مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-09-2006, 07:19 AM
ليلى محمود البدوى ليلى محمود البدوى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 10
إفتراضي

وأرادت الكمسارية أن تعرف منطوق الاسمين فكررته لها نادية .. نادية .. ابراهيم .. والكمسارية تحاول نطق الاسمين وراءها بلكنة وأنا أضحك ..

***

وكانت الساعة قد تجاوزت العاشرة بعد أن فرغنا من العشاء .. واقترحت أن نخرج إلى الطرقة ونتمشى قليلا حتى لا نصاب بالخمول ..

فخرجنا وواصلنا السير إلى العربات الأخرى .. وكانت معظم أبواب المقصورات مغلقة ، وقليل من الركاب كان يقف مثلنا فى الممشى ..

ولكن الوقفة بجوار النافذة والقطار يمضى ويطوى فى الليل كل شىء وراءه .. كان لها فعل السحر فى نفس " نادية " فقد تفتحت نفسها وتطلق وجهها وأخذت تدفع شفتها السفلى إلى جانب .. وتفتح عينيها السوداوين إلى ما وراء الحجب ..

وشعرت أنه القطار الذى يطوى الزمن .. ولم أعد فى فترة الأحلام أشعر بشىء .. ثم تنبهت على يد " نادية " على كتفى ولم أتحرك من مكانى حتى لا أجرح شعورها .. إن السعادة حالة نفسية ، وقد أحسست بها فى هذه الساعة إلى أقصى مدى .. وأحسست بعد ذلك بأنها وضعت خدها على كتفى الأيسر بجانب الصدر .. قريبا من القلب .. ولم أتحرك .. وشعرت فى هذه اللحظة بأن نادية جزء من كيانى .. ولا انفصال لنا بعدها .. ولم أسألها إن كانت متزوجه أم لا .. لأنها لم تسألنى هذا السؤال ..

واستفقت على صوتها :
ـ نرجع ..

وكنا قد تجاوزنا عربتنا بثلاث عربات على الأقل .. فعدنا على مهل ، وبعد أن دخلنا المقصورة بقليل واضطجعنا وأخذت تقرأ .. وأنا أقلب فى صفحات المجلات .

سمعت نقرا خفيفا على الباب فقمت وفتحته ، فوجدت فتاة رشيقة فى الطرقة وناولتنى بطاقة عليها صورة قارئة كف مشهورة موجودة فى القطار !!

وأخذت " نادية " تحاور الفتاة بالإنجليزية وكانت ضاحكة مرحة وفى لباس قصير جدا جعلها شبه عارية ، وقدرت أنها إنجليزية أو دنمركية ، فقد كانت شقراء الشعر وسيمة ..

وسألتها عن العرافة :
ـ أين هى ؟
ـ فى العربة السادسة والمقصورة السابعة ..
ـ وكم الأجر ؟
ـ عشرة دولارات ..
ـ هذا كثير ..
ـ إن الناس تسافر اليها .. وتصرف آلاف الدولارات لتراها .. ولكنها الآن موجودة وفى القطار ..!

وسألت نادية :
ـ هل ترغبين ؟
ـ لا .. أنا أعرف حظى ..!

ثم رأينا أن نذهب لمجرد الفرجة .. وفتحت الفتاة باب المقصورة قليلا لنرى من بعيد .. فوجدنا عجوزا نحيلة تجلس مسترخية على السرير .. وشدنى وجهها بغضونه وتجاعيده .. وكانت فوق الثمانين .. وعيناها تلمعـان فى حدة وقوة أبصار غريبة كعينى العقاب

وبدت فى جلستها قصيرة جدا ونحيفة ، ولكنها كانت تتحدث بالإنجليزية بطلاقة مذهلة ..

وقلت لنادية :
ـ أدخلى ..
فقالت :
ـ لا .. ولكن لنقف ونتفرج ..

ووقفنا مع الواقفين على الباب .. وكان أمر العرافة قد عرف فى القطار وأصبحت تسلية للمسافرين ، ولم يكن تسمح لغير الراغب فى الدخول .. ولم نسمع من كلامها حرفا لأنها تغلق الباب تماما ، وبدافع الفضول دخلت أنا "ونادية " وسألتها إن كنت أستطيع أن أدفع بعملة أخرى ..

فقالت بالإنجليزية :
ـ دولارات فقط ..!
وتلفت نحو نادية لنخرج .. وأنا أقول :
ـ بالعشرة دولارات نقضى يوما ممتعا فى ليننجراد ..
فهمست نادية :
ـ إن منظر المرأة يسحرنى ..

وأخرجت ورقة بعشرة دولارات وناولتها للعرافة ..
وسألتنى :
ـ من الذى سنقرأ كفه أنت أم هى ؟
ـ أنا ..
ـ اذن تخرج السيدة ..
ـ ليس بيننا أسرار ..
وأصرت على خروجها ..

