الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد اشرف المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين .
أما بعد ، فإنه روينا في جامع الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد ، ألا لا يخلون رجل بإمرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ، عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن " .
الجماعة معناها جمهور الأمة أي لا يخرج عن جمهور الأمة اعتقاداً ، لأن النجاة في الآخرة لا تكون إلا باتباع جمهور الأمة المحمدية في الإعتقاد ، والحمد لله ، جمهور الأمة المحمدية مئات الملايين ، علمائهم في الشرق والغرب يعتقدون ويدرسون ويعلمون أن الله تبارك وتعالى موجود منزه عن الحد والمكان ، والحد معناه الكمية ، فإذا قال علماء أهل السنة : إن الله ليس بمحدود فمعناه إنه ليس شيئاً له كمية لأن كل شيء له كمية من الذرة إلى العرش يحتاج إلى من أوجده على هذه الكمية ، الشمس لها كمية ، لها حد ومقدار فهي تحتاج إلى من جعلها على هذا الحد والمقدار ، ولا يصح في العقل أن تكون هي أوجدت نفسها على هذا الحد الذي هي عليه ، العقل لا يقبله ، لأن الشيء لا يخلق نفسه ، فلما كانت الشمس مع عظم نفعها لا تصلح أن تكون إلهاً للعالم وجب أن يكون خالقها لا كمية له ، أي ليس شيئاً له كمية .
العرش الكريم له كمية ، أعظم كمية في المخلوقات ، يحتاج إلى من أوجده على ذلك الحد الذي هو عليه ، ولا يصح في العقل أن يكون هو خلق نفسه : وكذلك ما بين الذرة والعرش يحتاج إلى من أوجده على الكمية التي هو عليها ، فموجد هذه العوالم يجب عقلاً أن يكون ليس شيئاً له كمية لأنه لو كان له كمية لاحتاج إلى من جعله على هذه الكمية وهذا لا يرتاب فيه ذو عقل صحيح ، أما الذين يعتقدون أن الله جرم له كمية بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر هؤلاء ما عرفوا الله تعالى ، الله تبارك وتعالى لو كان له كمية لاحتاج إلى من جعله وأوجده على تلك الكمية كما أن العرش محتاج لمن جعله على الكمية والحد الذي هو عليه : فوجب عقلاً أن العرش وما دونه من كل شيء له كمية ، حادث مخلوق محتاج إلى من أوجده على تلك الكمية ، وهذا شيء يفهم من قوله تعالى : " ليس كمثله شيء" لأنه لو كان لله حد وكمية لكان الإنسان مثلاً له ، فلذلك ، عملاً بهذه الآية الشريفة ووقوفاً عند الدليل العقلي وجب تنزيه الله عن الحد والكمية ، وهذا شيء ثبت في عبارات السلف الصالح . وسيدنا علي رضي الله عنه قال : " من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود ". معنى المحدود الشيء الذي له كمية ، ليس معناه الشيء الذي حجمه صغير .
يتبع
تعالى(اي الله)عن الحدود والغايات والاركان والاعضاء والادوات ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتداعات.