إن في تاريخنا الإسلامي عشرات بل مئات الشخصيات التي تدل قصصهم على صفاء نفوسهم وشدة كرامتهم وعتزازهم بأنفسهم ودينهم مهما كان موضعهم من المجتمع الذي يعيشون فيه .
واني احاول في هذا المنتدى ان اتعرض لبعض هذه القصص بإختصار لنستسقي منها القدوه الحسنه التي ستساهم بعون الله في استرداد هذه الأمة لمكانتها وعزتها .
---------------------
المقداد بن عمرو
تحدث عنه أصاحبه ورفاقه فقالوا :
( أول من عدا به فرسه في سبيل الله ، المقداد بن الأسود )
يقول عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله : ( لقد شهدت من المقداد مشهداً ، لأن اكون صاحبه ، احب الي مما في الأرض جميعاً ) .
في ذلك اليوم الذي بدأ عصيباً ... حيث اقبلت قريش في بأسها ا لشديد وإصرارها العنيد ، وخيلائها وكبريائها .......
وراح الرسول عليه الصلاه والسلام يشاورهم في الأمر ، ولقد خشي المقداد أن يكون من بين المسلمين من له بشأن المعركه تحفظات ...
ولكنه قبل أن يحرك شفتيه ، كان أبوبكر الصديق قد شرع يتكلم ، وتلاه عمر بن الخطاب فقال وأحسن ...
ثم تقدم المقداد وقال :
( يارسول الله ... امض لما اراك الله ، فنحن معك ....
والله لا نقول كما قالت بنواسرئيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا ، انا هاهنا قاعدون .......
بل نقول لك : اذهب وربك فقاتلا ، إنا معكم مقاتلون ....!
ولذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه . ولتقاتلن عن يمينك ، وعن يسارك ، وبين يديك ومن خلفك حتى يفتح الله لك )
انطلقت الكلمات كالصاص المقذوف .. وتهلل وجه الرسول وأشرق فمه عن دعوه صالحه دعاها للمقداد .... وست في الحشد الصالح المؤمن حماسه الكلمات الفاصله التي اطلقها المقداد .
وكان حب المقداد لإسلام عظيماً ...
فحبه الرسول ، وملأ قلبه وشعوره بمسؤولياته عن سلامه الرسول ، ولم يكن تُسمع في المدينه فزعه ، إلا ويكون المقداد في مثل لمح البصر، واقفاً على باب رسول الله ممتطياً صهوة فرسه ، ممتشقاً مهنده وحسامه ...!
خرج يوماً في سرية ، وتمكن العدو فيها من حصارهم ، فأصدر أمير السرية أمره بألا يرعى احد دابته .. ولكن احد المسلمين لم يحط بالأمر خبراً ، فخالفه ، فتلقى من الأمير عقوبه أكثر مما يستحق ، أو لعله لا يستحقها على الإطلاق ..
فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح ، فسأله ، فأنبأه ما حدث ..
فأخذ المقداد بيمينه ، ومضيا صوب الأمير ، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له :
( ولآن ، أقده من نفسك ، ومكنه من القصاص )
وأذعن الأمير .. بيد أن الجندي عفا وأصفح ، وانتشى المقداد بعظمة الموقف ، وبعظمه الدين الدين الذي افاء عليهم هذه العزة ، وراح يقول :
( لأموتن ولإسلام عزيز ) ...!
أجل كانت تلك أمنيته ،أن يموت ولإسلام عزيز .. ولقد ثابر مع المثابرين على تحقيق هذه الأمنية مثابرة باهرة جعلته أهلاً لأن يقول الرسول عليه السلام :
( إن الله أمرني بحبك ، وأنبأني أنه يُحبك )