وناولتها كفى ..
فقالت بصوت هادىء :

ـ يدك معروقة .. وطويلة .. وخطوطها واضحة .. أسفار كثيرة .. ومن سن العشرين وأنت تسافر ، والحظ عاثر ، أرى لقاء فى سفينة بين عاشقين ، وأرى بحر مرمرة .. والبسفور ، وهاج البحر ، ودوت القنابل ، وأرى فتاة جميلة ثمـرة لهذا اللقــاء .. عاشت والتقت بوالدها بعد سنين وسنين ..

وذهلت عند سماع قولها .. وأخذت أردد .. بحر .. مرمرة .. والبسفور ..وسفينة .. ولقاء .. وبحر مرمرة بالذات ولم تقل بحرا ككل البحور ..

وسألت وأنا أرتعش :
والأم ما زالت تعيش ؟
ـ أجل ..
ـ أين ..
ـ فى مدينة كبيرة .. وهى غنية وما زالت جميلة ..

وظللت واقفا والعرق يتفصد على جبينى .. كاد وقع المفاجأة أن يصيبنى بدوار .. ثم تمالكت زمام نفسى وخرجت شاحب الوجه .

سألتنى نادية :
ـ ما الذى قالته لك ..؟
ـ لا شىء .. مجرد أكاذيب كالمعتاد ..

وفى المقصورة أخذت أحدق فى وجهها ورجعت أتذكر أمها .. نفس العينين وخط الأنف ونفس البسمة على الشفتين ونفس الطباع ..

وعادت نادية تسأل :
ـ ما الذى قالته لك المرأة ؟
ـ ما الذى تقوله عرافة .. أكاذيب بالطبع ..!
ـ أريد أن أسمعها ..
ـ قالت أنى متزوج .. وخط السعد واضح .. وتنتظرنى ثروة كبيرة .. وسأظل أسافر دوما .. ولو عرفت أننى مصرى لقالت أننا سنهزم إسرائيل فى هذا الشهر

ـ وإذا كنت لاتصدقها .. فلماذا تغير حالك بعد قولها ..؟
ـ هذا يحدث لكل إنسان ..

وخيم بيننا الصمت ، ولم أكن أنام فى القطارات .. وتمددت لتنام هى .. بعد أن خففت الضوء وشمل الظلام المقصورة ..

ثم سمعت صوتها :
ـ هل نمت ؟
ـ أحاول ذلك ..
ـ متى نصل ليننجراد ؟
ـ فى الساعة الثامنة صباحا ..
ـ وأين سننـزل ..؟
ـ فى فندق ليننجراد ..!
ـ حجزت ؟
ـ أجل ..

وخطر على بالى سؤال ، فقلت لها :
ـ نادية .. هل والدك موجود ..؟
ـ لا .. لقد توفى فى أثناء الحرب ..
ـ وأمك ..؟
ـ تعيش معى فى فنلندا .. وهى لا تزال صبية وجميلة مع أنها تقترب من الخمسين ..

ـ وما أسمها ..؟
ـ صفية خير الله ..

وارتعش قلبى ..

وسمعت " نادية " تقول بعد فترة صمت :
ـ إن صورتها معى فى الحقيبة ، هل تحب أن تراها الآن ؟
ـ فى الصباح يا نادية .. لاداعى للتعب فى الليل ..

كنت أود أن أعيش فى ظل الشك .. ولو حتى إلى الصباح ، فالحقيقة السافرة مع كل ما تحمل من فرحة .. فيها وقع الفجاءة التى لم أكن أتوقع حدوثها قط ، فقد شطر كيانى نصفين .. إن القطار الأزرق حملنى عبر السنين إلى بعيد وأنا لا أدرى .. لاشىء ينسى .. وكل ما يحدث فى حياة الإنسان فهو لاصق بوجوده ..

لقد كانت " نادية " أستاذة علم النفس وتقرأ أفكارى ، وتعرف هواجسى ، ومشاعرى ، وما أنا فيه من فرحة واضطراب .. ولكنها لزمت الصمت ..

وبعد ساعة قمت وغطيت " نادية " بالبطانية .. ولم يكن جو المقصورة يحتاج إلى غطاء ..
===========================================

نشرت القصة فى مجلة الثقافة اكتوبر 1973 وأعيد نشرها فى مجموعة عودة الابن الضال 1993
=================================





(3)
"]قصة من هونج كونج
الجـــــــوع

قصة محمود البدوى[/size]


"دخلت مطعم " لينج " لأتغدى بعد" جولة طويلة فى شوارع هونج كونج مدينة الأعاجيب وكان يقع فى شارع " دى فو " شريان المدينة الرئيسى .. واشتهر بأطباقه الشهية .

