مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 01-08-2006, 03:50 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

قبل أن نقوّم أداء النظام في هذا الجانب نشير إلى التأصيل الشرعي العام لهذه القضية:

أولاً: لقد ثبت بالكتاب والسنة أن التمكين للإسلام، ورفع كلمة الله، وإقامة شعائر الإسلام وإظهارها، واجب شرعي على من تولى أمر المسلمين قال تعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}، (الحج؛ 22:41). نقل القرطبي عن الضحاك في تفسير هذه الآية قوله: [هو شرط شرطه الله عز وجل على من آتاه الله الملك]، (تفسير القرطبي 7/73). وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: [جميع الولايات مقصودها أن يكون الدين كله لله، فإنه سبحانه إنما خلق الخلق لذلك، وذلك هو الخير والبر والتقوى]، (المجموعة الكاملة 9/42). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها]، (السياسة الشرعية 139). وقال إمام الحرمين الجويني: [الغرض - من الإمامة - استيفاء قواعد الإسلام طوعاً أو كرهاً والمقصد الدين]، (غياث الأمم 138). وقال الماوردي رحمه الله: [الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا]، (الأحكام السلطانية 5). وهكذا فإن الغرض الأول الذي شرعت من أجله الإمامة هو تحقيق الدين على مستوى المجتمع والدولة.

ثانياً: ثبت بالكتاب والسنة أن رفع شعائر الإسلام، والتمكين لدين الله لا يتحصل إلا بقيام الولاة بالأمر بالمعروف، كل معروف، والنهي عن المنكر، كل منكر، ولذا صار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناه الشامل واجباً منوطاً بولي الأمر إذا قصّر فيه قصّر عن شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وإذا نقضه نقض مقصود الإمامة في الإسلام، قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، (آل عمران؛ 3:110) وقال: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ،ونهوا عن المنكر}، (الحج؛ 22:41)، وقال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر}، (التوبة؛ 9:71)، والإمام وكيل أو نائب عن الأمة في تحقيق عهد المؤمنين مع الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك بشكل واضح وصريح فقال: [جميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]، (الحسبة في الإسلام 6). وقد كرر ابن القيم نفس عبارة الشيخ ابن تيمية تقريباً في كتابه الطرق الحكمية في السياسة الشرعية بقوله: [وجميع الولايات الإسلامية مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]، (الطرق الحكمية 246). وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: [ومما يجب على ولي الأمر: تفقد الناس من الوقوع فيما نهى الله عنه ورسوله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن بإزالة أسبابها، وكذلك بخس الكيل والميزان، والربا]، (الرسائل والمسائل 2/11) . قال شيخ الإسلام في حديثه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: [هذا واجب على كل مسلم قادر وهو فرض على الكفاية، يصير فرض عين على القادر الذي لم يتم به غيره، والقدرة هو السلطان والولاية، فذوو السلطان أقدر من غيرهم، وعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم]، (الحسبة في الإسلام 6).

ثالثاً: ثبت بالكتاب والسنة كذلك أن تعطيل هذه الشعائر وإنعاش الباطل، وإضعاف الحق سبب في الهلاك والدمار والعذاب الدنيوي، فضلاً عن الإثم المترتب على ذلك، قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً}، (الإسراء؛ 17:16). قال القرطبي في تفسيرها «وقيل أمّرنا: جعلناهم أمراء لأن العرب تقول: أمير غير مأمور أي غير مؤمر، فإذا أراد (الله) إهلاك قرية مع تحقيق وعده على ما قال تعالى أمر مترفيها بالفسق والظلم فحق عليها القول بالتدمير]، (تفسير القرطبي 1/230). وقد تظافرت الأحاديث النبوية في هذا المعنى فمنها ما رواه الترمذي وأبو داود عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما وقع النقص في بني إسرائيل، كان الرجل منهم يرى أخاه يقع على الذنب، فينهاه عنه، فإذا كان الغد، لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله وشريبه وخليطه، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ونزل فيهم القرآن فقال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانو يعتدون}، (المائدة؛ 5:78)، وقرأ حتى بلغ: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون}، (المائدة؛ 5: 78-81)».

وعند الترمذي وأبي داود كذلك عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: (يا أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}، (المائدة؛ 5: 105)، وإنما سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب» وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيّروا ولا يغيّرون، إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب»). وعند أبي داود عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيّروا عليه ولا يغيّرون، إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا». وعند الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «والذي نفسي بيده: لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم».

فهذه الأدلة، وغيرها كثير، دليل قاطع على أن تقصير الأمة متمثلة في نوابها، وعلى رأسهم الحاكم، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب مباشر في حلول العذاب الدنيوي فضلاً عن الإثم والسيئات، فكيف إذا كان الحال أكثر من مجرد تقصير، بل أمر بالمنكر ونهي عن المعروف وإشاعة للفاحشة ودفاع عن الباطل، وحرب للدعوة؟!

رابعاً: نص العلماء على أن الطائفة الممتنعة التي تصر على تعطيل الشرائع الثابتة، أو استحلال الحرام الثابت الذي لا عذر لأحد فيه، فإنها تعامل معاملة مانعي الزكاة الذين قاتلهم أبو بكر رضي الله عنه ليس لإنكارهم النبوة، ولا القرآن، ولا حتى لتركهم الصلاة، بل لمجرد تعطيل تلك الشعائر الثابتة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [وأيما طائفة ممتنعة انتسبت إلى الإسلام وامتنعت عن بعض شرائعه الظاهرة المتواترة فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين حتى يكون الدين كله لله]، (السياسة الشرعية ص108). ويقول في موضع آخر: [فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج، أو التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها، التي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، وإن كانت مقرة بها]، (الفتاوى ج28 ص503). وتأمل قوله: [أو التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا]، وأين يقع الربا في ذلك، وتأمل قوله كذلك: [وإن كانت مقرة بها]، فلا يكفي الإقرار بل لابد من التطبيق.

وبعد هذا الاستعراض لما يفرضه الإسلام على الدولة من إقامة الشعائر، والتمكين للدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخطر تعطيل ذلك على المجتمع، دعنا نرى إنجاز النظام السعودي في هذا الجانب ونقوّمه من هذا المنطلق، ونرجو من إخواننا الذين يحرصون على إصابة الحق في معتقدهم وعملهم، أن يتأملوا الأمر بحنكة وفطنة ويتخلوا عن السذاجات والتبسّط وخداع النفس ويقبلوا بحقائق الأمور ولا تغرهم الدعاوى والافتراءات.

حين ننظر إلى النظام السعودي الحالي بهذه الطريقة نخرج باستنتاج غريب مؤدّاه أن ذلك النظام لم يقصر في ذلك الواجب الشرعي الذي من أجله شرعت الإمامة في الإسلام، بل نقضه نقضاً، وعمل على خلافه، ولقد تبين أن تعامل النظام مع قضية التمكين لدين الله في الأرض، وإظهار الشعائر، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عبارة عن خطة كاملة واستراتيجية عريضة، مؤداها مسخ المجتمع في جزيرة العرب، وبتر الأمة عن إرثها الإسلامي العظيم، وتحويل المسلمين إلى مجرد أفراد من المسلمين كل دينه بينه وبين ربه، ونزع الجانب الاجتماعي، وجانب الدولة عن الإسلام على الأقل من الناحية العملية. ودعنا نستعرض بعض النماذج لواقع الشعائر الإسلامية في النظام السعودي الحالي:

النموذج الأول: شعيرة الجهاد، والحد الأدنى منها الذي تعتبر بعده معطلةً تعطيلاً كاملاً هو حماية البيضة وتحصين الثغور، حتى يكون المسلمون في أمن على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم. قال الماوردي في تعداده لمسؤوليات الإمام: [الثالث: حماية البيضة، والذب عن الحريم، لتتصرف الناس في المعايش وينتشروا في الأسفار آمنين من تغرير بنفس أو مال]، (الأحكام السلطانية ص16). وقال إمام الحرمين: [وأما اعتناء الإمام بسد الثغور فهو من أهم الأمور وذلك بأن يحصن أساس الحصون والقلاع - إلى قوله - ويرتب على كل ثغر من الرجال ما يليق به]، (غياث الأمم ص156). ومن المعلوم من الدين بالضرورة وجوب الجهاد وتحقيق أدنى درجاته بما ذكره ولاشك أن الإضعاف المتعمد للجيش، وانكشاف البلد أمام الأعداء، والاعتماد الكامل في حماية البلاد على أعداء الإسلام، بل جعل الاعتماد على هؤلاء، والاحتماء بهم أمراً عادياً، والاعتراف به صراحة أمام الناس، وعقد المعاهدات من أجله هو تعطيل صريح ونقض كامل لأدنى مراتب تلك الشعيرة العظيمة. وعندما انكشفت تلك الجريمة النكراء في حرب الخليج الثانية، توقع بعض محسني الظن أن الوضع سيصلح، لكن الذي حدث هو التأكيد على هذا الواقع، من خلال بقاء قوات «الحماية» في بلاد المسلمين، والتوقيع على مزيد من المعاهدات في ذلك. ولا نزيد تعليقاً على اعتقادنا اعتبار هذا الوضع مما ينطبق عليه كلام ابن تيمية في وصف الطوائف الممتنعة، حيث اعتبر رحمه الله مجرد التوقف عن جباية الجزية من تعطيل الشعائر فكيف بما ذكرناه.
  #2  
قديم 01-08-2006, 03:51 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

النموذج الثاني: من الشعائر المعطلة بشكل صريح شعيرة تحريم الربا الذي ثبت تحريمه قطعياً في الكتاب والسنة، وأصبح تحريمه من المعلوم من الدين بالضرورة، بل نص القرآن على أنه حرب لله ورسوله قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ü فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}، (البقرة؛ 2:279). وقد ثبت في الحديث أن تحريم الربا أعظم من تحريم ما يستعظمه الناس وهو الزنا. ومع كل ذلك التحريم، ومع أنه حرب لله ورسوله، فقد أصر الحكام ليس على مجرد السماح للربا علناً - وهو بحد ذاته جريمة كبرى، بل هو إلى الردة والكفر أقرب - بل لقد اعتبروه أساس التعامل الاقتصادي داخل البلاد وخارجها، ودعموا كل المؤسسات الربوية قانوناً ونظاماً، بل وحتى بالمال حيث أنقذت الدولة بقوتها المالية البنوك أكثر من مرة حين أوشكت على الإفلاس، ولم تكتف الدولة بذلك بل منعت رسمياً وبسلطتها إنشاء المصارف الإسلامية. ومنعت نشر فتاوى العلماء حول البنوك الربوية ومنعت الأحاديث والإعلانات التي تؤيد المصارف الإسلامية، التي توجد حتى في بلاد الكفر. فهل يشك أحد بعد ذلك أن شعيرة تحريم الربا معطلة في بلاد الحرمين. ونعود نذكر بحديث شيخ الإسلام ابن تيمية عن الطوائف الممتنعة، واعتباره مجرد الإقرار بالوجوب أو التحريم لا يمنع من انطباق الوصف عليها بتعطيل الشعيرة وما يترتب شرعاً على ذلك.

