بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد،
الأخ الكريم مصعب..بعد إذنك اخي أحب أن أشارك بكلمات أجدها في نفسي محبوسة..مع الإعتذار مسبقا لأن حاجتي ليست أن أناقش مع انها كانت دعوتك..وإنما فقط لدي بعض الكلمات.. أرجو ان لا تسخط ربي علي وأن يتقبلها مني خالصة لوجهه الكريم..أحببت أن أسوقها لكم لما رأيت من وقعة غير طيبة في نفسي من بعض العبارات التي وردت هنا..ورجاء ثم رجاء أن لا يظن بي سوءا فما أقصد احدا بعينه ولا شيء.. بل لا حاجة ولا رغبة لي في أن اناقش أحدا وإنما فقط أن أضع هذه الكلمات وأنصرف إن شاء الله..وجزاكم الله خيرا..
بدءا ذي بدء أشكرك اخي على غيرتك على دينك وحسن نيتك وإرادتك للخير فجزاك الله عنا خير جزاء وعسى ربي أن يهدي بك آمين..ثم اما بعد فخطابي سيكون بإذن الله تعالى عاما لأخواتي..وأقول والله الموفق:
أولا و لكي نكون على صراحة منذ البداية..أنا من الفئة التي لم تقتنع بوجوب تغطية الوجه والكفين..وعليه فلست منقبة..لكن مع ذلك أنا هنا لأدافع عن المتنقبات بإذن الله تعالى ولأقف موقف إنصاف من هذا الموضوع مهما كانت قناعتي..
أختي الفاضلة.. المرأة فرض عليها حجابها من فوق سبع سماوات..لاشك ان هذا أمرلا خلاف فيه و لا يتناطح عليه كبشان..وإنما يبقى الخلاف بين العلماء في مسألة وجوب تغطية الوجه والكفين من عدمهما..فهناك من العلماء من اجتهد وأفتى بوجوب ذلك وهناك من اجتهد وأفتى بعدم وجوبه.. بل أزيد من ذلك هو خلاف ظهرمنذ قرن الصحابة..وعليه فإن الأمر في متسع..وكلهم علماء أفاضل نحسن الظن بهم إن شاء الله..ومادام قد كرمك الله بعقل وسخر لك العلم الآن ميسرا منتشرا بشتى الوسائل والطرق ولله الحمد فعليك به وقد أثنى الله على من يعبدونه على علم وبصيرة..فلا تكوني إمعة تُجر كما تًجر الرياح السفينة أينما شاءت..نعم علينا بالإتباع فديننا دين اتباع لا ابتداع لكن على علم وبصيرة أختي لا عن جهل وتقليد ولاتزر وازرة وزر أخرى..فعليك بالبحث والتزود من العلم ما ينفعك بإذن الله من أهل الثقات ثم الدعاء والرجاء من الله ان يهديك سواء السبيل فلا حول ولاقوة لنا إلا بالله العلي العظيم وهو الهادي إلى سواء السبيل..و إياك ثم إياك اختي الكريمة أن تجعلي من الذي لا يقبله ولا يصدقه عقل راشد قناعة فقط من أجل الدفاع عما أنت عليه..
ولتسمحي لي أختي الفاضلة ان اضع هنا تعريفا للسنة:
قال الشاطبي:
"ويطلق ـ أي: لفظ السنة ـ في مقابلة البدعة؛ فيقال: فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك".
قال ابن رجب: "السنة هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يطلقون السنة إلاّ على ما يشمل ذلك كله، وروي ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض".
طيب إلى ماذا أريد ان أصل..إلى هذا يا أختي :أنه مما يدمي القلب ويحزنه أن التشدد في بعض الأحيان من اجل الإنتصار للنفس في أمر من الأموريدفع البعض وللأسف إلى سلوك طريق الخدعة واللبس على الناس..فها نحن الآن نرى ونقرأ ونسمع بأن تغطية الوجه والكفين عند البعض أصبح عادة فقط.. ولاحول ولاقوة إلا بالله..اعلمي يا اختي الفاضلة أنني لست ممن يقتنعون بوجوب التغطية.. لكن لا والله معاذ الله أن أقول بهتانا من أجل الدفاع عن ما أنا مقتنعة به..فاسمعي مني يرحمك الله يا أخية واعقلي..أن تغطية الوجه والكفين ليس من العادة في شيء بل هما سنة استنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم لازال يمشي برجليه الشريفتين على الأرض..وهاهي أدلة ذلك من السنة وفوق من عالم رباني يرى أن تغطية الوجه واليدين ليست بواجبة..
يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه المشهور
" جلباب المرأة المسلمة"
إقتباس:
ويقابل هؤلاء طائفة أخرى يرون أن ستره بدعة وتنطع في الدين كما قد بلغنا عن بعض من يتمسك بما ثبت في السنة في بعض البلاد اللبنانية فإلى هؤلاء الإخوان وغيرهم نسوق الكلمة التالية :
ليعلم أن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة وقد كان ذلك معهودا في زمنه صلى الله عليه وسلم كما يشير إليه صلى الله عليه وسلم بقوله : ( صحيح ) ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( تفسير سورة النور ) ( ص 56 ) :
( وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن ) .