آخر تعديل بواسطة ليلى محمود البدوى ، 29-09-2006 الساعة 07:49 AM.
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 29-09-2006, 07:25 AM
ليلى محمود البدوى ليلى محمود البدوى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 10
إفتراضي


واخترت مائدة مفردة فى القاعة التى تميل إلى الاستطالة ولها أربعة أبواب تتحرك بلولب .

وكانت الستائر الحريرية المزخرفة بأجمل الرسوم مسدلة والمطعم فى نصف ظلام .

وأضيئت جوانبه بقناديل حمراء صغيرة حتى فى النهار لأن الستائر حجبت عنه الضوء الخارجى كلية .

وكانت الموائد يغطيها نسيج أرجوانى موشى بالزهور .
والقاعة غاصة بالزبائن من مختلف أجناس الأرض .. وثلاثة من الخدم يتحركون بين الموائد فى ستراتهم البيضاء الزاهية .

وجذب انتباهى رجل صينى فى حوالى الأربعين من عمره .. كان يجلس فى نفس الصف ويأكل بشراهة مذهلة وكل القرائن تدل على أنه يتناول هذه الوجبة بعد أن تمزقت أحشاؤه وعانى طويلا من سعار الجوع .

وكان الشحوب الذى يتركه الجوع على وجه الإنسان لايزال بارزا على وجهه المستدير وعيناه قد انطفأ ما فيهما من بريق ..

وبدت جيوب سترته منتفخة بما فيها من أشياء .. وشعره قد نبت بغزارة على عارضيه كما أنه لم يكن يعنى بملابسه .

وكان مظهره كله يدل على أنه جواب آفاق .

وأخذ يأكل فى صمت وبصره مركز على الصحون وذراعاه تطوقان ما فوق المائدة من طعام كأنه يخشى أن ينتزع منه .

ومرت فتاة صينية حلوة بين الموائد حاملة صندوقا من السجائر .. فاستوقفها الرجل وتناول منها علبة .. وأرجأ دفع الثمن حتى يفرغ من الطعام .

ودفعت الفتاة بابا صغيرا جانبيا وتركته مفتوحا .. فسمعت على أثر ذلك موسيقى خفيفة وعرفت أن الباب يفضى إلى ملهى فى نفس البناية .

وكان الملهى يعمل فى الليل ولكن بعض فتياته كن جالسات هناك فى استرخاء وعيونهن لاتزال تشعر بالحاجة إلى النوم .

ولمحت من بينهن غانية شابة جميلة جدا .. وكانت تجلس وحدها وعلى وجهها الشرود .. وما لبثت أن نهضت .. ودخلت قاعة الطعام .. واختارت مائدة جانبية خالية .. وطلبت قدحا من النبيذ تناولت منه جرعات ثم أشعلت سيجارة .

وكانت ممتقعة الوجة وعلى خديها شحوب بارز .. وشعر رأسها أسود غزير وقد تركته ينسدل على جبينها ليخفى بقايا دموع فى عينيها .

وكانت ترتدى الجونلة الصينية المشقوقة عند الفخذين وفوقها صديرية حريرية حمراء .. وبدت ضجرة وحزينة .

ولم تستطع نضارة وجهها أن تخفى أحزان قلبها .. فقد كان فمها الصغير تتفتح شفتاه قليلا .. كما تتفتح الوردة فى رعشة خفيفة عندما يمسها الطل .

ورغم الستائر المسدلة على أبواب المطعم ونوافذه .. فقد أحسست بشىء حدث فى الخارج .. فقد أخذ المطر يتساقط وهبت الريح فى شدة .. ولم يكن الجو باردا حتى فى ديسمبر ولكن جهاز التكييف كان يعمل .

وتحركت السيدة السمينة صاحبة المطعم من مكانها عند " البنك " لما رأت الخدم يقدمون الحساء وهو آخر الصحون فى المطاعم الصينية .. وأخذت تحيى الزبائن وتسألهم عن المزيد من الرغبات .

وفى أثناء جولتها حدث فجأة شىء رهيب .

فقد أراد الرجل الصينى " جواب الآفاق " الذى كان يأكل بشراهة .. أن يتسلل من المطعم دون أن يدفع ثمن الطعام .. لأنه لم يكن معه نقود على الاطلاق .

وأحس به الخدم فأوقفوه ودفعوه بعنف إلى الداخل وأعادوه إلى مائدته ليكون بجانب قائمة الحساب .

وأخذت العيون كلها تحدق فيه بوحشية .

وتطلعت إلى الرجل فإذا هو صامت يدير عينين مذعورتين وأصابعه تعجن طرف سترته .. تخاذل الرجل وانهار كلية .

وأخذت النظرات الوقحة تعرى هذا البائس من ثيابه .. حتى بلغ به التأثر مبلغه .. فارتعشت شفتاه وعبر وجهه عن أقصى حالات الألم البشرى .

