغوا الفساد في الأرض !
وهو هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/287.htm
http://www.almeshkat.net/vb/showthre...threadid=41223
وهذه القضية لم يُهملها الإسلام .. ففي الإسلام حلول كثيرة لِمثل هذه القضية ، منها :
1 – عَرض الرّجُل مَولِيّته على الرَّجُل الصالح
وقد بوّب الإمام البخاري بـ باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير
وأوْرَد فيه حديث ابن عمر ، وفيه : قال عمر بن الخطاب : أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال : سأنظر في أمري . فلبثت ليالي ، ثم لقيني فقال : قد بدا لي أن لا أتزوّج يومي هذا . قال عمر : فلقيت أبا بكر الصديق فقلت : إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر . فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا ، وكنت أوجد عليه مِنِّي على عثمان ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه ، فلقيني أبو بكر فقال : لعلك وجدت عليّ حين عَرَضْتَ عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئا ؟ قال عمر : قلت : نعم . قال أبو بكر : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها ، فلم أكن لأُفْشِي سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو تَرَكَها رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبِلْتَها .
والحديث رواه مسلم أيضا .
2 – عرض المرأة نفسها على من تتوسّم فيه الخير والصلاح
وقد بوّب الإمام البخاري بـ باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح
ثم ساق بإسناده عن ثابت البناني قال : كنت عند أنس وعنده ابنةٌ له . قال أنس : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعْرِض عليه نفسها . قالت : يا رسول الله ألكَ بي حاجة ؟ فقالت بِنْتُ أنس : ما أقلّ حياءها ! واسوأتاه واسوأتاه ! قال : هي خير منكِ ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فَعَرَضَتْ عليه نفسها .
قال ابن حجر : جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبة في صلاحه فيجوز لها ذلك وإذا رَغِبَ فيها تَزَوّجها بِشَرْطِه .
وقال عن هذا الحديث وحديث سهل بن سعد : وفي الحديثين جواز عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه ، وأن لا غضاضة عليها في ذلك ، وأن الذي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار ، لكن لا ينبغي أن يُصرح لها بالرد بل يكتفي السكوت . وقال المهلب : فيه أن على الرجل أن لا ينكحها إلا إذا وجد في نفسه رغبة فيها .
وقال الإمام النووي : وفيه استحباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها .
إذا عرضت المرأة نفسها فربما يُساء بها الظن خاصة في هذا الزمان ، فيُقال : لولا أن فيها شيئا لما عرضت نفسها !
فإذا أرادت المرأة أن تعرض نفسها فلتجعل بينها وبين من تُريد أن تعرض عليه واسطة من قريب أو قريبة أو شخص ناصح تثق به .
فيكون واسطة بينه وبينها
فيأتيه فيقول : فلانة تَصلح لك ، ولو خطبتها لما ردّوك ... ونحو هذا الكلام .
وإن وثقت به فعرضت عليه لم ترتكب أمراً محرما ولا مكروها .
3 – الرِّضا باليسير .. فَمِن النساء من لا تَرضى باليسير .. ومِنهن من لا تَرضى أن تتزوّج بشخص سبق له الزواج
ومنهن من لا ترضى أن تتزوّج من هو أقل منها عِلما ، أو أصغر منها سِـنًّا ..
بل بعضهم لها شروط لا تكاد توجَد !
أحيانا عندما أقرأ بعض الشروط . .أو المواصفات .. أتذكّر ما ذكره الإمام الذهبي في ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ..
قال :
بَعَثَتْ أمُّ ولدٍ لعبد الملك بن مروان إلى وَكيلها تَسْتَهْدِيه غلاما ، وقالت : يكون عَالِماً بالسُّنَّة ، قارئا لِكتاب الله ، فصيحا ، عفيفا ، كثير الحياء ، قليل المراء . فَكَتَبَ إليها : قد طَلَبْتُ هذا الغلام فلم أجِدْ غلاما بهذه الصِّفَة إلا عبد الله بن عمر ! وقد سَاوَمْتُ به أهله فأَبَوا أن يَبِيعُوه !
فبعض الفتيات .. بل وبعض المنطلَّقَات .. يَشْتَرِطْن شُرُوطا كأنها شروط ( أم ولد عبد الملك ) !
4 – آخر العلاج الكَيّ
الصبر .. لِقوله عليه الصلاة والسلام : مَن يَتَصَبّر يُصَبِّره الله ، وما أُعْطِي أحَدٌ عطاء خيرا وأوسع من الصبر . رواه البخاري ومسلم .
فصبر الفتاة يَجمع لها بين الأجر والظَّفَر .. لأن من صَبَر ظَفِر .. وأجر الصابر ليس له حصر .. وفي التنْزِيل العزيز : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .
وكم مِن فتاة اسْتَعجَلتْ الزواج .. أو تسرّعتْ في قبول الخطّاب .. فعاشتْ الحسرة والندامة ..
وكنت أشَرْتُ إلى ذلك هنا :
رُبَّ امرئ حَتْفُه فيما تمناه
http://www.almeshkat.net/vb/showthre...threadid=36863
5 – الدعاء واللجوء إلى من بيده الأمر كله ..
وهذا حقّه التقديم .. أي أن أول ما يُوصَى به هو الدعاء والتضرّع إلى الله .. فهو فارِج الهم .. كاشِف الضرّ .. مُجيب المضطرّ ..
وللدعاء أوقات وأحوال وأماكن وموانع .. سبق بسط ذلك كله هنا :
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=14&book=8
والله تعالى أعلم .
.