-387-
وكان عضوا فيها قبل قيام الثورة الايرانية في العام الماضي .
ونقلت السياسة الكويتية في 6/10/1979 أن اثنين من المسؤولين الايرانيين اللذين حصلا على مليون دولار لتوزيعها على القرى الشيعية في جنوب لبنان قد اختفيا ومعهما النقود .
وقد تردد أن الزعيم الايراني آية الله الخميني قد بعث بهذه النقود الى الشيعة في جنوب لبنان.
وفي زيارات المسؤولين لشيعة لبنان مع زياراتهم لسورية دليل على مسؤوليتهما عن البلدين ، ففي لبنا كانوا يعقدون المعاهدات مع الفلسطينيين باسم شيعة لبنان ، وكانوا يقابلون سركيس وكبار المسؤولين كمفاوضين عن الشيعة ، وكانوا يعقدون الندوات في مناطق الشيعة ويقدمون كل عون ومساعدة لهم .
وذكر أن هذه الزيارات ساهمت في تجميد كثير من الخلافات ما بين الفلسطينيين والشيعة ، وتوجت هذه الزيارات كلها بزيارة الطبطبائي وخدام للبحرين وكأنهما يمثلان دولة واحدة .
تنفيذ الخطة :
أعلن ما يسمى بآية الله محمد المنتظري بأن لديه عشرة آلاف متطوع ايراني وسيتوجهون خلال أيام الى جنوب لبنان والجولان والأردن وسيناء ليقاتلوا الى جانب الفلسطينيين من أجل تحرير القدس وفلسطين وسائر المناطق العربية التي احتلها اليهود في جميع حروبهم مع العرب .
وأضاف قائلا بأن سلاح الجو الايراني سبيتصدى للطيران الاسرائيلي اذا حاول التعرض لقواتنا ، وأنه سيدخل لبنان رغم أنف الحكومة اللبنانية المتواطئة مع الصهيونية .
-388-
وأن قواته ستقاتل كل من يحول بينهم وبين الجهاد والشهادة في سبيل الله _ على حد زعمه _ .
وهذه (القنبلة) السياسة التي فجرها المنتظري تطرح كثيرا من الأسئلة :
_ هل تستطيع ايران أن تستغني عن عشرة آلاف مقاتل في وقت اشتدت فيه حدة المواجهة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية _ كما يقولون _ وبينها وبين العرب في الأهواز من جهة ، وبينها وبين الأكراد من جهة ثانية ، وبينها وبين الأتراك في أذربيجان من جهة ثالثة ، وبينها وبين البلوش من جهة رابعة ؟! .
_ هل تسمح ظروف لبنان بشكل عام والجنوب اللبناني بشكل أخص باستقبال هذا العدد الكبير من المقاتلين ، أو ليس مجرد اعلان المنتظري كاف في تفجير الأوضاع في لبنان ، وهل من المعقول أن يقابل الموارنة هذا الحدث بالصمت ؟! .
_ هل يجوز للمنتظري أن يعلن عن خطته قبل ارتحال المتطوعين الى مواقع القتال ، وما الذي يمنع اسرائيل من ضرب الطائرة التي تقل المتطوعين ، ولها أن تدعي بأنها تدافع عن نفسها ضد ايرانيين جاءوا لحربها والقضاء عليها ؟! .
_ زعم المنتظري بأنه سيحارب الى جانب الفلسطينيين وسورية ، وهؤلاء الذين سيحارب الى جانبهم يلهثون وراء الحل السلمي ، ويبحثون وراء دولة فلسطينية ولو كانت في أريحا وحدها ، ومن ثم هل يجوز أن يتم حضور المتطوعين بمثل هذا العدد بناء على رغبتهم وبدون استشارة أو موافقة منظمة التحرير ؟! .
-389-
هذه الأسئلة تجعلنا نجزم بأن عملية ارسال المتطوعين ليست على ظاهرها _ أي كما أعلن عنها المنتظري _ بل إن وراء والأكمة ما وراءها ، ومن قبل دخلت قوات حافظ الأسد لبنان باسم حماية الفلسطينيين ، وهي التي أبادت منهم في جسر الباشا وتل الزعتر وصيدا أعدادا تفوق جرائم اليهود في دير ياسين وقبية وغيرها .