وعلى اثر كلمة سمعها رأيته يقلب جيوبه ويفرغ كل ما فيها .. وبعد هذه الحركة .. غامت عيناه تماما وتصلب فكاه .. وحسبته قد أصابه الصرع .

وصاحبة المطعم التى كانت توزع ابتسامتها وتفيض من عذوبتها على الزبائن .. انقلبت فى لحظة إلى نمرة متوحشة .. وأخذت تهدد بالصينية وتصدر أوامرها للخدم .. ثم أدارت قرص التليفون وهى فى حالة غضب .

وتسرب الخبر إلى العابرين فى الطريق فأخذوا ينظرون إلى الداخل من خلال الستر .. ولولا أن باب المطعم كان مغلقا ووقف عليه حارس ليمنع الرجل من الهروب .. لدخلوا وأشبعوا الرجل سخرية .

وتألمت لحاله .. ولكننى لم أغفر له خضوعه المطلق وذلته .. وكنت أود لو يتصارع معهم ويتضارب وهو يبدو قويا ..

وخيم الوجوم على من فى القاعة عندما دخل رجل البوليس .

وفى وسط الصمت المخيم رأيت الغانية الشابة التى كانت جالسة هناك وحدها وأمامها قدح من النبيذ .. تقترب من الرجل المسكين ..

وتقول وهى تشير بيدها :
ـ هناك ورقة ساقطة من السيد .. وانحنت والتقطت ورقة بمائة دولار هونج كونجى .. ناولتها للرجل .

وكأنما بصقت بهذه الكلمات الندية على وجوه الموجودين فى القاعة جميعا ..

وتناول الرجل الورقة ولم ينبس ..

وكبرت المرأة فى نظرى وكبرت حتى حجبت كل من فى القاعة .

وأدركت يقينا وأنا أنظر فى عينيها .. أنها ذاقت أكثر من مرة عذاب الجوع ..
=================================
نشرت القصة فى صحيفة أخبار اليوم بالعدد 1071 فى 15|5|1965 وأعيد نشرها بمجموعة " مساء الخميس 1966 وبمجموعة "قصص من هونج كونج " تقديم على عبد اللطيف و ليلى محمود البدوى ـ مكتبة مصر 2001
=================================



(4)
قصة من صعيد مصر
الـطبـيـب

قصة محمود البدوى


حدث منذ سنوات بعيدة .. أن سطا ثلاثة من عتاة اللصوص ـ فى ليلة شتوية مظلمة ـ على قصر ثرى من أثرياء الصعيد ..

وتنبه لهم خفراء القصر رغم شدة الظلام .. أحس بهم الخفراء قبل أن يصلوا إلى الخزانة .. واشتبكوا معهم فى معركة نارية ..

ولكن اللصوص كانوا أشد مراسا وأقوى سلاحا ..

فاضطر صاحب القصر لنفوذه أن يستنجد بعساكر المركز والمديرية وأسرعت قوة كبيرة وحاصرت اللصوص وقبضت عليهم .. ولكنهم كانوا فى ساعة الاشتباك قد قتلوا اثنين من العساكر وجرحوا ثلاثة .

وسيق اللصوص الثلاثة إلى المركز فتلقفهم العساكر بالضرب المبرح والركل انتقاما لما حدث لزملائهم فى المعركة واشفاء لغل صدورهم .

***

وحول اللصوص والدماء تنزف منهم إلى السجن .. وخشى مدير السجن المغبة لشدة الاصابات وأكثرها ظاهرة للعيان .. فحولهم إلى المستشفى الحكومى .

وكشف عليهم الطبيب المختص ودون كل ما وقع عليه نظره ولمسه كطبيب خبير من إصابات وجروح فى اللحم والعظم .. كتب هذا فى تقرير دقيق مفصل .

وشاع كل ما كتب فى التقرير فى أرجاء المستشفى بعد ما رفعه الطبيب إلى رئيسه مدير المستشفى .
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 29-09-2006, 07:27 AM
ليلى محمود البدوى ليلى محمود البدوى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 10
إفتراضي


وكان حكمدار البوليس فى مكتب مدير المستشفى بسبب ما وقع .. فاطلع على التقرير وهاله ما دون فيه ونهض مسرعا إلى حجرة الطبيب وفى عينيه شرر الغضب ..

وابتـدره بقوله فى غلظـة :
ـ ما هذا .. يا دكتور ..؟!

ولوح بالتقرير ويده ترتعش غضبا .

ورد الطبيب بهدوء مالكا أعصابه
ـ تقرير من طبيب مختص عن اصابات حدثت للناس .
ـ ولكن هؤلاء الناس لصوص .. وقتلة .
ـ القتلة ستحاكمهم المحكمة يا سعادة الحكمدار على جريمتهم ولا أحد غير القضاء هو المختص بمحاكمتهم .. فلا أحاكمهم أنا ولا سعادتك .