النموذج الثالث: للشعائر المعطلة أو المنقوضة هو شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمقصود الشرعي بذلك ليس ما يسمى في بلادنا بهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل هو قيام الدولة من خلال سلطتها على جميع المستويات بنشر الدعوة والمعروف وحمايتهما، ومنع المنكرات، كما أشرنا إلى ذلك في كلام بن تيمية رحمه الله فيما سبق. ولربما تبين لطالب الحق أن الدولة لم تقصر في تلك الشعيرة فحسب، بل لقد سعت ضدها فأمرت بالمنكر ونهت عن المعروف، وحاربت الدعوة، ولو تأمل المرء طريقة الدولة في التعامل مع الدعوة لاكتشف أن تعاملها عبارة عن برنامج متكامل شبيه ببرامج تجفيف المنابع المنفذة في بعض دول شمال أفريقيا. وفي هذا البرنامج سعت الدولة لسد كل المنافذ التي يمكن أن تصل بها كلمة الحق والمعروف إلى الناس، وتسهيل كل الطرق التي يصل بها الباطل والمنكر إلى الناس.

ففي المجال الأول ضيقت الدولة على الدعاة فجعلت الحديث إلى الناس سواء في المسجد أو في المنتديات العامة ممنوعاً إلا بإذن، واستخدم هذا النظام في منع عدد كبير من الدعاة المخلصين. وفي نفس الاتجاه فصلت الدولة عدداً كبيراً من الخطباء والعلماء والدعاة من المساجد، بل وحتى من الجامعات، رغم أن بعضهم لا يتجاوز حديثه الإيمانيات. ثم استكملت الدولة تلك الخطوة باعتقال عدد كبير من العلماء والدعاة ومئات من أتباعهم، وغيّبتهم خلف القضبان، بل وعرّضت بعضهم للعذاب، وحرمت الأمة من مجرد رؤيتهم ومقابلتهم. هذا فيما يخص الدعاة والعاملين للإسلام من داخل البلاد، أما فيما يخص من هم خارج البلاد فقد كانت بلاد الحرمين إلى عهد قريب ملاذاً للذين يهربون من الطغاة والظالمين، وأما الآن فقد أصبح من دواعي منع الحصول على تأشيرة لدخول البلد وحتى الحج والعمرة هو الانخراط في نشاط إسلامي سياسي، وأدهى من ذلك جرماً ما ذكرناه سابقاً من تسليم من يلوذ بالحرم لحكوماتهم لقتلهم والتنكيل بهم. وأما في سياق الحرب على الدعوة، فقد فرضت الدولة حصاراً شديداً على الشريط الإسلامي بإقفال عدد كبير من محلات التسجيلات الإسلامية ومنعت عدداً كبيراً من الأشرطة، وفرضت عقوبات صارمة على من يخالف ذلك، وفي نفس الميدان منعت المجلات الإسلامية بالكامل تقريباً، ومُنِع الإسلاميون من التحدث إلى الأمة من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، إلا من يلتزم في حدود العبادات الفردية. ومنع الإسلاميون كذلك من الوصول إلى أي منصب سياسي أو عسكري أو أمني أو تعليمي حساس، وتدخلت الدولة حتى في تعيين عمداء الكليات ورؤساء الأقسام سعياً لمنع الإسلاميين من نشر الخير، ورفع لواء الدعوة. ولنفس الغرض وهو حصار الدعوة فقد نفذت حديثاً سياسة إيقاف كل الأنشطة المالية حتى الخيرية وأقفلت جميع المبرات والمؤسسات الخيرية، كما سعت الدولة وبكل قوة لمنع أي شكل من أشكال التجمع لهدف التعاون على البر والتقوى، وتعاملت مع ذلك بكل قسوة وعنف. والمطلع على تفاصيل تنفيذ هذه الخطة يخرج بقناعة أن المقصود منها هو الإسلام ذاته وليس مجرد الانزعاج من شيخ أو عالم دأب على انتقاد الحكام. ونورد هنا قصة ما يسمى بـ«شارع الموت»، التي تجسّد فيها مفهوم حرب الدولة للإسلام ذاته، وليس لمن ينتقد الحكام، فقبل بضع سنوات لاحظ عدد من الدعاة والغيورين على الإسلام تجمعات من الشباب المنحرف خارج مدينة الرياض تجتمع للعب بالسيارات، وتداول المخدرات، واللواط وغيره، فسعى أولئك الدعاة لإقامة مخيم قريب منهم، ودعوهم بأساليب غاية في الرقة والترغيب. ولم تمض أيام حتى استقطبت تلك الفكرة آلاف من أولئك الشباب المنحرف، وبدأوا يتحولون إلى شباب صالح. ولكن لم تبدأ الفكرة بالانتعاش حتى داهمت قوات الأمن المخيم، وتم تكسيره وطرد المجتمعين بحجة عدم وجود إذن له، فلم ييأس الدعاة وسعوا إلى استصدار إذن شخصي من الشيخ (بن باز)، وأعادوا تأسيس المخيم. ولم يمض يومين حتى داهمتهم قوات الأمن وحطمت المخيم مرة أخرى، واعتقل الشخص الذي سعى لاستصدار إذن من الشيخ بن باز، ولم يُفرج عنه إلا بعد تعهد بعدم تكرار ما عمل. فبالله عليكم أليس هذا دليلاً على حرب الدعوة ذاتها والسعي في نشر الباطل بكل أشكاله ؟؟

وفي مقابل حصار الدعوة سعت الدولة حثيثاً لتخريب المجتمع بكل وسائل التخريب ففي الإعلام التخريب الفكري والتخريب الأخلاقي، وخروجاً من الحرج في نشر الرذيلة والانحراف الفكري والخلقي في وسائل الإعلام الرسمية، فقد صدّرت الدولة وسائل إعلامها إلى الخارج لتبث السموم من هناك، مثل إذاعة وتلفاز شركة الشرق الأوسط (mbc)، وجرائد «الشرق الأوسط»، و«الحياة»، ومجلات «المجلة» و«الوسط»، وغيرها، والقارئ يعرف ما نقصد، وفي مجال السماح لأعداء الإسلام والمنحرفين فكرياً وخلقياً والتمكين لهم، فقد استحوذ هؤلاء على معظم المناصب والأماكن الحساسة في البلد، بل لقد أصبح من ضرورات توظيف الإنسان في مركز حساس أن يثبت عدم التزامه الشرعي، حيث تحول الالتزام الشرعي إلى صفة قادحة فيمن يستلم تلك المسؤوليات، وذُكِر من القصص في ذلك ما تحول إلى ما يشبه الطُرَف والأساطير.

وفي الوقت الذي مُنِع فيه المصلحون عن مخاطبة الأمة، فقد فتح الباب على مصراعيه للمفسدين في وسائل الإعلام، ففي الوقت الذي تمنع فيه المجلات الإسلامية، سمح للمجلات الهابطة والساقطة بغزو البلد وتخريبه، وهكذا بالنسبة للتسجيلات الإسلامية، ومحلات الفيديو، بل لقد دعمت الدولة من خلال المتنفذين من الأمراء وحاشيتهم كل أشكال الفساد من دعارة وخلاعة ومخدرات وخمر ولواط وتحلل وانحراف بل وحمت أصحابها من كل أشكال العقاب، والحكايات في هذا الميدان يشيب لها الولدان، وتصور أن لديك آلاف الأمراء كل أمير يستطيع أن يستورد ويوزع ويبيع ويحمي من يريد فكيف تريد للبلد أن ينجو من الهلاك دون الأخذ على يديه.

بالإضافة إلى ما سبق سعت الدولة إلى حل جذري لتلك القضايا، وذلك من خلال تغيير المناهج التعليمية، حتى ينعزل الطالب عن ارتباطه بالعقيدة والدين، ولا يفرق بعدها بين إسلام وكفر، أو بين سنة وبدعة، ويتحول إلى بهيمة لا تبحث إلا عن إشباع غرائزها.

بقي أمر واحد وهو الحديث عما يسمى بـ«هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ما هو وما هي حقيقته.

حقيقة هذه الهيئات أنها جهاز قمعي قام الملك عبد العزيز بإنشائه بعد البطش (بالإخوان). كان الإخوان، أفراداً وجماعات، يمارسون الإحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الملك عبد العزيز نفسه، وبقية الأمراء والمتنفذين بطريقة خشنة فظة. وكانت مسائلاتهم لا تقتصرعلى السلوك الفردي لعبد العزيز وأسرته وأعوانه مثل إضاعة الصلوات، وإسبال الثياب، وإطالة الشوارب، بل تعدت ذلك إلى المحاسبة الكاملة لعلاقته مع الأنجليز والدول المجاورة، ولما كان يفرضه من الضرائب والمكوس المحرمة، ولمحاولته إبطال الجهاد والإنحراف بالدولة إلى وجهة إقليمية عنصرية منتنة، وغير ذلك كثير. ومن البديهي أنهم كانوا يحتسبون على أفراد العامة، والجماعات وأهل القرى، بنفس الطريقة الفظة الغليظة التي زادها قبحاً قلة فقههم، وسطحية فكرهم، وتكفيرهم للشيعة والصوفية، مع جهلهم التام بالقضايا الخلافية، وأداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم تجنبهم لمحاذير التجسس واختراق حرمات البيوت وخصوصيات الناس.

بعد البطش (بالإخوان) استغل عبد العزيز الفرصة وحرك دوائر واسعة من أفراد الشعب إلى الشكوى من تعسف القائمين على الإحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تمكن من إقناع المشايخ بضرورة «ضبط الأمور»، وإناطة هذه الشعيرة الكبرى بهيئة رسمية تشرف عليها الدولة، بواسطة المشايخ طبعاً! سقط العلماء والمشايخ في الفخ، لاسيما أنهم أصدروا الفتاوى التي اعتمد عليها عبد العزيز في قتل (الإخوان)، كما أصبحوا يصدرون الفتوى تلو الفتوى التي تزعم أن محاسبة (ولي الأمر) لا تكون إلا سراً، وأن أمره ونهيه على طريقة (الإخوان) تفتح أبواب الشر والفتنة!

طبعاً بقيت هذه الهيئات مطلقة اليد في التعامل مع أفراد الشعب: تضرب الناس بالعصي، مذكرة بالجلاوزة من أهل النار الذين تنبأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بوجدهم في أمته، وتتسور الجدر، وتقتحم البيوت ــ ماعدا قصور الأمراء والمتنفذين بطبيعة الحال ــ وغير ذلك من أعمال التجسس المحرم. ثم عمل سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض مؤخراً إلى تحويلها إلى جهاز تجسس خالص لخدمته شخصياً، وفرض فيها عدداً من الموظفين المدربين في المخابرات، وهو يسعى إلى أن يجعلها تؤدي دوراً معاكساً لما يراد منها، وهو تشويه الإسلام.

