دماء على نواعير حماة - بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لمأساة حماة
------------------------------------------
ملف خاص يقدمه المركز الإعلامي لمنتدى السقيفة
------------------------------------------
هل كانت مجرد مصادفة أن يكون الرئيس السوري (حافظ أسد) هو ثالث حاكم تتعرض له مدينة حماة على يديه للإبادة والتدمير على مدار التاريخ ..؟؟
وهل كانت مجرد مصادفة أيضاً ، أن يسبق الأسد في هذا (قو رش) الفارسي و (هولاكو) التتري ..؟؟
قورش اقتحم مدينة حماة واستولى عليها بعد معارك ضارية ، ثم أعمل فيها حرقاً وتدميراً وإبادة ..!!
و هولاكو التتري ، سطا على المدينة محتلاً ، ثم قضى على عمرانها وحضارتها ، وأحرق ممتلكاتها ومعالمها ..!!
ومن المؤكد أن مجزرة حماة قبل تسعة عشر عاما ، لم تأت أحداثها من فراغ ، وإنما جاءت نتيجة تراكمات عديدة وتحضيرات مسبقة ، عمد إليها الحكم السوري طوال سنوات عديدة من أسلوبه الفردي في الحكم ، ونهجه الاستفزازي في إجهاض الحريات العامة ، والفتك بحقوق الإنسان الأساسية ، وبغض عقيدة الأمة ومنطلقاتها ومبادئها الدينية والقومية .
وقد تعرضت حماة منذ بداية عهد حافظ أسد إلى حملة مركزة من القهر و التعسف . بيد أن هذه الحملة اشتدت في العامين الذين سبقا المجزرة ، بشكل ليس له مثيل ، ويكفي أي استعراض للأحداث التي وقعت في هذين العامين للتدليل على التحضير المسبق لارتكاب هذه المجزرة ، ورغبة القائمين على الحكم في التخلص من خصم عنيد ، وعقبة كأداء في وجه مخططاته .
ولنتابع هذه الصورة المختصرة عن بعض الأحداث التي جرت قبل المجزرة :
× في 27/6/1979 إعدام 15 معتقلاً معظمهم من مدينة حماة .
× في 4/8/1979 اغتيال السلطة للعلامة الكبير محمود الشقفة .
× في 5/8/1979 حملت اعتقالات واسعة شملت المئات ، وتشريد العديد من الأسر الحموية .
× في 20/8/1979 تسليم جثة الحاج علي خير الله (80 سنة) بعد وفاته تحت التعذيب في المعتقل .
× في 25/9/1979 محافظ حماة يصدر أوامره بهدم بيوت المعارضين السياسيين .
× في 1/12/1979 اللواء محمود قو شجي محافظ حماة يتحدث عن الحل المناسب لتركيع المدينة ، ويقول إنه هدم المساجد وبيوت المعارضين فوق روؤسهم .
× في 20/12/1979 حملة اعتقالات جديدة في أوساط الطلبة والشباب .
× في 23/2/1980 حماة تعلن الإضراب العام ، احتجاجاً على القمع وإنزال الدبابات والمدرعات .
× في 24/2/1980 كتيبة من اللواء 47 مؤلفة من ثلاثين دبابة ، تحتل مداخل المدينة وساحاتها الرئيسية .
× في 1/3/1980 حماة تستأنف إضرابها تضامناً مع حلب ، والسلطة تمنع حالة منع التجول .
× في 5/3/1980 إعلان الإضراب العام الشامل ، وحصول مواجهات عنيفة ، بعد تطويق سرايا الدفاع والوحدات الخاصة للمدينة .
× في 6/3/1980 حملة تمشيط لأحياء المدينة ، ومداهمة لبيوتها وتعذيب السكان في الشوارع والطرقات .
× في 7/3/1980 هدم عدد من البيوت ، وقتل العديد من المواطنين .
× في 7/4/1980 إعلان حالة منع التجول في المدينة ، وإنزال فرقة مدرعات كاملة مع كتيبتين من الوحدات الخاصة إلى المدينة .
× في 21/5/1980 محاصرة منطقة جامع الأحدب ، وقتل أربعة عشر مواطناً من بينهم ثمانية طلاب ، وتدمير عدة منازل
× في 22/5/1980 مداهمة منزل عائلة الشعار وإبادة العائلة كلها .