ـ ولكن التقرير فظيع .. وواضح الإدانة على العساكر .
ـ دونت الحقيقة خالصة من كل غرض .
ـ لم يحدث مثل هذا فى تقرير يكتبه أطباء الحكومة .
ـ لكنه حدث ..
ـ تقول هذا بكل هوء وأنت لاتعرف العواقب .
ـ لو فكرت فى العواقب .. ما زاولت هذه المهنة قط .

ولانت ملامح الحكمدار وغير من لهجته تحت إصرار الطبيب وعناده .

ـ يا دكتور .. أنت فى سن ابنى مراد .. وأنا أنصحك الآن كما أنصح ابنى .. وأرى لصالحك أن تغير من بعض ما كتبته فى هذا التقرير .
ـ هذا لايمكن أن يحدث .
ـ هل فكرت أن هذا سيذهب بهيبة السلطة .. ويشل حركتها .. وإذا ضاعت الهيبة ضاع الأمن فى البلد .. وبهذه الهيبة نحميك أنت قبل أن نحمى غيرك .
ـ ليس الأمر على النهج الذى تصورته سعادتك .. ولو اتبع من بيده القانون لاستراحوا وأراحوا .
ـ يعنى نترك المجرمين والقتلة وقطاع الطرق يعيثون فى الأرض فسادا .. وإذا وقعوا فى أيدينا نربت " نطبطب " على ظهورهم .
ـ لم أقل هذا ولا أقبل أن أدافع عن مجرم ولا سفاح .. ولكنى أقرر الحقيقة كطبيب .. فى عمل من أخص خصائص مهنتى .. فمن الذى يكشف عن الجريح . الطبيب أو غيره ..؟ انه عمل الطبيب وحده .
ـ ولكن ما كتبته سيجر .. إلى أمر لاتدركه أنت فى هذه الساعة سيجر إلى ضياع السلطة وشيوع الفساد .

وأشعل الحكمدار سيجارة .. واستطرد :

ـ طيب عدم بعض العبارات .. مثل جرح عميق بطول .. وتهتك فى قفص الصدر .. وكسر فى الترقوة .. ومثل هذا كثير يحتاج إلى التعديل .
ـ ولا حرف .
ـ يابنى .. تعبت معك .. سأرى مدير المستشفى وقد يثنيك عن عزمك .. وتقبل منه النصح .

وجاء مدير المستشفى ولكن الدكتور " اسماعيل " ظل على إصراره ورفض .

وأخيرا قال له المدير :
ـ يا بنى أنت متزوج حديثا .. وأصبحت أبا لطفل .. وعليك مسئولية الأبوة .. وأرجو أن تقدر المئولية .. وأنت لاتعرف ما يجرى تنقصك التجارب .

وسقط مدير المستشفى فى نظر الطبيب الشاب .. سقط سقطة أبدية .

وسأل الطبيب الشاب مديره :
ـ وما الذى تريده منى ..؟
ـ تغير من لهجة التقرير الحامية ..!
ـ أغير الحقيقة .. وأكتب الباطل .. أزور .. هل هذا هو ماتعلمته من الدكتور عبد العزيز اسماعيل .. والدكتور على ابراهيم .. والدكتور محمد صبحى .. والدكتور أحمد شفيق .. هل تعلمت من هؤلاء الأفذاذ التزوير .. حتى أكتبه .. حرام عليكم حرام .. وحرام أن يصل الهوان بنا إلى هذه الدرجة .
ـ يعنى تصر على رأيك ..؟
ـ إلى يوم القيامة ..

وتناول المدير التقرير وخرج غاضبا .. وعلم زملاء الدكتور اسماعيل بما حدث .. فانقسموا قسمين قسم رأى التغيير .. وقسم رفض .

وشاع أمر التقرير فى المستشفى بين المرضى والجرحى والممرضات والأطباء .. كان ما فعله الدكتور إسماعيل بقوله الحقيقة هو شىء شاذ وغير مألوف فى حياة المستشفيات .

***

وعندما رجع الدكتور إسماعيل إلى بيته .. لاحظت زوجه حاله .. وعلمت بالخبر .. فظهر على وجهها الألم .. وحاولت كتمان آلامها فى تحركاتها فى الشقة وانشغالها بطفلها وعملها البيتى .

ثم لما سألها عن رأيها قالت له :
ـ من رأيى أن تنزل عند رغبتهم .
ـ هكذا بكل بساطة ..!
ـ نعم ..
ـ يا لخيبتى فيك .. كان يسعدنى أن أسمع عن سيدة مصرية من هذا الجيل وقفت بجانب زوجها فى وجه العاصفة حتى تمر .
ـ أنت تعيش بخيالك وبعيدا عن عذاب العيش ولقمة العيش وهو الشىء الذى تشعر به المرأة .. وتعمـل له الحساب قبـل الرجـل .
ـ ولماذا هذا المنظار الأسود .. وتتوقعين الشر ..؟

ـ لأنى أرى فى كل ما حولى .. انتصار الشر .. وسيبقى صراع الخير والشر أزليا .. سيبقى الصراع أبديا إلى قيام الساعة ، وتلك إرادة الله وحكمته .

