بسم الله الرحمن الرحيم
أيها التميري:
لقد قلت في كلامك السابق"
":اجيبوني:
وما اريد الا الحق:
ماذا تفهمون من قول(ابن تيمية)( كان الله ولاشيء قبله)مستدلا بالحديث الصحيح في تفسيره(اللهم انت الاول فليس قبلك شيء)؟ "
أقول: لا يصح استدلال ابن تيمية هذا، لأن المفهوم من معنى الأول هو الذي لم يسبقه شيء ولم يصاحبه شيء، لأنه لو صاحبه شيء لم يكن هو الأول ولو سبقه شيء لما كان كذلك الأول.
وأما معنى قوله عليه الصلاة والسلام (كان الله ولا شيء قبله)أي لم يكن قبل الله تعالى شيء موجود.
فأنت ترى أن معنى الأول ينفي أمرين: 1- ينفي المصاحبة،2- ينفي وجود شيء قبل الله تعالى. وهو بهذا يستلزم نفس المعاني المفهومة من كلمة (ولم يكن شيء غيره) ومن كلمة (ولم يكن شيء معه) لأن كلا منهما تنفي ما تنفيه كلمة الأول. فتأمل.
وأمامعنى (لم يكن شيء قبله)فلا ينفي إلا وجود شيء قبل الله.
فمعنى الأول يزيد على معنى العبارة الثانية، أي يشتمل على معناها ويزيد معنى ثانيا.
والتفسير إذا قصد به الإتيان بالمعنى المطابق فهاتان العبارتان ليس معناهما متطابق.
وأما قول الرسول عليه السلام
فليس قبلك شيء)فهو لازم عن قوله أنت الأول، وليس مطابقا له، فليس قوله (فليس قبلك شيء) مرادف لقوله أنت الأول. ولكنه لازم له، لما مرَّ من كونه جزءا من مدلولاته.
فيتحصل لنا أن ترجيح ابن تيمية لرواية (لم يكن شيء قبله) بقرينة هذا الحديث ليست صحيحة بالمرة.
ولا يترجح رواية على أخرى لمجرد المشاكلة اللفظية.
فكان الصحيح أن يبقي هذا الحديث على مورده وذاك على مورده، ثم يشتغل بالترجيح بين الروايات الواردة لنفس الحديث فيقدم الأخص منها على الأعم، والأخص منها هو (ولم يكن شيء غيره) أو (ولم يكن شيء معه) فهذه أخص من قوله(ولم يكن شيء قبله) لأن فيهما زيادة معنى. ولكنه فعل العكس وهذا هو محل الإشكال في كلامه.
وأما قولك:
"(وشيء)تفيد العموم للنوع والفرد كما تعلم"
أقول: كلمة شيء لا تفيد العموم للنوع والفرد لما قلناه لك في التعليق السابق.
وأيضا لو سلمنابذلك، فلو قدمنا الرواية التي تقول
ولك شيء قبله) على غيرها، لما أفادت هذه الرواية إلا نفي وجود شيء قبل الله تعالى. ولكن الخلاف ليس هو في وجود شيء قبل الله تعالى، ولكنه في استمرار وجود النوع مع الله تعالى بوجود أفراده فردا بعد فرد. والحديث بهذه الرواية لا يستلزم نفي هذا المعنى. ولأنه لا يستلزمه فإن ابن تيمية حاول ترجيح هذه الرواية على غيرها، وهذا هو أصل التلاعب الذي قام به هذا الرجل، والذي جعل ابن حجر العسقلاني يتعجب منه. ولكن العارف بمذهب ابن تيمية في التجسيم وقوله بقيام الحوادث في ذات الله تعالى، وكيفية مناقشاته لخصومه وكيفية تلبيساته على غيره، لا يتعجب.
وأماقولك:
"وهل تقول:ان الكون المشاهدلنا وكذلك العرش والماء بداية المخلوقات،اي مبدأخلقه"
فأقول: أيها التميري، ليس الخلاف بيننا وبين ابن تيمية في أن هذا العالم المشاهد هو أول المخلوقات، كما أوهمك ابن تيمية في شرحه على حديث عمران ابن حصين، ولكن الخلاف أصلا هو في وجود بداية للمخلوقا، أي في وجود أول للمخلوقات، أي في وجود مخلوق هو أول مخلوق لله تعالى، فابن تيمية يقول لا يوجد مخلوق هو أول مخلوق، وليس قبله مخلوق، بل لا يوجد مخلوق إلا وقبله مخلوق لا إلى بداية للخلق.
فافهم.
وأما قولك:
"تنبيه :1 ـ لاتورد اتصافه بالخلق قبل الخلق،فهذه لا خلاف فيها"
فأقول: هذا التنبيه يجب أن تتنبه أنت إليه، فتنبه إلى أن ابن تيمية يقول إن الله لا يكون خالقا إلا بعد وجود المخلوقات، وأما قبل وجودها فإنه لا يقال عليه إنه خالق، وأما أنت فادعيت أنه لا خلاف في كونه خالقا قبل الخلق، والحقيقة أن أصل الخلاف فيها.
فابن تيمية لأنه يقول بأن الله تعالى لا يكون خالقا إلا بعد أن يخلق، ويجب أن يكون الله تعالى خالقا،فلذلك أوجب على الله تعالى أن يكون خالقا على الدوام، ولما كان القول بقدم مخلوق بعينه ممتنعا، فلذلك التجأ إلى القول بالقدم النوعي، لكي يفر من الالتزام بقدم شيء بعينه، هذا هي حاصل المسألة.
أرجو أن تفهم هذا الكلام.
وباقي كلامك لا معنى له لأنه دليل أكيد على عدم فهمك للمسألة واستمرارك في الجدال بغير فهم ولا علم.
والله الموفق.