هذا هو واقع الهيئات، هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، فهي بذاتها منكر، يجب إزالته. وتقوم مكانها حينئذ، بإذن الله، جماعات وأحزاب وكتل ومنظمات جماهيرية، لا دخل للدولة في إنشائها أو الترخيص بها، كما سنفصله في كنابنا: «التعددية السياسية في الإسلام». وذلك بالإضافة إلى ما هو من صلاحيات الدولة ومسؤولياتها: قضاء الاحتساب، وأجهزة الشرطة المدربة والمعدة إعداداً جيداً، وبرامج التثقيف والتربية والتعليم.

فهذا واقع النظام إذاً: برنامج متكامل لحرب الإسلام في المسجد والسوق والمدرسة والتلفاز والمذياع والمجلة والجريدة وعلى مستوى الفرد والجماعة والمجتمع والدولة، برنامج لمسخ الأمة وعزلها عن دينها وحضارتها.

نحن لا نريد ممن يخالفنا أن يثبت أن النظام يدافع عن الإسلام والدعوة ويحميها فذلك مستحيل، بل نريد منه مجرد أن يثبت أن وضع النظام مع الدعوة هو مجرد تقصير وعجز! ونحسب أننا أقمنا الحجة في أن حرباً غير معلنة قائمة ضد الإسلام والدعوة والدعاة في بلاد الحرمين. فكيف تبقى شرعية بعدئذ لمن نقض شعائر عظيمة مثل شعيرة الجهاد وحماية الثغور وحارب الدعوة وحمى الربا والفساد؟!
  #3  
قديم 01-08-2006, 03:51 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

الباب الثالث
القوانين السعودية الوضعية


الدّولة السعودية إذاً تتمسح بالشّريعة الإسلامية وتخادع الناس بإقامتها لبعض الحدود الشّرعية على الضعفاء فيها، لتوهم النّاس بأنّها تطبّق الأحكام الإسلامية، وتنبذ القوانين الوضعية وتكفُر بها. وهذا كذب واضح مكشوف للمطّلع البصير في أحوالها، سواء على المستوى الدّاخلي أو الخارجي.

فهي تُشَرّع في كثير من المجالات قوانين وضعية تحكّمها وتلزم الناس بها. ولكنّها تخادعهم ــ تمشياً مع سياسة التّلبيس التي تنتهجها ــ فلا تطلق عليها تسمية (قوانين) بل تسميها: (أنظمة) أو(مراسيم) أو (تعليمات) أو (أوامر) أو (لوائح) أو (سياسات)، والمتتبع لقوانينها في مجالات مختلفة تتضح له هذه الحقيقة بوضوح تام. جاء في كتاب الأحكام الدستورية للبلاد العربية، تأليف نخبة من رجال القانون تحت عنوان: (دستور المملكة العربية السعودية): (وكلمات «قانون» و«تشريع» و«شريعة» لاتطلق في السّعودية إلا على الأحكام الواردة في الشّريعة الإسلامية، وماعداها من الأحكام الوضعية، فيُطلق عليه فيها تعبير«أنظمة» أو«تعليمات» أو«أوامر» ...)، فتأمل هذا التّلبيس وتدبر قوانينهم لتزداد بصيرة بحقيقة حالهم.

وقبل الشّروع في ضرب أمثلة من قوانين السّعودية الوضعية نلفت النظر إلى نقطة مهمة وهي أنّ ما تفعله هذه الدولة الخبيثة من تطبيقها بعض حدود الشريعة، على بعض الناس، وتعطيلها لبقية أحكام الشريعة وتطبيقها، وتحكيمها للقوانين الوضعية في باقي المجالات هو تماماً مثل ماتفعله بقية الدّول العربية الطاغوتية التي تجاهر بتحكيم القوانين الوضعية، وتحكّم الشّريعة في جانب ما يسمونه: (بالأحوال الشخصية)، بل حتى الحدود فإن كثيرًا من الدول تطبقها كتطبيق السعودية المشوه، كالباكستان ومن جرى مجراها في الدجل والتلبيس.

ومابال من تحاكم للشريعة في مجال (الأحوال الشخصية) وإلى القانون الوضعي في المجالات الأخرى يكفر، ومن تحاكم لها في مجال بعض الحدود وإلى القانون في مجالات كثيرة أخرى، لايكفر؟؟ {اَكُفَّارُكُمْ خَيرٌ من أُولئِكُمْ أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُبُرِ}؟؟

* جاء في كتاب (الوجيز في تاريخ القوانين) للدكتور محمد عبد المجيد المغربي ص 443 تحت عنوان: (حركة التدوين والتشريع في المملكة العربية السعودية) [أن التّشريعات كانت قديماً إسلامية بسيطة!!]، قال وهم يتكلم، على سبيل المدح: [تغيّر هذا الوضع بعد قيام الدّولة السّعودية، وظهور الثّروات الطبيعية، مما دعا إلى الإصلاح (!!) والتغيير (!!) ودخول عناصر جديدة في حياة أهل البلاد، فقامت الشركات الأجنبية، وأصبحت لها إمتيازات خاصة...]، إلى أن قال: [لهذه الأسباب كان لابد من مواجهة الحياة الجديدة، بسنّ تشريعات تلائم الحاجات المستجدة فصدرت: تشريعات في أصول المحاكمات والقوانين التجارية، والقوانين الجزائية وتشريعات العمل والعمال والضرائب وغيرها...].

وقال عن القوانين التجارية: [يعتبر قانون التجارة البرية والبحرية المعروف باسم (النظام التجاري) من أهم القوانين التجارية السّعودية وقد صدر هذا القانون سنة 1931 وهو على غرار القوانين التجارية الحديثة عربية كانت أم أوروبية يبحث في أصول المحاكمات التّجارية وتسجيلها من القوانين التّجارية الهامة إلى جانب القوانين الأخرى المتعلقة بالتّجارة]

وقال في القوانين الجزائية ــ طبعاً بعدما ذكر أن الشّريعة لا زالت مطبّقة في هذا المجال ــ قال: [مع بعض التعديلات التي اقتضتها المصلحة العامة].

وقال في قوانين الضرائب: [اقتضت المصلحة أيضاً سن تشريعات ضرائبية للدّولة، بسبب ازديادنفقاتها، للقيام بالمشروعات الاقتصادية والاجتماعية، فصدر قانون ضريبة الدّخل في سنة 1950م].

هذا ما ذكره هذا الكتاب. والحقيقة أنّ تشريعاتهم وقوانينهم التي سنّوها ويسنونها مع الأيام أكثر من ذلك بكثير. فهو لم يذكر، على سبيل المثال:

ــ (نظام مراقبة البنوك) الصّادر، بالمرسوم الملكي رقم «م5/» لسنة 1386هـ، بتوقيع الملك «الورع»، الداعية إلى الإسلام، فيصل بن عبد العزيز!

ــ (ونظام الجنسية العربية السعودية) الذي قرره المجلس الوزاري بالقرار رقم «4»، و صدرت الارادة الملكية في خطاب الديوان العالي بتاريخ 1374/2/22 بالعمل به، وهذا القانون هو الصيغة الجديدة لقانون الجنسية القديم الذي صدر سنة 1931م من الملك عبد العزيز، بناء على توصيات «مجلس الشورى» آنداك. انظره كاملاً في (القانون الدولي الخاص العربي) الجزء الأول « الجنسية» ص 623 وهو من منشورات جامعة الدول العربية معهد الدراسات العربية العالمية. راجعه ثم قارن ذلك بالأحكام الشرعية المنظمة لأحكام التابعية في دار الإسلام (في الفصل المختص بذلك)، حتى ترى بعيني رأسك المناقضة التامة والمضادة المباشرة بين نظام آل سعود ونظام الإسلام!

.ــ و(نظام المطبوعات والنّشر) الصّادر بالمرسوم الملكي رقم م17/ بتاريخ 1402/4/13 هـ.

ــ و(نظام المؤسسات الصحفية المحلية) الصادر بالمرسوم الملكي رقم 62 بتاريخ 1383/8/24 هـ.

ــ وكذا المرسوم الملكي رقم (169) الصادر بتاريــــــــــــــخ 1402/ 10/20هـ المتضمن المصادقة على السياسة الإعلامية للمملكة.

ــ وانظر نظام إحياء الأرض الموات، حيث كان يعمل فيها بالشّرع قبل ذلك، ثمّ صدر في ذلك مرسوم ملكي حظر تملك الأرض الموات إذا أحياها صاحبها بعد سنة (1387)

ــ أنظمة الزواج من غير السعودية.

ــ وكذا (الأحكام العامة للتعرفة الجمركية) الصادر بالقرار الوزاري رقم (1191) بتاريخ 1393/4/6 هـ بالمرسوم الملكي رقم م9/ بتاريخ 1393/4/6هـ .

ــ وكذا (التشريعات المتعلقة بالعلم الوطني وعلم المليك وأعلام الدول الصديقة والشقيقة) الصّادر، بناء على قرار مجلس الوزراء رقم (101) تاريخ 1393/2/2هـ، بالمرسوم الملكي رقم م3/ تاريـــــخ 1393/2/ 20هـ.

ــ وكذا (نظام الجيش العربي السّعودي) الخاص بديوان المحاكمات العسكرية الصّادر بتاريخ 1366/11/11هـ

ــ وغير ذلك مما سيأتي ذكره، ومما لم نذكره.
  #4  
قديم 01-08-2006, 03:51 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

وهكذا يعمل آل سعود على هدم الشّريعة، وتشويهها، بالتستر خلفها، وتطبيق بعض حدودها تطبيقاً مشوهاً، وفي نفس الوقت يشّرعون ويطبقون القوانين الوضعية في شتى المجالات، وتحت أسماء مزيفة (أنظمة)، (مراسيم)، وغير ذلك من الأوصاف التي تتماشى مع سياسة التضليل التي ينتهجونها متجنبين التصريح والإعلان بذلك حفاظاً على ماتبقى من شرعيتهم الإسلامية المزعومة، وليتناسب ذلك مع وجود الحرمين الشريفين في دولتهم.

* تأمّل على سبيل المثال القوانين والتشريعات السعودية المتعلّقة بعَلَم الدّولة وعلم المليك وأعلام الدّولة الصّديقة والشّقيقة الصّادرة بالمرسوم الملكي رقم م3/ بتاريخ 1393/2/20 هـ والمشابهة بل والمطابقة في كثير من موادها لقوانين الجزاء المتعلقة بأمن الدولة الداخلي في الدول العربية الطاغوتية الأخرى التي تصرح وتعلن بتطبيق القانون. راجع المادة الخامسة عشر والمادة السادسة عشر والمادة السابعة عشر وانظر في باب العقوبات:

المادة العشرون: «كل من أسقط، أو أعدم، أو أهان، بأية طريقة كانت، العلم الوطني، أو العلم الملكي، أو أي شعار آخر للمملكة العربية السعودية، أو لأحدى الدول الأجنبية الصديقة، كراهة أو احتقاراً لسلطة الحكومة، أو لتلك الدول، وكان ذلك علناً أو في محل عام أو في محل مفتوح للجمهور، يعاقب بالحبس لمدة لاتتجاوز سنة، وبغرامة مالية لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين ».