ـ ولهذا علينا أن نقاوم الشر بكل ما أعطانا الله من قوة .. حتى نقضى عليه .

ـ لو أراد الله الخير الخالص فى هذه الدنيا .. لما أبقى الشيطان فى الأرض بعد أن عصاه وأخرجه من الجنة .. أبقاه يعيش مع الإنسان فى الأرض لأنه جل وعلا هو الذى خلق الإنسان ويعرف طبيعة تكوينه عندما ينزع إلى الخير .. وعنـدما يكون شرا من الوحش فى ضراوته إذا نزع إلى الشر ..

ـ يعنى أبقى الشيطان على الأرض لأن الحياة الدنيا لاتستمر فى مسيرتها بغير شيطان وشياطين ..!

ـ نعم .. والا فكيف تختلف عن الجنة .. فى الجنة النعيم المقيم .. وفى الأرض الخير والشر وإذا قاومت الشر وحدك وأنت ضعيف ستخذل حتما .. تلك سنة الحياة .

ـ ولكن أشعر بكل الناس معى .

ـ أين هم .. أنى لا أرى حتى زميلا لك من أطباء المستشفى .. جاء ليزورك ..؟
ـ سترينهم .

وسمعت قرعا على الباب فمشت اليه وهى تتوقع زيارة صديق ممن يزورنه فى بيته .. ولكنها وجدت خالة لها قادمة بزيارة من الريف فانشغلت بها .. ودخل إسماعيل إلى حجرته بعد أن حيا الضيفة ورحب بها .

وفى اليوم التالى زاره وكيل الحكمدار فى بيته .. وكان الدكتور اسماعيل يتصور أنه جاء ليرجوه كغيره تغيير ما كتبه فى التقرير .. ولكنه وجده يشجعه على شجاعته ووقوفه فى وجه العاصفة التى أثيرت حوله .

وأخيرا قال له وكيل الحكمدار فى حماسة وهو يبتسم :
ـ يابنى أنت لم تر جدك " عبد المنعم " ولكنى رأيته .. فيك كل طباعه وكل صفاته .. أنا كنت ضابطا صغيرا فى النقطة ببلدكم .. وطوال مدة خدمتى فى النقطة والمركز لم يدخل فلاح واحد من أهل قريتكم نقطة ولا مركز .

عاش جدك عبد المنعم ومات وهو عمدة ولم يذهب فى حياته فلاح واحد من أهل القرية نقطة ولا مركز .. وكان يقول لى :

ـ أهين أهل بلدى .. وأجرهم إلى سجن المركز .. لا .. قد يخرج الطيب منه شريرا فى يوم وليلة .. لا لن يحدث هذا وأنا بصحتى أن وظيفتى كعمدة فى حسم الأمور هنا .. وإلا فلا خير فينا للناس المساكين الذين لاحول لهم ولا قوة ..

كان يعالج الأمور بطريقته الفذة .. سرقت جاموسة من " شريفة " وجاءت تشكو له ..

فيقول لها بابتسامته الوضاءة :
ـ طيب روحى يا شريفة .

وفى الصــباح التــالى تعــود الجاموسه إلى بيت " شريفة ".

وهكذا ما يحدث من سرقة وعراك مع الفلاحين .. وما يحدث فى سوق القرية .. وفى غيطانها ونجوعها .. وفى زمن الفيضان وفتح الخزانات .. والنزاع على الرى .. وجنى القطن .. وضم المحصول .. وحراسة الأجران والجسور ..

مئات الأشياء التى كان ينهيها بقوة مراسه وهيبته وتجاربه ومعرفته بخلق الفلاحين وطباعهم .

وكانت قريتكم أول قرية أضيئت شوارعها بالفوانيس وأول قرية لم تحدث فيها حادثة قتل واحدة طوال مدة حكمه التى جاوزت عشرين عاما .. كنا نسميها القرية الآمنة .. فأنا يا بنى لم أدهش لفعلتك ولم أستغرب كما فعل غيرى فأنت خليفة والدك وجدك .

وشكر الدكتور اسماعيل وكيل الحكمدار وسره أن يكون من رجال القوة فى المديرية من هو على هذه الصفات الحميدة .

***

وبعــد ثلاثة أســابيع نقـل الدكتــور إسماعيــل إلى " أرمنت " .

ولما علمت زوجته بأمر النقل تركته إلى أهلها .. ووقف هو على رصيف المحطة وحده ينتظر القطار الذى سيقله إلى مقر عمله الجديد .

ولمح شبحا يتحرك فى سكون الليل .. والسنافورات تتحرك والريح تعوى وتصفر فى الأسلاك ..