× في 23/5/1980 مداهمة ثلاثة منازل وإبادة كل من فيها .
× في 5/6/1980 القوات الخاصة بقيادة علي حيدر تحاصر الأحياء القديمة من المدينة وتقوم بتمشيطها وتعذيب السكان وإهانتهم .
× في 6/6/1980 الوحدات الخاصة السورية تهاجم طلبة كلية الطب البيطري ، وتعرض 4 طلبة أردنيين للضرب حتى الإغماء .
× في 7/6/1980 حملة اعتقالات شملت 500 مواطن .
× في 26/6/1980 تفتيش حي البرازية وحي البار ودية ، وقتل سبعة مواطنين .
× في 10/8/1980 تمشيط القرى المجاورة لحماة ومصرع عدد من أبنائها .
× في 28/8/1980 قصف حي الكيلانية ، وتدمير عدة منازل ومحلات تجارية .
× في 30/9/1980 اعتقال 22 طالباً .
× في 10/10/1980 تمشيط عدة أحياء ومصرع 20 مواطناً .
× في 15/10/1980 مداهمة حي الحميدية وتمشيطه ، وضرب السكان وإهانتهم .
× في 6/12/1980 قتل 4 مواطنين ، واعتقال العشرات على يد القوات الخاصة .
× في 12/12/1980 اعتقال أصحاب المكتبات والمحلات وسط البلد وتعذيبهم .
× في 15/12/1980 مداهمة حي الصابونية واعتقال 600 مواطن .
× في 17/12/1980 اعتقال 16 من عمال مؤسسة الكهرباء .
× في 7/1/1981 الوحدات الخاصة تحاصر منطقة الأسواق التجارية ، وتقوم بنهبها وسرقتها .
× في 13/1/1981 قتل 4 مواطنين من بينهم رجل عمره 75 سنة .
× في 15/1/1981 تطويق حي الحميدية وحي البار ودية ، وجمع الأهالي وتعذيبهم ورميهم في النهر رغم الجو البارد .
× في 17/1/1981 اعتقال خمسة مواطنين من بينهم الآنسة هبة الدباغ ووالدتها .
× في 4/2/1981 قتل شخصين ، وقصف أحد المنازل ، وإطلاق النار في حي العليليات .
× في 14/2/1981 تطويق منطقة الحاضر ومداهمة البيوت ، واعتقال عدد من السكان .
× في 15/4/1981 محاصرة منطقة الصابونية ، وهدم أحد أبنيتها ، واعتقال عدد من أبناء المنطقة .
× من 22-26/4/1981 ارتكاب مجزرة نيسان الكبيرة ، بعد تطويق قوات سرايا الدفاع والوحدات الخاصة للمدينة بالمدفعية والدبابات ، وفرض حصار شديد عليها ، والقيام بعمليات إنزال جوي على قلعة حماة الأثرية ، وفرض منع التجول على المدينة ، وقد بلغ عدد ضحايا المجزرة 300 مواطن ، وتهديم عدة مساجد ، وعشرات البيوت والمنازل والمستشفيات ، ومصرع 27 طفلاً ، و 9 مواطنين في مجزرتين جماعيتين منفردتين .
هكذا جرى التحضير للمجزرة الرهيبة التي استمرت طوال شهر شباط / فبراير 1982 بأكمله ، ومازالت ذيولها تتلاحق بقوة في صورة اضطهاد وقمع لأبناء هذه المدينة ، وفرض تغييرات قسرية (ديموغرافية وجغرافية ) لأحياء المدينة ومعالمها .
لقد بدأ مسلسل الجريمة منذ أن عمد رفعت الأسد (شقيق الرئيس السوري وقائد سرايا الدفاع) إلى تشكيل قيادة ميدانية تحت إمرته ، وبمشاركة العديد من الضباط المقربين إليه ، ولجأ إلى جمع القوات -المدربة تدريباً خاصاً - وجلبها من لبنان وجبهة الجولان لمحاصرة المدينة ، وإقامة حزامين حولها من قوات المشاة والمدفعية والدبابات ، مما أدى إلى عزل المدينة عن شقيقاتها من المدن السورية ، وتبع ذلك قطع صلاتها مع العالم ، وسد جميع منافذها والطرق المؤدية إليها ، وقطع الماء والكهرباء عنها ، والمؤن الغذائية والإسعافات الأولية .
