في عصرا كثرت فيه الفتن وتكالبت علينا الأمم وطال ليل الظلم وانتشر الباطل وانتفخ ريشه وضاقت على المسلمين
الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم
صارت حاجة المسلمين ماسة إلى
التفاؤل وزرع الثقة وبث روح الأمل والطموح
حتى يتقدم المسلمون خطوات إلى الأمام
وحتى لا يصيبهم اليأس والقنوط
إ
ن التفاؤل حياة والقنوط موت وهلاك
إن التفاؤل بمنزلة الحادي الذي يحث على
السعي بنشاط منقطع النظير
فالمتفائل مطمئن القلب ساكن النفس
مرتاح البال واثق الخطى
ثابت الجأش يصل إلى هدفه وغايته وإن طال الزمن
من لي بمثل مشيك المذللي تمشي الهوينا وتجي بالأولي
ولقد كان سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم سيد المتفائلين
ومن تفاؤله صلى الله عليه وسلم ما يليعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم نزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو تفاؤلا بعلو الدين
في غزوة بدر قولان
قال صلى الله عليه وسلم إن الله قد وعدني إحدى الطائفتين إما العير وإما النفير
وقال والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وكل هذا حتى يقاتل المسلمون بنفس وروح المنتصر لا بنفس منهزمة خائفة مرتبكة يائسة
وفي غزوة خيبر ثلاثة مواقف للتفاؤل
1-لما رأى العمال يحملون المعاول والمسحاة قال( الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) رواه البخاري
قال السهيلي يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل لأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى ألة الهدم ومنها المسحاة من سحوت إذا قشرت أن مدينتهم ستخرب وأن النصر حليف المسلمين
2-في دخوله حصون اليهود فقد سئل عن أسماء حصونهم قالوا حزن فأبى قالوا شاش فأبى قالو حسيل فأبى قالوا حصن مرحب فدخل من هذا الحصن
3- قوله صلى الله عليه وسلم (لأعطين الراية غدا رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ) ليبعث روح الأمل والثقة بالنفس
فما ظنكم برجل يقاتل وهو واثق من النصر ومعه أمل كبير واعتقاد متين بذلك كيف سيقاتل
وفي صلح الحديبية موقفان
1- لما جاء سهيل بن عمرو قال صلى الله عليه وسلم سهيل سهل أمركم
2- بعد المعاهدة الجائرة الظالمة أنزل الله تعالى قوله ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) فماذا تتوقعون أن تحد ث هذه الآية في نفوس الصحابة وهي تبعث فيهم روح الأمل وأنهم قد حققوا نصرا كبيرا وفتحا مبينا
وفي فتح مكة لما جاء عمرو بن سالم وهو من قبيلة خزاعة التي دخلت في حلف المسلمين يطلب النصرة من الرسول صلى الله عليه وسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن هذه السحاب لتستهل بنصرة بني كعب
وفي صلاة الاستسقاء كان الرسل صلى الله عليه وسلم يحول ردائه تفاؤل بتحول الحال من الجدب إلى الخصب
وكان يغير الأسماء التي فيها قبح أو شدة فغير اسم رجل من حزن إلى سهل ومن عاصية إلى جميلة 0000
وهكذا قوله صلى الله عليه وسام غفار غفر الله لها
وقوله جاءكم أهل اليمن 00000الإيمان يمان والحكمة يمانية
وهكذا النفث على المريض تفاؤل بانفصال المرض عن المريض كما انفصل النفث عن النافث كما ذ كره القاضي عياض
وهكذا نتفاءل بالفلوجة المدينة العراقية الصامدة لإ ٌن الفلج يعني الغلبة
وهنا تنبيه وهو أن التفاؤل لا يقصد منه ترك العمل والخمول والكسل بل هو الذي يدفع للعمل ويدعو إليه
فلابد من علو كعب الرجاء وضرورة العيش بنفس أملة حالمة تنشد الطموح والنجاح تحسن الظن بالله تثق بنصر الله والله غالب على أمره ولو كره الكافرون يوسف القاسمي