ولمــا اقتــرب عرف الدكتور إسماعيل أنه معاون المحطة ..

وقال المعاون وفى صوته رنة الأسى :
ـ جئت أودعك يا بنى وأسلم عليك وأحيى شجاعتك فى هذا الزمن النكود ..

ـ شكرا يا عم " سمعان " فيك الخير ..

ـ لا تتصور أنهم انتصروا عليك بنقلك .. أبدا أنت المنتصر والناس تتصور دائما لغباوتها .. أن الحق مطموس وضائع .. والشر ينتصر على طول الخط .. وهذا خطأ .

اذهب الآن إلى المدينة بعد ما عرفوا فعلتك تجد الجميع يفخر بك ويصفق لك .. دخلت فى قلوب الملايين .. وسترى هذا الأثر فى عملك لو فتحت عيادة خاصة .. الناس لاتنسى الشجاعة أبدا ولا موقف البطل .. ولا تغفر قط للجبان الرعديد .. حتى وان كانوا هم فى أعماقهم جبناء لأنهم يقدرون من عبر عن شعورهم وما عجزوا هم عن فعله .. ومن هنا تكون صفات البطولة للبطل . أنه الفرد الذى تكلم وعبر عن خلجـات الجماهير الضائعة فى تيه الحياة .

ولا تفكر بطريقتهم ولو ضربنا وعذبنا كل مجرم وسفاح .. ما كانت هناك محكمة ولا محاكم فى الأرض .

ـ شكرا ياعم " سمعان " ملأتنى ثقة فى جوانب نفسى .. ولكن أشد ما يؤلمنى الآن ألا أجد زميلا واحدا جاء ليودعنى على المحطة .

ـ اعذرهم .. يا بنى .. قد يكون لهم عذرهم .. وقد يعوضك الله فى مقرك الجديد من هو خير منهم .

ـ شكرا لكلماتك الطيبة .. شكرا ..
ـ جاء القطار .. وقد حجزت لك أحسن المقاعد .. وخذ منى هذا التذكار البسيط .

وتناول الدكتور اسماعيل التذكار من المعاون وعيناه مخضلة بالدمع ..

وكان القطار وهو يدخل المحطة يصفر وأنوار عرباته تتوهج فى الظلمة .
=================================
نشرت القصة بصحيفة أخبار اليوم المصرية فى 26|11|1983 وأعيد نشرها فى كتاب " الغزال فى المصيدة " لمحمود البدوى 2002
=================================
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 29-09-2006, 07:31 AM
ليلى محمود البدوى ليلى محمود البدوى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 10
إفتراضي



(5)
البائع الجوال

قصة محمود البدوى


خرجت من مستشفى الدكتور حسنى فى حى عابدين ذات ليلة من ليالى الشتاء .. وركبت الترام رقم 17 الذاهب إلى السيدة زينب لأصلى ركعتين لله فى المسجد الكبير تعبدا وشكرا له فى عليائه .. على نجاة والدى من العملية الجراحية الخطيرة التى أجريت له فى العصر واستمرت أربع ساعات كاملة .. وكان الأمل فى النجاة ضعيفا .. إلى حد أن الطبيب نفسه كان مترددا .. ثم توكل على الله وصلى ركعتين قبل أن يرتدى المعطف الأبيض .. ويدخل من باب حجرة العمليات .

وقد ركبت الترام .. وقلبى يتجه إلى الله .. لأصـلى ركعتين مثـله فى المسجد الكبير .

وكانت الليلة شديدة البرودة فاحتبس الناس فى البيوت من الغروب .. وكان ركاب الترام متفرقين فى المقاعد الخشبية .. وقليلين جدا إلى حد أننى كنت الراكب الوحيد فى المقصورة المخصصة للدرجة الأولى .

ووقف مع الكمسارى فى خارج المقصورة مما يلى السلم مباشرة .. رجل كبير الجسم عظيم الكرش أخذ يثرثر معه حتى استغرق الكمسارى فى الحديث مع الرجل .. ونسى الركاب وقطع التذاكر .

ولما نزل الرجل الضخم من الترام فى الدوران .. تحرك الكمسارى إلى نهاية العربة ثم ارتد .. وهو يقرع على حاملة التذاكر الخشيبة لينبه الركاب بقلم من الرصاص فى يده .. وكان بادى المرح رغم البرد الشديد ومشقة العمل و" زوغان " بعض الركاب دون دفع الأجر .

وفى شارع الشيخ ريحان ركب من السلم الخلفى القريب منى رجل عجوز ووقف فى المكان المخصص للوقوف .. فأسرع إليه الكمسارى وهو يقرع بالقلم على ظهر حاملة التذاكر .

ـ تذاكر .. يا عمى الشيخ ..