****************
وبعد اعلان المنتظري عن خطته بدأ التنفيذ على شكل رواية ثقيلة الظل صعبة الهضم ، وكان للأطراف ذات العلاقة الموقف التالي :
لبنان : حذرت الحكومة اللبنانية ايران من السماح للمنتظري بمغادرة ايران ، وأصدرت أوامرها للحدود والمطار بمنعه ومنع المتطوعين من دخول الأراضي اللبنانية ، وصرحت بأن مثل هذا الموقف سيفجر الأوضاع في لبنان ، وحذرت اسرائيل كذلك من دخول أي متطوع ايراني الى جنوب لبنان ، وتحرك سعد حداد فقصف عددا من قرى الجنوب ، وعدد آخر من المواقع الفلسطينية .
وعارضت قيادة الشيعة في لبنان هذه الفكرة ، فوجه عبد الأمير قبلان رسالة الى الخميني دعاه الى عدم ارسال متطوعين الى جنوب لبنان ، وهاجم حسين الحسيني نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى محمد المنتظري في لقاء له مع النهار اللبنانية ( 21_1_1400 ) ووصفه بأنه معتوه .
أما منظمة التحرير فكان لها موقفان متناقضان ، الموقف الأول : قالت بأنها ليست بحاجة الى رجال وكانت تنتظر من ايران المال والسلاح وليس الرجال الذين ينقصهم التدريب والانضباط _ الحوادث 12/10/1979 وصحف أخرى .
-390-
الموقف الثاني : قال عبد المحسن أبو ميزر بأن وصول المقاتلين الايرانيين أمر طبيعي وتضامني .
الوكالات : 21/12/1979
سورية :
صمتت أولا فنقلت الصحف عنها أنباء متضاربة وهي أرادت وخططت لهذه النتيجة ، ثم نقلت عنها وكالة رويتر الخبر التالي :
( رفض مسؤولون سوريون التعليق على قضية متطوعين ايرانيين يريدون القتال في جنوب لبنان مع الفدائيين الفلسطينيين ضد اسرائيل ولكنهم قالوا :
إن سورية تلتزم بقرارات مؤتمر القمة العربي حول لبنان الذي عقد في تونس الشهر الماضي . وهذا موقف غامض يتعمده حافظ الأسد في كل اموره لكن وكالة رويتر فسرته على الشكل التالي :
وهذا يعني أن سورية تعارض وصول المتطوعين الايرانيين الى جنوب لبنان على أساس أنه يمكن أن يعقد الأمور ويعيق أية تسوية محجتملة في لبنان"22" ) .
ايران :
آية الله منتظري الابن صاحب الخطة وزعيم ما يسمى ( المنظمة الثورية لجماهير الجمهورية الاسلامية ) قال بأن الامام آية الله الخميني يؤيد خطته بارسال متطوعين الى جنوب لبنان ، وقد هنأه على خطوته وقال له :
(22) دمشق _ رويتر 22/1/1400 .
-391-
( حسنا فعلت ، وتقدم الى الأمام ) .
جاء في تصريح له مع الصحف المحلية في ايران في 21/1/1400 وقال المنتظري الابن عندما طلبت الخطوط الجوية الايرانية منه أجرة نقل المتطوعين قال بأن عمليته مموله من مجلس الثورة الايراني"23" .
أما آية الله المنتظري الأب فقال بأن ابنه يعاني من مرض عقلي وبعد أن خضع للتعذيب أيام الشاه أصيب بانهيار عصبي ، وهو يتخيل أحيانا أنه عن طريق استخدام الأساليب الدهمائية والأعمال غير المسؤولة يمكن أن يحقق أهدافا معينة .
وأوضح المنتظري الأب أنه قد حاول دون جدوى إقناع نجله بالذهاب الى مدينة قم للعلاج . الوكالات 21/12/1979 .