والنصوص متضافرة عن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن وإليك بعض الأحاديث والآثار التي تؤيد ما نقول :
1 ( صحيح ) عن عائشة قالت :
( خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين قالت : فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق ( هو العظم إذا أخذ منه معظم اللحم ) فدخلت عليه فقالت : يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر : كذا وكذا قالت : فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال : إنه أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ) .
( صحيح ) وعنها أيضا في حديث قصة الإفك قالت :
( . . . فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان ابن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت ( وفي رواية : فسترت ) وجهي عنه بجلبابي . . . ) الحديث .
3 ( صحيح ) عن أنس في قصة غزوة خيبر واصطفائه صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه قال :
( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ولم يعرس بها فلما قرب البعير لرسول الله ليخرج وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله لصفية لتضع قدمها على فخذه فأبت ووضعت ركبتها على فخذه وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها وتحمل بها وجعلها بمنزلة نسائه ) .
4 ( حسن في الشواهد ) عن عائشة قالت :
( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ) .
5 ( صحيح ) عن أسماء بنت أبي بكر قالت :
( كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ) .
6 - عن صفية بنت شيبة قالت :
( رأيت عائشة طافت بالبيت وهي منتقبة ) .
7 - عن عبد الله بن عمر قال :
( لما اجتلى النبي صلى الله عليه وسلم صفية رأى عائشة منتقبة وسط الناس فعرفها ) .
8 ( حسن ) عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف :
( أن عمر بن الخطاب أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الحج في آخر حجة حجها وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف قال : كان عثمان ينادي : ألا لا يدنو إليهن أحد ولا ينظر إليهن أحد وهن في الهوادج على الإبل فإذا نزلن أنزلهن بصدر الشعب وكان عثمان وعبد الرحمن بذنب الشعب فلم يصعد إليهن أحد ) .
ففي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على أن حجاب الوجه قد كان معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم وأن نساءه كن يفعلن ذلك وقد استن بهن فضليات النساء بعدهن وإليك مثالين على ذلك :
1 ( صحيح ) عن عاصم الأحول قال :
( كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا : وتنقبت به فنقول لها : رحمك الله قال الله تعالى : ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) هو الجلباب قال : فتقول لنا : أي شيء بعد ذلك ؟ فنقول : ( وأن يستعففن خير لهن ) فتقول : هو إثبات الحجاب ) .
عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي قال :
حضرت مجلس موسى بن إسحاق القاضي بالري سنة ست وثمانين ومائتين وتقدمت امرأة فادعى وليها على زوجها خمسمائة دينار مهرا فأنكر فقال القاضي : شهودك . قال :
قد أحضرتهم . فاستدعى بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة ليشير إليها في شهادته فقام الشاهد وقال للمرأة :
قومي . فقال الزوج :
تفعلون ماذا ؟ قال الوكيل :
ينظرون إلى امرأتك وهي مسفرة لتصح عندهم معرفتها . فقال الزوج :
وإني أشهد القاضي أن لها علي هذا المهر الذي تدعيه ولا تسفر عن وجهها . فردت المرأة وأخبرت بما كان من زوجها - فقالت :
فإني أشهد القاضي : أن قد وهبت له هذا المهر وأبرأته منه في الدنيا والآخرة .
فقال القاضي :
يكتب هذا في مكارم الأخلاق .
فيستفاد مما ذكرنا أن ستر المرأة لوجهها ببرقع أو نحوه مما هو معروف اليوم عند النساء المحصنات أمر مشروع محمود وإن كان لا يجب ذلك عليها بل من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج . انتهى كلامه رحمه الله.
|
فكيف بعد هذا نخادع أنفسنا وندعي أن ستر الوجه والكفين عادة فقط لا سنة؟؟ أمعقول؟؟بأي حجة سنحاج الله يوم القيامة وقد أقيمت علينا الحجة ونحن في الدنيا قبل الآخرة ؟؟ ثم لنتفكر في شيء قليلا..كيف يكون ذلك عادة ولم يشرع الحجاب إلا بعد نزول آية الحجاب؟؟غير معقول..فهو سنة وليست عادة..ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي سنها في زوجاته الطاهرات..وهاكم الحديث ورد في نفس الكتاب /
إقتباس:
( صحيح ) ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اصطفى لنفسه من سبي خيبر صفية بنت حيي قال الصحابة : ما ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد ؟ فقالوا : إن يحجبها فهي امرأته وإن لم يحجبها فهي أم ولد . فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير فعرفوا أنه تزوجها ( وفي رواية : وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها وتحمل بها وجعلها بمنزلة نسائه ) .
|
فكان صلى الله عليه وسلم يحجب نساءه عن الناس ويغطي وجوههن خلاف إن كانت أمة له فقط فلم يكن يغطي وجهها..
فكيف نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول بلا خوف من الله أن ذلك عادة لا سنة؟؟