جزاك الله خير أخي الدلفين على دعواتك الطيبه والحمد لله أنك قد وجدت ماتبحث عنه
***************************
تابع القصة
الحلقة الثالثة والخمسون
لم يكن البرنامج في تلك الأيام يسير على نمط واحد كما هو في رمضان
بل كان لكل يوم برنامج على حده ..
كان شيخنا يجلس في مكتب التوعية الساعات الطويلة يجيب على الفتاوى
وحيث أنني لا يمكنني الاستفادة من بقائي ..
استأذنت شيخنا لكي أقضي فراغي في المكتبة التابعة للتوعية..
وجدت أن المكتبة ليست غنية بالمراجع المتنوعة بل غالب كتبها
حول صنف أو صنفين من أصناف العلوم ..
و كان قد كلفني شيخنا سابقا بتدوين بعض البحوث
فاحتجت أن اطلع على عدد كبير من المراجع ..
فلم تشبع تلك المكتبة نهمي ولم تكن مناسبة لخصوص البحث..
فاخترت كتابا وقعدت لقراءته وكنت أحيانا من الإعياء يسقط رأسي على دفة
الكتاب وأنا لا أشعر...
لاحظت رجلا يداوم الجلوس في المكتبة ..
ووضع أمامه مجلدات ضخمة يراجع فيها ويقرأ منه
ويبدوا أنها رسائل علمية ويشرف هو عليها أو هي له ..!!
وجهه مستدير ولحيته بيضاء ووجهه أبيض وممتلئ الجسم
وليس بالطويل ولا بالقصير..
طويل الصمت واضح عليه شدة الحياء ..
ولقد جاورته ساعات طويلة دون أن أسمعه ينطق أو يهمس بكلمة..!!
سألت عنه فقيل : هذا العالم الجليل الشيخ صالح بن خزيم ..
ولقد توفي بعد سنوات في حادث مروري في بريدة رحمه الله وعفا عنه
زارنا في يوم الأيام وكنت مع شيخنا ..
رجل طالما أحببته وقدرته ..
إنه شيخي وأستاذي الدكتور الشيخ أحمد بن موسى السهلي..
أحد تلاميذ علامة الجنوب الشيخ حافظ الحكمي ..
داومت على حضور دروسه في الطائف لأكثر من عامين
ومع ذلك فلم يكن يعرفني فقد كان عدد الطلبة كبيرا
ولم يكن لي مع الشيخ احتكاك مباشر..
دخل على الشيخ محمد وسلم عليه وتحدث معه..
حيث هو أيضا من المشاركين في برامج التوعية في الحج ..
وبعد انتهاء لقاءه وحديثه مع الشيخ ..
استأذنت شيخنا محمد ولحقت الشيخ احمد..
فعرفته بنفسي ورويت له أنني أحد تلاميذه السابقين..
قال لي : ظننتك ابن الشيخ!!
وفرح بذلك وسر ودعا لي حيث أنني لم انقطع عن الطلب وقال لي:
استمسك بغرز هذا العالم الجليل .. وأنا والله أغبطك على هذه المزية
فاحرص على الاستفادة من علمه فهو فقيه نادر الطراز ..
صارت لي علاقة وثيقة بالشيخ أحمد استمرت حتى هذه
الأيام وإن له الفضل علي بعد الله في حبي للعلم وطلبه أول الأمر
فجزاه الله عني وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء..
بجوار منزل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الششة ..
تقع عمارة جميلة ذات طوابق عديدة ..
أوقفها أحد المحسنين وهو الشيخ صالح التو يجري عليه رحمة الله
أحد الأخيار والوجهاء من سكان مكة..
أوقف هذه العمارة على الدعوة والدعاة فكانت في أيام الحج تغص
بالعلماء الأجلاء والدعاة و طلبة العلم الكبار والصغار ..
وكانوا جميعا في ضيافة مكتب التوعية الإسلامية ..
ومن هناك يكون انطلاق المجموعات الدعوية للمخيمات والمساجد والتجمعات السكنية وغيرها
كانت تلك العمارة كأنك ترى فيها خلية نحل..!!
فهم جنود الإسلام وحماة العقيدة ..
جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء..
كان لشيخنا أيضا غرفة خاصة في ذلك السكن ..
ولكنه حسب علمي لم ينزل فيها مطلقا..
والسبب أن لشيخنا مراجعين كثر
وحتى لا يشق على الناس رأى أن يستقل في مكان خاص له ..
فكان زوراه ومراجعوه يرتادون مكانه السابق الذكر..
من المشائخ الذين ينزلون ذلك السكن ..
سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ المفتي العام الحالي..
ومنهم فضيلة الشيخ صالح الفوزان..
ومنهم أيضا الشيخ محمد الدريعي ..
ومنهم الشيخ عبد الله القصير..
والشيخ سليمان الشبانه رحمه الله..
والشيخ عبد الله الشبانه ...
وعدد من مدراء الدعوة في الداخل والخارج
وغيرهم كثر ممن أعجز عن عدهم .. ولا تحضرني أسماؤهم
وظني أن المشائخ يتجاوز عددهم المائة..غير الطلبة والدعاة..
ذات مرة دعانا أحد المحبين لشيخنا للغداء في ذلك السكن..
وكان رفيقه في الغرفة الشيخ صالح الفوزان..
كان الغداء الموضوع لنا هو عبارة عن علب بروست !!
أي والله هذا هو الغداء..!!
والسبب أن الغرفة ضيقة والمشائخ عددهم كثير فأين يضع لهم طعاما وفير
فكان اختياره اضطرارا قد فهمه الجميع وما لا موه عليه
والظاهر أن ذلك من عادتهم طوال تلك الأيام ..
حصل في ذلك اليوم موقف ظريف..
حيث جلس المشائخ منحشرين بجوار الأسرة المتواضعة ..
وكان أمامي في صف واحد كأنني أراهم أمامي ..
شيخنا ابن عثيمين رحمه الله
وبجواره عن يمينه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ
وبجواره عن يساره الشيخ صالح الفوزان ..
بالإضافة لعدد من المشائخ والمرافقين ..
وقد وضع الطعام بين أيدينا ..
و لم نضع يدنا في الطعام انتظارا لأحد المشائخ..
انتظرناه وطال الانتظار..
وكاد الطعام يبرد..