ـ والله .. يا ابنى مـــا اسـتفتحت .. وسأركب محطة واحدة ..
ـ محطة واحدة .. يا شيخ ابراهيم ..؟

ـ أجل .. وما ركبت يا ابنى إلا بعد أن مزقنى التعب ..
ـ اخرج من الزلع المدفونة تحت البلاط .. يا شيخ ابراهيم .. اخرج !

ـ الزلع ..؟
ـ نعم الزلع .. وانك لتمتلك .. أربع عمارات فى الحى ..

ـ أنا ؟
ـ أى .. والله ..انت ..

ـ سمع الله منك .. وأعطانى .. من الذى يكره الغنى ..
ـ وضحك الشيخ إبراهيم حتى بدت نواجذه ..

وكان ناحلا رقيق الحال .. وقد بدت عظـامه وذهب لحمه .. وأحنت السنون ظهره .. ويلبس جبة سمراء من الصوف المغزول .. وقفطانا أخضر من الحرير المخطط بخطوط خفيفة ..

وكان الثوبان اللذان على جسمه مهلهلين وأكمامهما واسـعة وممزقة ..وظاهر جدا من اتساع الطقم أنه لم يصنع له .. ولم يفصل على قد جسمه ..

وكان يرتعش من الشيخوخة .. وقد بدا من عينـيه الكليلتين أنه يرى بصعوبة ..

وكان ممسكا ببعض المصاحف الصغيرة وكتب الاوراد .. والأدعية الدينية .. وواضعا هذا كله فى محفظة بالية عليها آثار العرق القديم ..

وتأثرت لرقة حال الشيخ العجوز وأشفقت على شيخوخته .. وكنت أود أن أدعوه للجلوس .. بجانبى لولا أننى وجدته يهم بالنـزول ..

فأخرجت ورقة بخمسة وعشرين قرشا بسرعة من جيبى وكورتها .. ثم وضعتها فى يده .. فردها بقوة بكل جسمه .. وعيناه مخضلتان بالدمع ..

فأعدت الورقة المالية ووضعتها فى يده .. وفى هذه اللحظة تحرك الترام بى وبعدت عنه .. وأبقى العجوز الورقة فى يده وهو ينظر إلى ما حوله فى حيرة .. وظل واقفا فى مكانه على المحطة بضع ثوان ثم تحرك فى تثاقل ..

وبعد أن سار الترام فى طريقه بضعة أمتـار توقف لعطلة فى الطريق .. فخطر ببالى سريعا أن أتبع الرجل العجوز .. وأعرف إلى أين يمضى فى الليل .. هل سينام فى جدار إحدى عماراته .. أم فى جدار مسجد ..

وأسرعت راجعا حتى بصرت به من بعيد .. ماشيا فى تثـاقل كعادته ..

ومشيت وراءه وهو لايشعر بى فى شارع الخليج حتى وجدته ينحرف إلى اليمين فى حـارة قواوير إلى زقاق ضيق مسـدود .. لاتزال بيوته القديمـة بمشربياتها وشرفاتها الخشبية بادية للعيان ..

وقرع بابا قديما ووقفت على مبعدة منه أراقبه .. والظلام لايجعلنى أتبينه بوضــوح .. فلم يرد عليه أحد .. فعاود الطرق ..

وبعد لحظات برزت من الداخل امرأة عجوز تلبس السواد .. خرج معها متعلقا بثوبها طفلان .. ينظران إلى الطارق .. وقد برقت أساريرهما .. ورأيت فى نظرات الثلاثة المعرفة والسرور .. بلقاء الرجل ..

وأمد الشيخ إبراهيم للمرأة العجوز .. بالورقة المالية التى أعطيتها له .. من ربع الساعة ..

ـ ما هذا كله .. يا شيخ ابراهيم ؟
ـ رزق الأولاد ساقه الله اليهم ..
ـ وأنت .. هل تعشيت ..
ـ نعم .. تعشيت والشكر لله ..

وشكرته المرأة .. بقلب حار .. معترف بالفضل .. وحيـاها الرجل وانصرف فى الطريق .. منكسا رأسه وحاملا المصاحف والكتب الدينية ..

وعندما اقترب من مسجد السيدة زينب جلس على البـاب يعرض بضـــاعته على الداخلـين والخارجين من باب المسجد ..

واشترى منه عابر طريق مصحفا .. ووضع خمسة قروش فى يده ..

ورأيت العجوز يتحرك فى الميدان بسرعة .. ويشترى رغيفا واداما .. ويجلس فى جدار المسجد يتعشى ووجهه يفيض بالسرور ..

وعندما دخلت المسجد لأصلى كانت صورة العجوز الإنسان لاتزال فى ذهنى .. ودعوت الله أن يمد فى عمره لأنه ينبوع خير للإنسانية .
=================================
نشرت القصة عام 1966 فى المجموعة القصصية " مساء الخميس " لمحمود البدوى
=================================
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م