تأمل هذا الكفر والزندقة!! ولتعلم جيداً أن هذه المادة وأمثالها مشابهة علي سبيل المثال للمادة (33) من قوانين أمن الدولة الداخلي في القوانين الوضعية الجزائية الكويتية، هناك تسمى قوانين جزاء وضعية، وهنا في دولة التلبيس تسمى (أنظمة) و(مراسيم). هناك عند مشايخ آل سعود هي كفر بواح، وهنا توحيد وأوامر ولي الأمر، (ويمكن قصد كده...) و(مراده كده ....) (ومتأول) وغير ذلك من الترقيعات، وعلى كل حال فإن رائحة الكفر البواح تفوح من نص هذه المادة. من ذلك مساواتهم لراية تحمل كلمة التوحيد مع رايات الصليب والكفر والتنديد، إذ جعلوا العقوبة واحدة بين من أهان (لاإله إلا الله) وبين من تبرأ من رايات الكفر. ومعلوم أن الأول هو إعلان حرب على النظام الإسلامي العام وهو ردة وكفر ومروق من الإسلام حكمة القتل، لا السجن سنة فأقل أو ثلاثة آلاف ريال. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد هو: ما لدولة التّوحيد والذّود والدّفاع عن رايات الكفر، ومن هذه الدّول (الصّديقة) في هذا اللفظ المطلق ياترى؟؟

ونصها: «كل من ارتكب في مكان عام فعلاً من شأنه إهانة العَلَم الوطني، أوعَلَم دولة غير معادية، سواء بإتلافه أو بإنزاله أو بأي عمل آخر يعبرعن الكراهية والإزدراء، يعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة مالية لاتتجاوز 225 دينار أو بإحدى العقوبتين ) فما بال هذا يكون كفراً وذاك لا؟! {أكُفَّارُكُمْ خيرٌ مِنْ أولاَئِكُمْ أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ في الزُبُر}؟!

مادة (35): «لايجوز نشر القدح والذم في حق الملوك ورؤساء الجمهوريات للدول المتعاهدة مع الدّولة العربية السّعودية».

مادة (36): «لايجوز نشر القدح في حق رؤساء وأعضاء البعثاث السياسية والمفوضين السياسيين والقنصليين المعتمدين ببلاد جلالة الملك».

مادة (37): «لايجوز أن يُعزى إلى هيئة مهما كانت ما يحط من قدرها ويزري بشرفها وكرامتها».

مادة (38): «لايجوز التعرض للشخصيات على اختلاف طبقاتها بالقدح والذّم نثراً أو نظماً أو تصويراً».

وفي باب العقوبات نصّوا:

المادة (56): كل من خالف المادة (36) يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة.

المادة (57): كل من خالف المادة (37) ونشر بالذات، أو بالوساطة، قدحاً في حق رؤساء أو أعضاء البعثات السياسية أو المفوضين السياسيين أو القنصليين المقيمين ببلاد حكومة جلالة الملك يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.

وترد هاهنا تساؤلات كثيرة:

ـــ ماهو حكم من نصر وأيد الملوك والرؤساء الكفار ودافع عنهم سواء كانوا صليبيين أو أوروبين أو أمريكان أو من كفرة الحكّام العرب، بل وشَّرع القوانين لمعاقبة كل من قدح فيهم أو طعن في كفرهم وتبرّأ منهم ومن إلحادهم ودعا الناس إلى ذلك؟؟؟

ــ ماهو حكم من حرم ما أحل الله من الطعن في الكفار والقدح والذم بهم وبكفرهم ولم يجوز نشر مثل ذلك، مع العلم أن الله يجوز بل ويوجب الطعن بالكفّار وجهادهم باللسان والسنان، فما حكم من يعاند ويضاد تشريعه بتشريع يقول: لايجوز ذلك ...؟؟

بالطبع لم يغفل طغاة السعودية كعادتهم أن يضعوا موادًا تضليلية في قانونهم هذا، فشرعوا المادة (32): (لايجوز للصّحف نشر مقالات تدعو إلى التخريف والإلحاد). وعقوبة ذلك كما في المادة (52): (كل من يخالف المادة (32) يعاقب مرتكب المخالفة بالحبس من اسبوع إلى شهر، أو بغرامة نقدية مقدارها خمسمائة إلى ألف قرش سعودي).

هكذا يكون الإسلام الخالص والتوحيد الحق: من ينشر ويدعو للالحاد يسجن من أسبوع إلى شهر أو يغرم خمسمائة قرش سعودي، وربما يعاقب فقط بهذه الغرامة الهزيلة وحدها، أما من قام بواجبه الشرعي في نقد الظلمة والطواغيت والطعن في الملوك والرؤساء النصارى الصليبيين، والكفار والمرتدين، وتبرأ منهم ودعا الناس إلى ذلك فإن عقوبته قد تصل إلى السجن سنة كاملة كما في المادة (56) المتقدمة، الذي يطعن ويقدح بالكفار أعظم جرماً عند دولة التوحيد المزعومة.

ــ هل هناك فرق بين هذه القوانين التي يدجل آل سعود فيها على المسلمين، وبين قوانين الدول الأخرى «الشقيقة»، و«الصديقة» التي تعلن تحكيم القوانين الوضعية وتصرح بذلك تصريحاً: لماذا تكون هذه القوانين بالنسبة لتلك الدول كفر وإلحاد، بينما هنا، هي ليست كذلك؟؟ {أكُفَّارُكُمْ خيرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أمْ لَكُمُ بَرَاءَةٌ في الزُّبُرِ}؟!

ــ مثالاً آخر من قانون ثالث من قوانين السعودية وهو (نظام) مراقبة البنوك السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م5/) لسنة 1386 هـ. قالوا في تعريف الأعمال المصرفية المشروعة المباحة في بنوك دولة آل سعود (دولة التوحيد!!):

مادة أولى: فرع (ب) يقصد باصطلاح (الأعمال المصرفية) «أعمال النقود كودائع جارية أو ثابتة وفتح الحسابات الجارية وفتح الاعتمادات وإصدار خطابات الضمان ودفع وتحصيل الشيكات أو الأوامر أو أذون الصرف وغيرها من الأوراق ذات القيمة وخصم السندات والكمبيالات وغيرها من الأوراق التجارية وأعمال الصرف الأجنبي وغير ذلك من أعمال البنوك» أهـ. ومحل الشاهد منه هو الإطلاق الأخير. فما الفرق بعد هذا كله بين تشريعات البنوك في أمريكا وأوروبا والبلاد العربية الطاغوتية الأخرى وبينها في هذه الدولة الخبيثة؟ إن الباب مفتوح على مصراعيه في هذه المادة، وبوضوح تام، لإباحة، بل وحماية جميع معاملات البنوك بلا قيد أو استثناء، وفي هذا بالطبع إباحة للربا تماماً كما هو الحال في بقية الدول الطاغوتية العربية والغربية. ومعلوم أن الربا في دولة التوحيد المزعوم مباح يحرسه ويحميه القانون وسيأتي مزيد من التفاصيل حول ذلك في فصل خاص.

أنظمة المحاكم التجارية والغرفة التجارية ونحوها: راجع الملحق للأطلاع على الصراع الذي دار بين سماحة رئيس القضاة الأسبق الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ و«دولته» حول هذا الموضوع وملابساته .

ـ قانون العمل والعمال: راجع الملحق كذلك للإطلاع حول ما دار حوله من صراع.
  #5  
قديم 01-08-2006, 03:52 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

ـــ لعبة المحاكم الشرعية والهيئات القضائية الوضعية

توجد في السعودية، إلى جانب المحاكم الشرعية، هيئات أخرى قضائية، مثل لجنة فض النزاعات المصرفية، وغيرها مما سيأتي. تقوم هذه الهيئات بعمل المحاكم المدنية الموجودة في الدول الأخرى التي تصرح بتحكيم القوانين الوضعية، فتحول إلى شتى القضايات التي عطّلوا أحكام الشريعة فيها واستبدلوها بقوانينهم ومراسيمهم، كقضايا الربا، والتزوير، والرشوة، وماحواليها، فإنها تحول إلى تلك الهيئات التي فيها خليط من المشايخ ورجال القانون وفقهائه من خريجي جامعة السربون، فتصدر أحكام القضايا طبقاً للمادة كذا والمرسوم رقم كذا، ويفض النزاع بين المتحاكمين بهذه الصورة، ومن أراد التأكيد من ذلك فليتوجه إلى لجنة فض النزاعات المصرفية، أو غيرها من الهيئات التي سيأتي ذكرها، وليتعرف على أي موظف من موظفيها يوليه ثقته ليقص عليه آلاف القصص والأحكام والقضايا التي هي في حقيقتها لا تختلف في كثير أو قليل عن أحكام المحاكم الوضعية في الدول الأخرى التي تصرح وتجاهر بتحكيم القوانين، وكذلك فليراجع من أراد التوسع أكثر كتاب «جرائم التزوير والرشوة وتطبيقاتها في المملكة» لعبد الله الطريقي فإنه مهم في هذا الباب، وأيضاً فلينظر مجموعة فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، مفتى الديار السعودية سابقاً، فإنها تحوي الكثير من الأمثلة التي أنكرها الشيخ على هذه الدولة الخبيثة وستأتي أمثلة من ذلك في المجالات التجارية والصحية والزراعية والإدارية والعمالية وغيرها.

أما في مجال المحاكمات العسكرية:

فقد جعلوا لها ديوانًا خاصاً آخر سموه (ديوان المحاكمات العسكرية) يتم فيه التحاكم إلى قانون وضعي سموه (نظام لجيش العربي السعودي) الصادر بتاريخ 1366/11/11 هـ وتحال إلى هذا الديوان قضايا ومحاكمات العسكريين بمن فيهم المتقاعدين، ونظام الجيش أو قانونه، هذا الخليط من قوانين وضعية شرعوها هم، وأحكام أخرى شرعية تردع الخارجين على عروشهم وحكوماتهم كحد الحرابة وأمثاله. وإليك أمثلة من قوانينهم الوضعية فيه:

حد السرقة الذي يزعمون اقامته وتطبيقه في دولتهم ــ ولن نتطرق إلى تفاصيل تلاعبهم في هذا الحد وإقامتهم له على الضعيف وتعطيله عن الشريف ــ فمن المعلوم في الشريعة أن السارق تقطع يده، عسكرياً كان أم مدنياً، أما في دولة إمام المسلمين فلا يصلح هذا عندهم، لذلك شرعوا قوانين خاصة للسرقة بين العسكريين، تستبدل حد السرقة بالسجن تماماً كما هو حاصل في الدول الأخرى التي تجاهر وتعلن بتحكيم القوانين الوضعية.

جاء في القانون المذكور في «الفصل الثامن» مادة رقم «112»: (ضباط الصف والجنود الذين يسرقون شيئاً من أشياء الضباط ونقودهم، ومن هم مختلطون بهم، وقاطنون معهم في محل واحد، أياً كان ذلك المحل، فإذا كان من المستهلكات يكلف بدفع قيمتها المستحقة إن سبق في عينها التلف، ويسجن من شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر...)

