http://www.alriyadh.com.sa/15-10-2001/page13.html#15
السدلان لـ "الرياض": الفتيا يجب أن تكون من أصحابها العلماء.. والجهاد في سبيل الله له ضوابطه
كتب ـ حمد الفيحلة:
* أوضح الشيح الدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن المسلم يجب عليه أن يعتد بدينه الإسلامي ثم بوطنه الذي آواه ورزقه الله فيه فإنه متى ما فعل ذلك احترمه الناس وقدروه.
وقال في حديث مطول لـ "الرياض" إن على المسلم أن يجتهد غاية الاجتهاد فلا يثير فتنة بكلامه أو تصرفه أو بتلميح أو تصريح أو غير ذلك. إن ذلك أمر محرم.
وقال الشيح السدلان إن أخذ الفتيا يجب أن تكون من أصحابها أصحاب الاختصاص في الدين الإسلامي وممن لهم باع طويل فيه.
وأضاف أن الجهاد له ضوابط وأن ليس لكل إنسان أن يحكم فإن هذا جهاد أو غير جهاد إلا بتقرير العلماء وأهل الرأي والمعرفة بأحكام الجهاد ففي البدء يقول:
الاعتزاز بالدين ثم الوطن
اعتزاز الإنسان المسلم بدينه فهو الدين الإسلامي الصحيح وهو الدين الكامل والناسخ لجميع الأديان عزّ له في الدنيا والآخرة فباعتزازه بدينه يحترمه الناس ويقدرونه ويجلونه ويعرفون أن ذلك نابع عن إيمان وعقيدة وفي الحديث "من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس"(أو كما قال)، والاعتزاز بالوطن ومكاسب الوطن وبرجالات مجتمعه وأفراد وطنه وأسرته وولاة أمره كل ذلك يجعله عزيزاً بين البشر لأن مرجعه إلى وطنه ولابد وليس بغنى عنه في وطنه ولا عن ولاة أمره فأهله وأمواله ومرجعه إلى وطنه وكل الأوطان لا تقبله إلا لمصلحة معينة وغرض محدود فإذا انتهى غرضهم ومصلحتهم فلا ملجأ له بعد الله إلا وطنه ولا عون له بعد الله إلا أمته ولا مساعد له على قضاء حوائجه إلا وطنه ولا حالّ لمشاكله إلا ولاة أمره لهذا يتعين على العاقل المدرك أن يعتد بدينه أولاً ويتشرف به ويرفع به رأسه لأنه الدين الكامل ثم يعتد بوطنه فلا غنى عنه فلا يعتد بأوطان أخرى وأمم أخرى جرياً وراء مناظر براقة ودعاية خلابة قد تشبه السراب إذا وصل إليه الظمآن لم يجده شيئاً.
إثارة الفتن بالكلام والتصرف.. محرم
ويضيف الشيخ السدلان: إن على المسلم أن يجتهد غاية الاجتهاد فلا يثير فتنة بكلامه أو تصرفه أو بتلميح أو بتصريح أو غير ذلك فهذا أمر لا ريب أنه محرم فالنبي ~ يقول: "الفتنة قائمة لعن الله من أثارها". فإثارة الفتن لاشك أن عواقبها وخيمة وسيئة وقد يقول الإنسان كلمة ويظن أن ليس لها أبعاد ويتصرف تصرفاً يظن أنه محق فيه وهو في ذلك مخطئ فيثير فتنة ويسبب إشكالاً ويوجد بين الناس من العداوة والنزاع والتفرق والشقاق ما الله به عليم. لهذا كان على المسلم أن يأخذ الحذر في أن يعمل عملاً لا يعرف حقائقه ولا ابعاده ولا نتائجه ونحن في هذا الزمان نرى الاعتداد بالرأي من بعض الأشخاص يعتد برأيه ويعتد بما لديه من معرفة ويظن أنه مصيب مائة بالمائة ولاشك أن السبب في هذا أولاً قلة العلم وعدم المشاورة والاعتداد بالرأي في قول الله تعالى: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " سأل