8 – حديث : يا علي حربي حربك ، وسلمي سلمك .
قال ابن تيمية (2/300) : هذا كذب موضوع على النبي صلى الله عيه وسلم ، وليس في شيء من كتب الحديث المعروفة ، ولا روي بإسناد معروف . أهـ .
قلت : هذه جرأة والحديث أخرجه إمامه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (1350) قال : ثنا تليد بن سليمان ، ثنا أبو الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة و الحسن والحسين عليهم السلام فقال : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم .
هذا الإسناد رجاله ثقات ، ما خلا شيخ أحمد تليد بن سليمان وقد أختلف فيه ومن تكلم فيه فلتشيعه فإنه كان غال .
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/149) من هذا الوجه قال : هذا حديث حسن من حديث أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، عن تليد بن سليمان فإني لم أجد له رواية غيرها .
وله شاهد حسن لذاته أخرجه الترمذي (5/699) ، وابن ماجه(1/52) ، و الطبراني في الكبير (3/149) ، والحاكم في المستدرك (3/149) من حديث أسباط ، عن السدي ، عن صبيح مولى أم سلمة ، عن زيد بن أرقم به مرفوعا .
وللحديث طرق أخرى وفيما ذكرته كفاية ، وكان لابد أن يضعف ابن تيمية هذا الحديث لأن إثبات صحته أو حسنه فيه نسف لموضع كتابه تماما ، والحديث يتحدث عن نفسه .
9 – حديث إن الله أوحى إلي أنه يحب أربعة من أصحابي ، وأمرني بحبهم ، فقيل له من هم يا رسول الله ؟ قال : علي سيدهم ، وسلمان ، والمقداد ، وأبو ذر .
قال ابن تيمية (3/173) : ضعيف بل موضوع وليس له إسناد يقوم به .أهـ .
قلت : أخرجه إمامه أحمد بن حنبل في المسند (5/351) ، والترمذي رقم (3718) ، وابن ماجه في مقدمة سننه (149) من حديث شريك ، عن أبي ربيعة الأيادي ، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا .
وقال الترمذي : حسن لا نعرفه إلا من حديث شريك . أهـ .
قلت : له شاهد ، ومتنه معروف ، ويكفي تحسين الترمذي له في هذا الباب .
10 – أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي .
قال ابن تيمية (/99) : إسناده ضعيف .
قلت : بل حسن الإسناد ، فقد أخرجه الترمذي (5/664) ، وأحمد في فضائل الصحابة (1952) ، والحاكم في المستدرك (3/150) ، والبيهقي في مناقب الشافعي (1/45) ، وفي شعب الإيمان (1/288) من حديث عبد الله بن سليمان النوفلي ، عن محمد بن علي بن عباس عن أبيه ، عن أبن عباس مرفوعا .
قلت : رجاله ثقات ما خلا النوفلي وهو حسن الحديث ، وحسنه لذاته الترمذي ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .
وتحسين الترمذي معناه أن النوفلي صدوق على الأقل ، فلا يلتفت لقول من قال لايعرف . والخطب في هذا الحديث أهون مما سبقه .
ومع مسلك الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى في تكذيب الأحاديث الصحيحة والحسنة بل المتواترة كما تقدم – ولا عذر لهذه الأحاديث إلا أنها تتحدث عن خصائص علي عليه السلام – فإنه سلك مسلكا آخر فيما ثبت عنده من أحاديث في فضائل علي عليه السلام فأخذ يلوي عنق النصوص ليصرفها عن إثبات فضائل أو خصائص لعلي عليه السلام .
فإذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) يشير ابن تيمية (4/78-88) إلى أنه لا يثبت أي مزية لعلي .
وإذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي (أنت مني وأنا منك ) .
رأى ابن تيمية (3/8) أنه ليس فيه مزية خاصة بعلي فالمراد منه الأخوة في الدين ، وهذه الأخوة يشاركه فيها غيره من المسلمين .
وغاب عنه حديث ( إن علي مني ، وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ) .
وآية التطهير
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) {الأحزاب :33} .
يرى ابن تيمية (2/117) أنها مجرد إرادة من الله لهم بالتطهير ، ودعا من النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك .
وغاب عنه أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) يفيد ذهاب الرجس عنهم وطهارتهم ظاهرا وباطنا ، وهذا لا ينبغي التخلف عنه لأن فيهم بضعة رسول صلى الله عليه وسلم وأخاه والسبطين .
ومثله قوله تعالى في آية المباهلة ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) الآية {آل عمران :61} .
هذه الآية لا تثبت مزية خاصة بعلي عليه السلام عند ابن تيمية مع أنها تفيد مزية خاصة بسيدنا علي عليه السلام حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم جمعه مع نفسه كما في الآية بقوله ( وأنفسنا ) وهذا البغوي الإمام المفسر يقول (1/480) :
( وأبناءنا ) أراد الحسن والحسين ( ونساءنا ) فاطمة ( وأنفسنا ) عنى نفسه وعليا رضي الله عنه . أهـ .
وحديث الثقلين المخرج في صحيح مسلم (2408) و الترمذي (3788) واللفظ له . وغيرهما . وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
وفي روايات أخرى ( إني تارك فيكن ثقلين) .
يرى ابن تيمية (4/85) أن الحديث الذي في صحيح مسلم إذا كان النبي صلى الله عليه ويلم قد قاله فليس فيه إلاّ الوصية باتباع الكتاب ، وهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال : أذكركم الله في أهل بيتي أهـ .
-------------------وللحديث بقية