إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة muslima04
الله يحفظكم شيخنا..صدقتم..ونستغفر الله ونتوب إليه..واللهم آمين..
سائل آخر يسأل ويقول:
ما الفرق بين المذاهب الأربعة ؟؟ وكيف لنا أن نعرف من الأولى بالإتباع؟؟ وما هي المسائل التي حصل فيها الإختلاف؟؟ وجزاكم الله خيرا.
|
وإياك
الجواب :
وجزاك الله خيراً .
وبارك الله فيك
المذاهب الأربعة ليس بينها خِلاف يُذكر في الأصول ، وأعني به العقائد .
أما الفروع فبينهم اخْتِلاف ، وهذا الاختلاف راجِع إلى أمور :
الأول : تباين الأفهام للنصّ الواحد ، وهذا قد وقَع بين الصحابة رضي الله عنهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رَجَعَ من الأحزاب قال : لا يُصَلِّيَنّ أحَدٌ العصر إلا في بني قريظة . فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نُصَلّي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نُصَلّي ، لم يُرِد مِنّا ذلك . فَذُكِر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعَنِّف واحدًا منهم . كما في الصحيحين .
الثاني : صِحّة الحديث عند عالم ، وضَعْفه عند آخر .
فالذي يُصحِّح الحديث يَقول بِموجِبه ، والذي يُضَعِّفَه لا يَقول به .
الثالث : أن يَبْلُغ الحديث إمام ، ولا يَبلُغ الآخر ، فمن بَلَغه الحديث عمِل به .
ولذلك يَقول الأئمة : مَن حَفِظ حُجّة على من لم يَحفَظ ، ومَن علِم حُجّة على من لم يَعْلَم .
ولا يُوجَد عالِم – مهما بلَغَ مِن العلم – يُحيط بالسُّنّة .
ولذلك كان الإمام الشافعي رحمه الله على سَعة عِلمه وقوّ’ حِفْظِه يقول للإمام أحمد رحمه الله : يا أبا عبد الله إذا صَحّ عندكم الحديث فأخبرونا حتى نرجع إليه ، أنتم أعلم بالأخبار الصِّحَاح مِنّا ، فإذا كان خبر صحيح فأعْلِمْني حتى أذهب إليه ، كوفيا كان أو بصريا أو شاميا .
قال الذهبي : لَم يَحْتَج إلى أن يقول حجازيا ، فإنه كان بصيرا بحديث الحجاز ، ولا قال مِصريا ، فإن غيرهما كان أقعد بحديث مِصر منهما .
إلى غير ذلك من الأعذار والأسباب التي أدّتْ إلى اختلاف الأئمة .
وبسط أعذار الأئمة في كتاب :
رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، لشيخ الإسلام ابن تيمية
وأوْلى المذاهب بالاتِّبَاع أسعَدهم بالدليل .
فمن كان معه الدليل فيُؤخَذ منه العلم والفقه ؛ لأن هذا مِن لازِم اتِّبَاع الأئمة ، إذ قد اتّفقَتْ كلمة الأئمة على ردّ أقوالهم إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
واشتَهر عن الإمام مالك قوله : كلٌّ يُؤخَذ مِن قولِه ويُتْرَك إلا صاحب هذا القبر ، ويُشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد يقول قائل : كيف أعلم الدليل الصحيح ، والراجِح مِن المرجوح ، فيُقال له : اتّبِع مذهبا مُعيّنا أو مُفتيا على مذهب مُعيّن تُدِين الله بسؤاله والأخذ عنه ، ومتى اسْتَبَان لك الدليل وظهر لك الحق فلا يَحِلّ لك تَرْك الحق .
وهذا إنما يَكون ممن يَعلَم وتستبين له المسائل ، وليست المسالة تَشَهِّيـًا ولا اتِّبَاعا للرُّخَص ، وإنما الاتِّبَاع لِمحمد صلى الله عليه وسلم الذي لا يَنطِق عن الهوى .
والله تعالى أعلم .
..