عنها أبوبكر رضي الله عنه النبي ~ فقال: لم يأت تفسير هذه الآية بعد وإنما تفسيرها: إذا رأيت شخصاً مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك الناس ففي هذه الحال إذا وجد في الناس من يعتد برأيه فلا يرجع إلى العلماء ولا يرجع إلى أهل الرأي وإلى أصحاب التجربة والمعرفة إذا اعتد برأيه وتكلم ورفع الراية دون أن يرجع إليهم وانقدح في باله أمر يظن أنه يحقق كل شيء من وراء تصرفه وآماله ولا ينظر إلى النتائج والعواقب فإن هذا يسبب فتناً ويسبب اختلافاً ينتج عنه مالا تحمد عقباه. لهذا فإنني أنصح كل طالب علم وكل مسلم وكل من منّ الله عليه بشيء من الذكاء وحسن الرأي ألا يتعجل في أي أمر من الأمور حتى يتثبت في كل الأمور وحتى يكون على بصيرة من تصرفاته وأعماله
اخذ الفتيا من أصحابها أمر أوجبه الشرع
وقال أخذ الفتيا من أصحابها امر اوجبه الشرع وقرره العقل واتفق عليه جميع البشر اننا نجد أنفسنا في أي شأن من شؤون حياتنا نعود في الاستشارات الصحية والاقتصادية وغيرها نذهب إلى أصحاب الاختصاص وديننا من باب اولى فلا نأخذ الفتيا إلا عن أهلها فلا نأخذ الفتوى ولا العلم الشرعي عن كل من انتسب اليه وهو جاهل فيه ابتداء علمه وتعلمه وان حدثا وقد جاءت الآثار المتكاثرة إذا أخذ الناس دينهم عن الاحداث فعليهم السلام وإذا أخذوه عن علمائهم وكبرائهم فانهم يوفقون، انه يجب على الإنسان ألا يأخذ دينه من غير العلماء فلا يستفتى إلا من عرف عنه العلم والورع والعمق في الشريعة فانه هو الذي تؤخذ عنه الفتيا.
الحماس للدين.. يحجز بالحواجز الشرعية
لاشك ان الحماس لهذا الدين والغيرة لدين الله أمر واجب، ومطلوب من كل من ينتسب إلى هذا الدين وان يتحمس لدينه وان يغضب لدينه وكان النبي ~ كما قال عنه أنس رضي الله عنه انه صحب النبي ~ عشر سنين فما قال لي شيء فعله لم فعلته ولا لي شيء لم يفعله لما لم تفعله ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب امرأة ولا خادمة ولم يعنف ولكن إذا انتهكت حرمة الله أحمر وجهه وعلا صوته وأصبح كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم.
ان الحماس للدين والغيرة له أمر مطلوب كما قلت ولكنه لابد ان يربط بالرباط الشرعي ولابد ان يحجز بالحواجز الشرعية وان يكون في اطار شرعي منظم وألا يتعجل في أموره والا يندفع وراء حماسه تثيره الغيرة والمحبة، ان محبة المرء لدينه أمر مطلوب وان هذا جزء من عقيدته لكن ليكون في الضوابط الشرعية والقواعد المرعية وألا يخرج عن الحد الشرعي وان يكون ذلك مربوطاً بتحصيل المصالح ودفع المفاسد فاذا كان الأمر يقتضي ارتكاب أحد المفسدتين ارتكب اخفهما ضرراً وان كان الأمر يستدعي تحصيل أعلى المصلحتين إلى اعلاهما واتمهما الأمر يقتضي تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة سعى إلى تحصيل المصلحة ودفع المفسدة فاذا كان الحماس بعيداً عن هذه القواعد والضوابط فإن الخطأ أكثر من الصواب وقد يسيء أكثر مما يحسن.