ولكنه إذا سرق شيئاً من الأهالي مع استعمال العنف فإنه يحال إلى المحاكم الشرعية! كما في المادة (116) من القانون نفسه، فهناك إذًا جهتان حاكمتان: جهة تحكم القوانين الوضعية، وجهة تحكم بأحكام شرعية. وكيف يتم التوزيع، والتلاعب؟ ومن الذي يوزع الإختصاصات؟؟ يتم ذلك بالطبع عن طريقهم هم، فالمادة رقم (20) و(22) من الفصل الثالث من القانون نفسه وتحت عنوان (توزيع الإختصاص) تبين أن هناك من الجرائم ما تختص به المحاكم الشرعية، وهناك منها مايختص به (ديوان المحاكمات)، وتنص المادة (21) من القانون نفسه على أنه: «إذا ظهر لكل من جهتي الإختصاص عدم أحقيتها فيما تحال إليها من محاكمات أو المرافعات التي تكون خارج اختصاصها، فعليها إعادتها إلى الجهة التي وردت منها مع بيان أسباب ذلك، وكل حكم يصدر من الجهتين خارجاً عن حدود اختصاصها يعتبر ملغياً، ويعاد النظر فيه ثانياً من الجهات المختصة» أهـ.

وهذا يعني: أنه لو سرق جندي من الجنود أموال ضابط من الضباط، وأن المحقق استيقظ ضميره، وهداه الله وكفر بقوانين دولته الوضعية، ورفض التحاكم إلى (قانون الجيش السعودي)، وأحال إلى محكمة شرعية، وأقام البينة والشهود على السارق، وحكمت المحكمة بالحكم الشرعي وبالحد على السارق، فإن للحكومة وللجيش ولذلك الجندي أن يلغي هذا الحكم الشرعي، ويعطل حد الله سبحانه وتعالى في السرقة في ظل حماية هذه المادة الكفرية الخبيثة، ويحق له أن يعيد النظر في قضية السرقة ويحولها إلى (ديوان المحاكمات العسكرية) رغما عن أنف ذلك المحقق ورغماً عن أنوف أولئك المشايخ والقضاة الشرعيين، ويحكم له طبقاً للمادة (112) من القانون الهزيل المتقدم الذكر، وينتهى الموضوع ليعود مرة أخرى بعدها لممارسة السرقة وغيرها!! أما إذا سرق الضعيف ــ وخصوصاً إذا كان عاملاً من بنغلاديش، أو الهند، أو باكستان، أو أفغانستان ـ فهو يواجه القطع، بل لعله يواجه حد الحرابة!!

مثال آخر، وليس الأخير، نورده من هذا القانون الكفري قبل أن ننتقل إلى قوانين أخرى، وهي المادة (27): «يطبق ديوان المحاكمات الجزاءات الإرهابية المار ذكرها كل ودرجة الجرم الذي تظهره المحاكمة الأصولية ولصاحب الولاية وحده (القائد الأعلى) حق تنفيذها، أو توقيفها، أو استبدال حكم بحكم فيها، إن تخفيفاً أو تشديداً، وفاقاً لما تقتضيه غاية الشرع ومصلحة الولاية» أهـ.

ونحن نوجه للمشايخ المدافعين عن آل سعود سؤالاً واضحاً، ونريد منهم جواباً واضحاً مثله:

ماالذي يحكم به في هذا القانون: أهي أحكام الشريعة الإسلامية أم أحكام وضعية؟ لاشك في أنها أحكام وضعية قد خلطوها بأحكام شرعية تثبت عروشهم كحد الحرابة.

هذه المادة (27) دليل على ظهور الكفر البواح إذ كيف لصاحب الولاية (القائد الأعلى) توقيف، أو تعطيل، أو استبدال، حكم الشريعة بحكم آخر ــ كما نصوا هنا ــ فإن قالوا: هذا لا، هذا قانون وضعي ولهم أن يبدلوا فيه وفي أحكامه كمايشاؤون.

قلنا: هذا الذي نريد!! إذن هم يشرعون القوانين الوضعية، ويتحاكمون إليها، تلك القوانين التي تكفّرون أنتم أنفسكم أهلها ممن يشرعها أو يرضى بها إو يطبقها في محاكمه، إذا كان من غير آل سعود أو خارج السعودية لماذا؟ هل لآل سعود مزية خاصة: {أم لكم إيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون؟!}. راجع الملحق لمزيد من التفاصيل والإطلاع على فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم حول التقاضي إلى غير الشريعة الإسلامية.

وعلى كل فإن نظام آل سعود ليس إسلامياً، لإظهاره الكفر البواح، كما أنه قد تبنى العلمانية الليبرالية الغربية، نعم تبناها، وتلفظ بـ«كلمتها»، وأقر بها مشافهة، وكتابة بالتوقيع على مواثيقها، التي تقوم عليها الأمم المتحدة، كما سنفصله في ما بعد، لذلك يجب أن يوصف بأنه نظام علماني. ولكن حتى علمانيته هذه علمانية مشوهة، ممسوخة مبتورة!

فأين حقوق الإنسان التي تكفلها الأنظمة العلمانية الغربية لمواطنيها وغيرهم: من حماية من الاعتقال التعسفي، والحق في إجراءات قضائية متساوية ومنضبطة، والحماية من التعذيب، ومن مطاردة أجهزة التجسس، حقوق الانتخابات، ومحاسبة الحكام ومعارضتهم، وغير ذلك من «محاسن» العلمانية الغربية؟!

كلا إنها علمانية الزنا، واللواط، والربا! إنها علمانية القمع والاضطهاد! إنها علمانية الحكم الجبروتي المطلق من «مافيا» عفنة متسلطة، لا هم لها إلا الفواحش: من الزنا، واللواط (بالمحارم وغيرهم على حد سواء)، وتعاطي المخدرات، وشرب الخمور، والملذات، ونهب المال العام!

«علمانية» آل سعود علمانية مشوهة، مبتورة ممسوخة! يقرون بالعلمانية، نفاقاً وإرضاء لأسيادهم الغربيين، ولا يلتزمون بأهم أركانها!

و«إسلام» آل سعود، و«توحيدهم»، الذين أقروا بكلمته وتلفظوا بها، نفاقا وتضليلاً للشعوب الإسلامية، ولشعب الجزيرة خاصة، للمحافظة على العرش، على أساس الشرعية الإسلامية، «إسلامهم»، هذا، و«توحيدهم» مشوه، ممسوخ، مبتور، قد نبذوا أهم أركانه!
  #6  
قديم 01-08-2006, 12:13 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة الثانية عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى إعانتهم الكفار على المسلمين !

الوجه الأول :
لا ينبغي تصديق كلّ ما يُقال عن كل حكام المسلمين ؛ لاسيما إن أريد بهذا إيقاع الإثم على المسلم ؛ فضلاً عن إيقاع الكفر .
وقد أمرنا اللهُ تعالى بالتثبُّت في خبر الفاسق .
لا سيما أن الاعتماد في مثل هذه الأمور إما على :
خبر إعلاميٍّ كافرٍ .
أو مثله فاسق .
أو على توقّعات المُتسيِّسين ! من القرائن التي تحتمل الصواب والخطأ .

الوجه الثاني :
أن مِن الحكام - المراد تكفيرهم بهذا - مَن ينفي عن نفسه إعانة الكفار على المسلمين ؛ كمثل نفي حكام الحرمين - وفقهم الله - أَيّ معاونةٍ لأمريكا ضدّ طالبان .
وحيث كان المتكلم هو أعرف الناس بشأنِ نفسه ؛ وجب تصديقه حتى يثبت لدينا ما يقطع بكذبه .

الوجه الثالث :
أنه ليست كلّ إعانة للكفار مُكفِّرةً ؛ بل في الأمر تفصيلٌ .
فمع الاعتراف بكونه معصيةً لله تعالى إلا أنه لا يكون كفراً مطلقاً ؛ فإنه إن أعانهم رغبةً في دينهم كفر ، وأما إن أعانهم لغيره - كدنيا مثلاً - فإنه لا يكفر .
وهذا التفصيل هو ما دلّت عليه الأدلة ونصّ عليه العلماء .

الوجه الرابع :
أنه - وعلى سبيل التسليم - لو قيل بتكفير كلّ مُعِيْن مطلقاً ! أو جرى لأحدهم أن أعان الكفار على الوجه المُكفِّر ؛ فليس كلّ واقعٍ في الكفر يكون كافراً .
فكما أن التأثيم قد يتخلف ؛ فكذلك الكفرُ .

نُقولٌ على ما نَقول
بيان الأمر بالتثبُّت في خبر الفاسق ؛ والتثبت في خبر الكافر أولى
قال الله تعالى :
« . . . إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » .

وتقدم نقل كلام :
ابن تيمية ،
وابن كثير ،
والسعدي - رحمهم الله - ،
في الأصل الأول من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت .

بيان أنه ليست كل إعانة مكفِّرة
من الأدلة حديثُ حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - في الصحيحين ؛ حيث(22) :
أعان - رضي الله عنه - كفارَ قريش حين كاتبهم بخبر غزوِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم .
ولم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفره .
ولم يوافق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بنَ الخطاب - رضي الله
عنه - في تكفيره لحاطب .
ورجع عمرُ عن تكفيره وبكى وقال : ( اللهُ ورسولهُ أعلم ) .
ولم يكن تركُ تكفير النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاطب إلا لعذر أنه قصد الدنيا بإعانته ؛ حيث اعتذر بأنه يريد أن تكون لـه يدٌ على قريش ليحمي أهله الذين في مكة .
ولا يمكن اعتبار حاطب متأوِّلاً ؛ لأنه لو كان كذلك :
• لقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتعليمه وإزالة الشبهة عنه ؛
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقُم بذلك .
• ولَمَا لحِقه - رضي الله عنه - إثم لوجود التأويل ؛ ومن ثَمّ فليس مُحتاجاً لفضيلةِ شهوده بدراً حتى يُكفَّر عنه ذلك الإثمُ ! .
• ثم إنه - رضي الله عنه - كان يعلم بخطورةِ عمله وخطإه ، مما يؤيّد علمَهُ ونفيَ التأويلِ عنه .
كما لا يمكن اعتبار حاطب - رضي الله عنه - معفياً من التكفير على اعتبار أنه من أهل بدر ؛ لأنه لو صدر منه الكفرُ لكان الكفر قاضياً على بدريَّتِهِ بالحبوط ؛ ومن ثَمّ فلا يمكن أن يشفع لـه عملٌ حابط ؛ كيف وقد أخبر اللهُ تعالى بأن الشركَ محبط للنبوّة والرسالة - وهما أعظم من بدريّةِ حاطب - حين قال :
( لئن أشركتَ ليحبطنّ عملك ولتكونن من الخاسرين ) .

قال الإمام الشافعي - رحمه الله - ( الأم 4/249 ) :
« وليس الدلالة على عورة مسلم ولا تأييد كافر بأن يُحذِّر أن المسلمين يريدون منه غِرَّةً ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفرٍ بَـيـِّنٍ » انتهى .

