الله يخلف عليكم يا شيوخ الكويت
كتب/ محمد عبدالقادر الجاسم
الله يخلف عليكم!
كان صدام حسين يحشد قواته ويرسل جواسيسه إلى الكويت, وكانت المعلومات تتدفق على أصحاب القرار عن نوايا صدام حسين, وكان ضباط الجيش يلحون في طلب إعلان الاستنفار, وجهات الاستخبارات الغربية الصديقة تبلغ الكويت عن استعداد صدام حسين للهجوم عليها... و"جماعتنا سهود ومهود.. إللي مسافر واللي يقول إن إحساسه يقوله إنه مو صاير شي..."!!
في المقابل ومنذ صدور قرار حل مجلس الأمة, يجتمع عدد من الشيوخ كل ليلة, ويمتد بهم السهر, ليس لمناقشة احتمالات المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران, ولا لوضع خطط طوارئ لمواجهة أي تداعيات لأزمة المفاعل النووي الإيراني, ولا لمناقشة احتمال لجوء إيران لعمليات تخريب ضد مواقع القوات الأمريكية في الكويت, ولا لمناقشة مغزى خروج الشباب الكويتي إلى الشارع معربا عن ضجره وعدم ثقته (بالحكومة), ولا لمناقشة كيف يتم اختيار رئيس الوزراء القادم, ولا لمناقشة خطة الحكومة القادمة, ولا لمناقشة أوضاع الأسرة الحاكمة والعبث الذي يقوم به بعض الشيوخ في ثوابت العلاقة بينهم وبين الشعب... لالالا, هم يناقشون مسألة أخطر من كل ما سبق.. نعم أخطر من ذلك كله, فهم يناقشون هل يمكن إسقاط مسلم البراك؟ إلى أين تتجه أصوات الحضر في العارضية؟ وكيف يمكن اقناع الناس في الخالدية بعدم التصويت لأحمد السعدون؟ كيف نمنع خالد السلطان من الترشيح في الشويخ كي لا يؤثر على جاسم الخرافي؟ هل نزول نساء في كيفان يقلل من فرص نجاح عادل الصرعاوي؟ وإلى أين تتجه أصوات الرشايدة في الانتخابات الفرعية؟ وماذا عن شمر؟ وهل البحارنة والحساوية في الدعية على "قلب واحد"؟ وماذا عن الكنادرة هل يصمد تحالفهم مع المطران في الرقة ؟؟
هذا هو محور حديث الشيوخ في الليل!! ألم أقل لكم أنهم يناقشون قضايا استراتيجية خطيرة جدا؟!
حتى الآن, لا توفر الحملات الانتخابية القدر المطلوب من الضغط الشعبي على الأسرة الحاكمة, ولم تصل بعد إلى المرحلة التي يمكن للأسرة أن تستوعب معها, خطورة التغيير الذي طرأ في توجهات الرأي العام, وضرورة التجاوب معه. وهم لا يدركون بعد خطورة عدم احترام "التوجهات العامة", لذلك يقوم بعضهم, وبكل درجات الفسق السياسي, بالتلاعب في الانتخابات. ويمكن اعتبار التدخل الحالي "المسعور" لهذا البعض, كمؤشر على استمرار العقلية ذاتها التي مازالت تعتقد أن أفضل طرق إدارة الدولة هي الرشوة وشراء الذمم. ويبدو أن "رصيد الحكمة" لدى الأسرة الحاكمة قد انتهى. فلو كان هناك بقايا حكمة, لأدرك الشيوخ أنهم, بما يفعل بعضهم, إنما يضعفون حكمهم يوميا, ويتسببون في إحداث تصدعات في العلاقة بينهم وبين الشعب الكويتي. وهم يستدرجون الأمور نحو مواجهة قد تحدث في المستقبل القريب, وتحديدا في مرحلة العهد القادم. وهذا الضعف وذلك التصدع هما ما يجب علينا جميعا إيقافه طالما هم لا يدركون خطورة فعلهم.
وإذا كان إسقاط مسلم البراك و أحمد السعدون وعادل الصرعاوي وفيصل المسلم قد أصبح هدفا استراتيجيا للأسرة الحاكمة, فلا أملك إلا ان أقول: الله يخلف عليكم!
على العموم, قبل سنة بالضبط, وفي مثل هذا اليوم الثالث من شهر يونيو, نشرت أول مقال لي في هذا الموقع, وكان بعنوان "السلطة تحد السلطة". وقد بلغ عدد المقالات التي نشرتها هنا 61 مقالا. فيما تعدت الحركة في الموقع, حتى لحظة نشر هذا المقال, مليون ونصف المليون من أكثر من 100 دولة, وهو رقم لم أتوقعه أبدا. إن نجاح هذا الموقع يعود, أولا للقراء الذين يواصلون القراءة والمتابعة, وثانيا لصاحب القرار الذي "تحمل" ما كتبت, وأتاح لي فرصة التعبير عن رأيي بحرية, وثالثا للأخ العزيز بوطارق ( ولا أعني السيد محمد السنعوسي وزير الإعلام) فهو, أي بوطارق الذي أعنيه, الشخص الوحيد الذي أعطيته عنوان الموقع, حين أتصل بي مصادفة في مثل هذا اليوم العام الماضي, وكان يسأل عن نشاطي بعد الابتعاد عن الصحافة, فأخبرته عن الموقع وعن نشر المقال الأول, وبسببه انتشر موقعي بين الناس.
2/6/2006
|