الأخ رائف
استدلالك بالحديث غير صحيح للآتي:
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار "بظهر كفيه إلى السماء ". رواه الإمام أحمد ومسلم وغيرهما.
أما عن سؤال أبي حمزة فهو سؤال صحيح وأنت أجبته بما يتفق مع سؤاله فإن المسلم في الصلاة يدعو متوجها إلى الكعبة حال الوقوف ومتوجها إلى الأرض حال السجود فاستدلاله صحيح, وسيأتي بيان ذلك.
أما عن الدليل عن كون السماء قبلة الدعاء, فإن العلماء ورثة الأنبياء بنص الحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره والقول قولهم وقد نصوا على هذا وهو في كل الأحوال تعبد ألا ترى لو أن الله لم يخلق السماء فإلى أين كانوا يتوجهون؟
فالتعبد تعبد كما أننا نتوجه إلى الكعبة في الصلاة وهذا أمر تعبدي ليس من عندنا وما كان من هذا النحو منه معقول الحكمة ومنه غير معقول الحكمة - أي لا نعقل الحكمة منه - كغسل الإناء إن شرب فيه الكلب سبع مرات, فلا يجوز الزيادة من باب التعبد بل إذا أحب أن يزيد للنظافة فذلك له.
أما عن نصوص العلماء وهم جمع غفير فمنهم أمير المؤمنين في الحديث الفقيه الأصولي البحر وقد كان يروي بالاسناد ثلاثمائة ألف حديث قال في فتح الباري: السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة. انتهى
وسميت قبلة لأنها تستَقبَل والسبب ما قاله العلامة ملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر: السماء قبلة الدعاء بمعنى أنها محل نزول الرحمة التي هي سبب من أنواع النعمة, وهو موجب دفع أصناف النقمة ..... وذكر الشيخ أبو المعين النسفي إمام هذا الفن في التمهيد له من أن "المحققين " قرروا أن رفع الأيدي إلى السماء في حال الدعاء تبعد محض. انتهى
فالاشكال زائل بقول المحققين, والتحقيق ليس بالأمر السهل بل هو غوص في بحر الأدلة للجمع بينها إن استوجبت الجمع وقياس المسائل بميزان الشرع ... إلخ.
فبما أن المسألة تعبدية يعني هذا بوضوح أن الله لو شاء لأمرنا أن نتوجه إلى بيت المقدس فقط, كما أنه تعالى لو شاء لأمرنا أن نرفع رءوسنا إلى السماء في الصلاة بالتعبد.
ورفع البصر إلى السماء حال الصلاة مكروه كراهة شديدة لماذا؟ لأنه تعبدي ويستحق الناظر إلى السماء حال الصلاة أن يفقد بصره بنص الحديث الصحيح.
وهذا قد يتخذه من ينقض كلامك دليلا فإن المصلي يكون في حالة مناجاة الله فما باله يستحق أن يفقد بصره إذا نظر إلى السماء؟.
وقد صح أن رسول الله أشار ببطن كفيه إلى الأرض حال الدعاء فما ذهبت إليه لا يصلح أن يكون دليلا هنا بل في مقامه فقط كما تقرر عند الأصوليين.
والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين
الفاروق
|