للجهاد ضوابطه
وأكد الشيخ الدكتور السدلان بان الجهاد هو قتال الكفار والمشركين وهو الدفاع عن اوطان المسلمين إذا أعتدي عليها.
والجهاد هو اعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى والدعوة اليه بعلم وبصيرة وهو الدفاع عن المسلمين واوطانهم وكل هذا يسمى جهاداً في سبيل الله وكلنا يعلم ان الجهاد له ضوابط وانه ليس لكل إنسان ان يحكم بان هذا جهاد أو غير جهاد إلا بتقرير العلماء وأهل الرأي والمعرفة باحكام الجهاد وهل من ورائه مقاصد وأغراض حين يعلن من يعلنه لابد من معرفة أهل السياسة والخبرة وعرض ذلك على أهل العلم، ثم ان الجهاد لا يذهب اليه الإنسان ان كان تحت ولاية إلا باذن ولي أمره وان كان له أبوان فلابد ان يتفق على الاذن له بالجهاد ولا يكون الجهاد واجباً إلا في أربعة أمور:
حين يهاجم العدو البلد الذي أنت واحد من افرادها وتحت ظلال حكمها.
الثاني ان يعلن ولي الأمر التعبئة العامة والخروج إلى الجهاد.
الثالث ان يحضر معركة بين الكفار والمسلمين فيجب عليه ان يجاهد وان كان من أهل الجهاد وممن تنطبق عليه الشروط ولا يجوز ان يوليهم الأدبار.
الرابع ان يكون لديه خبرة لا توجد في الجيش المسلم وإذا ذهب اليهم افادهم فانه يجب عليه، وما عداها فانه يرد اليها وماعدا ذلك فانه سنة ان كان هناك ما لا يمنع من ولي أمر ووالدين.
الوفاء بالعهد والالتزام به.
وقال الشيخ صالح السدلان حول الوفاء بالعهد.. الوفاء بالعهد أصل من أصول هذه الشريعة فالله جل وعلا يقول: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعهود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم}، وقال: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم}..
وقال سبحانه: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين}..
يعني فانبذ اليهم أي أنبذ عهدهم وأخبرهم انك نقضت عهدكم كما نقضوه فانك الآن على حرب معهم وإذا اردت ان تنقض عهداً ابرمته مع أحد أخل بشروطه فاعلمه فإن كانت العهود قائمة والمواثيق مبرمة فلا يجوز التعدي عليها ولا اخلافها ولا نقضها ولا الاحتيال عليها، فإن ذلك مما يتنفى مع احكام هذه الشريعة وأمانتها وصدقها وأمرها بالوفاء وان يكون اتباعها على جانب من الصدق والوفاء والاخلاص.
التحالف ضد الإرهاب مطلوب حتى يأمن الناس
واختتم الدكتور السدلان قول: التحالف ضد الارهاب أمر مطلوب واولى من يقوم به المسلمون وذلك لان الناس اصبحوا لا يأمنون في الطائرات على انفسهم ولا يأمنون وهم في الاسواق ولا يأمنون وهم في البيوت فهذا هو الذي يسمى ارهاباً في هذا العصر والتكاتف والتعاضد على منعه أمر مطلوب فإن قام به المسلمون فهو واجب وان قام به الكفار وجب علينا ان نؤيديهم على هذا ونقدم لهم التسهيلات والمساعدات فيما يتفق مع سياستنا وظروفنا ونحو ذلك ومكافحة الارهاب أمر جميل وعظيم ينبغي انضواء الدول كلها تحت الدعوة اليه، والارهاب في اللغة هو فعل شيء يسبب الفزع والخوف ويرعب الآمنين ويسبب لهم الاضطراب في حياتهم وتصرفاتهم والتوقف عن اعمالهم واحداث الخلل في الأمن والسلوك والتعامل. واما معناه في الشرع: فكل ما فيه سبب لزعزعة الأمن أو سفك الدماء أو اتلاف الاموال أو التعدي بأنواعه.