6. عجائباً زعموا الأيام مجفلة ..... عنهنّ في صفر الأصفار أو رجبِ
اللغة:
أجفل: أي صد ونفر.
عجائبا: مفعول لفعل محذوف تقديره (زعموا) أو غيره كما سيأتي.
المعنى:
أنهم لفقوا عجائبا حيث زعموا أن شهري صفر ورجب لا يأتيان بخير للمسلمين إذا حاربوا أعداءهم، ويشعرنا بكلمة (زعموا) اعتقاده بكذب المنجمين.
البلاغة:
كلمة الأيام كناية عن الحظوظ والتوفيق التي محلها الأيام، وهي من المجاز المرسل الذي علاقته الزمانية، وكلمة مجفلة أيضا استعارة فيها تشخيص للأيام بالخيل أو الإبل التي تجفل وتعرض عن الناس، وصفر الأصفار هو شهر صفر الذي يتكرر في كل عام فأشار بنسبته إلى الأصفار إلى الديمومة في مزاعمهم بعدم توفيق المسلمين في صفر وكذلك رجب.
وقفة: كلمة (عنهن) مدعاة للتفكر، فهو لم يقل (عنهم) أي المسلمين، فهل ترجع إلى بيض الصفائح التي في الأبيات الأولى، أو أنها ترجع إلى عجائبا؟، فإن كانت الأخرى فربما قدرنا الفعل المحذوف (حققت) أي أن السيوف حققت عجائبا كان المنجمون أن الأيام مجفلة عنهن، فما رأيكم؟
7. وخوّفوا الناس من دهياء مظلمة ..... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنبِ
اللغة:
الدهياء: المصيبة الشديدة.
الكوكب الغربي: كوكب مذنب ظهر في ذلك الوقت، يقول بعض المعاصرين أنه ربما كان مذنب هالي.
المعنى:
هذا البيت تتمة للذي قبله وفيه تكرار لكذب المنجمين وتخويف المسلمين من القتال.
البلاغة:
يصف أبو تمام المصيبة بالظلام فيشبهها بالليلة المظلمة ويستحث بذلك عريزة الخوف من الظلام التي تؤثر في الناس غالبا.
8. وصيّروا الأبرج العليا مرتبة .... ما كان منقلبا أو غير منقلب
اللغة:
الأبروج العليا: هي البروج الإثنا عشر التي تمر بها الشمس.
المعنى:
كان القدماء يقسمون البروج إلى ثلاثة أقسام؛ أربعة منقلبة، وهي الحمل والسرطان والميزان والجدي، وأربعة ثابتة، وأربعة ذوات جسدين (أي جسد ثابت وجسد منقلب)، ويزعمون أن الحوادث تقع وفق الطالع، فما وقع في برج ثابت فعلوه، وما كان في المنقلب تركوه، ويقول البعض أن المنقلب هو الدب الاصغر لأنه يشبه الكرسي المقلوب، وأن غير المنقلب هو الدب الأكبر الذي يشبه الكرسي، وهذا البيت –وما يليه- يدلنا على سعة اطلاع أبي تمام وإلمامه بعلوم الفلك.
ومعنى البيت أن المنجمين جعلوا الأبرج هي التي تصرف أمور البشر، وفي المعنى الثاني (بتفسير المنقلب بالدب الأصغر) تكون الأبرج العليا مصرفة لحركات الكواكب كالدب الأصغر والأكبر.
وقفة: كلمة (مرتبة) بالتاء المشددة المكسورة هي اسم فاعل متعد يحتاج إلى مفعول، فإن كان أراد المعنى الأول بأن الأبرج تدير شؤون الناس فإن مفعولها محذوف تقديره (شؤون الناس)، وتكون ما الموصولة بدل من الأبرج، أما في الثاني بأنها تدير شؤون الكواكب الأخرى، فإن مفعولها يكون ما الموصولة، فإن المنقلب وغير المنقلب من الكواكب هي التي تديرها الأبرج العليا.
9. يقضون بالأمر عنها وهي غافلة .... ما دار في فلك منها وفي قطبِ
اللغة:
ما دار في فلك: أي النجوم السيارة.
ما دار في قطب: أي ما دار حول محوره من النجوم الثابتة.
المعنى:
يقول أن المنجمين ينسبون أحكامهم إلى النجوم، والنجوم غافلة عن كل هذا فهي لا تعقل ولا تحكم إلا أن يحكم الله عليها.
وقفة:
هناك معنى آخر قد يفهم من البيت بتقدير (عن) قبل (ما دار) فيكون معنى البيت أن النجوم لا تدري عن نفسها أتدور في فلك أم في قطب، وهذا زيادة في تجهيل النجوم التي يزعم المنجمون أنها تتصرف في أمور الكون.
10. لو بيّنت قط أمرا قبل موقعه ... لم تُخف ما حلّ بالأوثان والصلبِ
اللغة:
موقعه: أي زمان وقوعه.
الصلب: جمع صليب، حيث كانت هذه المعركة ضد الروم.
المعنى:
وهذه قاصمة الظهر في رده على المنجمين، فيقول أبو تمام أن النجوم لو كانت تعلم الغيب، أو تصرف أمور الكون، لكانت أخبرت بالهزيمة التي حلت بالروم أعداء الخليفة المعتصم بدل أن تخبر (كما زعموا) أن الطالع لا يوافق وقت نصر للمسلمين.
البلاغة:
ما هنا تفيد العموم، ويعبر الشاعر بها عن الأهوال المختلفة التي ألمت بالروم.
انتهى
الأبيات الآن مفتوحة للمناقشة، ثم إذا انتهينا منها فإني أرجو أن تجد الأخت يمامة الوقت لتشرح لنا الأبيات الخمسة التالية.
عمر مطر