الحكومة الايرانية زعمت بأنها ضد الفكرة ولن تسمح للمتطوعين بمغادرة ايران ، وصرحت الحكومة على لسان الدكتور مصطفى جمران : أن ارسال متطوعين بمثابة استفزاز للحكومتين اللبنانية والسورية وشيعة لبنان ، وأضاف قائلا :
سوف تتخذ اسرائيل من المتطوعين مبررا للسيطرة على الجنوب"24" .
ومن ثم رفضت السلطة الايرانية اعطاء المتطوعين جوازات سفر ، ورفضت الخطوط الجوية الايرانية نقلهم بالمجان ، وليس لدى زعيمهم مال يدفعه ، واعتصم المتطوعون في
(23) الوكالات 22/1/1400 .
(24) النهار العربي والدولي 138، 24_ 30/12/1979 .
-392-
مطار طهران ، وجرت مفاومضات بينهم وبين الخطوط الايرانية التي تنتظر من يدفع لها ( 11,000) دولار ، وقام المتطوعون باحتلال وزارة الخارجية الايراينة بضع ساعات .
وأخيرا انتهت الرواية بل التمثيلية بأن قامت الخطوط الجوية السورية بنقل المتطوعين الى دمشق ، وفي سورية بدأ الايرانيون يتدربون في معسكرات قرب دمشق ، وقالت مصادر فلسطينية بأن المتطوعين يحتاجون الى تدريب كامل وطويل"25" .
****************
قلنا في مطلع التقرير أن قيادة الثورة الايرانية قررت ارسال (10,000) متطوع الى سورية للوقوف الى جانب السلطة النصيرية ضد الشعب المسلم ، ولا يستطيع الخمينيون أن يكشفوا حقيقة مقصدهم فلجأوا الى آية من آياتهم الكثيرة كما فعلوا في البحرين _ روحاني _ وهنا اختلف الاسم فقط _ المنتظري _ .
ثم وقعوا في تناقضاتهم واكاذيبهم المفتعلة ، وأخيرا انتصر رأي المجنون !! وسافر أكثر من ( 600) متطوع الى دمشق ، وخرج المنتظري الأب الى المطار ليودع ابنه الذي وصفه بالمجنون .
ولو سئل الخميني : كيف سمحوا للمنتظري وانصاره بالسفر لأعادوا الجواب نفسه عندما سئلوا عن قضية ( روحايني ) : إننا نؤمن بالحرية والديمقراطية ولكل انسان أن يقول رأيه .
ولكن هل هناك من دولة في العالم تسمح لعشرة آلاف متطوع من أبنائها بمغادرة البلاد في ظروف حرجة ليحاربوا دولة أخرى بدون موافقة دولتهم ؟! .
(25) رويتر 3/2/1400 .
-393-
فكيف اذن كان قائد المتطوعين مجنونا _ كما قالوا _ هذا اذا سلمنا بأن هناك حرية فعلا في ايران .
وسوريا التي استقبلت هذه القوات هل تريد فعلا أن تحارب اسرائيل .
ليس هناك من عاقل يعرف حافظ الأسد ويصدق بأنه سيحارب اسرائيل . إنه وحده صاحب بلاغ سقوط القنيطرة !! .. وهو وحده صاحب كيسنجر وسياسة الخطوة خطوة!!
نتحدى حافظ الأسد أن يوزع السلاح على مئات الآلاف من الشباب السوري المؤمن الذي يتشوق للموت في سبيل الله .
نتحدى الأسد أن يفرج عن الأعداد الضخمة من الشباب الذين زج بهم في سجونه ومعتقلاته .
ومحمد المنتظري دخل لبنان عن طريق سوري وما زال مرشحا لفتنة لا تبقي ولا تذر ، وما زالت قواته تتدفق على سورية ، وهذه القوات ستقوم بحماية نظام حافظ الأسد الى جانب القوات النصيرية ، وستوجه حرابها الى صدور الشعب الأعزل فاذا عجزت عن حماية عرش الأسد عندئذ تدخل جنوب لبنان فعلا ولكن ليس من أجل حرب اسرائيل وإنما لتعطي اسرائيل مسوغا لدخول لبنان وبعملها هذا تحقق القول المشهور :
( علي وعلى أعدائي يا رب ) .
|