وقال ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 7/522 ) :
« وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً : كما حصل لحاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم . . . » انتهى .

بل إن التفصيل - وعدمُ الإطلاق - هو مذهب :
أبي حنيفة ،
وأحمد ، وغيرهما .
وقد قال به الشيخ ابن عثيمين - رحم الله الجميع - .

بيان ضابط الإعانة المكفِّرة
لمّا سأل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حاطباً بقوله :« ما حملك » ؟ ، كان الواجب على مَن أراد الحكمَ في المسألة أن يسأل عن الحامِل ( الباعث ) ، وبناء على معرفة الباعث يكون الحكمُ ؛
فيُنظر إلى الباعث للإعانة ما هو ؟
فيكفر إن قد أعانهم لأجل دينهم ؛
قال البغوي - رحمه الله - ( تفسيره 3/68 ) :
« ( ومن يتولهم منكم ) فيوافقهم ويعينهم » انتهى .

وقال الآلوسي - رحمه الله - ( تفسيره 3/157 ) :
« وقيل : المراد من قوله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ؛
كافر مثلهم حقيقة ، وحكي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهوداً ونصارى » انتهى .

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - ( الرسائل والمسائل النجدية 3/10 ، الدرر السنية 1/474 ) :
« وأما قوله ( ومن يتولهم منكم ) وقوله ( لا تجد قوماً . . . ) وقوله ( . . . لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً ) فقد :
فسّرته السنة ،
وقيّدته ،
وخصّته بالموالاة المطلقة العامة .
وأصل الموالاة هو الحب والنُّصرة والصداقة ،
ودون ذلك مراتب متعدّدة ولكل ذنبٍ حظُّه وقِسطُه من الوعيد والذم ، وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروفٌ في هذا الباب وغيره » انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( عند تفسير الآية 51 من سورة المائدة « ومن يتولَّهم منكم فإنه منهم » من أشرطة تسجيلات الاستقامة ) :
« . . . هو منهم في الظاهر بلا شك بسبب المعاونة والمناصرة .
لكن :
هل يكون منهم في الباطن ؟
نقول : يمكن .
قد تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدِّي إلى المحبَّة ثم إلى اتِّباع المِلَّة . . .
إذاً : من يتولّهم منكم فإنه منهم في الظاهر . وربما يؤدِّي ذلك إلى الباطن ومُشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم » انتهى .

أما إن كان لأجل الدنيا فإنه لا يكفر به - مع كونه إثماً عظيماً - ؛
وهذا يستفاد من عذر حاطب الذي قبله النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛

قال ابن كثير - رحمه الله - ( تفسيره 4/410 ) :
« قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذر حاطب لَمّا ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعةً لقريش لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد » انتهى .
بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً
تقدم نقل كلام :
ابن تيمية ،
والألباني ،
وابن عثيمين - رحمهم الله - ،
في الأصل الثالث من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
  #7  
قديم 01-08-2006, 12:15 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة الثالثة عشرة :
تكفيرهم للحكام بدعوى موالاة الكفار !
الرد على الشبهة(23)..

الوجه الأول :
لا يصحّ إجمالُ الكلام ؛ إذ لا بدّ من التفصيل الكاشف للالتباس والرافع للاحتمال ؛ ولا سيما في مسائل التكفير .

فنقول - هنا - :
ماذا تريدون بالموالاة ؟
أ‌- فهل تريدون منها أنهم أعانوا الكفار على المسلمين - مثلاً - ؟
فحينئذٍ يكون في كفر الحاكم المُعِيْن للكفار تفصيل ؛
إذ لا يكفر بإطلاقٍ(24) .

وقد قال بالتفصيل :
أبو حنيفة والشافعي وأحمد وابن تيمية وابن عثيمين ؛ وغيرهم .
وراجع - إن شئت - كتابي في هذه المسألة .

ب‌- أم هل تريدون منها أنهم يتعاونون معهم فيها يرون المصلحة فيه ؟
فحينئذٍ لا يكون كفراً ولا داخلاً في الموالاة المكفرة ؛
لأنه لا يحرم التعاون مع الكافر فيما هو حقّ ، وفيما يعود بالمصلحة للإسلام والمسلمين .

ت‌- أم هل تريدون منها أنهم يتعاملون مع الكفار بالاحترام والإكرام وتبادل التهاني والهدايا ؟
فحينئذٍ لا يكون كفراً ؛
لأنه لا دليل على التكفير بهذه الأمور .
فإن من الأمور المتقدّمة ما هو مباح ، ومنها ما هو محرم لا يصل إلى حدّ الكفر .
ومن المباح قول الله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتُقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم . . . ) .

والخلاصة في هذا الوجه هي :
أنه يجب على المُكفّر أن يذكر الصورة التي ينتقدها على الحاكم بعينه ؛
ليُنظَر فيها : هل هي كذلك أم لا ؟
أما رميُ التكفير بمثل هذه الإجمالات فلا يصحّ وليس هو بسبيل أهل السنة والجماعة .

وهذا يقودنا إلى ذِكر :
الوجه الثاني :
ليس حكمُ كلّ موالاةٍ للكفار الكفر ؛
وبمعنىً آخر يقال :
ليست كل موالاةٍ مكفِّرة .

فمثلاً :
هناك أمور يعتقدها البعض من الموالاة وهي ليست كذلك ، كالأكل والشرب مع الكافر ، وقبول هديته ، وإكرامه ؛
كما أن هناك صور من الموالاة ، لكنها موالاة غير مكفرة .

نُقولٌ على ما نَقول
بيان أن الأمور المُحتملة لا يُكفَّر بها على سبيل الإطلاق ؛ بل لابدّ من التفصيل
قال الشافعيّ - رحمه الله - تعليقاً على حديث حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه -
( الأم 4/249 وما بعدها ) :
في هذا الحديث - مع ما وصفنا لك - :
طرح الحكم باستعمال الظنون ؛ لأنه لما كان الكتاب يحتمل أن يكون ما قال حاطب كما قال من أنه لم يفعله شاكاً في الإسلام ، وأنه فعله ليمنع أهله ، ويحتمل أن يكون زلة لا رغبة عن الإسلام ، واحتمل المعنى الأقبح ، كان القول قوله فيما احتمل فعله ، وحكم رسول الله فيه بأن لم يقتله ولم يستعمل عليه الأغلب » انتهى .

وقال ابن تيمية - رحمه الله - ( الصارم 3/963 ) :
« فإن التكفير لا يكون بأمرٍ محتمل » انتهى .

وسئل الإمام أحمد - رحمه الله - عن رجلٍ سمع مؤذّناً يقول : ( أشهد أن محمداً رسول الله ) فقال : كذبت ، هل يكفر ؟ فقال ( البدائع 4/42 ) :
« لا ، لا يكفر . لجواز أن يكون قصده تكذيب القائل فيما قال لا في أصل الكلمة ، فكأنه قال : أنت لا تشهد هذه الشهادة » انتهى .

وقرّرت اللجنة الدائمة ( فتوى رقم : 9879 ) أن الطواف بالقبر ؛
? إن قُصِد به التقرّب للميت فهو شركٌ ،
? وإن قُصِد به التقرّب لله تعالى فهو بدعةٌ .

وقرّر الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - ( فتاواه 1/131 ) في الذبح عند القبور أنه :
? إن قُصِد أنه للميت فهو شرك ،
? وإن قُصِد أنه لله فهو معصية .

وقرّر - رحمه الله - تقريراً مماثلاً له في مسألة الصلاة عند القبر ( 1/132 ) .

وقرّر المحدّث السُّنِّيُّ الألباني - رحمه الله - في الذبح عند القبر ( الجنائز رقم : 128 ، ص 203 ) أنه :
? إن كان لوجه الله فهو محرم ،
? وإن كان للميت فهو شرك .
وأفتى العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - ( المجموع الثمين 1/65 ) في الاستهزاء بالصالحين أنه :
? إن قُصِد به ما هم عليه من الدين فهو كفر ،
? وإن قصد به المظهر والزيّ فليس بكفر .

بيان أنه ليس كل ما يقال عنه أنه موالاة يكون كذلك
للشيخ ابن باز - رحمه الله - كلام جميل في موقعه الرسمي على الانترنت ، ( نور على الدرب ، الولاء والبراء ) أنقل منها ما تيسر :

* تحت عنوان ( حكم مصاحبة الكافر ) :
« فالواجب على المسلم البراءة من أهل الشرك وبغضهم في الله ، ولكن لا يؤذيهم ولا يضرهم ولا يتعدى عليهم بغير حق ، لكن لا يتخذهم أصحاباً ولا أخداناً ، ومتى صادف أن أكل معهم في وليمة عامة أو طعام عارض من غير صحبة ولا ولاية ولا مودة فلا بأس » انتهى .

* وتحت عنوان ( علاقة المسلم بغير المسلمين والمشاركة في حفلات توديعهم ) :
« ولا مانع أن يسأله عن أولاده وعن حاله ، فلا بأس في ذلك ، ولا بأس أن يأكل معه إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، ولا بأس أن يجيب دعوته كما أجاب النبي عليه الصلاة والسلام دعوة اليهود وأكل من طعامهم إذا رأى المصلحة الشرعية في ذلك » انتهى .

* وتحت عنوان : ( الواجب على المسلم تجاه غير المسلم ) :
« لا يظلمه ، لا في نفس ، ولا في مال ، ولا في عرض ، إذا كان ذمياً أو مستأمناً أو معاهداً فإنه يؤدي إليه حقه ، فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش ، ولا يظلمه في بدنه بالضرب ولا بالقتل . . .
لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك . . .
لا يبدؤه بالسلام ، ولكن يرد . . .
ومن ذلك أيضاً :
حسن الجوار إذا كان جاراً تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره وتتصدق عليه إذا كان فقيراً ، وتهدي إليه ، وتنصح لـه فيما ينفعه لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ، ودخوله في الإسلام ؛ ولأن الجار لـه حق . . . وإذا كان الجار كافراً كان لـه حق الجوار ، وإذا كان قريباً وهو كافر صار له حقان : حق الجوار ، وحق القرابة . ومن حق الجار أن يتصدق عليه إن كان فقيراً من غير الزكاة . . .
أما بالنسبة لاحتفالاتهم بأعيادهم فالمسلم لا يشاركهم في احتفالاتهم بأعيادهم ، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم ويقول لهم : جبر الله مصيبتكم ، أو أحسن لك الخلف في خير، أو ما أشبه ذلك من الكلام الطيب ، ولا يقول : غفر الله له ، ولا رحمه الله إذا كان الميت كافراً ، فلا يدعو للميت إذا كان كافراً ، ولكن يدعو للحي بالهداية والعوض الصالح ونحو ذلك » انتهى .