وهكذا أعطيت إشارة البدء في 2 شباط / فبراير 1982 ، فباشرت القوات الحكومية بقصف المدينة بمختلف الأسلحة الفتاكة ، قصفاً مركزاً ومستمراً ، منذ الساعات الأولى من فجر ذلك اليوم ، بينما كانت عسكرية أخرى تقوم باقتحام الأحياء ، ومداهمة المنازل وقتل من فيها ، وقد شاركت في هذا الهجوم القوات التالية :
1. اللواء 47 المدرع
2. اللواء 21 المدرع
3. قوات من الفرقة الثالثة المدرعة بقيادة العميد شفيق فياض .
4. قوات من سرايا الدفاع 10 آلاف عنصر تابعة لرفعت أسد .
5. قوات من الوحدات الخاصة 3 آلاف عنصر بقيادة العقيد سليمان الحسن ، وسحبت من لبنان .
6. قوات من لواء المهمات الخاصة بقيادة العقيد علي ديب .
7. عناصر من سرايا الصراع بقيادة عدنان الأسد .
أما الأسلحة التي استخدمت في تدمير المدينة وإبادة سكانها ، فشملت :
1. راجمات الصواريخ .
2. المدفعية الثقيلة .
3. الدبابات .
4. المدرعات .
5. المدافع المحمولة عيار 106 ملم .
6. مدافع الهاون .
7. الصواريخ .
8. مدافع آر بي جي .
9. الطائرات المقاتلة العمودية .
10. طائرات الإنزال المروحي .
11. القنابل المضيئة والحارقة والعنقودية .
12. الأسلحة الرشاشة .
13. المتفجرات .
14. الأسلحة الفردية .
وقد أسفرت هذه الجريمة النكراء على استشهاد ما يربو على 40 ألف مواطن من أبناء المدينة ، واعتقال 15 ألف شخص آخرين اعتبروا في عداد المفقودين ، بينما تشرد حوالي 150 ألف مواطن في المدن السورية الأخرى والبلاد العربية المجاورة . وتعرض ما يقارب ثلث المدينة للتدمير الكامل ، وقد قدرت الأوساط الغربية إعادة بناء ما تهدم بحوالي 3 مليارات ليرة سورية ، أي ما يعادل حينها 550 مليون دولار .
ويمكن تقدير الخسائر بصورة إجمالية بالشكل التالي :
-----------------------------------------------------
1. هدم 88 مسجداً وزاوية من أصل 100
2. تدمير 4 كنائس من أصل 5
3. تدمير 21 سوقاً تجارياً تضم المئات من المحلات والدكاكين .
4. هدم 7 مقابر ، من بينها مقابر تضم رفات أبطال تاريخيين .
5. تدمير 7 حمامات أثرية تدميراً كاملاً .
6. تدمير 7 حمامات أثرية تدميراً جزئياً .
7. هدم 13 حياً سكنياً تدميراً كاملاً .
8. إبادة 27 عائلة بكامل أفرادها ، من بينها عائلة الكيلاني التي قتل منها 280 شخصاً .
9. فتح 11 مركزاً أمنياً للاعتقال والتصفية .
ولم تقف المجزرة عند هذا الحد ، بل امتدت إلى أبعد من ذلك ، فهي لم تنل من صنف دون صنف آخر ، أو حي دون حي آخر ، أو من طائفة دون طائفة أخرى ، بل امتدت لتنال من الشعب بمجموعه .. مسلمين ومسيحيين ، مثقفين وعمالاً وفلاحين ، رجالاً وأطفالاً ونساءا وشيوخاً .
واليوم وبعد مضي تسعة عشر عاما على المجزرة ، فإن ذكراها لم تزل حية في النفوس الحزينة الكليمة ، ولم تزل آثارها قائمة في عيون ضحاياها ، وتصرفات مرتكبيها ..
وإذا كان العالم يحاول تجاهل هذه المجزرة بشكل أو بآخر ، فإن الأمر الذي لا يمكن نسيانه ..
أن منفذي هذه المذبحة لا زالوا طلقاء ..!!
-------------------------