وتحت عنوان : ( التبرع بالدم لغير المسلم ) :
« لا أعلم مانعا من ذلك . . . فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بينا وبينه حرب ، إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم ، كما لو اضطر إلى الميتة ، وأنت مأجور في ذلك ؛ لأنه لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة » انتهى .
وتحت عنوان : ( مشاركة النصراني أو غيره في التجارة أو غيرها ) :
« وهذا فيه تفصيل : فإن كانت هذه الشركة تجر إلى موالاة ، أو لفعل ما حرم الله ، أو ترك ما أوجب الله حرمت هذه الشركة لما تفضي إليه من الفساد ، أما إن كانت لا تفضي لشيء من ذلك ، والمسلم هو الذي يباشرها وهو الذي يعتني بها حتى لا يخدع فلا حرج في ذلك ، ولكن بكل حال فالأولى به السلامة من هذه الشركة ، وأن يشترك مع إخوانه المسلمين دون غيرهم » انتهى .

وتحت عنوان : ( دخول غير المسلمين المساجد ) :
« أما المسجد الحرام فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة . . . لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام . . . وأما بقية المساجد فلا بأس من دخولهم للحاجة والمصلحة ، ومن ذلك المدينة وإن كانت المدينة لها خصوصية ، لكنها في هذه المسألة كغيرها من المساجد ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط فيها الكافر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وأقرّ وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام ، فدل ذلك على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك , وهكذا بقية المساجد من باب أولى إذا كان لحاجة ، إما لسؤال ، أو لحاجة أخرى ، أو لسماع درس ليستفيد ، أو ليسلم ويعلن إسلامه ، أو ما أشبه ذلك » انتهى .

وتقدم كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لما سئل عن الموالاة ( الباب المفتوح 3/466 لقاء 67 سؤال 1507 ) :
« . . . وأما معاملتهم في البيع والشراء ، وأن يدخلوا تحت عهدنا ؛ فهذا جائز . . .
وهذه المسألة من أدقّ المسائل وأخطرها ولا سيما عند الشباب ؛ لأن بعض الشباب يظنّ أن أيّ شيء يكون فيه اتصالٌ مع الكفار فهو موالاة لهم ؛ وليس كذلك . . . » انتهى .

وقال الشيخ الألباني - رحمه الله - تعليقاً على قوله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) ( الصحيحة . تحت حديث : 704 ) :
« فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون المؤمنين ولا يؤذونهم والعدل معهم . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( الصحيحة . تحت حديث : 161 ) :
« من فوائد الحديث :
1 . أنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك ، وأن ذلك لا ينافي بُغضه إياه لشركه ،
ألا ترى أن علياً - رضي الله عنه - امتنع - أول الأمر - من مواراة أبيه معلِّلاً ذلك بقوله : ( إنه مات مشركاً ) ؛ ظناً منه أن دفنه - مع هذه الحالة - قد يُدخله في التولي الممنوع في مثل قوله تعالى : ( لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم ) . فلما أعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه الأمرَ بمواراته بادر لامتثاله وترك ما بدا لـه أول الأمر » انتهى .

بيان أن من صور الموالاة ما لا تكون كفراً
قال ابن تيمية - رحمه الله - ( الفتاوى 7/522 ) :
« وقد تحصل للرجل موادّتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً :
? كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي وأنزل الله فيه : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) ،
? وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أبي في قصة الإفك فقال لسعد ابن معاذ : كذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله . قالت عائشة : وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية » انتهى .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
  #8  
قديم 01-08-2006, 12:15 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة الرابعة عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم أماتوا الجهاد !
الرد على الشبهة

قد بينتُ - في غيرما موضعٍ - أنه لا يجوز الإقدام على التكفير بلا برهان ؛ وأنه لا يجوز تكفير المسلم إلا بيقينٍ يُزيل اليقين الذي دخل به الإسلامَ .

وهذا اليقين أعني به أن يثبتَ عندنا أمران :
أحدهما متعلق بالفعل ؛
والآخر متعلق بالفاعل ؛

فالمتعلق بالفعل هو :
أن يثبت لدينا بالدليل الصحيح الصريح كون هذا الأمر كفراً .

والمتعلق بالفاعل هو :
كون الواقع فيه ممن توفَّرت فيه شروط التكفير وانتفت عنه موانعه .

وتكفير المسلم - بمثل الأمور المحتملة للكفر ولما هو دون الكفر - لا يجوز ؛ إذ لا بد من وجود اليقين .
وعليه فإنه يقال :
إماتة الحكام للجهاد ؛ كلمة مجملة تحتاج إلى تفصيلٍ كاشِفٍ عن المراد بها ؛ حيث إنها تحتمل معنيين بينهما - في الحكم - كما بين السماء والأرض ؛ فـ :
هل المراد أن الحكام أنكروا شرعيته مطلقاً ؟!
أو المراد أنهم تركوه مع عدم إنكار شرعيته ؟!

فإنّ الأولَ كفرٌ بلا ريب .

وأما الثاني فله حالتان :
أ‌- فإنْ ترَكه وهو غير قادر ؛ فهو معذور شرعاً .
ب‌- وإنْ ترَكه وهو قادر ؛ فهو مقصِّر غير معذور ؛ ولكنه لا يكفر بذلك التقصير .

وبعض الحكام كان لهم دورٌ بارزٌ - يعرفه المُنْصِفُون - في الجهاد ؛ كموقف حكام الحرمين من الجهاد الأفغانيّ الروسيّ ؛ فحاشاهم أن يكونوا مميتين للجهاد تاركين له - بالكُلّيّة - مع توفر أسبابه ومقوماته .

خلاصة الأمر:
أن التارك للجهاد - من حكام المسلمين - أحد رجلين :
رجلٍ غير قادر : فهو معذور .
ورجلٍ مقصِّر : فهو عاصٍ ليس بكافر .
ومعلومٌ أنه لا يجوز الخروج على الحاكم ولا استباحة بيعته بالذنب .
وكذلك لا يخفاك - أخي المسلم - ما تعانيه الأمة الآن من ضعفٍ شديد ، بل ومن تسلُّطٍ شديد من أعداء الإسلام .

وأما من ثبت عليه - بعينه - إنكار شرعية الجهاد - مُطلقاً - فإنه يكفر - وفق الشروط والموانع في المعيّن - .

نُقولٌ على ما نَقول
بيان أن حكام الحرمين لم يُعطّلوا الجهاد بالكُلّيّة
لا ينسى العالَم كلّه موقف المملكة العربية السعودية - حرسها الله - مع إخواننا المسلمين في أفغانستان في جهادهم الشرعيّ ضد الروس ، ولعلي أكتفي بنقلٍ واحدٍ عن سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - حيث قال عن ذاك الجهاد ما نصه ( فتاواه 2/452 ) :
« لا ريب أن الجهاد في أفغانستان جهاد إسلامي ، يجب أن يُشجّع ويُدعم من المسلمين جميعاً . . . وقد قامت الدولة - وفقها الله - بتشجيع الشعب السعودي على مساعدتهم ، وقد حصل من ذلك مساعدات كثيرة للمجاهدين عن طريق الشعب وغيره ، ولا نزال مستمرين في هذا الأمر مع إخواننا في هذه المملكة ، والدولة - وفقها الله - تشجع الشعب على ذلك وتعين على إيصال هذه المساعدات إلى المجاهدين والمهاجرين ؛ لأنهم بحاجة شديدة إلى ذلك . . . » انتهى .

بيان خطإ التكفير بدعوى تعطيل الجهاد
قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - جواباً على سؤال : ( هناك من يقول : إن ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد قد عطّلوا الجهاد وهذا كفر بالله . فما هو رأيكم في كلامه ؟ ) . ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ط الأولى ص110 ) :
« هذا كلامُ جاهلٍ ، يدل على أنه ما عنده بصيرة ولا علم وأنه يُكفّر الناس ، وهذا رأي الخوارج ؛ هم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة . نسأل الله العافية » انتهى .

بيان عدم الحرج في ترك الجهاد حال العجز (25)
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( الباب المفتوح 2/284 لقاء 34 سؤال 990 ) :
« . . . ولكن أنا لا أدري(26) : هل الحكومات الإسلامية عاجزة ؟ أم ماذا ؟
إن كانت عاجزة فالله يعذرها . والله يقول : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ) .
فإذا كان ولاة الأمور في الدول الإسلامية قد نصحوا لله ورسوله لكنهم عاجزون فالله قد عذرهم . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن الجهاد ( الباب المفتوح 2/420 لقاء 42 سؤال 1095 ) :
« . . . إذا كان فرض كفاية أو فرض عين ؛ فلا بد لـه من شروط . من أهمها : القدرة ، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرة فإنه لا يلقي بنفسه إلى التهلكة .
وقد قال الله تعالى : ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - جواباً على السؤال التالي : ما رأيكم فيمن أراد أن يذهب إلى البوسنة والهرسك ؟ مع التوضيح ( الشريط رقم : 19 من أشرطة الباب المفتوح من الموقع الانترنتي الرسمي للشيخ الدقيقة : 26 الثانية : 3 ) :
« أرى أنه في الوقت الحاضر لا يذهب إلى ذلك المكان ، لأن الله عز وجل إنما شرع الجهاد مع القدرة ؛ وفيما نعلم من الأخبار - والله أعلم - أن المسألة الآن فيها اشتباه من حيث القدرة . صحيح أنهم صمدوا ولكن لا ندري حتى الآن كيف يكون الحال ! فإذا تبيّن الجهاد واتّضح ؛ حينئذٍ نقول : اذهبوا » انتهى .

بيان أن الأمة الآن في ضعفٍ يوجب عليها عدم استعجال الجهاد
[ لا يشك عقول غير مكابر ولا جهول أن المسلمين - الآن - أشبه بالحالة المكية من الحالة المدنية في هذا الأمر فجهادهم العدو يضر أكثر مما ينفع ؛
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ( شرح كتاب الجهاد من بلوغ المرام الشريط : الأول الوجه : أ ) :
« ولهذا لو قال لنا قائل الآن لماذا لا نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا ؟ ! لماذا ؟ ! لعدم القدرة .
الأسلحة إلي قد ذهب عصرها عندهم هي التي في أيدينا وهي عند أسلحتهم بمنزلة سكاكين الموقد عند الصواريخ . ما تفيد شيئاً . فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء ؟
ولهذا أقول :
إنه من الحمق أن يقول قائل أنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا !
كيف نقاتل ؟
هذا تأباه حكمة الله عز وجل ويأباه شرعه .
لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به عز وجل ( اعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ، هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة ، وأهم قوة نعدها هو(27) الإيمان والتقوى » ا .هـ ](28) .

وقال - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 3/375 أول كتاب الجهاد ط المصرية ) :
« فالقتال واجب ، ولكنه كغيره من الواجبات لا بدّ من القدرة . والأمة الإسلامية اليوم عاجزة . لا شكّ عاجزة ، ليس عندها قوة معنوية ولا قوة مادية . إذاً يسقط الوجوب عدم القدرة عليه ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، قال تعالى : ( وهو كره لكم ) » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( الباب المفتوح 2/261 لقاء 33 سؤال 977 ) :
« لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار، حتى ولا جهاد مدافعة » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 18 / 388 ) :
« إنه في عصرنا الحاضر يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسيف ونحوه ، لضعف المسلمين ماديًّا ومعنويًّا ، وعدم إتيانهم بأسباب النصر الحقيقية ، ولأجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية ، فلم يبق إلا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة» انتهى .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
  #9  
قديم 01-08-2006, 12:16 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة الخامسة عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم يُعادون الدين بسجن الدعاة ومطاردة المجاهدين !

الرد على الشبهة

أولاً : من المراد بالدعاة ؟!
فهل يُرادُ بهم : الدعاةَ الذين يدعُون الناس - حكاماً ومحكومين - إلى الرجوع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإلى آثار السلف الصالح ؟
أم هم أناس يعتبرهم صاحبُ الشبهة من الدعاة بينما هم - في حقيقة الأمر - أهل إفسادٍ ، يدعون الناس إلى الخروج ونزع يد الطاعة بغير سبب شرعيّ ؟

وثانياً : لماذا سَجَنَ حكامُ المسلمين من سجنوا ، وأوقفوا من أوقفوا ، وطاردوا من طاردوا ؟ !
هل قاموا به كراهية للحق ورغبة في منع انتشاره ؟
أم نظراً لخطر هؤلاء الدعاة ! على المجتمع الإسلامي عقيدةً ومنهاجاً ؟

وثالثاً : هل طاردوهم بمحض آرائهم ، واتّباعاً لأهوائهم ، وموافقةً لأعداء الدين من الكفرة وغيرهم ؟ !
أم أنهم فعلوا ذلك بموجب فتوى من علماء أجلاء كانت - ولا زالت - تثق الأمة بفتاويهم ؟

ورابعاً : هل سَجْنُ الدعاة الصادقين ومُطَارَدَةُ المجاهدين المخلصين يعدّ من المُكفِّرات ؟
أم أنه معصية لا تصل بصاحبها إلى الكفر ؟

لا شكّ أن الإجابات - على مثل هذه التساؤلات - ظاهرة ، وعلى ضوءها يتّضح الجواب على هذه الشبهة - بحمد الله - .

نُقولٌ على ما نَقول
جاء في حديث حذيفة - رضي الله عنه - قوله - صلى الله عليه وسلم - ( م : 4762 ) :
« تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك ؛ فاسمع وأطع » .

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 8/401 ) :
« . . . كون بعض الناس يوقف لأجل خطإه في بعض المسائل ؛ ما يمنع من الدعوة(29) . كل إنسان يلزم الطريق ويستقيم على الطريق السوي لا يُمنَع .
وإذا مُنع أحد أو أُوقف أحد ، [ فـ ] لأجل(30) أنه خرج عن السبيل في بعض المسائل ، أو أخطأ حتى يتأدب ويلتزم .
ومن حق ولاة الأمور أن ينظروا في هذه الأمور ،
وأن يوقفوا من لا يلتزم بالطريقة التي يجب اتَّباعها .
وعليهم أن يحاسبوا من خرج عن الطريق حتى يستقيم .
هذا من باب التعاون على البرّ والتقوى .
على الدولة أن تتقي الله في ذلك ،
وعليها أن تأخذ رأي أهل العلم وتستشير أهل العلم . عليها أن تقوم بما يلزم ، ولا يُترك الحبل على الغارب : كلّ إنسان يتكلم . لا . قد يتكلم أناس يدعون إلى النار .
وقد يتكلم أناس يُثيرون الشرّ والفتن ويُفرّقون بين الناس بدون حقّ .
فعلى الدولة أن تراعي الأمور بالطريقة الإسلامية المحمّدية بمشاورة أهل العلم حتى يكون العلاج في محلّه .
وإذا وقع خطأ أو غلط ؛ لا يُستنكر . من يسلم من الغلط ؟ !
الداعي يغلط ، والآمر والناهي قد يغلط ، والدولة قد تغلط ، والأمير قد يغلط ، والقاضي قد يغلط ؛ كل بني آدم خطاء .
لكن المؤمن يتحرّى ، والدولة تتحرى ، والقاضي يتحرى ، والأمير يتحرى ؛ فليس أحد معصوماً ؛ فإذا غلط يُنبّه على أخطائه ويوجّه إلى الخير ،
فإذا عاند فللدولة أن تعمل معه :
من العلاج ،
أو من التأديب ،
أو السجن ؛
إذا عاند الحقّ وعاند الاستجابة ، ومن أجاب وقبل الحق فالحمد لله » انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( الباب المفتوح 3/99 لقاء 50 سؤال 1202 ):
« إذا قال ولي الأمر لشخصٍ - مثلاً - ( لا تدعُ إلى الله ) ؛ فإن كان لا يقوم أحد سواه بهذه المهمة ؛ فإنه لا يطاع ولي الأمر في ذلك ؛ لأنها تكون فرض عين على هذا الشخص ، ولا طاعة لولي الأمر في ترك فرضِ عينٍ .
أما إذا كان يقوم غيرُه مقامه ؛ نظرنا :
إذا كان ولي الأمر نهاه لأنه يكره دعوة الناس ؛ فهنا يجب أن يُناصَح ولي الأمر في هذا ، ويقال ( اتق الله ، لا تمنع من إرشاد عباد الله ) .
أما إذا كان نهيه هذا الشخص لسببٍ آخر يحدُث من جرَّاء كلام هذا الرجل ، ورأى ولي الأمر أن المصلحة إيقافه وغيرُه قائمٌ بالواجب ؛ فإنه لا يحلّ لهذا أن يُنادد ولي الأمر . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - جواباً على السؤال التالي :
فضيلة الشيخ : معلوم أنه قد تم إيقاف بعض الدعاة من قبل هيئة كبار العلماء بموجب خطاب لسماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز . وهذا الخطاب موجود بين أيدي الشباب ، وقد ذُكر في آخره أن ذلك الإيقاف للدعاة حماية للمجتمع من أخطائهم - هداهم الله - .
فإذا جاء شخص يُحذر من هذه الأخطاء ويُنبِّه عليها ثار الناس على من يُحذر منها واتّهموه بالطعن في الدعاة وأصبحوا يتعصّبون لأشخاص هؤلاء الدعاة ويُعادون ويُوالون فيهم . فسبّب ذلك فتنة وفرقة بين شباب الصحوة . فما توجيه سماحتكم جزاكم الله خيراً(31) ؟ ( الباب المفتوح 3/494 لقاء 69 سؤال 1526 ) :
« . . . فالذي أرى :
أن الناس إذا كانوا يثقون في هيئة كبار العلماء - وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز ابن باز - ؛ فليجعلوا الأمر في ذمّتهم وتحت مسؤوليتهم . وإذا كانوا لا يثقون ؛ فهذا بلاء عظيم أن لا يثق الناس بولاة أمورهم من علماء وأمراء . . . » انتهى .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
  #10  
قديم 01-08-2006, 12:17 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة السادسة عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم يأذنون بالربا ويحمونه !
الرد على الشبهة

أن هذا الفعل - وإن كان ذنباً - إلا أنه لا يصل إلى حدّ الكفر ؛ ومن ثم لم يجز الخروج على الحاكم لأجل هذا ؛ بل الواجب الدعاء لـه بالصلاح ونصحه ودعوته بالتي هي أحسن .

فائدة :
واعلم - وفقك الله للعلم - أن هناك من يكفِّر بهذه البنوك - وإن كانت معصيةً - تحت ستار الاستحلال(32) ! ويدّعي أن حماية هذه البنوك قرينة دالّة على الاستحلال ؛ ومن ثم فإن الحاكم يكفر بذلك !

وجواباً على هذه الدعوى أقول :
لا يمكن أن يُستفاد الاستحلال إلا من التصريح ؛ فليس :
1. الإصرار على الذنب ؛
2. ولا حمايته ؛
3. ولا الدعوة إلى مقارفته ؛
دالاًّ على الاستحلال .

بل لا يقول هذا إلا من تشرَّب حبّ التكفير وتجرّأ عليه ممن لم يعرف العلم الشرعي !
وإلا :
? لكفّرنا المصرّ على شرب الخمر - مثلاً - ،
? ولكفَّرنا الأبَ الذي يحمي أجهزة الإفساد من اعتداء أحد أبنائه عليها ،
? ولكفَّرنا كلّ صديقِ سوءٍ داعٍ إلى المعاصي . . وبيان أمثلة هذا يطول .

فليُكفِّر أولئك المُتعجِّلون أباءهم وإخوانهم وذويهم إن كانوا يلتزِمون تطبيق ما يقولون ؛ وإلا فلْيَعُوا خطورة الأمر ولْيَقصُروا عن غيِّهم ولْيَنْتهوا عما هم عليه .

نُقولٌ على ما نَقول
بيان أن التمكين من الربا لا يُكفِّر ، وأن الاستحلال لا يستفاد من الفعل المجرّد
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - جواباً على سؤال : ( ما هو ضابط الاستحلال الذي يكفر به العبد ؟ ) ( الباب المفتوح 3/97 لقاء 50 سؤال 1198 ) :
« الاستحلال هو أن يعتقد الإنسان حلّ ما حرّمه الله . . .
وأما الاستحلال الفعلي فيُنظر :
لو أن الإنسان تعامل بالربا ، لا يعتقد أنه حلال لكنّه يُصرّ عليه ؛ فإنه لا يُكفَّر ؛ لأنه لا يستحلّه .
ولكن لو قال : ( إن الربا حلال ) ويعني بذلك الربا الذي حرّمه الله ؛ فإنه يكفر ؛ لأنه مكذب لله ورسوله » انتهى .

وقال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - جواباً على السؤال التالي :
( هناك من يدعو الشباب - وبخاصة في الانترنت - إلى خلع البيعة لولي أمر هذه البلاد ، وسبب ذلك لوجود البنوك الربوية وكثرة المنكرات الظاهرة في هذه البلاد ، فما توجيهكم ؟ ) ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ط الأولى ص 61 ) :
« توجيهنا أن هذا :
كلام باطلٌ ،
ولا يُقبل ؛
لأنه يدعو إلى الضلال ويدعو إلى تفريق الكلمة ،
وهذا يجب الإنكار عليه ،
ويجب رفض كلامه ،
وعدم الالتفات إليه ؛
لأنه يدعو إلى باطل ، ويدعو إلى منكر ، ويدعو إلى شرّ وفتنة » انتهى .

وقال - حفظه الله - جواباً على سؤال : ( هل وجود البنوك الربوية ووضعها في البلاد دليل على استحلال الربا واستباحته ؟ ) ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ط الأولى ص 68 ) :
« أكل الربا لا يدل على استباحة الربا ، أكل الربا كبيرة من كبائر الذنوب ، والتعامل بالربا كبيرة وموبقة من الموبقات ؛ لكن لا يدل هذا على كفر المرابي ؛ إلا إذا استحله ولو لم يأخذه . إذا قال : ( الربا حلال ) ؛ فهو كافر ولو لم يأخذ الربا . فإذا جمع بين الجريمتين وقال : ( الربا حلال ) ، وأخذه ؛ فهذه جريمتان والعياذ بالله ؛ أكله كبيرة وفسق واستحلاله كفر » انتهى
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م